كيف تصبح صحفيًا في دولة عربية؟





مدونات الجزيرة

فيما مضى، كنا نعمل في جريدة واحدة، لكنه اتخذ طريقًا، واتخذت أنا طريقًا آخر. هو يظهر في القنوات الإع.. لامية التابعة للأمن، وينشر صوره مع مسؤول فاسد، ورجل أعمال حرامي، ووزير أَبْلَه؛ وأنا أكتب في مواقع إلكترونية حجبها الأمن، وأنشر صورًا لصحفيين مُعتقلين وسجناء رأي وصورًا أخرى لنفس الوزير الأَبْلَه وهو يرتكب جريمة في حق شعبه. صار زميلي يعيش في وادٍ غير الذي نعيش فيه، يرى إنجازات لا تُرى بالعين المجردة، ويكتب كلمات تجعل القلم الذي يكتب به ينفجر في وجهه من فرط الكذب. قابلته في الشارع صُدفة، وكنا منذ سنوات لم نلتق. احتضنني بود مصطنع، ثم ظهرت أسفل عينيه رعشة تظهر على وجه الكاذب حين يكذب؛ ابتسمت بهدوء.

"سلامات، واحشني، أخبارك". هكذا قال. أخبرته أني بخير، وبدون مقدمات قال: "يقولون أنني "أُطبّل" نظرت له متعجبًا، فلم أسأله عن تطبيل أو رقص، ولا كان في نيتي أن أتحدث معه في هذا الشأن؛ سألته: من يقول هذا؟!

- زملائنا القدامى يقولون أنني أطبل وأنافق؛ وأنا أعترف بهذا ولن أكذب عليك، بالتأكيد رأيت ما أكتبه بنفسك وتعلم أنني أطبل، أخبرني بالله عليك؛ أطبل وأحافظ على عملي، أم أعارض وأُسجن مثلك!

إذا كنت تعيش في أي دولة عربية من المحيط إلى الخليج، وتريد أن تصير صحفيًا له شأن عند السلطة الحاكمة؛ كزميلي الذي أخبرتك عنه، فهذه مسألة بسيطة، اتبع الآتي:

- يقول محمد الماغوط رحمه الله "في ظروف الطغيان، ليست البطولة أن تجلس على ظهور الدبابات، بل أن تقف أمامها". فماذا تنتظر الآن؟ اجلس فوق ظهور الدبابات فورًا وأخرج لسانك للجميع، أنت لا تريد أن تكون بطلًا، لا تريد إلا أن تكون صحفيًا تابعًا لجهة أمنية؛ كيف يحدث هذا؟! يقولون أن "الصحافة هي السلطة الرابعة" ولكنها قد تصبح السلطة الثانية بعد سلطة الأمن عندما تركب الدبابة وتصبح مُخبرًا لدى الأمن؛ لذا عليك أن تُبلّغ الأمن عن زملائك، وقل لهم أن زميلك الفلاني يعارض النظام، ويناصر الفقراء، ويؤمن بالقضية الفلسطينية. اجلس على رأس مدفع الدبابة واعتلي القمة، واستمتع، يحدث هذا لو كان معك تسجيلًا صوتيًا أو فيديو أو صورة لإثبات ما تقوله للأمن على زملاؤك. وهذه أسهل درجات الوصول إلى الأعلى المدفع حيث الاستمتاع، ربما بعدها تجد نفسك رئيسًا لتحرير مجلة أمنية كبيرة، أو تقود مجموعة من اللجان الإلكترونية لتشارك في تشويه صورة المعارضين.
- المصداقية أساس من أساسيات العمل في الصحافة، وغياب أي تفصيل مهم في الخبر، أو إلغاؤه يؤدي إلى عدم نقله بصورة صحيحة للناس ممّا يؤدي إلى نشر أخبار غير دقيقة. لذا فعليك ألا تلتزم بالمصداقية أبدًا، مصداقية الصحفي في أي بلد عربي من المحيط إلى الخليج تجعله يمضي في الطريق الصحيح والمختصر، ولكنه الطريق إلى السجن. إياك أن تكتب خبرًا صادقًا عن الحكومة أو الرئيس، لأنهم لا يفعلون شيئًا حسنًا يستحق الذكر؛ اعتاد الكذب وتدرب عليه جيدًا حتى يصدقك الناس، اكتب وتكلم وتنفس كذبًا، حتى لو أدى ذلك إلى أن تكذب على نفسك.

- علمونا في الصحافة أن علينا التأكد من مصادر الأخبار قبل نشرها، لكن ما تريده هنا حتى تصل إلى صفوة الصحفيين السلطويين، غير المغضوب عليهم، الضّالين، هو التأكد من أن الخبر الذي نشرته أو المقال الذي كتبته لن يُغضب الرئيس، الحكومات العربية الديكتاتورية لا تسامح من يخطئ ولا تنسى، ولو حدث هذا ربما تشاهد مقطعًا مصورًا لك وأنت تمارس الحب، على نفس القناة التي تعمل بها، ينشره زميلك في نفس مهنة التعريض.

- تُعد الموضوعية في الصحافة من إحدى الأساسيات المهمة في العمل الصحفي، وتُعرّف بأنها طرح الحقائق، ونقاش المواضيع دون التأثر بالآراء والأفكار الشخصية، لكن هذا التعريف لا يُعمل به في البلاد العربية، فحاول أن تغلقه ولا تفتحه مرة أخرى. هنا، عليك ألّا تكون موضوعيًا أبدًا، الموضوعية تُستخدم في أغراض أخرى غير الصحافة، قد تكون موضوعيًا في أمور فنية، أو رياضية؛ أما السياسية، فهذه مسألة أخرى. إذا رأيت الأسعار ترتفع إلى حد السماء ويرتفع معها المواطن، فاكتب 20 فائدة لارتفاع الأسعار وقل أنها خطوة تصب في مصلحة المواطن، وإذا وبّخ الرئيس شعبه، فساعده في التوبيخ ووبخ الشعب أكثر واكتب عن تاريخ الشعب الذي أثبته أنه لا يمشي إلا بالكرباج والعصا. اكتب عن أهمية التطبيع مع إسرائيل، واتهم كل من لا يعترف بدولة الاحتلال الإسرائيلي بالخيانة، وقُل على المقاومة الفلسطينية "إرهابية" حتى لو كانت هي المقاومة الوحيدة الصحيحة في البلاد العربية.

- أخبرني أحد الأساتذة أن الثقة في النفس تصنع صحفيًا ناجحًا، لكن ما لم يخبرني به، أن الثقة في النفس لا تقود الصحفي إلى الرفاهية والأجر العادل ولا تؤمن مستقبله، لكنها تقوده إلى المُعتقلات وتؤمّن له زنزانته الانفرادية. لذا عليك ألّا تثق في نفسك كثيرًا، ثق في الأمن، في الرئيس، في رجال المخابرات، في رجال القضاء، في رجال النيابة، في رجال الحزب الحاكم، في الملوك، في الأمراء، في كل خطوة تخطوها الحكومة حتى لو كانت خطوة في الوحل، لو رأيت الرئيس يقود مركبًا تغرق؛ فاكتب تحليلًا معمقًا عن اكتشاف الرئيس عن سر لم يكتشفه العالم من قبل، وهو أن السفينة عندما تغطس في المياه تُضاعف سرعتها 10 أضعاف، ولا تنسى أن تقفز من المركب وقت غرقها.

أزهى عصور البطيخ

مصدر الصورة : owni
مصر العربية

لم يكن والده، رحمه الله، يعلم أن ابنه الوحيد عندما يصير صحفيًا، سيضطر إلى بيع البطيخ بعد الظهر، كي يتغلب على مصاعب الحياة، وكي يقاوم أعراض المرض المنتشر في الصحافة والمعروف باسم "كردوسي"، لذلك شجعه على أن يعمل في الصحافة، اعتقادًا منه بأنه سيعمل في قناة صدى الفضاء مع إعلامي شهير كان يعمل سابقًا أمين شرطة.

كان يخرج من الجريدة يوميًا ويذهب إلى مكان ما، بعيدًا عن الجريدة والبيت ليبيع البطيخ، ولم يُخبر أحدًا من أَصْدِقاؤُه بهذا السرّ، لأنه لو علم أَصْدِقاؤُه قد يصل الخبر إلى زملائه الصحفيين، وإذا وصل الخبر إلى زملائه الصحفيين قد يصل إلى مدير الجريدة، وإذا وصل إلى مدير الجريدة قد يصل إلى النقابة، وإذا وصل إلى النقابة سيصل إلى رئيس النقابة، وهنا يستدعي الأمر وقفة رجل واحد، ستجتمع لجنة من كبار النقابة للدفاع عن شرف المهنة، وتناقش موضوع البطيخ: كيف يمكن لأحد من يعمل في الصحافة أن يبيع بطيخًا بعد الظهر؟!

فيطرح أحدهم رأيه: "أعتقد أنه لو كان يبيع البطيخ بعد العصر، لكان أمرًا عاديًا".

فيعترض آخر ويقول: "أنسب وقت لبيع البطيخ، بعد المغرب، حتى تكون الشمس غربت".

وفي مخيلتي أن أحدهم سيظن أن لجنة من النقابة قد انعقدت خصيصًا لتساعد بائع البطيخ الصحفي على أن يتخطى صعوبات الحياة ويقاوم مرض الكردوسي المنتشر، ولكن الواقع أن اللجنة ستفصله من النقابة؛ لأنه لا يُسمح للصحفي بأن يعمل في أي شيء لا علاقة له بالصحافة.

وفي ليلة قالت له أمه بحسرة شديدة:
- الحمد لله أن والدك مات كي لا يراك يومًا تبيع البطيخ، ثم ماذا نقول لتُجّار الحشيش الكبار عندما يعلمون أن ابن صاحبهم يتاجر في البطيخ؟! إن تجارة الحشيش من المحيط إلى الخليج هي التجارة الأكثر ربحًا، ثم أريد أن أسألك سؤالًا يا ولدي، لماذا تبيع البطيخ بالذات ومن أين جاءتك الفكرة؟!
أبيك كان يبيع الحشيش
عمك يبيع الترامادول
عمتك تبيع الدولار
خالك يبيع الكلام
خالتك تبيع السكوت
جدك يبيع نفسه
جدتك تبيع جدك
فلماذا تبيع البطيخ؟!
- لأننا في أزهى عصور البطيخ يا أمي!
= دعك من هذا الهراء؛ لقد تحدثت مع أحد زملاء والدك كي تعمل معه وتتعلم تجارة الحشيش، ولأن والدك له باع في تجارة الحشيش، وأخلاقه عالية جدًا ولم يخلط الحشيش بالتوابل إلا في أوقات قليلة، وافق الرجل فورًا. على الأقل تجارة الحشيش سرية ولن يصل أمرها إلى النقابة، أما بيع البطيخ فهو أمر يخص الرأي العام على المستوى العربي، ولو رآك أحدهم قد ينكشف أمرك للنقابة ويفصلوك.

ولكنه تمسك بالبطيخ كما يتمسك حيوان الكنغر بأمه في السبعة أشهر الأولى من ولادته، ورفض أن يتاجر في الحشيش.

وفي صباح يوم ذهب إلى الجريدة بعد يوم شاق من بيع البطيخ، فوجد أن الجريدة مظلمة على غير العادة، وأن اللافتة الكبيرة على باب المدخل والتي كتب عليها اسم الجريدة قد اختفت، وأن أغلب أجهزة الحاسوب غير موجودة، كما لم يجد الصحفيين، ولا رئيس التحرير، لم يكن هناك سوى السكرتيرة والحارس وهو، ولما سأل السكرتيرة عما يحدث، أخبرته أن قوات حفظ السلام قد تحفظت على الجريدة!

- ما علاقة حفظ السلام بالجريدة؟

= بالطبع لها علاقة، الجريدة تعادي السلام، لذا كان واجبًا على قوات حفظ السلام أن تتدخل!

مع أنه لم يفهم ما قالته إلا أنه هزّ رأسه كعضو مجلس شعب يمثل أنه فاهم.

سألها عن مكتبه الصغير الذي حصل عليه بعد 5 أعوام من العمل في هذه الجريدة.

= للأسف؛ قوات التحفظ على أموال الإخوان تحفظت عليه، وقالوا أنهم وجدوا به صورة جيفارا، وكتاب رأس المال لكارل ماركس، وأسطوانة رقص شرقي.

- جميل، ولماذا غيروا اسمها من "لجنة التحفظ على أموال الإخوان" إلى "قوات"؟!

= لم يغيروها على الورق، ولكني رأيت معهم قوات الأمن فبدى لي أن كلمة قوات تليق عليهم أكثر من لجنة!

لم يفكر في أي شيء مما قالته السكرتيرة، فيبدو أنها لا تفهم شيئًا، وإلا ما كانت لتضحك وهي تتحدث معه وكأنها تحدثه عن أن الجريدة حصلت على جائزة أحمد موسى في التطبيل للحكومة، ولكنه فكر فيما قالته أمه في مسألة التخلي عن بيع البطيخ والانتقال إلى بيع الحشيش، ولما عاد لأمه قال لأمه أنه يوافق على الانضمام لزميل والده تاجر الحشيش الكبير.

ولكنها أخبرته أن الرجل ترك تجارة الحشيش، وافتتح جريدة كبرى للدفاع عن الحكومة.


«فالكون جروب».. خلطة الكهرباء والإعلام والجهات السيادية

مصدر الصورة (falcongroupinternational)
مدد

بعد اقتراب وزارة الكهرباء والطاقة من الإعلان عن تعاقدها مع شركة «فالكون جروب» للقيام بقراءة العدادات بدعوى أن الوزارة تعاني من عجز في عدد الكشافين البالغ 10 آلاف كشاف ومحصل. انتشرت أخبارً عن أن شركة “فالكون جروب” هي شركة تابعة لجهة سيادية تريد السيطرة على الاقتصاد المصري لصالحها خلف ستار الشركات الخاصة. وطرح الرأي العام عدة تساؤلات عن السبب الذي جعل وزارة الكهرباء والطاقة تتعاقد مع شركة خاصة للكشف عن عدادات الكهرباء مع أنه بإمكان الوزارة أن تعلن عن وظائف خالية مما كان سيوفر آلاف الفرص لتوظيف للشباب بالإضافة إلى توفير المال العام، لا سيما أن شركة فالكون قد تحصل على أموال باهظة في هذه الصفقة.
واتهم البعض وزارة الكهرباء والطاقة بالفساد، لا سيما أن هذه الخطوة قد اتخذت في ظل أزمة اقتصادية طاحنة، وبعد أن رفعت الوزارة أسعار فواتير الكهرباء إلى نسب وصلت 40 % على الاستهلاك المنزلي.

نبذة عن شركة فالكون جروب

في إبريل 2006 أسس البنك التجاري الدولي CIB مجموعة شركات فالكون، وبدأ عملها في نفس العام. وكان نشاطها في البداية لا يتخطى القاهرة والإسكندرية، ثم امتد نشاطها جميع أنحاء الجمهورية في عام 2008، ويعمل بالشركة نحو 22 ألف موظف، وتقدم فالكون أنشطتها في مجالات “الأمن، ونقل الأموال، والخدمات الفنية، والخدمات العامة وإدارة المشروعات”

9 أسباب ترجح اتباع “فالكون جروب” لجهة سيادية

رغم أن إدارة الشركة الحالية نفت أكثر من مرة أنه توجد علاقة بين الشركة وجهة سيادية، إلا أن هذا النفي يبدو أنه محاولة بائسة، لعدة أسباب:
1- قال الدكتور أيمن حمزة المتحدث باسم وزارة الكهرباء في تصريحات صحفية إن الوزارة في سبيلها لإنهاء إجراءات التعاقد مع الشركة الخاصة (فالكون) التابعة لجهة سيادية للقيام بقراءة العدادات تعويضا عن العجز في عدد الكشافين. وفق قوله.
2- أما المهندس محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، فقد أعلن أيضًا أن هناك مساعي للاتفاق مع جهة سيادية لتقوم بقراءة العدادات الكهربائية شهريا؛ وذلك لتحسين الأداء لاسيما مع قلة أعداد الكشافين لدى الوزارة.
3- يدير الشركة عددٌ من الضباط السابقين في أجهزة سيادية، وهو ما تبرره الإدارة بأنها تلجأ إلى الضباط للقيام بالمهام التدريبية لعناصر أمن شركة فالكون.
4- نشرت جريدة الأهرام اليومي (الحكومية) في عددها الورقي الصادر بتاريخ 14 أكتوبر 2014، خبرًا يفيد بأنه كان يرأس مجلس إدارة الشركة حينها اللواء خالد شريف، وهو وكيل سابق للمخابرات الحربية ورئيس قطاع الأمن في اتحاد الإذاعة والتليفزيون سابقًا. وأضافت الجريدة أن “أغلب أفراد الشركة هم أفراد جيش وشرطة ومخابرات متقاعدين”.
5- شركة فالكون الشركة الوحيدة التي حصلت على ترخيص استخدام البندقية الخرطوش، خلال مشاركتها في تأمين الحملة الانتخابية للرئيس الحالي “عبد الفتاح السيسي”.
6- ظهرت “فالكون” بقوة وقت تأمين الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال فترة ترشحه لانتخابات الرئاسة عام 2014،وتولّت حماية منزله بسيارات دفعٍ رباعي وعدد كبير من أفراد الأمن التابعين لها.
7- وقعت الشركة اتفاقًا لتأمين نحو 16 جامعة مصرية، بالإضافة إلى أنها تقدم خدماتها الأمنية للكثير من المؤسسات والهيئات والسفارات والبنوك المهمة في مصر؛ مثل: “بنك مصر، بنك القاهرة، بنك الأهلي، والبنك التجاري الدولي، وإتش إس بي سي.
واللافت للنظر أن الشركة تقوم بمهام وزارة الداخلية في تأمين سفارات عدة، منها السفارتين السعودية والكويتية، كما تقوم بتأمين شركات بالم هيلز، وأورانج، وبيبسي، وكوكاكولا، ومنصور شيفروليه، وبحسب خبر نشرته جريدة الشروق في عام 2014، كانت تؤمن الشركة “مديرية أمن بورسعيد وميناء الإسكندرية والدخيلة”!
8 – الرئيس التنفيذي للشركة شريف خالد، أعلن سابقًا أن الشركة ستفتتح فرعًا لها باسم “فالكون الوطنية للأمن” بهدف تواجد منظومة أمنية متطورة ببعض الأماكن الحيوية مثل الموانئ والمطارات، لافتا إلى أن ذلك سيتم بالتنسيق مع بعض الجهات الحكومية، واللافت للنظر أن الشركة ستكون غير هادفة للربح، وفق قوله.
9 – أكد الرئيس التنفيذي للشركة في تصريحات صحفية أن” فالكون جروب” تقدم 25% من دخلها المادي إلى صندوق تحيا مصر.

فالكون أفضل لأن الموظفين يطلبون مكافآت

قال اللواء عادل عمارة، رئيس شعبة الأمن والحراسة بغرفة القاهرة التجارية إن استعانة وزارة الكهرباء بشركة فالكون لتحصيل الفواتير قرار إيجابي وبديل أفضل لكشافي العدّادات. وأن الوزارة تعاني من نقص شديد فى كشّافي العدادات، مما أدى إلى مشاكل كبيرة وقت تحصيل الفواتير نتيجة إختلاف القراءة الموجودة فى الفواتير عن القراءات الحقيقية واتهام المواطنين للكشّافين بعدم تأدية أعمالهم.
وأن “شركة فالكون من أفضل الشركات التي تملك قوة بشرية ضخمة مشهود لها بالكفاءة”.. وأضاف أنه “حتى إذا حصلت فالكون على مبالغ كبيرة مقابل عملها في تحصيل الفواتير فسيكون ذلك أفضل من تعيين موظفين يطالبوا كل عام بمكافآت وعلاوات وبعد سنوات قليل سيكونون عمالة زائدة”. وفق جريدة الدستور.

فالكون تدخل مجال الإعلام وتطلق راديو “D.R.N”

في 20 يوليو الماضي أطلق شريف خالد، رئيس مجلس إدارة شركة “فالكون”،إذاعة “D.R.N” على الراديو وتضم الإذاعة: “الإعلامية نجوى إبراهيم، والكاتب الصحفي مجدي الجلاد، وأحمد شوبير وشافكي المنيري، ومدحت العدل، وإيناس جوهر، ومحمد فتحي، ومحمد الدسوقي رشدي، ومها أحمد، وبوسي شلبي، وهبة الأباصيري، وداليا أبو عمر، ومها بهنسي، وعزمي مجاهد، وياسمين نور الدين، وخليل جمال، ومروة شتله، وميرفت المليجي، وهند جاد، ومحمود عباس”.

تحتل المركز الأول في السوق من حيث الأرباح

قال شريف خالد الرئيس التنفيذي للشركة، أن «فالكون» تحتل المركز الأول في السوق المصرية بحصة سوقية تبلغ 65%، لافتًا إلى وجود 14 فرعًا في المحافظات المصرية، منوهًا إلى أنه يتم التخطيط حاليًا لافتتاح فرع للشركة في إحدى الدول العربية.

إحتفال من نوع آخر


اللوحة للفنان: فتحي أبو العز


بالأحمر

  إن لم تكن قد اعتقلت من قبل أو اعتقل أحد جيرانك أو أقاربك أو أصدقائك -ويعد هذا من النوادر التي يجب أن توثق ضمن إنجازات الرئيس السيسي- ستظن أن كلمة "التشريفة" هي تلك الكلمة التي ظهرت فى عهد محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة، وإبراهيم باشا قائد جيوش، والتي كانت نوعًا من أنواع البروتوكول والاحتفالات الكبرى بعد اكتمال مقومات الدولة الحديثة، فكان يرتدي رجال الدولة فى المقابلات الرسمية والاحتفالات الكبرى زيًا رسميًا كحلي اللون ومُطررز عليه بخيوط الذهب وعليها وشاح أحمر عريض ومزينة بعدد من النياشين، ويطلق عليها اسم "بدلة التشريفة".
كل هذا قد انتهى ولكن لفظة "التشريفة" لم تنته، وتغير مفهومها مع الوقت، حتى صارت كلمة في عصرنا الحالي والسابق وقبل السابق، تُطلق على استقبال حافل من  وزارة الداخلية للمساجين سياسيين كانوا أو جنائيين، في أقسام الشرطة أو في معسكرات الأمن المركزي أو في السجون السرية وغير السرية.
وسميت "تشريفة"  بهذا الاسم، لأن وزارة الداخلية تعتبر أن استقبال مسجون ما، يستدعي عمل حفلة استقبال، عليه، لا له.
    لا تُفرّق التشريفة بين جنائي وسياسي، إسلامي أو ليبرالي أوعلماني أو اشتراكي أو مسيحي أو ملحد، أو شخص لا علاقة له بالسياسة، فالجميع سيحضر الحفلة الجماعية برعاية وزارة الداخلية، والحق أن تشريفة المساجين الجنائيين تخلف ضحايا أكثر، وقد ترتوي أرض الجن من  دمائهم،أو يكسر لهم ساق، أو يزحفون على الأرض وتحرق ملابسهم، لأنه لا أحد يسأل عنهم كما يحدث مع السياسيين، ولا صوت لهم في الخارج، ولا صحافة تكتب عنهم ولا منظمات حقوقية تدين تعذيبهم؛ إلا قلة، وفي زيارات حقوق الإنسان يدعي الجنائيون أن كل شئ على ما يرام وأن الحياة تشبه حياة القصور خوفًا من البطش بعد رحيل الوفود الحقوقية الرسمية، فبعد رحيلهم لن يبقى في السجن سوى الأمن والسجناء!
والغرض الرئيسي من التشريفة هو السيطرة على السجين وإشعاره بالذل والإنكسار حتى لا يفكر فى التمرد، مع أن التمرد سيأتي حتمًا، في السجن أو خارجه، وهذا ما يصعب على أصحاب العقول الخاوية فهمه.

فى سيارة الشرطة

    أول حفلة تشريف ع السريع يتعرض لها السجناء فى سيارة الشرطة (المدرعة أو البوكس أو سيارة الترحيلات)  وإذا كان السجين سعيد الحظ، سينضم إلى عدد كبير من السجناء داخل السيارة، لأن الأعداد الكبيرة تقلل الضربات الموجهة للسجين نظرًا لتوزيع المجهود على كل العدد قلت؛ أما إذا كان سئ الحظ ووضع وحيدًا بعد القبض عليه في السيارة، وتكدست السيارة بالعساكر بدلًا من السجناء، يكون بهذا قد وقع في أيدي من لا يفهم ولا يعلم ولا يرحم ولا يفعل سوى ما تأمر به القيادة، وأحيانًا تعتقد العساكر أن ما تفعله خفة ظل، حتى أنهم يذكّروني بأطفال الشوارع عندما يتحرشون بأنثى على سبيل الرفاهية وأن هذا هو المسموح لهم من المجتمع والأمن معًا!
سيتعرض السجين فى سيارة الترحيلات لكل أنواع الإهانات، ويصل الأمر أحيانًا إلى التحرش لو بدى أن السجين يبدو عليه الضعف، كلما بكى السجين كان عرضة للبذاءات أكثر. وغالبًا سيُسرق كل ما في حوزته من هاتف أو نقود أو ساعة أو خاتم، وغيرها،

فى قسم الشرطة

    فى قسم الشرطة تبدأ ثاني حفلات التشريفة، ويتم تجريد السجين من كل شئ، وأحيانًا من ملابسه الداخلية،بزعم التفتيش؛ وسُيعرض على أمن الدولة معصوب العينين، وموثق اليدين من الخلف، وأثناء استجوابه  سيكون قد حصل على نصيبه من بعض الصعقات الكهربائية الخفيفة عندما ينكر أن والده ملتحي أو أن أمه ترتدي النقاب أو أن شقيقه سافر إلى باكستان وحارب مع الإخوة الجهاديين، وعليه أن يعترف بأنه فجّر برج التجارة أو برج الزراعة أو أي شئ تم تفجيره في أي مكان  كي ينجو من هذا العبث، وأن يعترف بإن "حزام" بنطاله حزام ناسف؛ ويقول أن والده ملتح وأمه منتقبة وأشقائه متطرفين حتى لو لم يكونوا كذلك وحتى لو كان "مقطوع" من شجرة، لا أشقاء له ولا أب ولا أم، كي ينتهي من هذه الأزمة، ويدخل فى أزمة أخرى.

    بعد انتهاء التحقيق سيظل معصوب العينين ووجهه للحائط فى مكان يدعى "الثلاجة" ولا يجب أن يتحرك طوال الساعات الطويلة التي يقضيها في التشريفة، وعند سماع أصوات صعق الكهرباء فعليه أن يحمد الله أنه حتى هذه اللحظة لم يصعق بالكهرباء، وأنه لم يصبه الدور بعد.
.
التشريفة فى معسكرات الأمن المركزى
    عندما يصل السجين إلى إحدى معسكرات الأمن المركزي غير القانونية، لأنها مخصصة للعساكر لا للسجناء، فهذا معناه أنه قد وقع  في الفخ، وقع بين عدد غفير من العساكر التي تتمنى الفتك به، معسكرات الأمن المركزي لها تشريفة مميزة وبها بعض "الأكشن" لن يرى السجين وجه أحد العساكر، جميعهم ملثمون يرتدون السواد حتى تظن نفسك وقعت في أيادي عصابة "القناع الأسود" في مدينة البط الخيالية التي ابتكرها الأديب الأمريكي من أصل هولندي "كارل باركس".
جميعهم أغبياء، جميعهم يكرهون السجناء ويتمنون موتهم، والسجناء بالطبع يبادلونهم الشعور ذاته؛ يأمرون السجناء بأن ينعتوا أنفسهم بالعاهرة؛ ونصيحتي لمن يقع في مثل هذا الموقف ألا يفعل لأنه فى كل الأحوال لن ينجو أحد من مصيره (ساعة وهتعدي) لو قبل السجين قدم الضابط أو قال أنه يكره الثورة والثوار ويعشق مبارك ويحب السيسي، لن ينجو من مصيره، لقد وقع السجين فى الفخ حتمًا، وهم لا يريدون إلا كسره، وكما يقولون "كده كده ميت"، فعلى السجين ألا يهين نفسه، وأن يتلقىى الضربات بهدوء.

التشريفة فى السجن
     عندما يفتحون للسجين أبواب السجن ثم يغلقونها عليه، سيجد أناسًا يمسكون العصي وكبيرهم يجلس واضعا قدمًا على الأخرى، وسيجد معاملة أَخرى، بفتح الألف.
   استقبلونا في سجن أبي زعبل وجلسنا على الأرض ساعتين تقريبًا، في حديقة خاصة بمجمع السجون،  وكان المطر يهطل فوق رؤوسنا؛ والعساكر تختبئ تحت الأشجار. كان كبيرهم لم يأت بعد وكنا ننتظره حتى يسمح لنا ويتكرم علينا بالدخول إلى عالمه المغلق. ولما وصل لم يلق السلام على ضباط المأمورية، ونظر لهم باستعلاء.
  فُتح باب السجن، فكان يجلس على الكرسي ينظر إلى الجميع باحتقار أو بغضب أو بـ"هبل" شعرت أنه يمثل فيلم كوميدي، كان يرتدي "ترنك" رياضي واسع جدًا، مما جعله يبدو "عبيطًا، ولكن العبيط الذي يملك السلطة والقوة والسلاح لا بد أن تخشى منه لأنه "عبيط". واسألوا أهل الحُكم.
    أشار بسيجارته؛ وبدأت التشريفة، أحرقوا الملابس، ووقفنا بملابسنا الداخلية فقط، حلقوا رؤوسنا، وكنت طويل الشعر واللحية والشارب، وأعتقد أنني كنت أشبه إرهابيًا في طريقه إلى الإعدام. ضربونا بالعصي من دون سبب، ربما لم تعجبهم حلقة رؤوسنا الجديدة، ولكن على كل حال عندما تستمع إلى صوت ارتطام العصا على الأجساد فعليك أن تبتهج لأن حفلة التشريفة قد بدأت واقتربت من الانتهاء.
   ارتدينا ملابس التحقيق البيضاء، وتحولت حياتنا إلى اللون الأبيض، وحصل كل منا على عدد 2 بطانية، وخزنونا فى مكان يدعى " زنزانة الإيراد". نعم خزنونا كبضاعة، ونحن إيراد ليس إلا.


يجوز لأردوغان.. ولا يجوز لغيره

وكالة الأناضول


انتفضت الجماعة السلفية والأزهرية في مصر وكادت كل منها أن تعلن الجهاد لتحرير تونس من الكفر وضمها لبلاد المسلمين المتقدمة جدًا في كل المجالات، وتفرغ كلاهما للثورة على دعوات الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، للمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث وإباحة زواج المسلمة من غير المسلم، كما طالب البعض بإخراج تونس من قائمة الدول العربية، وكأنها مثلا ستخرج من الجنة إلى النار، ومن الحرية إلى القمع ومن التعلم إلى الجهل!
لم يبال أيًا من  الجماعة السلفية أو الأزهرية يومًا بما يحدث في مصر من انتهاكات لا حصر لها، التزم الجميع الصمت تجاه ما يحدث من فساد وسرقة ونهب ثروات البلاد، لم يفتنا أحد منهم عن حكم الإخفاء القسري أو التعذيب في السجون، أو احتكار السلع، أو طرد المواطنين من بيوتهم لإقامة مشاريع لصالح رجال أعمال؛ لكنهم وجدوا مساحة للثورة التي لن تكلفهم إلا الحناجر والتصريحات النارية على تونس فثاروا، لذا فهم لا يعنوني في هذه المساحة.

ويعنيني أكثر، هؤلاء الذين ينتهجون سياسة الكيل بـ99 مكيال ويصرون على رؤية ما يريدون  أن يروه فقط، رغم أنهم يدعون أنهم يناصرون الحريات والمدنية، ودعني أقولها بكل صراحة أنني أقصد جماعة الإخوان المسلمين، وهؤلاء انتقضوا أيضًا ضد تونس واتهموها بالعلمانية، ولا أدري ما هي نظرتهم للمدنية التي يطالبون بتطبيقها في مصر، هل تقتصر المدنية فقط على كونها أي حكم غير عسكري، وكفى!
لماذا تصر هذه الجماعة في كثير من مواقفها على تأييد الفعل لأن فاعله رجل منها، وتعارضه لو كان فاعله لا ينتمي لفصيلها؟!
فهذه الجماعة التي تؤيد رجب طيب أردوغان رئيس تركيا ظالمًا أو مظلومًا، ديمقراطيًا أو ديكتاتوريًا، علمانيًا أو ليبراليًا؛ يهاجم أنصارها دولة تونس؟!
لماذا تهاجمها؟!
لأنها تخالف شرع الله، وتساوي بين المرأة والرجل في الميراث.
ماذا لو أخبرتك أن المادة العاشرة من الدستور التركي تنص على أن "الرجال والنساء هم أصحاب حقوق متساوية، وعلى الدولة ضمان تحقيق هذه المساواة". بالتأكيد ستخبرني أن هذا الدستور من بقايا الدولة العلمانية القديمة. فماذا لو علمت أن هذه المادة أضيفت في عهد حكومة أردوغان نفسه. وأن أردوغان لم يجر تعديلًا عليها في التعديلات الدستورية الأخيرة التي من شأنها أن تعزز من سلطته في الحكم. وأن زوجته السيدة أمينة أردوغان قالت في  في المؤتمر الدولي الثاني للمرأة الباحثة في عام 2015 أنه "يجب تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية بين الجنسين عن طريق المساواة بين النساء والرجال". هل ستنتفض إذا ضد أردوغان العلماني؟!.. الإجابة لا.
على الأقل في تونس يمكن لمواطنيها رفض أي قانون بأي طريقة كانت، بالتظاهر والكتابة والغناء والأشعار، ولن يسجن أحدهم لأنه عبّر عن رأيه! فقد شاركت في كتابة التقرير السنوي لحرية الفكر والتعبير عام 2016 في الشبكة العربية، ولم أرصد طوال هذا العام إلا مظاهرة واحدة تم فضها بالقوة!
أكاد أجزم  بأنه لو دار نقاش بيني وبين أحد أنصار هذه الجماعة عن أهمية الحرية في تونس وتجربتها، سيلعن الحرية لأن ما يحدث  هناك لا يعجبه، وقد يعتبر أن مصر في ظل القمع أفضل من تونس!

***
لم يقتصر الأمر على ما يحدث في تونس، فنفس الشخص الذي يصرخ ويشجب ويدين قمع الحريات الصحفية في مصر، يصم أذانه ويضع على عينه غمامة سوداء؛ عندما نحدثه عن قمع الصحافة في تركيا؛ بل إنه قد يدافع عن قمع الصحافة هناك بشدة، ويتهمك بالخيانة وبأشياء أخرى لا نهاية لها. مع أنه عندما تتحدث عن تأييدك لحرية الصحافة في مصر، لا بد إذا أنك تؤيدها في تركيا وقطر وموزمبيق. لكن الواقع أنك تؤيد قمع الصحافة بقيادة أردوغان.
لطالما كره أردوغان كل وسيلة للتعبير عن الرأي لا يمكنه السيطرة عليها، حتى إنه قال أن وسائل التواصل الاجتماعي أضرّت بـ«المصالح القومية»، وهدد بسحق مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك ويوتيوب" كما مارس قمع الصحافة  بزعم أن هناك محاولة انقلاب قد حدثت. فقد قالت منظمة العفو الدولية في هذا الشأن أن "ثلث الصحفيين المحتجزين في العالم يقبعون في السجون التركية" وأنه "وُضِع في السجن أكثر من 120 صحفيًا وعاملًا في مجال الإعلام، في حين فقد آلاف آخرون وظائفهم في أعقاب إغلاق السلطات أكثر من 160 وسيلة إعلامية، فتأثير الموجة الأخيرة من تراجع الحريات التي كانت مكفولة لوسائل الإعلام واضح جلي؛ إذ إن الصحافة المستقلة في تركيا أضحت على حافة الهاوية.
لقد أصبح خوف الصحفيين من سجنهم لانتقاد السلطات أمرًا واضحًا بعدما أصبحت أعمدة صحف وبرامج تناقش الشؤون السياسية لا تتضمن حاليًا سوى أصوات معارضة محدودة، كما لا تعكس آراء مختلفة بشدة عن توجهات الحكومة، علماً بأنها كانت تحظى بشعبية كبيرة سابقًا".
إذا قررت اتهام منظمة العفو بأنها تعادي أردوغان لأنها تعادي الإسلام، فدعني أذكرك بأن السلطات المصرية تتهمها أحيانًا بالتآمر مع الإخوان لأنها تدين القمع في مصر، وكان لها موقف واضح  في إدانة السلطات المصرية بارتكاب مجزرة رابعة العدوية!

في ذات الشأن، لو كنت من هؤلاء الذين نشروا أخبارًا عن نائب مجلس الشعب المصري الذي اقترح تعديلات دستورية من شأنها أن تبقي السيسي في الحكم أطول فترة ممكنة وتهكمت على هذا الخبر وهذه الدعوة، فلا بد أن تكون واضحًا في موقفك مع أردوغان أيضَا؛ فالصناديق في تركيا قال لأردوغان نعم، ولكنه ليس أردوغان  مناصر الديمقراطية كما كان، هذه المرة كان أردوغان الذي يشبه حكام العرب إلى حد كبير، أردوغان الحاكم الواحد الذي لا يشاركه في أمور حكمه أحدا.
قالت تركيا نعم بنسبة 51.3 في المائة صوتوا بـ"نعم" لصالح التعديلات في مقابل 48.65 صوتوا ضدها. حتى لو كانت بفارق بسيط فقد قالت نعم وتم تمرير الدستور الذي من شأنه أن يبقي أردوغان في الحكم حتى عام 2029.
ومن شأنه أيضًا أن:
–  تكون ولاية رئيس الدولة 5 سنوات، ويحق له الترشح مرتان متتاليتان.
– يلغي  منصب رئيس الوزراء، ويتولى الرئيس مهام وصلاحيات السلطة التنفيذية، بما يتناسب مع الدستور.
– لا يقطع رئيس الدولة صلته بحزبه.
– لا تجري الانتخابات العامة والرئاسية في نفس اليوم كل 5 سنوات.
– يرفع عدد نواب البرلمان من 550 إلى 600. ويتيح هذا التعديل إلحاق أكبر عدد ممكن من الحزب الحاكم للبرلمان.
– المرشح الذي يحصل على أغلبية مطلقة في الانتخابات يفوز بمنصب الرئاسة.
– رئيس الدولة يتولى صلاحيات تنفيذية، وقيادة الجيش، ويحق له تعيين نوابه والوزراء وإقالتهم.
– يعرض الرئيس القوانين المتعلقة بتغيير الدستور على استفتاء شعبي في حال رآها ضرورية.
– يحق للرئيس إصدار مراسيم في مواضيع تتعلق بالسلطة التنفيذية.
– تسقط العضوية البرلمانية عن النواب الذين يتم تعيينهم في منصب نواب الرئيس أو وزراء.
– يمكن للرئيس التدخل لحل البرلمان.
– يحق للرئيس أن يتدخل في القضاء الذي يتهمه بالخضوع لنفوذ رجل الدين فتح الله غولن الذي حُمِّل مسؤولية الانقلاب العسكري الذي شهدته تركيا في شهر يوليو عام 2016 لكنه نفى التورط في الانقلاب.
– يحق للرئيس تقرير ما إن كان يتوجب فرض حالة الطوارئ أم لا.

إذا كنت تؤيد الإجراءات التي اتخذها أردوغان ضد الحريات، وتعارضها في بلاد أخرى، فلم لا تتصارح مع نفسك وتعلنها صراحة أنك لا تؤيد حريات ولا يحزنون؟!

قصة نجاح.. واعتراف بالهزيمة



يظهر على المتصفح وجه حزين يخبرني بأسف شديد "عفوًا، لا تستطيع الوصول إلى هذا الموقع"، لن نعطيك معلومة مفيدة، لن نُخبرك إلا بما تريد المخابُرات، لن تَعلم إلا ما يُريد لك الأمن الوطني أن تعلمه، لن تصل إلى ما تريد دون إذن رجل الأعمال الشهير الذي سيطر على وسائل الإعلام لصالح الرئيس. أتخيل المتصفح يكتب كل ما فات بجوار "عفوًا لا تستطيع الوصول".

يحدث هذا مع كل مواطن مصري يحاول الولوج إلى موقع إلكتروني يحترم عقول الناس، ويقدم معلومة صحيحة في ظل تطبيل إعلامي منتشر على قنوات الرأسمالية والنظام العسكري الذي احتكر كل شئ، وينحاز للضعفاء لا للسلطة الحاكمة، وللمظلومين لا للجلادين، للمنهوبة ثرواتهم لا للفاسدين.

صار تداول المعلومة في مصر محجوبًا، جمهورية مصر المحجوبة بها أكثر من 400 موقعًا حجبتهم جهة مجهولة معروفة، منها هذا الموقع الذي أكتب فيه الآن "مصر العربية" وهو موقع يعمل به 35 صحفيًا نقابيًا، بالإضافة إلى الصحفيين الإلكترونيين، وحاصل على تراخيص من أربع جهات رسمية هي: "وزارة الاتصالات، وزارة الداخلية، ووزارة الثقافة، وهيئة الاستثمار".

قالوا في البداية أنهم يحجبون المواقع لأنها تروج للإرهاب، وقد يصدق الخراف هذا، وأعي ما أقول جيدًا، يمكنني تصديق أن بعضهم يؤيد الحجب لأنه لا يؤيد الحريات ويؤمن بالتعتيم الإعلامي لاستمرار سلطة فاسدة في الحكم، لكني لا أصدق أن هناك من "بني آدم" من يُصدق أن الحجب لمحاربة الإرهاب، موقع تنظيم داعش لم يحجب بعد! لو اطلعت على آخر المواقع المحجوبة وهو موقع "قنطرة" التابع للتلفزيون الرسمي الألماني، لعلمت أنه الإرهاب ليس المقصود وإنما العلم، ولو علمت أن موقع "مراسلون بلا حدود" وهي مؤسسة معنية بحرية الصحافة في العالم، قد انضم إلى المواقع المحجوبة في مصر لعلمت أن المقصود هو حرية الصحافة، وقبله موقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، المعنية بحقوق الإنسان وحرية الفكر والتعبير في الوطن العربي، لاتضحت الصورة جيدًا.

لا يتوقف عند تداول المعلومات فقط، دعونا نعترف بالهزيمة، كصحفيين وكُتّاب وكل عامل في هذا المجال، لقد هُزمنا، حاولت مقاومة هذا الاعتراف ولم أستطع، حاولت أن أعبر عن رأيي بنشر ما أكتبه على سبيل استمرار النضال الصحفي وكتبت على مدونتي الشخصية على موقع بلوجر، فحجبوها هي الأخرى. علينا أن نعترف بالهزيمة لا أن نكذب على أنفسنا، يقولون أن الحجب يؤدي إلى مزيد من الإطلاع على المواقع أكثر، وهذه معلومة خاطئة، هذا الموقع الذي أكتب فيه الآن كان يسجل قبل الحجب عدد 30 مليون زيارة في الشهر، ولدي معلومة أن الزيارات بعد الحجب لا تتخطى مليون واحد!.

أعترف بالهزيمة جدًا، أحيانا أشعر بأنني أريد التوقف عن الكتابة، أكتب لمن، الغالبية العظمى لا تستخدم برامج منع الحجب، حتى أنا أحيانًا أشعر بالممل من إعدادت تجاوز الحجب، وعندما قررت عبثًا البحث عن معلومة دون اللجوء إلى برامج بروكسي تصفحت موقع "اليوم السابع" وهو موقع غير محجوب، ومتحدث باسم السلطة الحاكمة، وهنا وجدت هذا الرجل الذي كان متحدثًا عسكريًا في السابق، ويحاول اكتشاف موهبته في الكتابة حاليًا، لكنه لا يجدها حتى الآن، ولن يجدها حتى لو ارتدت الشمس قبعة، ولو عالجت الكفتة الفيروسات، وطبقت الديمقراطية في مصر والبلاد العربية، لن يجدها.

أقرأ له عبثًا، بعدما وجدت له مقال بعنوان "قصة نجاح" ما أخرى هذا العنوان، لكن برغم كل شئ هو عنوان يدعو للتفاؤل، وأنا كنت أبحث عن أي شئ يجعلني أبتهج وأبتعد عن اكتئاب ما بعد الحجب، أفتح "قصة النجاح" الذي قرر الكتابة عنها، فأجد يكتب محاورًا "شباب مصر" بأن عليهم أن ينظروا بعمق إلى قصة نجاح شاب قهر الصعوبات!
= ماذا فعل يا سيادة العميد؟!
- نجح في تسجيل اسمه في موسوعة جينيس للأرقام القياسية.
= لماذا؟!
- لأنه أسرع شاب يمشي على اليدين بطريقة العنكبوت، وأطلق عليه أصحابه "سبايدر مان".
= وما الذي تريد إيصاله يا سيادة العميد؟!
- قصة نجاح هذا الشاب المجتهد أنه استطاع تحقيق حلمه بفريق عمل مصري.
= ثم ماذا؟
- على المختصين في الهيئة العامة للاستعلامات أن ينشروا قصة النجاح الرائعة لهذا الولد بعدة لغات". وانتهى المقال!.

أريد أن أنوه سيادة العميد بأن هناك قصة نجاح أخرى مصرية خالصة، وهي قصة الحجب، ويمكن للجهة الحاجبة الدخول في موسوعة جينيس للأرقام القياسية بصفتها حجبت عدد قياسي من المواقع الإلكترونية، يمكنك أن تترجم قصة النجاح هذه إلى عدة لغات أخرى؛ فقد نجحت جهة مصرية خالصة، بأن تجعلنا نقرأ مقالك بسبب الحجب!.
كما أن الجهة الحاجبة نجحت في أن تجعل النظام الحاكم يتساوى مع الفاشية "بينيتو موسوليني" عندما شكّل لجان من كُتّاب إيطاليا وأساتذته التابعين للفاشية، لإصدار قوائم بأسماء المثقفين وحصر أسماء الكتب التي يمكنها أن تُعلم أي شئ غير الفاشية ليحرقها "على طريقة حجب المعلومة عن الشعب".
ونجحت في أن تضع النظام الحاكم في كفة واحدة مع تنظيم داعش الإرهابي، الذي يجتهد في محاربة الكتب والكتابة والصحافة والفنون، وكل شئ يمكنه المساهمة في أن يُثمر أفكارًا تُخالف عقيدة الدم التي تؤمن بها. الفرق أن داعش تحرق المكتبات العامة والخاصة وصادرت الكتب التي لا تتبنى أفكارهم المتطرفة وأحرقتها، وهذا النظام يكتفي بإغلاق المكتبات أو إسنادها إلى أخبار اليوم لتصير تابعة له.
هذه قصة نجاح، واعتراف بالهزيمة.

قالوا له

اللوحة للفنان: محمد عبد العاطي
أنت متهم بحرق كليتي تجارة وزراعة  بجامعة الأزهر (وربما الجامعة بأكملها)، والاعتداء على الملازم أول معتز محمد محمود، والنقيب أحمد مدحت، كما أنك متهم بتكدير السلم العام، والتجمهر، والتظاهر، والانتماء إلى جماعة محظورة، واغتصاب فتاة تدعى هدير! (ومحاولة تدمير كوكب الأرض وبلوتو والمريخ، وسرقة كوكب زُحل، والتستر على كائن فضائي حاول قلب نظام حكم الأرض).
 هناك مجموعة من الاتهامات يطلق عليها السجناء كلمة “كوكتيل”، وهو كوكتيل من الاتهامات الجاهزة، تتهم به النيابة كل من ليست له تهمة ولم يرتكب جريمة؛ فما أسهل أن تتهم أي شخص بالانتماء إلى جماعة محظورة، من دون أي دليل، الدليل “قالوا له”. من الذين قالوا له؟. جهاز أمن الدولة.
 كانت هذه هي الاتهامات التي وجهتها لي النيابة أثناء التحقيق معي في معسكر الأمن المركزي، وقتها ضحكت؛ وأشرت إلى الكاميرا التي وضعوها في أحرازي كدليل على إدانتي وسألت وكيل النيابة:
– هل سأفعل كل هذا بالكاميرا؟ وكيف اغتصبت وأنا أحرق وأتظاهر وأعتدي على الضباط في نفس الوقت؟
(ثم أنني متهم بكل هذه الاتهامات ومعي مجموعة كبيرة من الطلاب، لو كنا خارقين هكذا ما استطعتم اعتقالنا)!
فقال وكيل النيابة:
= هذه التهم موجهة لـ 76 طالبًا وطالبة، وليست موجهة لك وحدك.
–  وكيف يمكن لكل هذا العدد أن يغتصب فتاة وما زالت على قيد الحياة؟ لو قبلّوها فقط لماتت، وكيف شاركت الفتيات في اغتصاب هدير؟! وأين هدير؟!
نظر لي نظرة بلهاء وقال مستنكرًا:
= إنت هتحقق معايا.. أنا اللي بسألك!
–  الفتيات لا يسمح لهن بدخول جامعة الأزهر بنين، فكيف يُتهمن بحرق كليتين بجامعة الأزهر بنين؟!
كان تحقيق النيابة أشبه بتحقيق في إحدى مباني أمن الدولة، فلم يكتب ما أقوله، وانتهى بأن قال لي أنه سينكر كل الاتهامات التي وجهت لي في المحضر. ولما كان يملي على الكاتب أوصافي ليكتبها في التحقيق، كانت أغرب الأوصاف التي أملاها عليه أن لدي لحية! اعتبر ذقني لحية؛ يبدو أن لحيتي ستضيف بعض الأكشن مع اتهامي بالانتماء إلى جماعة محظورة لا يعلم اسمها إلا الله ووكيل النيابة وأمن الدولة.
حضر المحامي بعد أن أوشك التحقيق على الانتهاء، ونجح في الدخول إلى معسكر الأمن المركزي بعد دفع رشوة لأحد أمناء الشرطة، وكان معه شهادة تثبت أنني كنت أؤدي عملي ونسخة من تصريح رسمي بالتغطية الصحافية لأحداث جامعة الأزهر، ولكن بماذا تفيد الأوراق إذا كانت النيابة تعتمد على تحريات أمن الدولة؟!
فأنت أمام النيابة مدان حتى لو ثبتت براءتك. أنت أمام شرطة تعتقل وتعذب، وأمن دولة أو أمن نظام يكتب تقارير عشوائية، ونيابة تجدد من دون تحقيق،  فمع كل هذا، يصبح من المنطقي ألا تخلي النيابة سبيل أي طالب أو طالبة.
***
في تحقيق آخر مع طالب يدعى أحمد ع، دار حوار بين وكيل النيابة والطالب كالآتي:
= لم أصابك الارتباك بهذا الشكل؟!
– أشعر بالقلق على والدتي، لأنها لا تعلم عني شيئًا حتى الآن، وهذه أول مرة في حياتي أتعرض لموقف مشابه.
= هذه نهاية من يسمع كلام الإخوان!
–  أقسم لك بالله أنني لم أكن يومًا مع الإخوان.
= الإنكار لن يفيدك يا أحمد، حصلنا على معلومات تفيد بأنك انتخبت محمد مرسي!
– والله يا باشا لم أنتخبه، انتخبتُ حمدين صباحي.
= لماذا حمدين صباحي بالذات؟!
– كانت تعجبني طريقة كلامه في التلفاز.
= أنت يساري؟
– يعني إيه؟!
وكيل النيابة يتفلسف على الطالب:
= شوف يا أبو حميد، كل إنسان له أفكار، هناك من له أفكار إسلامية أو ليبرالية أو يسارية، فما هي أفكارك؟!
– لم أفهم من كل هذا الكلام سوى كلمة إسلامية!
= على كل حال أنت متهم بعدة اتهامات، سنكتب في التحقيق أنك أنكرت كل الاتهامات، هل توافق؟!
– افعل ما تراه، ولكن أستحلفك بالله أن تتركني فأنا لم أفعل شيئًا سوى أنني كنت ذاهبا إلى أول أيام الامتحان في الجامعة.
انتهى التحقيق على هذا الحال، وبعد عام ونصف من الحبس حكم على الطالب أحمد ع  بالسجن 5 سنوات والمراقبة الأمنية 5 سنوات، مع أنه كان ضمن الشباب الذين وقّعوا على ورقة تعهد بعدم العودة إلى العنف من جديد مقابل الإفراج عنه، مع أنه لم يشارك في العنف أصلا.
***
بعد انتهاء التحقيق، جائني أحد الطلاب:
= أنت أحمد جمال زيادة؟
– نعم.
= جاء أحدهم لوكيل النيابة وأخبره بأنه يريد أن “يظبطك”.
– طيب، هذا جيد، بالتأكيد علموا أنني صحفي ولا بد أن أخرج من هنا.
= لا، أقصد أنه قال لا نريده أن يخرج.
– شكرًا جدًا على الآخر.