إعدام الصحافة 1


هل تطالب بإعدام كل المعتقلين والمعارضين والنشطاء والمتعاطفين معهم؟! هل تجيد التطبيل والنفاق والرقص وتزييف الحقائق؟! هل يمكنك التعريض للظالمين وممارسة الإرهاب الصحفى والإعلامى ضد كل من دعا على الظالمين؟! تتهم كل من اعترض على انتهاكاتٍ يمارسها النظام الحالى بالأخونة والعمالة لإسرائيل وإيران وقطر وتركيا وصيربيا وجزر القمر والصومال وكوكب المريخ؟!


إذا كنت تجيد كل ما سبق بنعم فأنت فى نظر من يحكمونا صحافي بارع يجب تكريمك وترقيتك لأعلى المناصب فى الدولة، يجب أن تُرفع على الأعناق وأشياء أخرى (لا داعى لذكرها)، وربما تتصل بك الرئاسة لتعبر عن إعجابها بمقالك الرائع.


فالصحافة التى يريدها النظام الحالى مثل:


*لا أستطيع أن أخفى سعادتى وشماتتى فى إعدام كل من ينتمى إلى عصابة الإخوان، حتى لو كانوا مليوناً أو عشرة ملايين. لن تضار مصر إذا قطعت إصبعاً من كفها قبل أن يتسمم الجسم كله، ولن تضار أيضاً إذا لوّحت للمتعاطفين مع هذه العصابة، والمستائين من حكم الإعدام، بحبل المشنقة. ليكن القضاء مسيّساً. لتكن السياسة عشيقة للقانون فى الحرام. ليكن تقدير القاضى، الذى أصدر الحكم، غشيماً لا يقرأ العواقب. ملعون أبو أم القانون حين يقف عائقاً دون إعدام هؤلاء القتلة، الخونة، أعداء الدين والوطن والإنسانية.. محمود الكردوسى


وهناك أيضا صحافة أو خراء كهذا:


*ارتضى الفلول، وهم الغالبية الكاسحة من الشعب المصرى، أن يتواروا عن الأنظار، وتحملوا السباب والإهانة، والاتهام بالعبودية، ولاحسى البيادة، لا لشىء إلا أنهم دافعوا عن جيش إعدام ومؤسسات بلادهم، الزمن كان منصفا وعادلا، وأعاد الحق لأصحابه، وأن الفلول، هم أشرف وأرجل وأكثر وطنية، من الأدعياء المدعين من تجار الدين والشعارات الثورية الوهمية، والضحك على البسطاء، من هذا الشعب.. دندرواى الهوارى


من السهل جدا أن تكون كهؤلاء ممن يطالبون بإعدام الملايين وممن أعدموا إنسانيتهم وممن  جعلوا من فلول النظام السابق وأعداء الثورة عظماء ويسنحقون التكريم والتعظيم، وجعلوا ممن ثاروا على الفساد والسرقة وسفك الدماء والتعذيب والإعتقال وضحوا بحياتهم شياطين ومرتزقة.


أما إذا كنت سياسيا مخضرما درست الاقتصاد والعلوم السياسية وتعمل بمجال الصحافة والإعلام وتكتب مقالات بشكل يومى ولا تجد إنجازاً للنظام سوى ما يمكنك الكتابة عنه، فيمكنك أن تتجنب الكتابة فى السياسة أصلا حتى لا يفهمك سيادة الرئيس خطأ وأن تتكتقى بمقالات من نوعية "كتالوج الستات ومعاملة البنات. أو الكتالوج العصرى للراجل المصرى" كما يفعل معتز بالله عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة. الذى أدهشنا بمقالاته الأخيرة من هذه النوعية، فالدماء سالت فى صباح العيد والاعتقالات لم تتوقف، لذا كان على أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية أن يعترض بشدة فكتب مقالا بعنوان  "كتالوج الستات ومعاملة البنات".  لم يكتف بهذا بل فاجأنا بجزء ثان للمقال بعنوان "الكتالوج العصرى للراجل المصرى"


تلك هى حرية الصحافة المكفولة التى يريدها النظام الحالى، أما من حاول نقل الحقيقة أو التوثيق بالفيديو فمصيره المعتقل.


فلا تتعجب عندما تسمع عن مصور صحفى تخطى 700 يوم اعتقال على ذمة الحبس التحقيق كمحمود أبوزيد شوكان، أو مصور صحفى حكم عليه بالمؤبد كعبد الله الفخرانى، أو صحفى تعرض للتعذيب مرات عديدة كعمر عبد المقصود، وأعتقد أنك لن تتفاجأ عندما تعلم أن "وجدى خالد" المصور الصحفى الذى أعتقل أثناء تأدية عمله أصيب بأزمة قلبية داخل قفص المحاكمة عندما علم أن وكيل النيابة قرر التجديد له 15 يوما،ً فهذا خبر روتينى ربما تسمعه يوميا. بل هناك من يموتون داخل السجون.


إذا أتيحت لك الفرصة للظهور فى وسائل الإعلام فلا تخش أن تحرض على شباب الثورة أو المعارضين، ولا تتردد فى تكفير بعض الناس طالما فى مصلحة النظام، ولا تعتقد أن شعارات من نوعية "أفرم يا سيسى، إعدم يا سيسى" تعد إرهابا بالنسبة لمن يحكمونا.


الارهاب فى نظرهم هو نقل الحقيقة.


فقد اقتحمت قوات الأمن مقر شبكة يقين الإخبارية المصرّح لها بالعمل بالصحافة بشكل رسمى، وصادرت كل المعدات واعتقلت مدير الشبكة "يحيى  خلف" واتهمته بنشر أخبار كاذبة مع أن الشبكة تعتمد فى أخبارها على الفيديوهات المصورة فقط. فكيف يمكن أن نعتقد مثلا أن نشر مؤتمر ما لحزب ما أو لشخصية عامة أخبارا كاذبة؟!


اتهم أيضا بالانتماء للإخوان مع أن الشبكة لم تكتب كلمة واحدة تؤيد فيها الإخوان ومع أنها تغطى كل مؤتمرات الحكومة! ومن الإتهامات الهزلية "إستخدام برامج غير أصلية فى تقطيع الفيدوهات والفوتوشوب وخلافه!


أعلنت الشبكة بعدها تعليق العمل نظرا للقمع والانتهاكات التى تعرضت لها الشبكة من اعتقالات ومداهمات لمقر الشبكة ومصادرة معدّاتها، وهذا ما يريده النظام للأسف، فنحن خسرنا الشبكة الإخبارية الوحيدة التى توثق الأخبار بالفيديو فقط والتى تغطى كل الفعاليات والمؤتمرات والندوات الثقافية المهمة التى تتجاهلها وسائل الإعلام.


تقول منظمة "مراسلين بلا حدود" أنّ عدد الصحافيين في سجون مصر هو «الأعلى» منذ عام1990، كما أنّ السلطات تستخدم الأمن القومي ذريعة لانتهاك حرّية الصحافة وأنّ التهديد بالسجن في مصر يعتبر جزءاً من مناخ تمارس فيه السلطات الضغط على وسائل الإعلام لفرض الرقابة على الأصوات الناقدة وإصدار أوامر بعدم التحدّث عن مواضيع حساسة. وطبعاً التهمة الجاهزة للمنظمة ولصاحب المقال هى الأخونة أو العمالة لقطر. مع أن العقل خلق للتفكير وليس لإفراز الخراء.

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة