إحنا شعبين





ينظر الباشا فى هاتفه ثم ينفخ بملل، يفتح التلفاز ثم يغلقه، يرفع هاتفه مرة أخرى:


أيوة يا سعد. هو مفيش حد اتقبض عليه النهاردة ولا إيه؟!. أصل أنا زهقان شوية وعايز أسلّى نفسى. طيب فكرة حلوة. مع السلامة.
يغلق الهاتف وينظر إلى العصا الكهربائية ثم يأمر بإحضار أحد المساجين، ليمارس هوايته المفضلة ويضع العصا الكهربائية فى مؤخرته.
أيوة يا سعد. كانت فكرة منيلة. خصموا منى شهر عشان كهربت الواد فى.... ضهره. ده ظلم والله مش أول مرة يخصموا منى. اتخصم منى شهرين قبل كده عشان لفقت لواحدة قضية آداب. هو مفيش غيرى؟! دى الوزارة كلها بتعمل كدة!
(2)

اسمه محمود محمد، يبلغ من العمر 18 عامًا، ولكنه يفكر كما الإنسان. له رفاق صغار عذبتهم الشرطة، لم يضع عصا كهربائية فى مؤخرة من عذبوا رفاقه. ولم يعتد على أقسام الشرطة. ولكنه فى 25 يناير 2014 ارتدى تيشيرت مكتوب عليه (وطن بلا تعذيب). ولكن كيف يجروء على ذلك؟! إنها وقاحة. كيف تطالب بوقف التعذيب يا خائن يا عميل؟! ولأنه حاول أن يفسد على الباشوات هوايتهم المفضلة فاعتقلوه. يقضى الآن 18 شهرًا على ذمة التحقيق. لأن إخوتنا فى النيابة مازالوا يدرسون مدى خطورة كلمة (وطن بلا تعذيب) على مجتمع الباشاوات.
(3)

يجلس أحمد موسى على الكرسى المريح ببدلته التى يكفى سعرها لزواج شاب وفتاة من أبناء الشعب. يتهم من لا يقدر على شراء شقة للزواج بالعمالة والخيانة والتمويل. ثم  يظهر على الهواء يسب هذا ويلعن أبو اللى جاب هذا، يطالب بإعدام فلان واعتقال عِلّان، وعندما يقرر أحد المتضررين رفع قضيه عليه فيحكم على أحمد موسى بالسجن عامان، ولكنه يسافر مع السيسى إلى ألمانيا بكل سهولة ويعود ليحكم له قضائنا الشامخ ببرائته. فيظهر من جديد ليكمل ما بدأه من سب وردح وتحريض.
(4)

أثناء فض رابعة العدوية تناشد الشرطة المصورين الصحفيين بتغطية أحداث الفض. فيستجيب المصور الصحفى محمود أبو زيد شوكان. ولكنه تناسى أنه لا يملك سوى جنسيته المصرية. يتم اعتقاله هو وصحفيين بريطانيين. فتفرج الداخلية عن الأجانب فى نفس اليوم ويستمر شوكان فى السجن ليقضى ما يقرب من 700 يومًا على زمة الحبس الاحتياطى. (زيه زى أحمد موسى بالظبط)!
(5)

هوايته قنص العيون. حتى أن أحد جنوده أثنى عليه بعدما فقأ عين أحد المتظاهرين فى شارع محمد محمود. يقف أمام القضاء كأى مواطن بسيط غلبان ثم يحكم عليه بالسجن 3 سنوات. فيتقدم بنقض على الحكم ويحصل على البراءة. فيعود لعمله من جديد لأنه لم يفعل شيئًا سوى قنص العيون (بسيطة يعنى) ثم يتعاطف معه المستشار محمد ناجى شحاتة لأنه كما تعلمون تغلب عليه إنسانيته بل ويدافع عنه كما يدافع عن جميع المتهمين ويقول (ده ضابط غلبان ميقصدش إن الطلقة تيجى فى عيون المتظاهرين. كان بيفرقهم بس).
(6)

فقد بصره أثناء مشاركته في جمعة الغضب، اسمه محمد دومة، خرج فى ذكرى الثورة ليشارك فى إحيائها، فإذا بالأمن يعتقله ويتم التحقيق معه أمام ضباط أمن الدولة وهو معصوب العينين اللتان فقداهما فى الثورة، ويتهموه بقطع الطريق والاعتداء على الشرطة وتكدير السلم العام. فلا فرق بين محمد دومة وقناص العيون. القانون يتطبق على الجميع(هو أحسن من الباشا فى إيه؟!).

(7)

أعلم أن هناك عددًا لا بأس به يسبنى الآن بأبى وأمى وعائلتى، فكما تقول الكاتبة إليف شافاق (هكذا هى الحياة، عندما تخبر أحدهم الحقيقة يكرهك) ولكن اسمح لى يا عزيزي أن أجعلك تكرهنى أكثر، وأذكرك بالصورة التى نشرتها الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية والتى توضح الفرق بين طعام الباشاوت والعساكر.


دعك من أن اللحوم والخيرات التى لا حصر لها وضعت أمام الضباط ليأكلوها، وبأن العساكر اكتفت بأن تشم رائحة اللحوم دون أكلها، وأنظر إلى الكراسي التى يجلس عليها الضباط، والكراسى التى يجلس عليها العساكر.


دعك من الكراسى. لماذا يجلس الباشوات على مائدة والعساكر على مائدة أخرى مع أن الداخلية كتبت فوق الصورة (قام السيد اللواء / مدير أمن بورسعيد بتناول وجبة الإفطار مع أبنائه المجندين بإدارة قوات الأمن)؟! فهل يجلس الأب على مائدة والابن على مائدة أخرى؟! وهل يأكل الأب من طعام ويحرم أبنائه منه؟!
هل تعلم أن الداخلية تسمح بدخول التلفاز والراديو والجرائد والمجلات للمساجين الجنائيين وتمعنهم عن المعتقلين فى قضايا تظاهر؟!
بلاش دى، فى ظل الوضع الحالي ربما يرتكب أحدهم جريمة قتل ويحكم عليه بالسجن، ولكن تبقى له فرصة النقض والحصول على البراءة. بينما هناك من يقوده حظه إلى أن يسير بجوار مظاهرة فيحكم عليه 15 عامًا، ولا يسمح له بالنقض بناء على قانون مكافحة الإرهاب الجديد!
أعلم أنك ما زلت تسبنى :)

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة