خطاب السيسى الموزون 1

السيسي متحدثاً عن الديمقراطية (الاشتراكيون الثوريون)

لسماع المقال اضغط هنا

كالعادة يحتشد بعض الفنانين والفنانات من أعداء ثورة 25 يناير حتى يهتفوا باسم ملكهم المنقذ "عبد الفتاح السيسي" أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة و يشجعونه بحرارة: "السيسي عمهم، حارق دمهم" فربما تظن أن هناك مباراة كرة قدم بين رؤساء العالم تستدعي تشجيع السيسي حتى يلعب بشكل جيد وحتى يكسب المباراة التي يرتدي فيها السيسي البدلة المدنية الاحتياطية للبدلة العسكرية، ولكن الغريب أنه الوحيد ضمن رؤساء العالم الذي يصطحب معه جمهوره من الفنانين والفنانات، والمذيعين منهم والراقصات، الطالبين المناصب والطالبات، كأن الرجل يطمئن بوجودهم بجانبه، مع أنهم دائمًا يتسببون فى فضائح مضحكة مبكية. ويبدأ السيسي خطابه أمام الجمعية العمومية:


1- نوجه لكم التحية باسم هذا الشعب العظيم الذى عانى من أجل مواجهة وتغيير أفكار متشددة كتلك الأفكار التى عانت منها ملالا يوسف.


أما "ملالا يوسف" فهي تلك الفتاة الباكستانية والحقوقية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام عندما كان عمرها 17 عامًا بعدما تعرضت لمحاولة اغتيال من الجماعات الإرهابية بسبب تدويناتها ضدهم، وعانت من الأفكار المتطرفة والإرهاب، تلك الأفكار التي لا تؤمن إلا بالقتل وتصفية المعارضين وبث الرعب فى نفوس جميع الخلق حتى يتعظوا ويستسلموا لحكم الإرهاب. فى نفس اليوم الذي كان يتحدث فيه السيسي عن "ملالا يوسف" تمت تصفية 9 مواطنين فى أوسيم على يد قوات الأمن بشكل غير طبيعي، كما تم تصفية 9 قبلهم فى شقة بأكتوبر فى شهر يوليو الماضي بدعوى أنهم إخوان. ولا يمكن أن ننسى تصفية الطالب إسلام عطيتو، فتصفية المعارضين يعد أسلوبًا من أساليب الإرهاب، كما أن اختطاف الناس وإخفائهم كما حدث مع أشرف شحاتة أحد مؤسسي حزب الدستور والمختفي قسريًا منذ ما يقرب من عامين يعد أعلى مراحل الإرهاب.  كما أننا يجب أن نتساءل: ما علاقة الإرهاب بقيادات حرب اللاعنف فى مصر كعمرو علي وأحمد ماهر ومحمد عادل وعلاء عبدالفتاح وغيرهم ممن يقبعون في سجون النظام العسكري؟! فمن المؤكد أن مثل هؤلاء لا يهددون شبيهات "ملالا" لأن شبيهات "ملالا" كـ "سناء سيف" قد مارس النظام العسكري الإرهاب ضدهن واعتقلهن دون سبب واضح، فلا يجب أن نفرق بين إرهابى يدعى التدين وإرهابى يدعى الوطنية، تعددت الصفات والإرهاب واحد.

2- لقد وضعنا فى أجندتنا أهدافًا غير مسبوقة للحد من الفقر والجوع.

يؤكد لنا المستشار أحمد الزند - الذي يعتبره السيسي خير من يمثل العدل - أن الفقير لا يمكن أن يتساوى مع من يحكمون البلاد، ويتجلى هذا التأكيد فى تصريحه الشهير لتوفيق عكاشة "نحن أسياد وسوانا العبيد".. هذا الرجل الذي أشهد له بصراحته الوقحة فى محاولته التفرقة بين الأغنياء والفقراء، وفى أن يعرف كل واحد مقامه عندما قال: "لو القضاة مصيفوش فى شرم الشيخ مين اللى هيصيف فيها؟!". وبعيدًا عن معاداة ذلك الزند لتلك الطبقة الفقيرة من أبناء الشعب وبعيدًا أيضًا عن الأسعار التي ارتفعت بشكل غير مسبوق، لا يمكن أن ننسى ذلك المشهد لوزارة الداخلية وهي تهدم عشش الفقراء بالدقي وتقمع بالغاز والخرطوش تظاهرة الفقراء الذين اعترضوا على عدم تسليمهم أماكن بديلة كما وعدتهم الحكومة، كان هذا فى نفس الوقت الذي اقتحم فيه نحو 2000 من أمناء الشرطة مديرية أمن الشرقية وأتلفوا المكاتب ومنعوا وصول المسؤولين مكاتبهم وهتفوا ضد وزير الداخلية دون أن يتعرض لهم النظام بأذى، على العكس استجاب فورًا لأغلب مطالبهم لأنهم فصيل أساسي يعتمد عليه النظام فى قمع هؤلاء الفقراء الذين اعترضوا على هدم مساكنهم.

3- كما أننا نسعى لتوفير الرعاية الصحية للقادرين وغير القادرين.

يمكننا أن نحذف كلمة غير القادرين من الجملة السابقة حتى تتسم بالمصداقية، ففي أغسطس الماضي نشرت بعض المواقع الإخبارية صورًا لأحد المرضى من غير القادرين بمستشفى الجيزة لم يسأل عليه أحد، فقررت إدارة المستشفى رميه فى حديقة المستشفى لأنه لا يملك حق علاجه فتوفى المريض بعد ساعة واحدة من رمية فى الحديقة. ولأن آفة حارتنا النسيان فتناسى الجميع قضية هذا الرجل ولا نعلم إلى الآن مصير التحقيقات مع المسؤولين عن تلك الجريمة. كما أن مثل تلك الجرائم لم تتوقف، ففي 17 سبتمبر 2015 طرد طبيب بمستشفى أبو المطامير العام بمحافظة البحيرة المواطن حمدان السيد خليل، عامل باليومية فى مشروعات المقاولات، وقال له: امشي ريحتك وحشة. ورفض أطباء المستشفى علاجه مما أدى إلى فقدان الرجل حياته.

4- كما أننا وضعنا فى خطتنا أهدافًا غير مسبوقة لصعود مستوى التعليم للجميع.

في حقيقة الأمر لا أدري متى وضعت تلك الأهداف غير المسبوقة للصعود بمستوى التعليم (للجميع)، ولا أدري متى بدأ السيسي ونظامه فى تنفيذ تلك الأهداف؟! فما زال التعليم فى مصر ينقسم إلى طبقات:طبقة المدارس الدولية (الطبقة العليا).. وهي تلك الطبقة التى يدرس بها نحو 5% من أبناء الشعب ممن يقدرون على دفع 40 ألف جنيه فى العام الواحد، تلك المدارس المكيفة والتي لا يمكن أن تسمع فيها عن حالات التسمم ويكون العقاب فيها بممارسة التمارين الرياضية، وطبعًا تختلف مناهج تلك المدارس عن مناهج التعليم الحكومية.طبقة المدارس الخاصة والتجريبية (الطبقة المتوسطة).. ويدرس فيها الطالب مناهج حكومية لكن المباني بها جيدة ولا يتخطى عدد الطلاب فى الفصل الواحد 40 طالبًا، بالإضافة إلى توفير وسائل مواصلات للطلاب.طبقة المدارس الحكومية (الطبقة السفلى).. وهي تلك الطبقة الكادحة التي تتعلم الجهل والتى تُضرب بالعصا على الأقدام والتي تنظف ساحة المدرسة فى حصة الألعاب والموسيقى، والتى يتعرض أبناؤها لحوادث الطرق بعد خروجهم من المدرسة لأن "الباص" لا ينتظرهم كأبناء الطبقة المتوسطة والعليا؛ فالتعليم فى بلادي طبقات كالعمل والمناصب الحكومية.

5- أؤكد فى هذا الصدد على أهمية مشاركة كافة فئات المجتمع فى عملية التنمية المنشودة.

أؤكد على أهمية مشاركة الجميع عدا التيار الإسلامي والليبرالي والعلماني والاشتراكي، وعدا شباب 6 إبريل والاشتراكيون الثوريون وكل من شارك فى الثورة، فكل هؤلاء مكانهم السجون ولن أسمح بدخولهم مجلس الشعب ولن أسمح بظهورهم فى وسائل الإعلام، فوسائل الإعلام لي أنا وحدي ولمن يؤيدوني ولا يفكرون فى انتقادي مهما فعلت.

6- كما نهتم بمشاركة المرأة فى شتى مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ويجب هنا أن نتساءل من هي المرأة التي يجب أن يهتم نظام السيسي بمشاركتها فى الحياة السياسية؟!هل هي تلك المرأة التي تشبه الحقوقية "داليا زيادة"، والتي أعلنت قلقها البالغ من الإفراج عن بعض شباب الثورة؟ أم تلك المرأة التي تشبه الحقوقية "يارا سلام" التي قضت فى السجن نحو 14 شهرًا لأنها طالبت بالإفراج عن شباب الثورة؟ هل هي تلك المرأة التى تهتف للسيسي وتقبل صورته وتصفه بأنه الرجل الوحيد فى مصر؟ أم تلك المرأة التى تهتف ضد السيسي ونظامه لأنها أدركت أن ظلم النظام الحالي لم ولن يرحم أحد؟!
أعتقد أن الإجابة واضحة.

مبروك.. أخوك فى السجن

الاختفاء القسري (الاشتراكيون الثوريون)

" قال لي بائع البطاطا أنه على استعداد أن يحكم كوكب المريخ ويقدم للكوكب إنجازات غير مسبوقة.فقلت كيف؟قال: أليست الإنجازات أن نمنع الأشياء عن مستحقيها ثم نمنحها إياهم على فترات متباعدة كما يفعل زعيم الكوكب؟! فما الصعوبة فى ذلك؟سأمنع عنكم الخبز ثم أمنحكم منه القليل.سأغلق كل الميادين ثم أفتحها ميدانًا بعد الآخر.أما الدعم فأرفعه عنكم وينزل تاني.. ايه المشكلة يعنى؟ سأغلق كل وسائل المواصلات وكل محطات المركبات الفضائية ثم أعطي أمرًا لرجالي بفتحها مرة أخرى بعد أن تتوسلوا إلىّ فى وسائل الإعلام وتناشدون بفتحها مرة أخرى؛ سأعتقل أبنائكم وبناتكم بسبب وبدون سبب ثم أفرج عن بعضهم كل فترة فى إنجازات أحسن من كدة حضرتك؟! "
من مقال "إنجازات حاكم المريخ" بتاريخ 22 يونيه 2015.

أظن وبعد الظن ليس إثم أن من يحتاج إلى عفو هم من يديرون البلاد بقوة السلاح. من يحتاج إلى عفو هو القاتل وليس المقتول، هو السارق وليس المسروق، هو الظالم وليس المظلوم.
***
في اللحظة التي كنا نحتفل فيها بخروج مائة من الشباب والبنات، كان هناك من يبارك لأسرة إسلام خليل على اعتقاله وعلى استمرار حبسه لمدة 15 يوما على ذمة التحقيق، - مبروك يا نور، الحمد لله إن إسلام أخوك فى السجن.
وصل بنا الحال فى عهد السيسي أن نبارك لبعضنا البعض لمجرد بقائنا على قيد الحياة، لا يهم إن كان حياتنا فى سجن أو فى مقرات أمن الدولة، لكن المهم أننا على قيد الحياة ولم نصل بعد إلى تلك المرحلة التي يقولون فيها "البقاء لله"
اختطفت وزارة الداخلية إسلام خليل من منزله احتجزته فى مكان غير معلوم فى إحدى مقراتها السرية  وأخفته لمدة 122 يومًا.
يدعى نظام السيسي أنه عفى عن الشباب رحمة ورأفة بحالهم، ولكنه لم يفعل هذا من أجل ذلك، فالنظام الحالي لا يعرف فى قاموسه كلمة "رحمة" ولكن قاموسه يحتوى على "قتل، اعتقال، إخفاء قسري، تعذيب، فساد" فأين الرحمة عندما تعرض إسلام خليل لأبشع أنواع التعذيب الجسدى والنفسى خلال 122 يوما فى إحدى مقرات أمن الدولة، فشقيقه قد حكى لنا عن الصعق بالكهرباء الذى كان يتعرض "إسلام" له بشكل مستمر حتى أن الحال قد وصل به إلى أن أنه عرض عليهم الاعتراف بأى شئ حتى ولو بالفيديو مقابل الرحمة. ولكنهم يا إسلام لا يعرفون الرحمة.
ظل إسلام معصوب العينين طوال فترة اختطافه ولم ترفع عنه عصابة العين إلا عند دخول دورة المياه. حكى لنا أنه لم يشعر بشئ سوى بالألم حتى أنه إعتاد عليه وألفه فقد ربطوا يديه من الخلف وعلقوه فى سقف الزنزانة، ووضعوا يده فى الحديد وربطوه فى عمود حديدي حتى أصابته إغماءة من فرط تعذيبه. وبعدما أفاق من الإغماء تعرض للتهديد بالقتل، كما أنه خلال ال 122 يوما لم يتمكن من تنظيف جسده بالماء، حتى أنه إعتذر لأمه -التي كانت تبكي حتى الموت- على رائحته. لكن إسلام رائحته ليست كريهة بتلك الدرجة التى وصلت لها رائحة النظام الحالى.
وبما أن كل ما تعرض له إسلام لا علاقة له بأى قانون فى الدنيا فلم تجد النيابة حرج فى أن تكتب فى محضر الاتهامات لإسلام أنه قبض عليه بالأمس من منزله، كما وجهت له تهمة محاولة اقتحام سجن برج العرب. فطالما أن الدساتير التي تكتب بالنوايا الحسنة لا يمكن أن تبنى الدول كما قال السيسي، فليبنيها بالنوايا السيئة، فليبنيها بالتعذيب والتلفيق والدم.
فمن الواضح أن السيسي لم يفرج عن الشباب من أجل الرحمة أو الإنسانية بل من أجل زيارة أمريكا القادمة والتى بالطبع سيتعرض فيها للإحراج إن تحدث عن الحريات والديموقراطية أو عن مبادئ ثورة 25 يناير كما يفعل دائما، فحالة إسلام الذى تعرض لكل أنواع التعذيب خير دليل على أن النظام الحالى لا يعرف معنى الإنسانية.
*كما أن النيابة التى يجب أن تبقى جهة تدافع عن الشعب ليست إلا ذراع الداخلية فى تلفيق القضايا، فالداخلية تختطف الناس وتعذبهم، ثم يأتي دور النيابة فى اتهام الضحية وتلفيق تهم مناسبة أو غير مناسبة حسب شهرة تلك الضحية. فإسلام قد اتهمته النيابة بمحاولة اقتحام برج العرب والتخطيط للفوضى، ثم أكملت دورها حتى يظن الناس أنه متهم بجد وجددت له 15 يوما على ذمة التحقيق أو التلفيق.
*السيسي لم يقدم أي إنجاز بعفوه عن بعض المظلومين، فالحرية حق وليست منحة فليس من الطبيعى أبدا أن تمنع عنى حريتى عامين ثم تقول ها أنا الملك العظيم أمنحك الحرية من جديد، وليس من المنطقى أن تسرق خبزي ثم تعطيني منه القليل وتظهر أمام عامة الشعب وتعلن أنك قد منحتنا الخبز والحياة. وليس من المنطقى أن نمضي حياتنا خلف القضبان وأن نعذب فى مقرات أمن الدولة ثم تحدثنا عن الإنسانية وتحدث أمريكا عن الحرية.

موضوعات متعلقة:

الدول لا تُبنى بإخفاء الناس



المتهم مدان ولو ثبتت براءته

كارتون (الاشتراكيون الثوريون)


أنت متهم بحرق كليتي تجارة وزراعة بجامعة الأزهر، والاعتداء على كلٍّ من الملازم أول معتز محمد محمود، والنقيب أحمد مدحت؛ كما أنك متهم بتكدير السلم العام، والتجمهر، والتظاهر، والانتماء إلى جماعة محظورة، واغتصاب فتاة تدعى هدير، ومحاولة تدمير كوكب الأرض وبلوتو والمريخ!
هناك مجموعة من الاتهامات يطلق عليها المساجين السياسيون كلمة "كوكتيل"، وهي كوكتيل من الاتهامات تتهم به النيابة كل من ليست له تهمة ولم يرتكب جريمة. فما أسهل أن تتهم أي شخص بالانتماء إلى جماعة محظورة دون أي دليل!
كانت هذه هي الاتهامات التي وجهتها لي النيابة أثناء التحقيق معي في معسكر الأمن، وقتها ضحكتُ وأشرتُ إلى الكاميرا التي في حوزتي، وقلت: هل سأفعل كل هذا بالكاميرا؟! وهل سأغتصب وأحرق وأتظاهر وأعتدي في وقت واحد؟!
فقال وكيل النيابة: هذه التهم موجهة لـ 76 طالباً وطالبة، وليست موجهة لك وحدك.
سألته: وكيف يمكن لكل هذا العدد أن يغتصب فتاة وما زالت الفتاة على قيد الحياة؟! وكيف شاركت الفتيات في اغتصاب هدير؟! وأين هي هدير؟!  نظر لي نظرة بلهاء وقال: "إنت هتحقق معايا.. أنا اللي بسألك"!  قلت: يا سيدي الفتيات لا يسمح لهن بدخول جامعة الأزهر بنين، فكيف يتهمن بحرق كليتين بجامعة الأزهر بنين؟!
المادة (64) من الدستور: حرية الاعتقاد مطلقة.  كان وكيل النيابة يملي على الكاتب أوصافي ليكتبها في التحقيق، وأغرب الأوصاف التي أملاها عليه أنني ملتح! اعتبر ذقني لحية، أما أمن الدولة فظن أنني شيوعي. فأنا لست متهما في كلا الحالتين بالشغب أو بالحرق، ولكني متهم بأنني ذو فكر ما مخالف لعقيدة الكذب التي يؤمنون بها.
المادة (65) من الدستور: حرية الفكر والرأي مكفولة ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو بالكتابة أو بالتصوير.  حضر المحامي بعد أن أوشك التحقيق على الانتهاء، ونجح في الدخول إلى معسكر الأمن المركزي بعد دفع رشوة لأحد أمناء الشرطة، وكان معه شهادة من شبكة يقين الإخبارية ونسخة من التصريح بالتغطية الصحافية لأحداث جامعة الأزهر، والتصريح الحكومي للشبكة بالعمل الرسمي، ولكن بماذا تفيد الأوراق إذا كانت النيابة تعتمد على تحريات أمن الدولة؟!  فأنت أمام النيابة مدان حتى لو ثبتت براءتك. أنت أمام شرطة تعتقل وتعذب، وأمن الدولة يكتب تقارير عشوائية، ونيابة تجدد من دون تحقيق. ومع كل هذا، كان من المنطق ألا تخلي النيابة سبيل أي طالب أو طالبة من الـ 76 متهماً!
المادة (53) من الدستور تنص على أن المواطنين لدى القانون سواء، متساوون في الحقوق والحريات والواجبات ولا يجوز التفرقة بينهم بسبب الانتماء السياسي أو أي سبب آخر.  وفي تحقيق وكيل نيابة مع أحد الطلاب، ويدعى أحمد عبدالحكيم، كان الحوار كالآتي:  وكيل النيابة:لماذا أنت مرتبك بهذا الشكل؟!  الطالب: أشعر بالقلق على والدتي، لأنها لا تعلم عني شيئاً إلى الآن، ثم إني لأول مرة أتعرض لهذا الموقف.  وكيل النيابة: تلك نهاية من يمضي مع الإخوان!  الطالب: لم أكن يوماً مع الإخوان.  وكيل النيابة: ولكن جاءتنا معلومات أنك انتخبتَ محمد مرسي!  الطالب: أقسم أنني لم انتخبه، بل انتخبتُ حمدين صباحي.  وكيل النيابة: لماذا حمدين صباحي؟!  الطالب: كان يعجبني حديثه في التلفاز.  وكيل النيابة: أنت يساري؟  الطالب: يعني إيه؟!  وكيل النيابة (يتفلسف): كل إنسان له أفكار، هناك من له أفكار إسلامية أو ليبرالية أو يسارية، فما هي أفكارك؟!  الطالب: لم أفهم من كل هذا الكلام سوى كلمة إسلامية!  وكيل النيابة: على كل حال أنت متهم بعدة اتهامات، سنكتب في التحقيق أنك أنكرت كل الاتهامات، هل توافق؟!  الطالب: إفعل ما تراه، ولكن أستحلفك بالله أن تتركني فأنا لم أفعل شيئاً سوى أنني كنت ذاهبا إلى أول أيام الامتحان في الجامعة.
انتهى التحقيق على هذا الحال!  وحكم على الطالب أحمد عبدالحكيم في النهاية بالسجن 5 سنوات والمراقبة الأمنية 5 سنوات، مع أنه كان ضمن الشباب الذين وقّعوا على ورقة تعهد بعدم العودة إلى العنف من جديد مقابل الإفراج، مع أنه لم يشارك في العنف أصلا.
هذا مثال لتوضيح "الهرتلة" التي تسمى تحقيق نيابة، فقد ظلت النيابة تحقق معنا 17 شهرا، من دون وجود دليل أو شاهد أو سلاح في حوزة أحد المتهمين، ولكن مع هذا كتبتْ أن المتهمين ضبطوا وبحوزتهم مفرقعات ومواد حارقة، ولم يكن في حوزة أحدهم شيء سوى الكتب والأقلام.


موضوعات متعلقة:

ترحيلات الموت

رمضان جانا.. فى الزنزانة

نعلم أنك بريء ولكن..

السجون في الصيف



خطاب إلى الشعب المكسيكي

كارتون (الاشتراكيين الثوريين)

يستيقظ من نومه على صوت نغمة هاتفه المزعجة "تسلم الأيادي".. يقول المتصل: أبشر يا باشا، قتلنا 8 إرهابيين فى سيناء.
يفرح الباشا، ويبتهج، ويغني تسلم الأيادي، ثم يجلس على مائدة الإفطار ويفتح هاتفه الذي استلمه من الوزارة بعد أن تولى منصبه كمصدر مسؤول فيتفاجأ بخبر عنوانه: مقتل 12 مكسيكيًا وإصابة آخرون عن طريق الخطأ. فيقول لنفسه: مجرد إشاعات وتشويه لهيبة الدولة. يأتي صوت النغمة المزعجة من جديد "تسلم الأيادى" نفس الصوت يقول: أيوة يا باشا، طلعوا مش إرهابيين ولا مصريين، احنا قتلنا 12 مكسيكيًا بس عن طريق الخطأ، شوف بقى حضرتك هتتصرف ازاى؟!
وبصفته مصدر رفيع المستوى يقرر كتابة خطاب إلى الشعب المكسيكي والحكومة المكسيكية.
ويبدأ فى الكتابة:
العين تذرف بدل الدموع دمًا، والقلب يحزن حتى كاد أن يتوقف من فرط الحزن، والعقل توقف عن التفكير من كثرة الغباء، والقلم يرتعش مع يدي خوفًا من الأخطاء الإملائية التي أقع فيها دائمًا، والنظام المصري بأكمله يشعر ببالغ الأسى والحزن نظرًا لأن مبلغ الـ 12 مليون دولار الذين طلبتموهم كتعويض عن أرواح الـ 12 مكسيكيًا هو مبلغ كبير للغاية، فأنتم تعلمون أننا هنا نحتاج إلى كل ربع دولار، وأننا نناضل ونكافح من أجل جني الأموال بشتى الطرق، حتى أننا نعتقل المصريين بشكل عشوائي ثم نخلي سبيلهم بغرامات كبيرة من أجل جمع الدولارات، فالدولارات مهمة للغاية كي نشتري بها أسلحة فض التظاهرات. وكي نحارب الإرهاب، لذا نطمع فى كرم أخلاقكم ونتمنى تخفيض المبلغ.
أيها المكسيكيون العظماء: لا تحزنوا، فالحزن لن يجعل أبنائكم يعودون إلى الحياة، تعلموا الثبات والصبر على المصائب من أبناء الشعب المصري العظيم، فالشعب المصري العظيم تعوّد على أن يُقتل بعشوائية، فنحن مثلًا نحارب الإرهاب فى سيناء، ولكن لا يمكننا تحديد من هو الإرهابي؟ ومن هو المدني المسالم؟ لذا نقتل الجميع دون تفرقة، حتى يعلم الإرهابيون أننا – مبنهزرش - والطلقة اللي متصيبش تدوش، العشوائية فى بلادنا شئ مهم للغاية حتى أننا نفكر فى وضع مادة للعشوائية فى التعديل الدستوري الجديد تنص على أن العشوائية فى القتل والاعتقال واجب وطني من أجل الحفاظ على الأمن والأمان اللذان تتميز بهما مصر، فنحن على سبيل المثال عندما نفشل فى اعتقال الجاني نعتقل أي شخص مكانه، وربما نعتقل الأب بدلًا من الابن أو العكس، المهم ألا نعلن فشلنا فى الأمن والأمان.
أرجوكم لا تكونوا مرهفي المشاعر والأحاسيس، وعليكم أن تتساءلوا بشكل عقلاني عن علاقة هؤلاء المكسيكين الذين قتلناهم عن طريق الخطأ بجماعة الإخوان الإرهابية، فلدينا تقارير من مصادر غير موثوق فيها تؤكد أن الطريقة التى قُتلوا بها هى طريقة متظبطة من الأول، فهم تعمدوا أن يذهبوا إلى هذا المكان الذى يعيش فيه الإرهابيون، وتعمدوا استفزاز سائق الطائرة الميري عندما أشار له أحدهم بإصبعه الوسطى وقال له "فاك يو آند جو تو هيل" وتؤكد تقاريرنا أنهم كانوا يفعلون هذا من أجل أن يُقتلوا بهذا الشكل من أجل تشويه صورتنا قدام اللي يسوى واللي ميسواش فى العالم كله. والله والله وما لكم علينا حلفان أننا لأول مرة نقتل أجانب بهذا الشكل، نحن نفعلها مع المصريين فقط.
أما عن التحقيق الذي تريدون فتحه بعد مقتل الـ 12 مكسيكيًا، فأنتم غالبًا تفهمون التحقيق خطأ تمامًا، فالتحقيق عندنا ليس إلا تصريح يطلقه المسئولون فى وسائل الإعلام بعد حدوث كارثة ما، ولكن لا يتم فتح تحقيق ولا بتنجان، هل تحبون أن نضللكم ونفتح تحقيقًا ثم نعلن بعدها بيومين القبض على المتسببين فى قتل أبنائكم؟ سهلة أوي، فنحن نفعلها دائمًا ونتهم أي شخص بأي حاجة فى أي حتة، ولكننا نحبكم ولا نريد أن نضحك عليكم بكلمتين لأنكم للأسف لا يمكن أن تصدقوا أننا لا نعلم من هم الضباط الذين نفذوا العملية وشاركوا فى القتل، وطبعًا لو اعتقلنا أي شخص من أهالي سيناء واتهمناه أنه القاتل فلن تصدقوا أيضًا.
وأنا عن نفسي لا أرى فى فتح تحقيق أهمية سوى وجع القلب، ولا أدري ما أهمية التحقيق طالما أنكم ستحصلون على مبالغ ضخمة من أموال الشعب المسكين الذي لا يمكن أن يحصل على تعويض كهذا، فأنتم تعلمون جيدا أنه ضمن من قتلوا يوجد مصريًا، ولكننا طبعا لن ندفع له أموالًا باهظة كما سندفع لأبنائكم، فهذا المصري ابننا واحنا أحرار فيه. وأرجوكم لا تدخلوا فى هذه المسألة بيننا وبين المواطن المصري لأننا نرفض التدخل فى شؤوننا الداخلية.
لا أعلم السبب فى هذه الزوبعة التى أطلقتموها فى وسائل الإعلام المكسيكية، فنحن لسنا أول من نقتل بشكل عشوائي، حتى المكسيك نفسها كانت تحارب تجار المخدرات وسقط العديد من أبناء الشعب المكسيكي بشكل عشوائي، فنرجو أن تكفوا عن هذه الحملة الإعلامية ضد رئيسنا، لأننا نملك إعلام ليس كمثله شئ، قادر على أن يتهم رئيس المكسيك بأنه قد حصل على تمويل من الإخوان، وقادر على أن يتهم الشعب المكسيكي بأكمله بالانتماء لجماعة الإخوان الإرهابية ، فلا داعي أن نطلق عليكم وسائل إعلامنا لأننا لو فعلناها لأصابكم الشلل من قدرة إعلامنا على تحويلكم إلى جناة.
هل رأيتم الإعلامية إيمان الحصري وهي تقرأ على الهواء مباشرة خبرًا كاذبًا يقول "أعلن الرئيس المكسيكى أنه يتفهم جيدًا أسباب قتل المكيسيكين وأضاف متسائلًا: ما الذي جعلهم يذهبون إلى هناك؟ فنحن نمتلك صحراء فى المكسيك ولا نجد مبررًا لذهابهم هناك"؟ ودي أقل حاجة عندنا، فعليكم أن تتوقفوا عن تلك الحملة الإعلامية الشعواء لأننا نحارب الإرهاب، ومحاربة الإرهاب كما تعلمون تقتضي أن يتغاضى الجميع عن أخطائنا، وأن يعمل نفسه عبيط. ورغم هذه الحملة الشعواء كان الرئيس السيسي أجدع منكم جميعًا فقد تجاهل كل شيء وأرسل تهنئة رسمية للشعب المكسيكي بعيده القومي دون أن ينظر إلى تلك الخلافات البسيطة، فلا يمكن لـ 12 شخصًا قتلناهم أن يوقعوا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء.

علمنا أنكم حذرتم المكسيكيين من السياحة فى مصر، ونحن نؤكد لكم أنكم على حق، فنحن أيضًا ننصحكم بالابتعاد عن السياحة فى مصر، لأنكم لن تتحملوا عشوائيتنا وإرهاب المتطرفين، كما أننا لا نحب صداع الدماغ، ولا نريد أن تعترضوا كل يومين على قتل أبنائكم فى مصر، لذا نعتقد أن هذا القرار صحيح مائة بالمائة. نرجوا نشر هذه الرسالة فى شتى وسائل الإعلام المكسيكية.. والله الموفق والمستعان.

الدول لا تُبنى بإخفاء الناس

الاختفاء القسري (كارلوس لاتوف)


"ترددت كثيرًا قبل الكتابة ونصحني بعض الأصدقاء بعدم الكتابة، لكن بعد تفكير عميق وجدت أن الشخص الذي أخشى عليه من الكتابة لا يمكن أن يصيبه مكروه أكثر مما أصابه؛ أثناء فترة اختطافي فى إحدى مقرات أمن الدولة التى لا أعلم مكانها إلى هذه اللحظة لأني كنت معصوب العينين، قابلت حينها فتى يدعى "محمد عبدالحميد محمد" من محافظة الشرقية، هذا الفتى قد اختطف منذ فض اعتصام رابعة العدوية، ولم يتم عرضه للمحاكمة إلى الآن، ولا تعلم أسرته مكان احتجازه، ولا هو نفسه يعرف مكان احتجازه؛ صعقت من سؤاله عندما سألني عن التاريخ اليوم؛ ولم يسألني كم الساعة اﻵن كباقي البشر، وعندما أخبرته بأننا يوم 2 أغسطس 2015 سمعت صوت بكائه الشديد، ولم أستطع الحصول منه على أي معلومات سوى اسمه وعنوانه، برجاء احفظوا هذا الاسم جيدًا؛ محمد عبدالحميد محمد"
منقول بتصرف عن الشاب "مازن شريف" الذى اختطفته أمن الدولة فى احدى مقراتها بشكل غير قانونى، ولكن كتب الله لهذا الشاب النجاة ليخبرنا أن هناك حالات اختفاء قسري قد تخطت فترة اختفائها العامين وكى يعطي الأمل لأهالي من ظنوا أن أبنائهم المختفين قد قتلوا.


* جائتني رسالة عبر البريد الإلكتروني من شخص يستغيث بالكتابة من أجل إنقاذ أسرة كاملة، محتوى الرسالة يفيد بأن شقيقين من أسرة واحدة قد اختطفتهما قوات الأمن يوم 15 مارس الماضي من محل الملابس الذي يعملان به فى شارع الشواربى بوسط القاهرة، وهما "محمد البدري رمضان وخالد البدري رمضان"، واختطفت أيضًا أحد العمال بالمحل ويدعى "على حسب الله على"، وأن الجيران عندما سألوا الذين وضعوا الثلاثة فى سيارة ميكروباص عن هويتهم أخبروهم بأنهم جهة أمنية ولن يسمحوا لأي شخص بالتدخل وإلا أخذوه معهم، وإلى الآن لا نعلم أين مكانهم ولا نعلم هل ما زالوا على قيد الحياة أم لا؟! وإن كانوا على قيد الحياة فكل ما نريده هو محاكمتهم بشكل طبيعي أمام القضاء.
* استغاثت أسرة المواطن "محمد عبدالستار حافظ" الذى يعمل محاسبًا بأحد البنوك بمنظمة - هيومان رايتس ووتش - بعد اختطافه من قبل قوات الأمن يوم 12 أغسطس 2015 من الشارع، وأفادت الاستغاثة بأن قوات الأمن اقتحمت المنزل بعد اختطافه وحطمت محتوياته.
* أما "إسلام خليل" الذي كتبت عنه مرات عديدة، ولن أمل الكتابة عنه حتى يحين ميعاد ظهوره، فإسلام قد اختطف من منزله يوم 24 مايو 2015 وإلى لم يتم عرضه للتحقيق، ولا يعلم مكانه إلا الله وجهاز الداخلية، يذكر أن شقيقه الذي اختطف معه وكتب له النجاة كما كتبت لوالده الذي اختطف معهما، قدّم عشرات البلاغات للنائب العام، ولكن البلاغات لم يتم التحقيق فيها إلى الآن.
***
1 - حدثنا السيسي عن أهمية الدستور قائلًا: الدستور قد كتب بنوايا حسنة ولكن الدول لا تبنى بالنوايا الحسنة! وهنا يجب أن نتساءل هل تبنى الدول بالنوايا السيئة؟ هل تبنى باختطاف الناس من البيوت والشوارع وأماكن العمل ثم إخفائهم وتعذيبهم؟!
فالرجل يصرح بشكل واضح بأن هذا الدستور يجب أن "نبله" ونشرب ميته. فالدستور يمنع احتجاز الناس دون دليل ويمنع احتجازهم فى أماكن غير معلومة وغير مختصة للاحتجاز، وينص على أن المتهم يجب أن يتم التحقيق معه أمام النيابة خلال 24 ساعة. ولكن ما فائدة كل هذه الكلمات المعسولة مادامت حبر على ورق؟ وما دام من يحكم البلاد يرى أن الدستور قد كتب بالنوايا الحسنة وأن النوايا الحسنة لا تبنى الدول؟!


2 - بات من المعلوم أن أعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان -إلا من رحم ربي ممن اعترضوا على بيان المجلس- ليس إلا بوقًا من أبواق النظام الحالي، يدافع عنه، يبرر له انتهاكاته ضد المواطنين، فكم من شكاوى قدمها أهالي مختطفين ومعتقلين ومعذبين للقومى لحقوق الإنسان دون فائدة ودون نتيجة؟! وليس هناك دليل على عدم جدوى هذا المجلس أكثر من استغاثة أهالي أحد المختفين قسريًا بمنظمة هيومان رايتس ووتش وتجاهل ما يسمى بالمجلس القومي؛ فوجود المجلس القومي لا يفيد إلا النظام ولا يضرّ إلا المواطن الذي يتعرض للظلم والانتهاك فيطل علينا المجلس ببيان ينفي الانتهاكات بكل بساطة. كما أن القاضي محمد ناجي شحاتة قد رد على أحد المتهمين الذى اشتكى له من انتهاكات يتعرض لها داخل سجن العقرب قائلًا: "مش البتاع اللي اسمه القومي ده زاركم وقال مفيش حاجة؟!" كما نقل لنا المحامي الحقوقي مختار منير الذى كان حاضرًا فى جلسة المحاكمة.


3 - النيابة لا تحقق بشكل فوري إلا فى البلاغات المقدمة من أحد رموز النظام السابق أو الحالي ضد أى شخص تربطه علاقة بالثورة، ولكن إن تعرض أحد المواطنين للظلم كما أن تعرض إسلام خليل فلن يتحرك لها ساكن، بالإضافة إلى أن النيابة تشارك بشكل رسمي فى اختطاف الناس دون وجه حق. فماذا قدمت النيابة لإسراء الطويل التى تم اختطافها أكثر من 15 يومًا فى مكان غير معلوم سوى أنها دائمًا تأمر بحبسها بشكل مريب؟! فالنيابة لم تفكر حتى فى محاسبة المسئول عن اختطاف إسراء ورفيقاها عمر وصهيب؛ بل إنها لم تفكر فى العصا الذي تتوكأ عليه، ولم تفكر فى أنها قد تصاب بالشلل من جديد!


4 - هناك من تم احتجازه فى أماكن غير معلومة لفترة تجاوزت العامين، وهؤلاء من الراجح أنهم يتعرضون للتعذيب بشكل يومي وإلا فلما يخفونهم عن الأنظار؟! أما وجود شهادات صادقة وأدلة واضحة حول اختفاء المئات منذ عامين يجعلنا نفكر مائة مرة فى تصريحات وزارة الداخلية الكاذبة، والتي لا يقتضي العقل تصديقها، فدائمًا نجد أن الداخلية تنكر الاختطاف والتعذيب والتلفيق والبلطجة على خلق الله، ولكن بماذا يفيد الإنكار إذا كنا نحن من نتعرض للاختطاف والتعذيب والتلفيق والبلطجة؟!


5 -الاختفاء القسري ليس إلا أسلوبًا من أساليب صناعة إرهابي بدرجة امتياز، فماذا تنتظرون ممن لا أثر لهم؟! وممن يتعرضون للتعذيب بشكل ممنهج لفترات طويلة؟! هل تنتظرونهم علماء ذرة مثلًا؟! أم صناع قنابل بدائية الصنع من أجل الانتقام منكم ومنا؟!
***
كثيرون هم من يتساءلون عن جدوى الكتابة؟ وأنا منهم، ولكنى أؤمن بأن الكتابة لها جدوى، على الأقل من أجل هؤلاء المختفين قسريًا وغيرهم ممن يتعرضون للظلم، فالكتابة سلاح يفضح جرائم الحكام ويزعجهم، وعندما نبحث فى كتب التاريخ  نلاحظ أن أى ديكتاتور حاول تثبيت ديكتاتوريه فأول خطوة كان يخطوها هي الاستحواذ على وسائل الإعلام، حتى فى العصور الجاهلية كان الشعراء المقربون من الملوك يمدحونهم بشكل مبالغ من أجل التقرب منهم والحصول على هدايا الملوك. فلا تتركوا الكتابة للمنافقين. ولا تجعلوا الساحة فارغة لمن يرقص ويطبل ويطالب بتعليق المشانق للشعب وبذبح كل من له مطالب مشروعة.

مبروك.. أخوك فى السجن


حكاية محدود الدخل


كاريكاتير عمر عبد اللطيف


كعادته يستيقظ فى الثانية ظهرًا، لأنه لا يجد ما يفعله، ولأنه عديم الجدوى والدم والإحساس والمسؤولية كما تقول أمه، ولأنه صايع وفاشل و"ابن كلب" كما يقول أبيه.
ولأنه قاعد على قلبهم فى البيت وبتاع بنات كما تقول زوجة شقيقه التي تشعر بأنها خدامة من خلّفوه، تغسل له الملابس وتنظف له غرفته وتطبخ له السم الهارى كما يحلو لها أن تطلق عليه.
يفتح التلفاز الذي لا يوجد مثله فى أى مكان سوى فى هذا المنزل كما يقول جدَه لأنه أقدم تليفزيون فى المنطقة، ينظر إلى التلفزيون منبهرًا فتظن أمه أنه ينظر إلى ما يظهر من جسد المذيعة فتقول والدته "متنح فى المذيعة كده ليه يا موكوس؟!"
ولكنه لم يكن يتنح فى المذيعة بقدر تناحته بعد سماع هذا الخبر المبهج: 13 ألف وحدة سكنية لمحدودي الدخل فى الجيزة ضمن مشروع المليون شقة، وعلى راغبي التقدم للحصول على وحدة سكنية التوجه لأقرب فرع من فروع بنك الإسكان والتعمير.. ثم فيلم وثائقي مدته 7 ساعات عن أهم إنجازات السيسي التي لم يحققها أي حاكم فى التاريخ أو الجغرافيا.
يرتدي ملابسه بسرعة البرق متجاهلاً سباب أمه ودعائها له بالهداية أو دعائها عليه بالموت ليريحها من خلقته المتسخة. ويذهب إلى بنك الإسكان والتعمير ليقف فى طابور الحالمين من محدودى الدخل إلى أن يأتي دوره.
- لو سمحت أنا عايز أقدم على وحدة سكنية من المليون وحدة.
ينظر له الموظف محاولًا تحديد إذا كان هذا الشاب ساخرًا من حكاية المليون وحدة سكنية أم جادًا؟! فإن كان ساخرًا سيتصل بالداخلية التي بدورها ستتهمه بالانتماء إلى جماعة محظورة ليعلموه الأدب وإن كان جادًا سيقوم هو بتعليمه الأدب.
= إنت محدود الدخل؟
- محدود دخل إيه؟! دا أنا معنديش دخل أصلًا.
= كويس، يبقى هتجيبلنا شهادة تأمين وتجيبلنا مفردات المرتب اللى مينفعش يقل عن 1200 جنيه من المكان اللي شغال فيه.
- لأ ما هو أنا مش شغال فى مكان ولا عندي شهادة تأمين.
= قصدك أعمال حرة؟ يبقى هتجيب شهادة من محاسب القانوني تثبت إن دخلك فى المشروع اللى انت عامله لا يتخطى 2250 جنيه، وتأمن على نفسك.
- ما هو أنا معنديش مشروع برده.
= أمال إنت جاى تقدم على شقة إزاى؟!
- أصل عقبال عندك الحاج والدي هيدفع لي عشان يخلص مني. وبعدين انتوا مش قلتوا لمحدودي الدخل؟! أنا محدود الدخل.
= احنا قلنا محدودي الدخل مش معدومي الدخل يا أستاذ. اللى بعده.
يعود إلى المنزل من جديد ليستمع إلى صراخ أمه ولعنات زوجة أخيه وشخرات أبيه التي يصدرها أثناء نومه أو أثناء اعتراضه، ويواصل مشاهدة التلفاز.
اتبرع لمستشفى
اتبرع لمدرسة
اتبرع لحضانة
لو عندك دم اتبرع بيه
لو عندك كِلية زيادة هاتها
تبرعوا لشراء تكييف


وعندما يظهر عمرو دياب على الشاشة يبتهج لرؤيته لأنه سيغير من هذه الأجواء بأغانيه التي لا تتخطى دقيقة ونصف. فيظهر عمرو وهو يشد عضلة الذراع الخلفية قدر الإمكان حتى تظهر ضخامتها ويقول أنا قررت أعيش فى بورتو أكتوبر، انت كمان لازم تعيش فى بورتو اكتوبر. ثم ينظر عمرو للكاميرا ويختفي.
فيغلق صاحبنا التلفاز ويسب ويلعن فى الإعلانات، والفنانين والفنانات الأحياء منهم والأموات. وأثناء النظر إلى عضلات جسده للمقارنة بينها وبين عضلات عمرو دياب سمع أصوات زغاريد فى الشارع ففتح شباك المنزل الذي لا يحتاج إلى فتحه لأن به ثقبًا أكبر من ثقب الأوزون وسأل أحد المارة عن سبب تلك الأفراح والزغاريد فأخبره بأن 5 أشقاء فى المنزل المجاور قد وقعت عليهم القرعة للحصول على الوحدات السكنية، فيرد مغتاظًا: دى لو عمارة وقعت مش هتقع على الـ 5 اخوات مع بعض.
فيظهر أحد مؤيدي السيسي معترضًا شاتمًا محذرًا صارخًا فى وجهه: إييييه انت هتعترض على قضاء ربونا يا أخي؟ أكبر دليل على الشفافية والدبلوماسية المتفصلة بالمقاس إن 5 إخوات تقع عليهم القرعة ولا إنت عندك رأي تاني أوصله لرئيس المباحث؟!
يغلق محدود الدخل الشباك الذى لا يُغلق أبدًا نظرًا لثقب الأوزون الذى يقع فى منتصف الشباك، ثم يفتح جهاز الكمبيوتر محاولًا البحث عن أي شئ يجعله ينسى موضوع الوحدة السكنية والوحدة العاطفية، فيكتب كلمة "الزعيم" باحثًا عن مسرحية عادل إمام الشهيرة. فيظهر فى مؤشر البحث:
الزعيم: هتدفعوا يعنى هتدفعوا.
الزعيم: أنا عايز أديك بس معييش.
الزعيم: إحنا محتاجين كل يوم 100 مليار فى صندوق تحيا مصر ودول ملهومش دعوة بالمشاريع.
الزعيم: مصر أم الدنيا، وهتبقى أد الدنيا.
الزعيم: وطن يعنى حضن.
الزعيم: مصر تستضيف أكثر من 5 مليون لاجىء سوري وتعاملهم مثل المصريين.
وأخيرًا: شاهد مسرحية الزعيم للفنان القدير عادل إمام من هنا.
يفتح فيس بوك فيجد رسالة من صديقه: افرح يا ابن المحظوظة المدير وافق انك تشتغل فى المطعم عامل أمن بـ 1200 جنيه هتنزل من بكرة.
يظن بأنها فرجت ولكنها لا تُفرجُ، وبعدما تمكن من العمل أخيرًا قرر البحث عن وحدة سكنية بعيدًا عن وزارة الإسكان لأنه لا يملك شهادة تأمين.
وأثناء أداء عمله فى حراسة المطعم كان يتصفح الجرنال ويقرأ: عرض محدود للغاية شقة 90 متر بالقرب من كوكب بلوتو بأرخص سعر فى السوق، ادفع 50 ألف جنيه مقدم وادفع باقى الـ 600 ألف جنيه بالتقسيط المريح فى 12 شهر.
وهنا قرر أن يمحو كلمة شقة تمليك من ذاكرته، وأن يمحو كلمة تمليك نفسها، واتخذ قرارًا بالبحث عن شقة إيجار، خاصة أن مرتبه قد وصل إلى ما لم يحلم به من قبل، 1200 جنيه.
ينظر إلى مجموعة من العمارات الجديدة ويختار واحدة من بينها فيخبر البواب بأنه يريد إيجار شقة، فيرحب به البواب مؤكدًا أنه قد اختار المكان المناسب وأنه لن يجد شقة إيجار أرخص من هنا، فيبتسم صاحبنا ابتسامة رضا ويخبر البواب بأنه يريد أصغر شقة، وبالفعل يصعدان معًا إلى شقة مساحتها 70 متر ثم يخبره البواب أن إيجارها 1500 جنيه.
فينبهر صاحبنا كما لم ينبهر من قبل ويقول: ياااااه 1500 فى السنة؟! والله يا بلاش.
ثم يبدأ البواب ورفاقه من البوابين بمطاردة صاحبنا فى الشوارع لأنه أضاع وقت البواب على الفاضي.
عاد محدود الدخل إلى المنزل بملابس الأمن فوجد أمه تبتسم فى وجهه على غير عادتها، وتدعو له، ثم طلبت منه 500 جنيه بس عشان مزنوقين.
جلس يتحدث مع نفسه:
المرتب 1200 جنيه. نخصم منه 1500 ايجار + 400 جنيه كهربا ونت ومياة وغاز ونظافة + 90 جنيه رصيد للتليفون. تصدق المرتب هيقضي ويزيد!
ثم كتب على موقع فيس بوك: قررت أن أتخذ القرار الوحيد الصحيح فى حياتى.
ولف حبل الغسيل حول عنقه وربطه بالمروحة، ولكن المروحة سقطت على رأسه، ففشل فى الحصول على ذلك السكن المجاني الذي يسمى القبر.
وعندما رأى شقيقه ما كتبه عبر موقع فيس بوك، كتب له تعليق: هل تعتقد أن تدمير المروحة اللي حيلتنا قرار صحيح؟! حسبى الله ونعم الوكيل فيك يا أخي.

براء وياسين وإسلام



ياسين
كنا معًا خلف جدران زنزانة واحدة، اقتسمنا القهوة، وتحدثنا عن الثورة والحب والتاريخ، كان يقرأ ما أكتبه وكنت أقرأ ما يكتبه، كنا نغني فى الحزن قبل الفرح، ولكننا افترقنا دون قصد، أطلقوا سراحي وحكموا عليه بالسجن 5 سنوات ثم 3 سنوات و4 مراقبة.
عن "ياسين صبرى" أكتب.
قررت أن أتقمص دور الزائر مع أنني مازلت أشعر بالاعتقال، وقررت زيارة ياسين بسجن وادي النطرون، فاستيقظت فى السادسة صباحًا، وقابلت شقيقه ووالدته فى الثامنة ونصف تقريبًا، وصلنا إلى سجن وادى النطرون فى التاسعة ونصف، وانتظرنا خارج أسوار السجن نحو 7 ساعات، فى أماكن غير آدمية، لا أعلم إن كان حافظ أبو سعدة قد رآها أم لا، وحتى لو رآها فما الذي يمكن أن يفعله، جلسنا 6 ساعات فى الصحراء فى مكان صغير جدًا وهو المكان الوحيد الذي يمكن أن تحتمي به من الشمس، إذا نظرت له من بعيد ستعتقد أن الأجساد قد ارتصت بعضها فوق بعض حتى تظن أنها جسد واحد، المقاعد قليلة جدًا والسيدات جالسات على الأرض، والزبالة منتشرة فى كل مكان حتى أنني رأيتها فى هيئة أمناء شرطة يتحرشون بالأهالي، لا أدري كيف لم يقترح السيد حافظ أبو سعدة توسيع هذا المكان والاستغناء عن جزء صغير من الصحراء حتى يتسع لكل هذا العدد.
أثناء تفتيشنا كان معي بعض الكتب التى يحبها ياسين، ولكن ضابط المباحث سألني عن تهمة ياسين قبل دخول الكتب، فقلت أنه متهم بالتظاهر، فقال: تظاهر يبقى ممنوع الكتب! حاولنا أن ندخل مجلات ميكي، فقال ولا ميكى ولا بيكي. نظرت له ولسان حالي يقول: فاشلون حتى فى خفة الظل.
من الأشياء الخطرة على الأمن القومي، الشوكولاتة والخبز والعلاج والخضروات والفاكهة والمعلبات بجميع أنواعها، لذا لا يسمح بدخولها للمعتقلين. وهذا نظام تطبقه كل السجون، وأى حافظ أبوسعدة يوهمك بغير هذا فهو كذاب.
رأيت ياسين واحتضنته كما لم أحتضنه من قبل. بللت دموعي كتفه ولكني كنت أضحك من قلبي، شعرت بأن الشيخ إمام يغني لي فى نفس الوقت:
"أنا رحت القلعة وشفت ياسين
حواليه العسكر  والزنازين
والشوم والبوم وكلاب الروم
ياخسارة يا أزهار البساتين
عيطى يا بهية على القوانين"


كنت ألاحظ نظرات أمه التي لم تنظر لغيره طوال الـ 20 دقيقة - وقت الزيارة الحقيقي والذي يجب أن يكون ساعة حسب لوائح السجون - كانت تحاول أن تشبع منه، ولكنها لم تنجح فى ذلك. كانت تقول له أنه اقترب على إتمام العامين فى السجن وأنه ربما يخرج قبل ثلثي المدة أو يحصل على عفو فى العيد، كانت تتعلق بالأمل، ولكن الأمل فى بلادي قد تحول إلى ألم.
بعد انتهاء الزيارة جلسنا خارج أسوار الزيارة حوالى ساعتين ونصف، ولا أعلم السبب سوى أنه يجب أن ننتظر حتى يأتي ضابط المباحث.
إسلام
شعرت بالتعب المميت بعد زيارة ياسين وتساءلت كيف حال أمه؟ وكيف حال أمهات آلاف المعتقلين؟! ولكني حمدت الله أنه موجود وأن أهله يستطيعون زيارته، للأسف وصل بنا الحال أن نحمد الله على أننا نستطيع رؤية أحبابنا مرة كل 15 يومًا.
وتذكرت وقتها "إسلام خليل" الذي اعتقلته قوات الأمن من منزله واعتقلت أيضا شقيقه ووالده يوم 24- 5-2015 الماضي، واحتجزتهم فى أماكن غير معلومة ثم أطلقت سراح شقيقه ووالده بعدما تعرضا للتعذيب، ولكن إسلام لم يعد إلى الآن، ولا يعلم مكانه إلا الله وأمن الدولة!
107  أيام احتجاز فى مكان غير معلوم مع أن المادة 54 من الدستور تنص على أنه يجب أن يبلّغ فورًا كل من تقيد حريته بأسباب ذلك، ويحاط بحقوقه كتابة، ويمكن من الاتصال بذويه وبمحاميه فورًا، وأن يقدم إلى سلطة التحقيق خلال 24 ساعة من وقت تقييد حريته.
تلك المادة كتبت فى دستورهم، ولكن حالة إسلام خليل قد محت هذه المادة من الدستور وحولتها إلى: يجب ألا يعلم كل من تقيد حريته بأسباب ذلك، ويجب تعذيبه على الوجه الصحيح، ولا يمكن لذويه أو محاميه معرفة مكانه، ولا داعى أن يقدم إلى سلطة التحقيق لأن أمن الدولة ستقوم بالواجب!
107 أيام اعتقال فى مكان معلوم شيء مؤلم ومريب، فكيف لمن تم إخفاؤه فى مكان غير معلوم كل هذه الفترة؟!
تساؤلات كثيرة تجول بخاطر كل من يتابع قضية إسلام:
هل تعرض للتعذيب بشكل بشع مما اضطر الداخلية ألا تفصح عن مكان احتجازه خوفًا من الفضيحة التى قد يتسبب فيها؟! أم أنه ما زال يتعذب؟! هل قتلوه كما قتلوا إسلام عطيتو؟!
كلها تساؤلات مطروحة، وللأسف الشيء الوحيد المؤكد أن إسلام قد تعرض للتعذيب، فلا يمكن إخفاؤه كل هذه الفترة دون أن يتعرض للتعذيب.
ولا أدرى كيف لم ينظر المجلس الذي يطلق عليه "القومي لحقوق الإنسان" لإسلام خليل، وكيف لم يتساءل عنه وعن مئات الحالات المتشابهة لحالته. قبل أن ينفى وجود تعذيب؟!
براء
بعد انتهاء زيارة ياسين وأمام البوابة الخارجية استلمت هاتفى، وفتحته، وأول ما رأيت كان خبرًا بعنوان "وفاة الكاتب براء أشرف".. كنت أظنه مقالًا ساخرًا كتبه بنفسه، ربما يقصد به اعتزال الكتابة بعدما صارت بلا جدوى، ولكنه لم يكن كذلك، لم يكن براء أشرف ساخرًا كعادته، كان جادًا، مات وهو فى الثلاثين من عمره، وعلى المستوى الشخصي علمني درسًا لن أنساه أبدًا، وهو أننا سنموت قريبًا جدًا، مهما طال العمر فقد اقترب ميعاد الرحيل.
لا يمكن الفرار من الرحيل مهما ازدادت حاشيتك ومهما كثر عدد أنصارك، ومهما كبر موكبك وتضخم، كما أن كثرة الأموال لا تطيل العمر دقيقة واحدة، سنموت قريبًا، ولا يمكننا اختيار ميعاد الموت، ولكن يمكننا أن نموت كما نريد، منا من سيموت بعدما نافق الحكام ومنا من سيموت وقد نطق بالحق فى وجوههم وقال لهم أنتم ظالمون.
منا من سيموت صامتًا، ومنا من سيموت شامتًا أو ظالمًا، أما أنا فقد قررت أن أموت كما مات براء أشرف، لا أعلم متى أموت ولكن أظن أنني لن أنافق، ربما أخطأ أو أفشل ولكنى لن أنافق، وأثق فى أننى لن أصير دندراوي الهواري يومًا، لن أكون أحمد موسى، أو حافظ أبوسعدة، سأحاول أن أكون براء أشرف، فالحياة ليست طويلة بتلك الدرجة التي تجعلنا نخشى قول الحق.
رحم الله البراء أشرف. وأعاد لنا إسلام وياسين وأمثالهم.