نحن نكرهكم.. ونحب الوطن

لسماع المقال اضغط هنا

يتصل أحد ضباط القوات المسلحة بـ "سعيد حساسين" عضو مجلس الدفاع عن النظام، ليقسم له بكل الكتب السماوية؛ أن عبد الفتاح السيسي، لا يمكن أن يخطأ أبدًا، وأنه طالما باع جزيرتي "صنافير وتيران"؛ فإنه على حق.

يوافقه سعيد حساسين، الرأي ويهز رأسه راضيًا. ويقول "نعم" فحساسين ورفاقه من أصحاب الأموال، وممن يملكون شاشات النفاق، لن يقدرون على قول "لا" إلا في وجه من يرفضون الظلم.
نفس "الحساسين" استضاف أحد المختلين عقليًا، ليدّعي الألوهية؛ ثم يقوم بدوره في تشويه صورة المدافعين عن حقوق الانسان؛ ويدافع عن المعتقلين؛ كي يظهر للعوام ممن لا يجمعون معلوماتهم سوى من التلفاز، أن من يدافع عن المعتقلين ليس إلا معتوه كهذا الذي استضافه حساسين. يتحدث المختلّ عن خلقه للسماوات والأرض؛ وعن أنه الإله الأحد الفرد الصمد. يقبل حساسين كلامه؛ وعندما يتحدث الإله المختل المأجور عن عبد الفتاح السيسي ويقول أنه سيحاكمه؛ ينفعل حساسين، ينزعج، يغضب، ويعلن غيرته على رئيسه من كلام المختل؛ ثم يهدده قائلأ: "لن أسمح لك، إياك أن تتحدث عن الرئيس، وإلا وضعتك في حجرة الفراخ." تحدث عن ربنا عادي.
نحن نكره نفاقكم، ونحب الوطن.

(2)
تتصل إحدى السيدات باكية، صارخة، مستغيثة، بالكابتشن عزمي مجاهد، فيتأثر كابتشن عزمي ويهدأها، ثم يسألها عن سبب بكائها؟ فتخبره أنها تبكي على توفيق عكاشة، وتتوسل له "أرجوكم لا تقولوا كلمات متسخة على الدكتور "عكاشة" فإنه علم من أعلام مصر، أنا ببكي على عكاشة، ياريت يكون سامعني، ارجع يا عكاشة، إحنا مش عارفين نصدق حد تاني. احنا كنا بنسمعوا كلامه وبننزلوا لما يقول انزلوا. أرجوك يا كابتشن عزمي، متقولش كلمة وحشة في حق الدكتور عكاشة.

فيؤكد الكابتشن عزمي، أن برنامجه ينقل الرأي والرأي الأخر، وأنه سايب الناس تطلع اللي عندها. هم بالفعل يطلعون اللي عندهم علينا يا كابتشن. فتحول عكاشة من بهلوان إلى معارض وزعيم، وصار كابتشن عزمي مجاهد ينقل الرأي والرأي الاخر ويتحدث عن الحريات، بينما منظمات حقوق الانسان تغلق بالشمع الأحمر.
نحن نكره تزييفكم، ونحب الوطن.

(3)
أحمد المصري، عضو حركة شباب 6 ابريل، قتلته الشرطة برصاصة حية في الظهر، يوم 14 أغسطس 2013. وفي ذكرى وفاته تجمع رفاقه أمام منزله، بمنطقة بولاق الدكرور، وفوجئوا بقوات الأمن تحاصرهم وتقبض عليهم جميعًا، وتوجه لهم النيابة تهمة التظاهر وقطع الطريق؛ ثم تخلي سبيلهم. ولكن القاضي محمد ناجي شحاتة، حكم عليهم بالمؤبد. وبهذا نجد أن العزاء قد تحول إلى مظاهرة؛ والمظاهرة عقوبتها المؤبد.
نحن نكره ظلمكم، ونحب الوطن

(4)
أخْبَرُونَا عن جهاز الكفتة الذي سيعالج الناس من  كل الأمراض، وفضحونا أمام العالم. كما حفروا "تفريعة" وأطلقوا عليها قناة، وتكلفت احتفالات التفريعة ملايين، وقالوا أنها ستدخل مليارات غير مسبوقة ولكننا لم نجد جنيهات. والآن يخبرونا أن كوبري سيتم بنائه ليربط بين مصر والسعودية سيُدخل مليارات أخرى. حدثونا عن مليون فدان، ومليون شقة، ومليون فرصة عمل. ولكن اكتشفنا أن كل هذه الملايين تشبه جهاز الكفتة. ادعوا أن الأسعار الجديدة ستناسب الغلابة والفقراء؛ فوجدنا أن العكس صحيح، وأن الأسعار لا تناسب سوى الأغنياء. قالوا أنهم يؤمنون بالثورة، فحاربوها وحبسوا وقتلوا شبابها.
نحن نكره كذبكم، ونحب الوطن

(5)
إعلامنا المصري لا يمكنك أن ترى فيه وجوهًا تمثل الثورة، أو تنطق بالحق. ولكن ستجد فيه، اللواء حسام سويلم، يتحدث عن سقوط سد النهضة من تلقاء نفسه؛ وسيشرح للجمهور كيف يمكن لمجلس إدارة العالم أن تصنع البراكين والزلازل والنيازك في بلدٍ بعينها. وستجد من يدّعي أن قوات الجيش حاربت الأسطول السادس الاميركي في المياه المصرية واعتقلت قائدها. وستجد ممثلة تدعونا لمشاهدة أفلام الجنس كي لا يتحرش الرجال بالنساء، وتتباهي بأنها "بتتفرج على سكس". وستجد دائمًا سيادة اللواء أبو بكر عبد الكريم، ينكر وجود تعذيب، ووجود خرطوش، ووجود مختفين قسريًا، ووجود معتقلين، وينكر أنه ينكر. إعلامنا المصري يحرض على الكراهية، وينشر الجهل بين العوام، ويحارب الثورة، وينافق الحكّام.
نحن نكره إعلامكم، ونحب الوطن

(6)
خرج الطفل محمود محمد من سجنه متكئًا على عصاه، بعد ضياع عامين من عمره بين جدران السجون؛ لأنه ارتدى قميص كُتب عليه "وطن بلا تعذيب". فأنظمتنا مدمنة للتعذيب؛ تعذيب المساجين، تعذيب العساكر.  فلا يمكن أن يمر أسبوعًا واحدًا من دون أن تسمع عن قصة تعذيب أحد المعتقلين داخل سجن ما. هذا التعذيب الذي اكتشفه العالم الخارجي بعد تعذيب الشاب الإيطالي جوليو ريجيني. والذي نراه ونسمع عنه منذ أن ولدتنا أمهاتنا غير أحرار. هذا التعذيب الذي شاركنا في الثورة من أجل انهاءه بعد تعذيب خالد سعيد وسيد بلال، والذي مازال مستمرًا حتى الآن، ولعل قضية كريم حمدي المحامي، الذي قتل بعد تعذيبه في قسم شرطة المطرية ليست بعيدة.
نحن نكره إدمانكم للتعذيب. ونحب الوطن

(7)
بعد حرب 1937، وتحرير سيناء من الإحتلال الصهيوني، تمسّك المستوطنون الصهاينة بأرض سيناء؛ وكادت أعينهم أن تمطر دموعًا؛ ورفضوا أن يتركوا سيناء (التي ليست أرضهم) وقالوا أن الربّ سيغضب عليهم لو فرّطوا في هذه الأرض. تمسكوا بالأرض رغم أن جيشهم قد هُزم في الحرب، وكان يمكن للجيش المصري حينها أن ينسفهم. فاضطر جيش الاحتلال إلى توثيقهم ووضعهم في أقفاص وترحيلهم رغم أنفهم. والأرض ليست أرضهم.

أما الآن فتخلى النظام الحالي عن جزيرتي "صنافير وتيران" المصريتين للسعودية، مقابل حفنة دولارت، أو أطنان من الأرز. جزيرتين تحدث عنهما جمال عبد الناصر في خطاب له وحذر من الاقتراب منهما. وذكرتهما كتب التاريخ، وكانت تتباهى بها وسائل الإعلام على سبيل الترويج للسياحة المصرية. كما أن شركة سعودية في 2011 كانت قد أعلنت أن تيران غينة بحقول الغاز الطبيعي.

غنى محرم فؤاد لجزيرة تيران قائلأ "مضيق تيران، مليان حيتان، متسحلين للمعركة. وعلى الحدود جنود أسود، فوقهم نسور طالعة تدور بالنفاثات الفاتكة" ولكن للأسف ستجد مؤيدي النظام الحالي ينكرون أن الأراضي مصرية، بدلًا من ان يدافعون عن أراضيهم؛ من أجل أن يدافعوا عن عيون رئيسهم. نفس هؤلاء لا مانع لديهم أن تُباع أراضينا مقابل 50 جنيه للفدان، ففي 1998 اشترى الوليد بن طلال من نظام مبارك 100 ألف فدان مقابل 50 جنيها للفدان الواحد. وفي 2015 احتفل اعلامنا بتبرع الوليد بن طلال ب 10 آلاف فدان من ال 100 ألف.
نحن نكره بيعكم لأراضينا. ونحب الوطن.

(8)
يروجون في وسائل اعلامهم أننا نكره الوطن لأننا نعارض برلمان ليس كالبرلمان، ونظام ليس كالنظام، وشرطة ليست كالشرطة. يربطون بين رائحتهم العطنة وبين الوطن حتى يكرهنا الناس.

كما أن هناك من  يعلن كرهه للوطن، لأن نظام عسكري يحكمنا بالنار والحديد، ليقع في نفس الخطأ أو المصيدة.  ولا يدرك أن الفاسدون يفرحون عندما يغضب أحد شباب الثورة ويعلن أنه يكره مصر. حتى يقولوا للناس أننا عملاء وخونة وممولون.

الحقيقة أننا نكره كل سلبيات النظام ونحب الوطن، نحبه لأننا لم نسرقه، ولم نقتل أولاده، ولم نعتقل كل من له فكر لا يعجبنا. نحن نحب الوطن لأننا نحاول أن نسعى إلى حياة أفضل لغيرنا، أما هم فلا يفعلون سوى ما يجني الفائدة عليهم. نحن نُسجن، ونُقتل، ونُسحل، ونتّعذب. وهم يَسجِنون ويَقتِلون ويَسحِلون ويُعذِبون.

نحن نكرهكم. ونحب الوطن.
اقرأ أيضًا

توثيقًا للكذب


شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة