مصر أم الدنيا.. إلا هشام زهير !

مصر أم الدنيا.. إلا هشام زهير !

مصر العربية

"الإعدام أخف عقاب يتلقاه الفرد العربي..

أهنالك أقسى من هذا؟

طبعًا.. فالأقسى من هذا

أن يحيا في الوطن العربي"

***
هل في الحياة أسوأ من أن يولد المرء في وطنٍ تحولت شوارعه وميادينه إلى ساحات حرب بين دواعش الجاهلية الذين يؤمنون بالذبح كعبادة يتقربون بها إلى الله، وبحرق الأسرى بدعوى الدفاع عن الدين؛ وخطف النساء واستعبادهن كسبايا حرب. "ففي سبتمبر 2015 هربت أكثر من 2000 فتاة وامرأة إيزيدية من أيدي ميلشيات داعش، لكن بقيت أكثر من 5200 في أيديهم تحدثت النساء الهاربات عن عمليات اغتصاب منظم واعتداء واستعباد جنسي وزواج قسري، وبيعهن أو في بعض الحالات "إهدائهن" لمقاتلي التنظيم. حسب التقرير العالمي 2016 الذي أصدرته هيومن رايتس ووتش.

وبين نظام ديكتاتوري سفاح قتل آلافً الخلق؛ وما زال يرتكب أبشع الجرائم من أجل أن يضمن بقائه أطول فترة ممكنة؛ بدعوى الدفاع عن الوطن، فوفقًا لجماعات سوريا محلية، ومنظمات حقوقية، بلغ عدد قتلى النزاع الدائر في سوريا بحلول أكتوبر 2015، أكثر من 250 ألف سوري بينهم أكثر من 100 ألف مدني. كما نتج عن النزاع أزمة إنسانية مع نزوح  7.6 مليون داخليا ولجوء 4.2 مليون شخص إلى دول الجوار، كما  مات على الأقل 8900 معتقل في السجون عام 2015.

فكم من جرائم قد ارتُكبت بإسم الدين؟! وكم من مجازر قد حدثت بإسم الوطن؟!

هل هناك أسوأ من أن ينتمي المرء لوطن تحولت ميادينه إلى ساحات حرب واعتراك بين دول تتنافس على السيادة؟

***
"لسنا من الأحياء في أوطاننا

ولا من الأموات..

نهرب من هروبنا

مخافة اعتقالنا بتهمة الحياة"

***
هشام زُهير، شاب عشريني، سوري الجنسية، وأمه مصرية، هرب من جحيم التطرف والتكفير، ومن الرصاص والسكاكين، من الإعدام الجماعي، ومن المباني التي تُهدم فوق الرؤس، ومن قطع الرقاب، ومن طائرات تقصف البيوت وتحولها إلى رماد، ومن سيوف جاهلية تُسلّ لتذبح أبرياء، ومن صراع طائفي بين سنة وشيعة، وبين سُنة و سُنّة. ولجأ إلى بلد من المفترض أنها شقيقة لبلده سوريا، كما علموه وعلمونا في المدارس..
سوريا ومصر وطن واحد.. قصفت قوات العدو مبنى الإذاعة في القاهرة فأعلنت دمشق في اذاعتها "هنا القاهرة".. الحروب المشتركة ضد عدو واحد.. الدماء المختلطة في أرض معركة واحدة.. كنا يومًا واحد.. ومن المفترض أن نظل واحد. أم أن كل ما تعلمناه ليس إلا شعارات وهمية، وخزعبلات سياسية بدعوى القومية العربية الزائفة؟

هرب "هشام زهير" من جحيم وطنه إلى جحيم وطننا، قاده حظه العثر إلى بلد يختفي فيه أبنائه قسريًا، ويُعتقل فيه الناس "كِمالة عدد"، ويُحبس فيه من رَفَضَ بيع أراضيه، وتقوم قوات أمنه بعمليات تصفية جماعية وعشوائية.

***
الفرد في بلادنا

مواطن أو سلطان

ليس لدينا إنسان.

***
أن تكون سُوريًّا في مصر، فإعلم أن قوات الأمن ستنتقم منك في أقرب وقت، وأن الإعلامية ريهام سعيد ستُصورك وأنت تحصل على الخبز من سيارات الجيش المصرية، لتجعل الشعب يتعظ مما آلت إليه أحوالك وأحوال بلادك، كي لا يُفكّر في الثورة؛ وإن كنت تملك بعض النقود فإعلم أنها ستذهب فورًا إلى جيب السماسرة الذين سيتسغلون حاجتك في السكن وسيطلبون منك أضعاف ما يدفعه أبناء البلد. إنه العقاب الجماعي يا صديقي، عقاب على اللا شئ. لقد هربت من الجحيم إلى الجحيم.

هشام زهير وجد نفسه مُعتقلًا في قضية متظاهري الأرض، الذين خرجوا في تظاهرات رافضة للتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح السعودية، اعتقل عشوائيًا، وتم التحقيق معه أمام النيابة عشوائيًا، وحَكَم عليه القضاء عشوائيًا.

فمن قََبَضَوا عليه ومن حَقّقوا معه ومن حكموا عليه؛ لم يلتفتوا إلى جنسيته السورية التي تُعد دليلًا على أنه لا علاقة له بالمظاهرات؛ وبأن كل ما فعله، وسيظل نادمًا عليه طوال عمره، هو أنه كان يسير بجوار مظاهرة تهتف (عيش، حرية، الجُزُرْ دي مصرية).

حُكم عليه بالسجن 5 سنوات والغرامة 100 ألف جنيه، ضمن 47 متظاهر من متظاهري 25 أبريل، وفي 25 مايو الماضي قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم الصادر ضدهم (بشكل عشوائي) وألغت عقوبة الحبس مع الإبقاء على الغرامة المالية 100 ألف جنيه. ( 4 مليون و700 ألف جنيه هي تكلفة الهتافات التي هتفها الشباب من أجل التمسك بمصرية جزيرتي تيران وصنافير، بينما أخلت النيابة سبيل أحمد نظيف رئيس حكومة مبارك بضمان محل إقامته).

ولما رفضت المحكمة تقسيط هذه المبالغ الخرافية، انطلقت حملات جمع تبرعات لسداد قيمة الغرامات كاملة، وبالفعل تم دفع الغرامات التي يبلغ مجموعها 4 مليون 700 ألف جنيه مصري.

وأفرجت السلطات عن جميع المتهمين، عدا السوري "هشام زهير" رغم تسديد غرامته الباهظة كباقي المعتقلين، ورغم أنه غير مطلوب على ذمة قضايا أخرى، ورغم أنه قبض عليه عشوائيًا؛ إلا أن الأمن الوطني طالب بطرده من مصر وترحيله لسوريا.

***
نموت كي يحيا الوطن

يحيا لمن؟ نحن الوطن.

إن لم يكن بنا كريمًا آمنًا ولم يكن محترمًا ولم يكن حراً..

فلا عِشنا ولا عَاش الوطن.

***
بعيدًا عن الجانب القانوني في مسألة ترحيل "زهير"، لأن القانون هنا لا يُطبّق إلا حسب أهواء الحكام، وبعيدًا عن كل التعقيدات الدستورية والحقوقية لأن من يطالبون بتطبيق الدستور يُسجَنُون، والمدافعين عن حقوق الإنسان تُلفق لهم قضايا التمويل، وبعيدًا عن خرق النظام المصري للاتفاقيات الدولية التي وقّعَت عليها مصر تجاه حماية اللاجئين، لأن مصر لا تحمي أبنائها، فكيف يمكن أن تحمي لاجئين؟!

علينا أن نتساءل ما هو الخطر الذي يهدد أمن مصر في ظل وجود "زهير" بها، حتى يطالب الأمن الوطني بترحيله سوريا، أو بمعنى أدق يطالب بإعدامه على يد ميليشيات بشار، أو ذَبْحه بسيوف داعش، أو حَرْقه في قصف جوي من قوات التحالف؟! أم أن الأمن الوطني يعاقبه على الشبهة التي التصقت به (التظاهر مع المصريين رفضًا لبيع جزيرتي تيران وصنافير للسعودية!). أم هي مشاركة مصرية بطريقة غير مباشرة في حملة الإبادة الجماعية للشعب السوري؟!
على كل من في قلبه إنسانية أن يعلن تضامنه مع "هشام زهير" الذي يُعاقب فقط لأنه سوري، وكأن السوري لا يجب أن يعيش كما يعيش الناس، لا يجب إلا أن يعيش أجواء الحرب في بلده، أو السجن في مصر، أو التشريد في تركيا، أو الموت في بحار اليونان، أو العيش في مخيمات قرب حدود ألمانيا. #لا_لترحيل_هشام_زهير

***
"لو سقط الثقب من الإبرة

لو هوت الحفرة في حفرة

لو سكِرت قنينة خمره

لو مات الضِّحك من الحسرة

فسأؤمن في صحة هذا وأُقِرُّ وأبصِم بالعشرة

لكنْ ..لن أؤمن بالمرة أن بأوطاني أوطانا

وأن بحاكمها أملا، أن يصبح يومًا إنسانا

أو أن بها أدنى فرق

ما بين الكلمة والعورة

أو أن الشعب بها حر

أو أن الحرية.. حُرة"
الأبيات للشاعر العراقي أحمد مطر



عامان على حُكم السيسي.. متزعلوش !



مصر العربية

ليست المشكلة أنه لم ينجز شيئًا يشعر به المواطن، ولا في محاولاته البائسة لإقناع الناس بأنه حقق انجازات، فالناس تشعر ببؤس أشد من بؤس محاولاته.

لكن المشكلة أنه يرى الكوارث انجازات.. فأطلق مثلًا على عام 2016، "عام الشباب" والحق أن 2016 هو "عام الانتقام من الشباب" شباب يُعتقل، يُطارد، يَهرب، يُقتل، يُخْفي، يُعذّب. وإن لم يصبه كل ما ذُكِر، سيقضي عمره في طوابير البحث عن عمل، وعن سكن، وعن سفر. وعن نفسه.

سمعنا أيضًا مقولته الشهير، "مصر أم الدنيا" تلك المقولة التي صارت شعارًا لا يُصدّق، فالأم تحتضن أبنائها، ومصر في عهده تطرد أبنائها من أراضيها. فالمطارات تمنعك من الخروج، والدخول أيضًا. وأحيانًا تقودك إلى بُرش الحبس الانفرادي لتجد نفسك متهمًا بالتخابر لصالح غانا، أو بوركينا فاسو، أو الصومال مثلًا. وعليك ألّا تتسائل حينها عن السرّ الخطير الذي من أجله اتحدت الكرة الأرضية كي تتآمر على مصر. مصر السيسي.

على كل حال ستصير مصر "أد الدنيا" وستحيا 3 مرات، وسنحارب العالم ب "المُحن" وبأغاني "تسلم الأيادي.. وأيوة يا سيسي احنا بنحبك، وهنفضل كده واقفين جنبك".. ستصير "أد الدنيا" طالما يحكمنا الزعيم.

***
بعد مُضي عامان على حكمه للبلاد، وسلخه للعباد، عامان مرا كأنهما 30 سنة مباركية بكل ما فيها من انتهاكات، و بكل ما فيها من خرافة الانجازات، ومن مُضحكات مُبكيات.. يظهر الزعيم الذي لا علاقة له بالزعامة، في حوارٍ إعلامي غير إعلامي، مع مذيع علاقته بالأمن أقوى من علاقته بالإذاعة.. وفي الخلفية جدار قصر الاتحادية، نفس الجدار الذي ظهر في حواره على برنامجه الانتخابي الذي لم يعلن عنه قبل أن يصير رئيسًا رسمي..

يهرب من الحديث بشكل مباشر ويقرر أن يُذاع حواره مُسجلًا، في محاولة منه لأن يلقي حوارًا منسقًا، وربما هروبًا من تعبيرات وجهه التي تؤدي إلى فيضانات كاريكاتير تُغرق وسائل التواصل الاجتماعي.. وربما هروبًا من ضحكات الخلق، ولكن الخلق يضحكون، علامَ يضحكون؟ لا أدري، فأنا أبكي حد البربرة عندما أراه في صورة معلقة على جدران مقهى شعبي، أو أسمع صوته في الراديو وهو يتحدث مع "كامل" عن السجادة الزرقاء والحمراء، لكن الغريب أن الخلق ما زالوا يضحكون، ضحكًا كالبكاء.

***
كان يتكلم، أو يظن أنه يتكلم، لم ألتفت لكلماته، التفت لطريقة "المونتاج" الذي بدا لي واضحًا في الحوار، "أيوه الله حوار"، اختفت"التهتهة" في الكلام، وظهرت الهرتلة والسلام. فصرنا لا نفهم ما يُقال، وإن فهمنا لا نُصدق، وإن صدّقنا لا يُنفِّذ، وإن نفّذ "ابقى قابلني".

يسأل المذيع سؤالا، فيرد اﻵخر بسرعة البرق، حتى تظن أن الإجابة ملتصقة بالسؤال. مونتاج فاشل.  لو استعان بأدمن صحفة "Asa7be" الساخرة  في المونتاج. لنجح. هذه الصحفة التي وصل عدد متابيعها على موقع "فيس بوك" 13 مليون متابع، ما معناه أنها تخطت صفحة رئيس الجمهورية ب 7 ملايين متابع.

***
"عمري ما بزعل من الشباب المصري اللي بيختلفوا معايا عشان البلد، دول ولادي، حد يزعل من ولاده؟!"

هذا قليل مما قال الرئيس على "وِلاده"..  وهذا بعض ما فعله لـ "ولاده" في شهر مايو الماضي:

-ألقت أجهزة الأمن المصرية في  5 مايو 2016، القبض علي المحامي الحقوقي "مالك عدلي"، والناشط السياسي زيزو عبده، بسبب اصرارهم على أن جزيرتي تيران وصنافير مصريتان وأن بيعهما للسعودية خيانة.

- في 7 مايو قامت أجهزة الأمن باقتحام منزل عز الدين خالد، عضو فرقة "أطفال شوارع" المسرحية  وألقت القبض عليه. وفي 9 مايو قامت أجهزة الأمن بإلقاء القبض على باقي أعضاء الفرقة ووجهت لهم اتهامات "الترويج لأفكار إرهابية، واستخدام مواقع الشبكة الدولية للترويج لأفكار تدعو لعمليات إرهابية، والتحريض علي الإشتراك في التظاهرات، والتحريض علي الإشتراك في التجمهرات التي تهدف إلي ارتكاب أعمال عنف وعدائية ضد مؤسسات الدولة بقصد الإخلال بالنظام العام".  إن كنت لا تدري من هم فرقة "أطفال شوارع"، فأريد اخبارك بأنها ليست جماعة مسلحة تقوم بعمليات تصفية جسدية، ولا هي جماعة تدعو للإنضمام إلى داعش عبر فيديوهات تبثها على مواقع التواصل الاجتماعي. ولكنها فرقة مسرحية تنشر فيديوهات ساخرة، معتمدة على كاميرا التليفون، تنتقد عادات المجتمع السيئة، وأحيانًا تنتقد الحكومة. وقد سُجنوا بسبب فيديو نشروه بعنوان "السيسي رئيسي جابنا لورا". لو بحثت عنه ستجده لا يحتوي على تحريض أو دعوة للإرهاب كما تدّعي النيابة.

- في يوم 18 مايو، اقتحمت قوات الأمن منزل الباحث مينا ثابت، مدير برنامج الأقليات في المفوضية المصرية للحقوق والحريات، واتهمته النيابة بالتحريض على التظاهر، والدعوى لقلب نظام الحكم، والتحريض على مهاجمة أقسام الشرطة، والانضمام إلى جماعة إرهابية،(مينا مصري مسيحي)

- أصدرت المحكمة العسكرية في 29 مايو حُكمًا بالإعدام لثمانية، والمؤبد لـ ١٢ من بينهم صهيب سعد، وعمر محمد "المقبوض عليه عشوائيًا"، والحبس 15 سنة ل 6 متهمين، بتهمة أنهم“كانت لديهم نية لإرتكاب جرائم إرهابية".

- 4 مليون و700 ألف جنيه، هي مجموع الغرامات التي حصدتها الدولة من "وِلاد الرئيس" الذين لا تهمة لهم سوى تمسكهم بمصرية تيران وصنافير.. غرامة بمقدار 100 ألف جنيه لكل متظاهر، مع أننا لم نرى متظاهري الأرض قذفوا حجرًا واحدًا، أو كسروا زجاجة مياه ملك للدولة. وقدم المحامون طلبات لتقسيط مبالغ الغرامات، لكن المحكمة أصرت على الدفع أو الحبس. فتبرع أصحاب القضية لمن سُجن من أجل القضية، ودفعوا لمن باع القضية.

- رصد مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب في تقريره "حصاد القهر" لشهر مايو الماضي، قتل شخصين بطلق ناري في شجار مع الشرطة، و 11 حالة وفاة داخل أماكن الاحتجاز من بينهم 6 حالات نتيجة الإهمال الطبي، و 2 هبوط حاد في الدورة الدموية وحالة واحدة نتيجة التعذيب، كما رصد التقرير 103 حالة تعذيب وسوء معاملة وقعت في شهر مايو، 68 حالة منهم تعذيب فردي، و 9 تعذيب جماعي، 26 حالة تكدير جماعي، فضلًا عن 43 حالة اهمال طبي داخل السجون، و 93 حالة اخفاء قسري، 84 حالة ظهروا بعد اختفائهم لفترات، و 27 وصفها المركز عنف دولة.

الرئيس قال أنه لا يزعل من الشباب الذي يختلف معه، فماذا لو "زعل"؟!

***
يسكت قليلًا، أو كثيرًا، المونتاج يقتطع نكات عديدة.. يسأل الشعب مبتسمًا وواثقًا: "قولولي أنا إيه اللي قصرت فيه؟"
لم يقصرّ في شئ، قصّر في كل شئ.

(الإرهاب، تجاوزات الشرطة، الأسعار، تيران وصنافير، ريجيني، الطائرة الروسية، الطائرة المصرية، ارتفاع الدولار، أزمة نقابة الأطباء، أزمة نقابة الصحفيين، أزمة نقابة المحاميين، قتل سياح المكسيك، أكبر قرض في تاريخ مصر).

لو تحدثنا عن كل الأزمات التي ذكرت بين القوسين سنحتاج إلى كتاب، لذا سنكتفي بسياسة الاقتراض والنفخ. اقتراض المال ونفخ العيال "ولاد الرئيس" بدعوى النهوض بالاقتصاد المصري.

ففي 18 مايو الماضي، نشرت الجريدة الرسمية، قرار رئيس الجمهورية بالموافقة على أكبر قرض خارجي في تاريخ مصر، حيث ستقترض مصر من روسيا قرضًا بقيمة 25 مليار دولار أمريكى، لإنشاء محطة طاقة نووية، وتضمنت الاتفاقية أن تدفع مصر فائدة على أصل القرض بمعدل 3% سنوياً، وفى حالة عدم سداد أى من الفوائد المذكورة خلال 10 أيام عمل يُحتسب المبلغ على أنه متأخرات، ويخضع لفائدة قيمتها 150% من معدل الفائدة الأساسى.

وإذا رجعنا للوراء قليلًا حيث المؤتمر الاقتصادي الذي أجمع الخبراء على فشله، حصلت مصر على قروض وودائع ب 4 مليارات دولار من السعودية، و4 مليارات دولار من الإمارات، و 4 مليارات دولار من الكويت، و 500 مليون دولار من عمان، 130 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي، 120 مليون يورو من البنك الأوروبي. حسب تقرير لموقع البديل.

ووقعت الحكومة اتفاقية مع البنك الدولي؛ للحصول على مليار دولار، تصرف دفعة واحدة، من إجمالي 3 مليارات دولار، وقرض من بنك التنمية الإفريقي، بقيمة 1.5 مليار دولار.

ووافق مجلس الشعب على أغلب القروض في ال 10 أيام الأولى من انعقادده، كما وافق على قرار رئيس الجمهورية بشأن توقيع اتفاقية اقتراض بين وزارة الدفاع ومجموعة من البنوك الفرنسية، بضمان وزارة المالية، وتبلغ قيمة القرض نحو 3.375 مليارات يورو، أي ما يتجاوز 30 مليار جنيه مصري.

وحصلت مصر علي مجموعة قروض من السعودية، منها اتفاقية قرض بقيمة 1.5 مليار دولار لتنمية سيناء. وقرض بقيمة مليار جنيه؛ في إطار تطوير مستشفيات قصر العيني. وتم توقيع اتفاقية لتمويل احتياجات مصر البترولية بـ 20 مليار دولار، وتأسيس شركات سعودية جديدة برأسمال 4 مليارات قرضًا من المملكة العربية السعودية، كما حصلت مصر على قرض من بنك دبي الوطني؛ لتمويل جزء من محطتي كهرباء العاصمة الجديدة، بقيمة 2 مليار جنيه.

الشحاتة ليست إنجاز، الشحاتة كارثة ولا سيما إن كانت ستجعل الشعب يعييش في سواد.

***
يقترض ليثبّت عرشه،  يطلب من الشعب أن يتحمل الألم والوجع، يتحمل من أجل مصر، متناسيًا أن مصر هي الشعب.

يتحدث عن ارتفاع فواتير الكهرباء والماء، وغلاء الأسعار قائلًا: "شكواكم على دماغي" وماذا بعد على دماغك؟ هل ستعلن انخفاض الأسعار؟

"لكن التكلفة التي يدفعها المواطن مقابل خدمات الدولة أقل بكثير من تكلفة الخدمة الحقيقية المقدمة له"

وبناء على أنه يرى أن الشعب لا يدفع، فقد أخذ قرارات بزيادة الأسعار في المياه وصلت نحو 25%، بجانبها رفع فاتورة أسعار الصرف الصحي بحيث تصل لـ51 % من قيمة فاتورة المياه، و80% من قيمة الفاتورة للأغراض غير المنزلية، التي تم إضافتها إلى فاتورة المياه، كما سيتم إصدار فاتورة المياه بصفة شهرية أسوة بالكهرباء بدلا من شهرين أو ثلاثة.

وفي الكهرباء أعلن بكل بساطة وأريحية أنه سيرفع الدعم عن الطاقة الكهربائية تدريجيًا، كما رفع سعر الوقود مرتين الأولى في يوليو 2014 وارتفع حينها إلى الضعف بدعوى اصلاح خفض عجز الموازنة وإنعاش الاقتصاد، والمرة الثانية في نهاية يناير من العام الماضي.

ثم رأينا قرار مجلس الوزراء يصدر قرارًا بزيادة سعر الأدوية المتداولة في السوق المصرية للفئات من 30 جنيها وأقل بنسبة 20%، بحجة أن رفع الأسعار سوف يجعل الأدوية المختفية من السوق تظهر؛ لأن تكلفة انتاجها أعلى من تكاليف التصنيع. بل ووجدنا وزير الصحة يدلي تصريحًا بأن ارتفاع أسعار الأدوية في صالح المواطن. هل رأيتم استحمارًا للشعب أكثر من هذا؟

***
ليست المشكلة أنه لم ينجز شيئًا يشعر به المواطن، ولا في محاولاته البائسة لإقناع الناس بأنه حقق انجازات، فالناس تشعر ببؤس أشد من  بؤس محاولاته، لكن المشكلة أنه يرى الكوارث انجازات.



اللي ملوش فيها !



مصر العربية


"أخبِروني؛ ما الذي يجب عليّ فعله عندما أصل لقلة الحيلة التي تجعلني أتمنّى ألا يُحْكم على  صديقي "عُمر" بأكثر من 15 عام؟

ماذا أفعل عندما يتهّموا "عُمر" بصناعة متفجرات؛ مع أنه رَسَبَ في مادة الميكانيكا وفشل في تجاوزها 4 أعوام؟!

اتهموه بأنه سافر إلى تركيا؛ مع أن السفر بالنسبة لـ "عُمر" هو الذهاب إلى الإسكندرية، تلك المدينة التي بالنسبة له أبعد بِلاد الأرض.

"قُبض على "عُمر" منذ عام، حينها كنت أقضي خدمتي العسكرية. تسلّل الخوف إلى نفسي وقررت أن أمتنع عن الكلام عنه استجابة لنصيحة بعض رفاقي، واكتفيت بمشاهدة صوره في الجرائد خلف القضبان مع المساجين؛ امتنعت عن الكلام آملًا أن تنته تلك المسرحية؟ ولكني اكتشفت أن حياة عمر هي التي تنتهي.

أريد أن أخبركم أنّ عُمر بعد موت أبيه؛ قرر الإبتعاد عن كل أخبار البلد، والاقتراب من القطط والكلاب والحيوانات.

عندما اختفى قسريًا لم نجد ما نكتبه عنه؛ فلا هو ثوري صوته عالٍ؛ ولا صاحب مواقف مؤثرة تجعل الناس تتحدث عن قضيته وينقذوه مما هو فيه؛ إنه مجرد شخص بلا قصة؛ قرر أن يعيش حياته "مقضيها" وأن ينته من دراسة الهندسة فى 10 أعوام، منعًا لوجع الدماغ" وقرر ألّا يتحدث في السياسة، ومع ذلك قررت الدولة حبسه وحكمت عليه بالمؤبد.

أرجوكم أخبرونا ماذا نفعل؛ فنحن لا ندري ما الذي يجب علينا فعله؟

الدولة تسجن من يُمارس  السياسة أو الرياضة؛ وتسجن من يضحك أو يبكي؛ تسجن المتشائم والمتفائل؛ العاقل والمريض نفسيًا. الدولة لا ترضى لنا أن نموت موتة طبيعية، علينا أن نموت مقهورين، تريد أن تجعل لكلٍ منا ذكرى قاسية، فماذا نفعل؟"

كانت هذه كلمات أحد رفاق عمر – بتصرف- المحكوم عليه عسكريًا بالسجن 25 عامًا.

ففي 5 يونيو 2015، كان عُمر يتناول العشاء مع صهيب سعد و إسراء الطويل في احدى المطاعم بالقاهرة - والقاهرة سميت هكذا لأنها تقهر من هم مثل عمر –، وبعد انتهاء العشاء الأخير.. انقض ضباط جهاز أمن الدولة الذين كانوا يرتدون ملابس مدنية علي صهيب، قاصدين اعتقاله.

واتصل ضابط أمن الدولة بأحدهم مبشرًا: قفشناه يا باشا، ولقينا معاه اثنين " بنت اسمها إسراء الطويل، وولد اسمه عُمر علي"؛ نسيبهم ولا ناخدهم هما كمان؟

اختفى الثلاثة بعدها، وأنكرت الداخلية وجودهم، وأقسمت أنها لا تعلم عنهم شيئًا، وأنه لا يوجد متختفين قسريًا في مصر.

بعدها بخمسة أسابيع نشر الجيش المصري تسجيل بعنوان " القبض على أكبر خلية إرهابية تهدد الأمن القومي"، ظهر فيه صهيب وعمر.

كان صهيب مشعثًا ومضروبًا ومنكسر، اعترف بأن له دور في عمليات إرهابية خطيرة، وبأنه تلقى مبلغ 65 ألف جنيه، من زعيم الخلية لشراء بندقية وإعطائها لعضو آخر لقتل ضابط شرطة.

وظهر عُمر في نفس  ليعلن أنه - ترك القطط والكلاب - وانضم للخلية الإرهابية الشريرة، المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين.

كان معهما 7 آخرين في نفس الفيديو، (جميعهم كانوا مختفين قسريًا ضمن 160 شخصا اختفوا ما بين أبريل ويونيو 2015، حسب حملة الحرية للجدعان) اعترفوا بارتكاب جرائم عديدة منها حرق سيارات للشرطة وتلقي تدريبات في الخارج والتخطيط لاغتيال رجال الدولة.

اعترفوا هكذا وبكل بساطة، أنهم قتلوا وفجّروا وخربوا، وكأنهم اعترفوا بأنهم يدخنون السجائر في الخفاء، أو أنهم يشربون زجاجات ال "ستلا" من دون علم أبيهم، لأنها حرام شرعًا، اعترفوا من دون تعذيب، هل تصدق؟

أخلت النيابة سبيل إسراء الطويل، بعد تعاطف كبير مع قضيتها على وسائل التواصل الاجتماعي، وبعد ضغوطات من المنظمات الحقوقية في الخارج والداخل.

وأحيل كل من في الفيديو ومعهم عُمر "اللي ملوش فيها" للمحكمة العسكرية، وحكم على 8 بالإعدام، والمؤبد لـ ١٢ من بينهم "صُهيب وعُمر" والسجن 15 سنة لـ6 متهمين.

***
تذكرنا قصة "عُمر" بقصة الفتى الذي كان يمر بجوار سيارة الشرطة يوم 25 أبريل الماضي، في ميدان المساحة، ولكنه فوجئ بأحدهم يسحبه ويضعه  فى "بوكس" الشرطة، ليجد نفسه محكومًا عليه بالسجن 5 أعوام بعد 19 يوم فقط من المحاكمة؛ فلم يشفع له الفيديو الذي انتشر ليوثق حالة من حالات القبض العشوائي، ولم يشفع له بُعده عن السياسة، وكُتب عنه في تحريات أمن الدولة أنه منتمي لجماعة محظورة، هكذا بكل بساطة، وحَكَم القاضي بُناءً على "لا شئ"

فعُمر، كل ما ارتكبه أنه صديق صهيب، وأُخذ معه "فوق البيعة".

أما "صهيب" فكل الاتهامات التي اتهم بارتكابها؛ حدثت وهو يقضي فترة سجنه الأولى. وهو برره  أبو بكر عبد الكريم، مساعد وزير الداخلية، قائلًا: " أن وجوده في السجن لا يمنع اشتراكه في جرائم أخرى، وأن عضويته بالخلية الإرهابية بدأت قبل اعتقاله".

حكى شقيق صهيب عما حدث له في فترة اختفائه من تعذيبه وتوثيق يديه من الخلف، وتعليقه كالذبيحة في سقف الزنزانة، وصعقه بالكهرباء. كل هذا كفيل بأن يجعل المرء يعترف بأنه فجّر برجي التجارة.

وقالت شقيقة عُمر بعد زيارته لأول مرة "أنه اعترف بجرائم لم يرتكبها بعد تعذيب استمر 3 أيام، وأن علامات الكهرباء كانت واضحة في كل مكان في جسده. وأنه فقد السيطرة على أعصابه، ويده اليمنى كانت لا تتحرك.

حوكم كل من في قضية عُمر وصُهيب بتهمة أنهم“كانت لديهم نية لارتكاب جرائم إرهابية”.. فعاقبتهم المحكمة العسكرية بالإعدام والمؤبد والسجن 15 عامًا على نيتهم، ولم تعاقبهم على جريمة ارتكبوها، في قضية بلا أدلة أو أحراز.
***
عزيزي المؤيد للنظام الحالي، أَعْلم جيدًا، أن أول ما سيخطر ببالك عند قرائتك أي كلمات لي عن أي سجين، حتى لو قبض عليه عشوائيًا، هو "كيف ستتفنن في قذفي بالأب والأم وبكل من خلفوني. لأنك ستظن أنني أحاول التشويش على انجازات السيسي "الوهمية" خلال عامين من القهر والفقر والدماء والاعتقالات.. ولكن دعنا  نتساءل معًا عن بعض الأسئلة المنطقية:

عزيزي محب الاستقرار؛ ألا تظن أن هناك جهة ما داخل الدولة، لا تريد للوطن الاستقرار، وتريد للفوضى أن تستمر وتتعمد تلك الجهة صناعة الإرهاب؛ بعد هذه الأحكام الغير طبيعية؟
هل ما زلت تصدق أن مصر خالية من الاختفاء القسري؟

بعد اعترافات الشباب بجرائم خطيرة وبعد تعذيب دام أيام؛ أما آن الأوان أن تعترف بوجود "تعذيب" داخل السجون؟ أو تعترف بأنك تؤمن بأن التعذيب شئ ضروري طالما أنك لم تتعذب بعد؟

ما زلت تظن أن كل من في السجن اخوان؟ حتى بعد أن حكم بالمؤبد على أحد المعتقلين عشوائيًا؟

أفلا يمكننا القول بأن جهاز أمن الدولة يكتب تحريات بشكل جماعي وعشوائي عن الناس، بعد أن كتب  تحريات عن الفتى الذي اعتقل لمروره بجوار سيارة شرطة بأنه منتمي لجماعة محظورة وشارك في تظاهرات تدعوا لقلب نظام الحكم؟

*ممكن تقفل عقلك وتفتحه تاني يمكن يشتغل؟!