سوشيال ميديا |
فاجأنا السيسي كعادته بحل للمشاكل التي تراكمت على البلاد، فركب الحنطور، وتجول في شوارع أسوان، ليصافح رجال الأمن والمخبرين باعتبار أنهم مواطنين.
الحل لدى السيسي بسيط للغاية، ومن يضع الخطط عبقري ويستحق أن يكون مخرجًا للأفلام القديمة، الخطة واحدة لا تتغير، كلما ازداد الفشل كلما ركب الرئيس أي شئ، دراجة، طائرة، سفينة، حنطور؛ وقريبًا توكتوك.
يحاول السيسي محاولات يائسة في إثبات مدى اهتمامه بالشباب، لذا يجتمع شهريًا بنفس الشباب الذين اختارتهم الأجهزة الأمنية بعناية فائقة، ولا يختلف كل اجتماع عن الذي قبله إلا في المكان وملابس الحضور!
فاجأنا السيسي كعادته بحل للمشاكل التي تراكمت على البلاد، فركب الحنطور، وتجول في شوارع أسوان، ليصافح رجال الأمن والمخبرين باعتبار أنهم مواطنين!
هل تذكرون هذا الشاب الجريء الذي قال للسيسي أنه لم ينتخبه وانتخب حمدين صباحي؟ إنه شاب دائم الحضور في مؤتمرات الشباب، وستجدونه في الحكومة يومًا ما، لو استمر الوضع كما هو عليه، لأنه يؤدي دوره ببراعة (أنا انتخبت حمدين ومع ذلك مسموح لي بالوجود في مؤتمر للرئيس) صوت تصفيق حاد في الخلفية!
رغم أن السيسي كان جالسًا بين من اختارتهم الأجهزة الأمنية بعناية، ورغم أن الرسالة التي كان يريد إيصالها للرأي العام، أنه واحد من الناس، ورغم أن الهدف من مشاهدة المباراة هو أن يقول الناس من غير أصحاب العقول "انظروا إنه يجلس وسطهم عادي ليشاهد مبارة مصر وغانا عادي؛ بارك الله في تواضعه؛ أخذ الله من عمرنا وأعطاه حتى يظل متبسمًا هكذا" ولا يعلم كيف تشكلت هذه العقول إلا الله، وقوات الأمن. فهناك أشخاص يعتقدون أن الرئيس يجب أن يطير وإن لم يفعل فهو متواضع وسبحان الله!
ومن ينبهرون بأنه يشاهد مباراة كرة قدم مثل باقي الخلق، لن يلتفتوا بالطبع إلى أن الصف الثاني كان من رجال الأمن، وأن القهوجي من رجال الأمن، وربما التلفاز نفسه مخبرًا في جهاز الأمن الوطني، وأن من كان بجوار السيسي يمينًا ويسارًا ليس بني أدم، ولكن الرجل فضّل الجلوس بجوار ترابيزة على اليمين، وأخرى على اليسار، وواحدة أمامه، حتى لا يختلط بشباب الأمن المختارين بعناية.
ويبقى لأصحاب العقول السليمة (فقط) أن يسألوا بعد أن شاهد السيسي المباراة، وبعد أن ركب الحنطور: يعمل ايه الحنطور في وطن ضايع؟
***
"الهدف من لقائنا كل شهر مواجهة أهل الشر".
لم تكن هذه المقولة مكتوبة على توكتوك في حي السيدة، أو ميكروباص على خط بولاق الدكرور، لكنها مقولة قالها السيسي في حواره الذي تنقله صحافة العالم، فتجعلنا مسخرة الأمم، بل وأكد عليها أدمن الصفحة الرسمية للسيسي على "فيسبوك" وأعاد كتابتها ولحقها بهاشتاج #ابدع_انطلق.
بعيدًا عن انعدام الإبداع لدى النظام بكل أركانه؛ من هم أهل الشر الذين يذكرهم السيسي في كل خطاباته وجعلهم شماعة لفشل نظامه في إدارة البلاد؟!
السيسي يؤمن إيمانًا كاملًا بأن كل يعارضه يعد من أهل الشهر، ظهر هذا المعتقد بشكل جيد عندما حاول أحد الشباب التحدث فأمره السيسي بالصمت وأن يسمع كلامه فقط. إنه يؤمن أنه إيمانًا راسخًا بأنه المخلّص والمنقذ، حتى لو كان لا يعلم ماذا سيفعل في الغد.
السيسي يؤمن أن كل من كتب كلمة ناقدة وكل من شارك في ثورة يناير هم أهل الشر، ولعل قائمة الإرهاب التي تم الإعلان عنها تدل على ذلك، فقد تضمنت القائمة أسماء صحفيين ومعارضين وشباب ثورة لم يكونوا يومًا مع استخدام العنف، فبعيدًا عن أن القائمة تضمنت اللاعب الدولي محمد أبو تريكة، الذي لو ترشح لانتخابات الرئاسة لانتخبته الجماهير حتى لو كان لا دراية له بأمور الحكم، فقد تضمنت القائمة شباب ثورة يشهد التاريخ لهم بالنقاء ووضع الحلول السياسية للخروج من الأزمات، ولم يكونوا يومًا مع العنف، فوجنا إسلام لطفي أحد مؤسسي حزب التيار المصري وعضو ائتلاف شباب الثورة، كما تضمنت القائمة محمد القصاص وأحمد عبد الجواد من أعضاء حزب مصر القوية. وتضمنت السجين السياسي هشام جعفر، الصحفي والباحث والأكاديمي، ولعله من العبث أن يتهم هذا الرجل بتهمة الإرهاب، فجعفر قد عمل على إدارة حوار بين ما يزيد عن 10 أحزاب مصرية وشخصيات عامة تضم كل الاتجاهات والخلفيات السياسية، سواء المعارضة أو المقربة من السلطة، للخروج من ازمة الاستقطاب التي سيطرت على البلاد، والأغرب من كل هذا أن الرجل مسجون بسبب وثيقة قدمها للحكومة من أجل تقوية المسار الديمقراطي وتوسعة المجال السياسي.
فهؤلاء مثال لأهل الشر الذين يتحدث عنهم السيسي! ونحن لا ندري عن أي شر يتحدث، وقد تحالف نظامه مع قوى الشر الحقيقية، فزيارة وزير الخارجية سامح شكري لإسرائيل ولقائه برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وسفره لإسرائيل من أجل العزاء في شيمون بيريز، ليس إلا دعمًا لقوى الشر!
إن قوى الشر هي التي تساعد على الاستيطان، ولعل حكومة السيسي عندما سحبت مشروع قرار قدمته إلى مجلس الأمن الدولي لإدانة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كانت تنوي شرًا وتستحق اللقب الذي يصر على ترديده في خطاباته "قوى الشر".
***
يتراجع السيسي عن وعوده الوهمية بأن مصر ستصير جنة في عهده، ونار في عهد من سواه، ويقول "كل اللي أقدر أقدمه للمصريين إخلاص وأمانة وشرف وبس"
وهكذا انتهى بنا الحال، من مصر هتبقى أد الدنيا وستحيا 3 مرات، إلى أنه لن يستطيع أن يقدم شيئًا سوى إخلاص وأمانة وشرف. إخلاص في القضاء على الطبقة الوسطى، أمانة في عدم الوفاء بالوعود، شرف الكلمة التي قالها لملك السعودية بأنه سيسلمه تيران وصنافير مهما كانت أحكام القضاء.
***
أكد السيسي على أن الشباب يمثلون أكثر من 60% من سكان مصر وأنهم من يصنعون المستقبل.. لكن ماذا بعد التأكيد؟
بعد انتهاء السيسي من هذه الكلمات غير البراقة والمعتادة، وقبل آذان الفجر اقتحمت قوات الأمن منازل بعض شباب الألتراس ودمرت محتويات منازلهم وقبضت على من تواجد في المنزل؛ لماذا؟ لا شئ سوى أن قوات الأمن تخشى من أن محاولات ألتراس أهلاوي إحياء ذكرى مذبحة بورسعيد في 1 فبراير المقبل. فكل شئ في هذا الوطن قد صار تحسبًا ليس إلا. "اعتقال 16 شابًا تحسبًا لإحياء ذكرى 25 يناير، اقتحام منازل نشطاء تحسبًا لإحياء ذكرى محمد محمود، تصفية قيادات إخوانية تحسبًا لاحياء ذكرى رابعة".
يعلم السيسي أن الشباب هو المستقبل، لكنه ما زال يصر على محوه من الوجود وعلى أن تكون فئة كبيرة منهم قابعة بين جدران السجون فقد وصلت أعداد المعتقلين السياسيين نحو 60 ألف سجين سياسي أغلبهم من الشباب حسب تقدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.
يحاول السيسي محاولات يائسة في إثبات مدى اهتمامه بالشباب، لذا يجتمع شهريًا بنفس الشباب الذين اختارتهم الأجهزة الأمنية بعناية فائقة، ولا يختلف كل اجتماع عن الذي قبله إلا في المكان وملابس الحضور!
***
عاتب السيسي أهل الشر قائلًا "قطاع السياحة لو مستقر كان يكفي مصر، ومكناش هنحتاج من الدولة تقوم تعمل حاجة، لإن المستثمرين كانوا هيعملوا كل حاجة"
وكأن الدولة الآن تقوم بكل حاجة كما ينبغي أن تفعل، وكأن قوى الشر الوهمية هي السبب في اضمحلال السياحة. وكأننا لو أقسمنا للرجل بأن الدولة هي السبب الأكبر بل والرئيسي في فشل السياحة لن يصدق؛ فهل يظن أن الإيطاليين سيموتون في غرام مصر ونيلها بعد تعذيب ريجيني ومقتله؟ وأن الروس سيتوافدون على مطار القاهرة بعد تفجير طائرة روسية لهم في سماء مصر، وأن المكسيكون يتمنون قضاء عطلة سعيدة في مصر بعد أن اخترق رصاص الأمن أجساد أبنائهم في مصر بشكل عشوائي للاشتباه فيهم؟ وأن قمع مظاهرات سلمية كالتظاهرات التي نظمتها القوى المدنية اعتراضًا على بيع تيران وصنافير سيعطي انطباعًا جيدًا لدى السياح عن مصر؟!
لم يعد من المعقول أن يدعي دعاة الاستقرار في القاع، أن السبب في تراجع السياحة هي ثورة يناير أو المظاهرات فقد تراجعت الثورة إلى الخلف، وتوقفت التظاهرات وسُجن الثوار، وتمكنت الدولة من نشر الخوف في كل ركن في البلاد، ولكن السياحة تراجعت أكثر، حتى أن آخر تقرير صادر عن وزارة السياحه، أظهر وصول خسائر القطاع نحو 70%. فأسطورة أن الثورة هي السبب في أي خراب باطلة.
وللحديث بقية..