رسالة من خروف !



قضيت ليلتي مع "نعجة" جميلة، ولكني لم أستطع معاشرتها لإصابتي بالاكتئاب؛ بَاحَت النعجة لزميلاتها، فشَاع أمري بين معشر الخرفان، وصرت أضحوكة القطيع، وقررت الهروب باكيًا، حتى وجدت كوخًا اختبئ في من كل شيء، وفي أثناء هروبي عثرت على ورقة وقلم، ولأول مرة أكتب ما يمليه عليّ عقلي، وكنت أكتب ما يمليه علي خرفان غيري، هم أيضًا يكتبون ما يؤمرون به.

 
صديقي الإنسان الذي وقعت الرسالة في يده، عليك أن تُحرّر عقلك لتحافظ على إنسانيتك وألا تتحول إلى خروف.
 

 على من يجد رسالتي ألّا يتعجب من أن خروفًا يكتب، فكنت سابقًا "بني آدم" له "مُخّ" مثل باقي البشر، لكني لم أستخدمه، حتى أن مُخ البقر كان له فائدة أكثر، على الأقل مخ البقر يأكله الناس ويدفعون في الكيلو منه 160 جنيه؛ أما مُخّي فلم يصلح للطعام حينها. لو ظللت بشرًا ودُفنت في مقبرة بشرية كانت ستأكل الديدان نفسها بعد أن تأكلني، أتعرف لماذا؟! لأن فيروس الغباء سينتقل من مخي إلى الديدان، حتى أنها لن تفرق بين جثث الموتى وبين نفسها.

صديقي الذي عثر على الرسالة؛ القصة تبدو مسلية، لكنها مرعبة، حاول  ألا تصير مثلي، واعلم أن "الخرفنة" مرض قد انتشر، وأن هناك كثيرون مثلي انضموا للقطيع ولكنهم لم يفهموا ما حدث بعد، هل تريد أن تعرف ماذا فعلت لأفقد إنسانيتي وأنضم لقطيع الخرفان؟

لم أقرأ المحتوى ولم أناقش
لم أقرأ كلمة واحدة في موضوع ما، لذا عندما أتخيلك تقرأ ما كتبته حتى تصدق القصة أو تكذبها، أشكر الله أنك قد نجحت في تشغيل عقلك، فعندما كنت إنسانًا مثلك، كنت أقرأ عناوين المقالات والقصص فقط من دون اطّلاع على محتواها؛ وإذا كان العنوان يحمل طابع نقدي للنظام الحاكم، أبدأ في ترديد شتائم حفظتها كالببغاوات، وأتهمه بالخيانة لأنه شارك في حروب الجيل التاسع على الوطن، وإذا كان العنوان يحمل طابع النفاق لمن أحبهم، أنافق أنا أيضًا وأشكر في الكاتب، وأنشر ما كتبه في جروب محبي الرئيس، قائلًا "اللي بيحبوا البلد يعملوا شير بسرعة، والإرهابيين يمتنعوا". لم أناقش بالعقل أبدًا، وكنت أرد الحجة بالسبة.

معسكرين فقط لا ثالث لهما
معنا أو معهم؛ معنا يُحب الوطن، معهم فهو إرهابي حتى لو كان يؤمن بالتغيير السلمي. كنت أؤمن أن المعارضة كلها "إخوان" حتى لو كانوا مُلحدين، وأن من أحبهم كلهم شرفاء حتى السفاحين منهم، لا أؤمن بأن هناك معارضة ليبرالية أو اشتراكية ولا جماهير كرة القدم ولا شباب الثورة؛ كلهم اخوان أوخلايا نائمة للإخوان؛ رغم أن بينهم من يطالب بالحقوق والحريات والعدالة ويعترض على قرارات مجحفة تضررنا منها جميعًا. أذكر أن أحدهم اعترض على الغلاء، فقلت له "اخرس يا خروف" وأحدهم اعترض على بيع أرض مات من أجلها أجدادنا؛ فاتهمته بالخيانة. يا لسذاجتي، اتهمت من دافع عن أرضي بالخيانة ودافعت عن بائعها.

الاتّباع
سلمت عقلي لوسائل الإعلام فشكّلَته كما شَاءَت لا كما شئت، صرت تابعًا لهم، لو قالوا لي "ارمي نفسك في البحر" من أجل مصر سأفعل وأصدق أن الكثافة السكانية هي السبب في فشل النظام. صدقتهم عندما قالوا أن قرارات الحكومة الاقتصادية في صالح المواطن مع أني استغنيت عن الشامبو ومزيل العرق وصارت رائحتي عطنة، وامتنعت عن شراء كل الأشياء التي قالت عنها الحكومة استفزازية، واكتفيت بمشاهدة ملابس الشتاء بدلًا من شرائها لأن أسعارها خيالية، ومع ذلك كنت أهتف عاشت الحكومة صاحبة القرارات السليمة التي أصابت الإرهابيين. أذكر أن أحد الإعلاميين قال أن تعويم الجنيه حارق الإخوان، لأن تجارتهم سوف يضرها أذى، فصدقت ما قاله ورددته على زبائن المقهى، ولما ضحكوا بلغت عنهم في قسم الشرطة واتهمتهم بالانتماء إلى جماعة الإخوان. وحينها بدأ الفرو ينمو في جسدي، ولكني ظننته مرض عابر.

الحُكم سريعًا
انظروا إلى ذقنه إنه إخوان، تخيلوا أنني كنت أحكم على كل من له لحية بأنه إخوان، حتى أنني اتهمت مسيحيًا معارضًا بالأخونة عندما اعترض على قرارات الحكومة، فالاعتراض على قرارات الحكومة جريمة يا سادة وكل من... آآآه؛ من الواضح أني ما زلت كما كنت.

التقليد الأعمى
أطلق الزعيم شعارات، وصرت أرددها مثله ليلًا نهارًا، فقد آمنت بأن العالم كله يريد تدمير الوطن، وأن العالم كله يخشى من الجنرال الحاكم، وأن مجلس رئاسة العالم يتآمر علينا، وأن جيشنا أقوى الجيوش رغم أنه لم يصنع سلاحًا واحدًا، لم يصنع إلا المأكولات ولم ينافس إلا التجار. ومع ذلك صرت مقلدًا  وأردد شعارات وهمية؛ المهم نبقى كدااا، هتبقى قد الدنيا؛ تحيا 3 مرات، موتوا بغيظكم.

تصديق الأكاذيب وتكذيب الحقائق
لم أحترم عقلي يومًا، كنت أستمع يومًا إلى أحد الخرفان الكبار، وقد نسب زيفًا بعض الكلمات إلى عميل حاصل على جائزة نوبل للسلام وقال أنه يدعو المواطنين لحمل السلاح؛ ومع أني اطلعت على حسابه الشخصي ولم أرى أي كلمة تحريض إلا أنني صدقت الخروف لأنني أشبهه، ودعني أخبرك أنه ما زال لدي شك في أن هذا الرجل المحرض الذي لم يحرض عميل وخائن. كما صدقت كل من قال أن الدولار ينهار أمام الجنيه، ينهار أسود، لقد شاركت في حملة #الدولار_ينهار.

أما الحقائق كذّبتها، فلم أصدق أن الرئيس المخلوع حرامي، ولم أصدق أن هناك معتقلين، ولم أصدق أن الشرطة تعذب المواطنين، وأنكرت الإخفاء القسري رغم اخفاء ابن خالتي، ولم أصدق أن الأسعار مرتفعة. 

الزيطة
كنت أدخل إلى جروب محبي الرئيس، وكان أحد الشباب الدولجية يعلن أن الحفلة اليوم على أحد المعارضين، فكنت "أزيظ في الزيطة" كنت بارعًا في التوبيخ والسباب ومتسرعًا جدًا، حتى أنني سببت والدي وقلت له "سلم على أمك" ولم أكتشف أنه "أبي" إلا بعد أن رُسم كفّ يده على قفايا!

 
لم أصدق أن الرئيس المخلوع حرامي، ولم أصدق أن هناك معتقلين، ولم أصدق أن الشرطة تعذب المواطنين، وأنكرت الإخفاء القسري رغم اخفاء ابن خالتي، ولم أصدق أن الأسعار مرتفعة. 
 

التبرير
"الله عليك، معلم والله، يا جماعة هو عمل القرار ده عشان يرضى السبعة أطراف المختلفين ويقرطسهم" هكذا كنت أبرر قرارات الزعيم التي فعلها من كان يحكم قبله وكنت أعترض حينها وأطالب برحيله. فلم أنظر للقرار وايجابياته وسلبياته، فقط كنت أنظر إلى من اتخذ القرار، وإذا كان معنا أبرر بشكل لا إرادي.

***
صديقي الإنسان الذي وقعت الرسالة في يده، عليك أن تُحرّر عقلك لتحافظ على إنسانيتك وألا تتحول إلى خروف.

أزهى عصور المكرونة


AP



عندما وقعت مجزرة الأولتراس في بورسعيد، فبراير 2012، كرهت كل شعب بورسعيد وتمنيت أن ينفصل عن مصر نهائيًا وتساءلت غاضبًا: بأي ذنب قتلوا؟ وكانت هناك أحاديث شبابية في القاهرة عن ضرورة الذهاب إلى بورسعيد للانتقام من كل الشعب (أحاديث جادة). 

 
لا أؤمن بنظرية المؤامرة التي تقول أن  قتل السفير الروسي أندريه كارلوف، متأثرا بجراحه جراء تعرضه لإطلاق النار في أنقرة، حدث بتدبير من جهة بعينها تسعى لإحداث وقيعة بين البلدين.
 

ولما وقعت مجزرة العباسية في مايو 2012، تساءلت عن فصيلة أهل العباسية، وكيف شاركوا في قتل المتظاهرين الذين احتشدوا في الشوارع من أجل مطالب الثورة، وكرهت منطقة العباسية وكرهت المرور منها.

مرت الأيام وعلمت أن تفكيري كان نتاجًا للغضب، والغضب أحيانًا ينتصر للحق، وأحيانًا أخرى يؤدي إلى أفكار هوجاء "إن الغضب وقلة الاحتمال هما أعداء الفهم الصائب"- هكذا قال غاندي.

فالعقل والمنطق يقولان، أن مجزرة بورسعيد لها قتلة يجب أن يُقدموا للعدالة، ولا يعقل محاكمة شعب بورسعيد بأكمله، ولو شارك بعض من أبناء بورسعيد في القتل ليس معناه مثلًا أن ننسى ملحمة أهالي بورسعيد في التصدي للعدوان الثلاثي. وأهالي العباسية منهم من كان في صفوف الثوار ويدافعون عنهم ويهتفون بمطالبهم، كان هذا التفكير بعد شهور وربما أعوام.

***
ما يحدث في سوريا من إبادة جماعية لا يقبله عقل ولا إنسانية ولا دين، لا يقبله إلا وحوش دامية، وما يحدث أدى إلى  مشاعر غاضبة تجاه القاتل الرئيسي والداعم الأكبر لما يحدث في سوريا "النظام الروسي" بقيادة بوتين. لذا لا أؤمن بنظرية المؤامرة التي تقول أن  قتل السفير الروسي أندريه كارلوف، متأثرا بجراحه جراء تعرضه لإطلاق النار في أنقرة، حدث بتدبير من جهة بعينها تسعى لإحداث وقيعة بين البلدين، أو تريد الانتقام من روسيا، أو تركيا. وفي تقديري أن الشرطي القاتل، البالغ من العمر 22 عامًا والذي يُدعى "مولود الطنطاش" لديه مبررات كافية تجعله يقتل سفير روسيا بصفته سفيرًا لنظام شارك في إبادة جماعية للشعب وفي تهجير فاحش لشعب سوريا بشيوخه ونسائه وأطفاله بدعوى الحرب على داعش، رغم علم الشرطي بأنه حتمًا سيخترق الرصاص جسده بعد ما فعله، ولكنه لم يبالِ، أراد الانتقام.

***
لو فكرنا بمنطق الغضب والانتقام، فربما انفصلت بورسعيد عن مصر مثلًا، أو صار مسجد النور ميدانًا خاصة بدولة العباسية، ولا داعي لأن يعيش كل السفراء فلنقتل سفير روسيا والصين وإيران وسوريا لأن جميعهم شاركوا في الحرب على سوريا. ونعتقل سفير تركيا لانتمائه لجماعة الإخوان، ونتخلص من سفير السعودية لمشاركة نظامه في الحرب على اليمن، ولا تنسى أخي القارئ أنه يجب علينا أن نضرب سد النهضة بالطائرات لأن أثيوبيا ستقضي على مياه النيل، ودعونا نبدأ الحرب العالمية الثالثة، لا داعي لتضييع الوقت، هيا بنا، اصنعوا الأسلحة واستعدوا للحرب العالمية، أم أنكم ستحاربون بالشوم والسيوف؟

في 28 يونيو عام 1914، أطلق شاب رصاصتين، من مسدس "براوننغ 9 ملم 1910FN" قامت بعدهما "حرب عالمية" دموية اجتاحت معظم أنحاء أوروبا.

هذا الشاب الصربي، اسمه "غافريلو برينسيب". وأطلق رصاصتين على وريث عرش الإمبراطورية النمساوية الهنغارية الأرشيدوق "فرانز فرديناند"، الذي انطلق في مركبة مكشوفة فى شوارع المدينة الصربية (سراييفو) وبجواره زوجته. وكانت إمبراطورية النمسا والمجر قد ضمّت بالقوة إقليمي البوسنة والهرسك إلى ممتلكات الإمبراطورية، وأعلنت نيّتها ضم الصرب أيضًا، مما أثار سخط القوميين الصرب الذين كانوا ينادون بدولة صربية مستقلة تضم الصرب والبوسنة والهرسك.
وقد أدى الحادث إلى مقتل ولي العهد وزوجته صوفي، وبعدها بأسابيع تصاعدت الأحداث، حتى وصلت إلى حرب عالمية، بدأت في 1914 وانتهت في عام 1918، بعد مقتل ملايين الأوروبيين وانهيار 3 إمبراطوريات أوروبية.

وانتقمت الإمبراطورية النمساوية المجرية من مملكة صربيا في 28 يوليو عام 1914، بإعلان الحرب عليها في ذلك اليوم وغزوها، فردت ألمانيا بغزو بلجيكا ولوكسمبورغ، وسرعان ما تحطّم السلام الهش بين القوى الكبرى فى أوروبا، وأصبحت هناك جبهتان متضادتان، الأولى تتكون من: صربيا، وروسيا، وبريطانيا، وفرنسا، وانضمت لها بعد ذلك إيطاليا، والثانية تتكون من: إمبراطورية النمسا والمجر، وألمانيا، وانضمت لهما بعد ذلك الإمبراطورية العثمانية.

انتهت الحرب باستسلام ألمانيا وانهيار إمبراطورية النمسا والمجر. وتم توقيع معاهدة "فرساي" في "باريس" التى أدّت إلى محو إمبراطورية النمسا والمجر من خريطة أوروبا، وتحوّل ألمانيا من إمبراطورية إلى جمهورية، وانتهت الإمبراطورية العثمانية إلى محاضرات تاريخية فقط بعد أن تم تقسيمها على الدول المنتصرة وانهار اقتصاد العالم، واستعان الألمان بـ "هتلر"، فأشعلوا حربًا عالمية ثانية بسببها وجدت القنبلة الذرية.

فهل نحن مستعدون للدخول في حرب عالمية ثالثة؟!

أعلم أن هناك من يجيب بـ"نعم" مندفعًا صارخًا، دعونا ننتقم، وسنلقي بأنفسنا في بحار الدماء من دون خوف!

ولكن يا عزيزي أنت في موقف ضعيف للغاية، لا تصدق كلمات الأشعار التي تُقال تطبيلًا للأنظمة الديكتاتورية، نحن أقوياء، سنسحق العدو، إنها ليست معركة بالسيف، ولا تصدق أن العرب حاليًا قادرون على أي شئ أكثر من أكل المكرونة، بل نحن في أزهى عصور المكرونة، نحن لا نصنع أسلحة، ولا حتى فوانيس رمضان، كيف سنحارب؟!

بالإضافة إلى أن مفهوم المقاومة ليس من ضمنه قتل السفراء، وقلت سابقًا وما زلت أكرر:

سياسيًا، لا يُقتل السفراء.

دينيًا، لا يُقتل الرسل.

أخلاقيًا، لا يُقتل الرجل غدرًا.

ثوريًا، فلتقاتل في أرض المعركة.

 
سياسيًا، ودينيًا، وأخلاقيًا، وثوريًا، وإنسانيًا، ما يحدث في سوريا مجزرة بقيادة "بوتين" وأعوانه من الأنظمة القاتلة.
 

إنسانيًا، لا تتحول إلى قاتل كي تقاوم القاتل، وإلا صرت مثله "قاتل"!

ولأن على المرء أن يدافع عن نفسه بعد كل موقف قد لا يعجب كثير من الناس، فأقول أيضًا: سياسيًا، ودينيًا، وأخلاقيًا، وثوريًا، وإنسانيًا، ما يحدث في سوريا مجزرة بقيادة "بوتين" وأعوانه من الأنظمة القاتلة.

مات المناضل المثال "تامالت"


مئات الأشخاص يشاركون في تشييع المدون الجزائري محمد تامالت "alghad.tv"



-  هل أنت نادم على ما فعلت؟

 
 أضرب تامالت عن الطعام بعد أن فقد حريته، وتدهورت حالته الصحية، ودخل في غيبوبة، ولكن أحدًا من عواجيز السلطة لم يلتفت لتدهور صحته، وانتقل فيروس الموت في السجون من مصر إلى الجزائر.
 


= لماذا أندم؟! لقد كتبت عن هؤلاء ونشرت صورًا عن البذخ الذي يعيشون فيه مع أبنائهم، وبهذا أنا دافعت عن الجزائر.

كان هذا رد الصحفي الجزائري محمد تامالت، على القاضي الذي كان يحاكمه بتهمة "السب بحق رئيس الجمهورية وإهانة هيئة نظامية"، بعد نشره تقاريرًا مصورة عن بذخ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، والوزير الأول عبد المالك سلال، وزوجته وابنته، وقائد أركان الجيش قايد صالح وأبنائه.

قبل أن ينطق القاضي بحكمه، خاطب تامالت ضمير القاضي لعله يستيقظ؛ قائلًا:

= إنهم حذروني من صرامتك سيدي القاضي لكني أثق بصحوة ضميرك.

رد القاضي بعجرفة تليق بقاض لا يحكم إلا بما يرضي حاكمه:
- لا تتدخل فيما لا يعنيك وارحل.

 لم يستيقظ ضمير القاضي كما تمنّى تامالت، ولو دقيقة واحدة كانت كفيلة بأن ينطق فيها كلمة حق، ولم ينظر للأوراق ولا للاتهامات الموجهة لـ تامالت، وقرر الانحياز للديكتاتور العجوز "بوتفليقة" الذي بلغ من العمر أرذله، وقضى القاضي بتأييد الحكم على الصحفي الشجاع بالسجن عامين؛ في 9 أغسطس 2016.

 لو كان تامالت أعلن ندمه واعتذر للديكتاتور لربما رفق به الديكتاتور وبالتالي رفق به القاضي، لكن تامالت قرر أن يثبت على الحق حتى النهاية، وقرر ألا يرضي غرور بوتفليقة، وأن يصر على ما قاله مهما كانت العواقب.

الديكتاتور في كل زمان ومكان لا يتحمل أن يكون أحدهم شجاعًا، ويُحب أن يخضع له الجميع، بل  يروق له أن يلحقوا اسمه بلفظ الفخامة، ففي 29 فبراير 2016، قررت قناة "كنال ألجيري" الناطقة باللغة الفرنسية في التلفزيون الجزائري، استبعاد الصحفي "أحمد لحري" ومنعته من تقديم نشرة أخبار الثامنة؛ لأنه لم يذكر عبارة "فخامة الرئيس"، واكتفى بذكر  اسم الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"، وقال وزير الاتصال الجزائري حميد قرين، أن"الصحفي تمادى في عدم احترام صفة رئيس الجمهورية، وأن إدارة تحرير القناة وجهت لمقدم الأخبار عدة ملاحظات في هذا الشأن، ولكنه رفض التقيد بها". فلا عجب من محاكمة تامالت لأنه نشر صورًا وكتب مقالات وأشعار عن بذخ النظام الحاكم وفساده.

 أضرب تامالت عن الطعام بعد أن فقد حريته، وتدهورت حالته الصحية، ودخل في غيبوبة، ولكن أحدًا من عواجيز السلطة لم يلتفت لتدهور صحته، وانتقل فيروس الموت في السجون من مصر إلى الجزائر، ومات تامالت البالغ من العمر  40 عامًا.

***
الصحفي والشاعر محمد تامالت، من مواليد أغسطس 1975، درس علوم الصحافة والاتصال في جامعة الجزائر، التحق بمهنة الصحافة بالتوازي مع دراسته في صيف عام 1993، وتحول بعد تخرجه إلى كتابة المقالات التحليلية، وإجراء المقابلات والتحقيقات الصحفية، وكتب في صحيفة الشعب، والصباح، والأحداث، والمستقبل، كما كانت له مساهمات في الخبر ، والشروق، والواحة.

سافر إلى بريطانيا لإعداد رسالة الماجستير في الإعلام، ونُشرت له عشرات المقالات في القدس العربي، والشرق الأوسط، وميدل إيست أون لاين، والعرب تايمز، والأهرام، وإيلاف، كما عمل مراسلًا لقناة فرانس 24، وله قصائد منشورة في العديد من الصحف، وترجمات من الفرنسية والإنجليزية إلى العربية.

وفي بريطانيا كان يدير موقع "السياق العربي"، ويقود حملة نضال صحافية شرسة ضد ديكتاتورية العجوز بوتفليقة ورجاله، ولم تكن لديه حدود في انتقاداته للنظام الجزائري وفي كشف فضائحهم، وخصص في الموقع قسمًا بعنوان "ملفات ثقيلة"، عرض فيه تقاريره الجريئة التي تناولت فساد النظام الحاكم برئيسه وحكومته وجنرالاته وعائلاتهم، ولم يتوقف عند الخطوط الحمراء التي وضعها النظام أمام الصحافة والإعلام، حتى أنه تحدث عن قائد الجيش أحمد قايد صالح، ومدير المخابرات الجنرال بشير طرطاق وأشار لفسادهما.

ونشر تامالت صورًا أثبتت أن أبناء الجنرالات يؤدون امتحاناتهم في أماكن خاصة وأنهم لا ينجحون بمجهوداتهم مثل بقية أبناء الشعب الجزائري، وساهم في الحملة الإلكترونية التي فضحت وزارة التربية حينما منحت قسمًا كاملًا في إحدى مدارس "ورقلة" لابن الجنرال عبد الرازق الشريف ليؤدي الامتحان وحده.

وتفاخر تامالت حينها قائلًا: "نحن في  السياق العربي أول من تحدثنا عن أولاد الجنرال عبد الرزاق الشريف الذين يتعاملون مع الشعب مثل أمراء الخليج وقد نشرنا فيديو قبل أشهر يصور لكم حياة البذخ والسفه والمجون التي يعيشها وليد شريف ابن الجنرال الذي لطخ ذكرى الشهيد الخالد مصطفى بن بولعيد بمصاهرته إحدى أخواته، فإذا ظهر اسمه بين الناجحين فتأكدوا أن نجاحه كان بالغش" (مصطفى بولعيد، شخصية ثورية تاريخية وقائد عسكري جزائري و يُعد أحد قادة الثورة الجزائرية وجبهة التحرير الوطني).

لم تكن شجاعة تامالت نتيجة لكونه يعيش في بريطانيا مما جعله يضمن عدم اعتقاله، فقد عاد إلى الجزائر في يونيو الماضي، رغم علمه بأن احتمالية وجوده خارج السجن ضئيلة.

قرر أن يواجه النظام من داخل الجزائر، وكتب بعد وصوله "وصلت الجزائر منذ أربع ساعات، لم يتم توقيفي في المطار ولكن لا أمان في هذا النظام؛ فقد تبعتني سيارتان من المطار إلى منزل الوالدة الصغير التي فرضت عليّ إقامة جبرية ومنعتني من الخروج لمدة ساعة خوفًا عليّ".

 
مات تامالت مقتولًا أو مُضربًا عن الطعام لكن مات منتصرًا وشهيدًا للحقّ والأقلام الحرة النادرة في الصحافة، وبقي بوتفليقة على قيد الحياة متحركًا على كرسيه!
 

***
مات تامالت مقتولًا أو مُضربًا عن الطعام لكن مات منتصرًا وشهيدًا للحقّ والأقلام الحرة النادرة في الصحافة، وبقي بوتفليقة على قيد الحياة متحركًا على كرسيه، ليحتفل بإتمام 80 عامًا من عمره في مارس المقبل؛ وعلى 18 عامًا على حكمه للجزائر.

رحم الله كل "تامالت"، ورحمنا من كل "بوتفليقة".

كــذابــون


كارتون "الاشتراكيون الثوريون"



أوسعونا كذبًا أننا جميعًا سواسية، ولكننا لسنا كذلك، نحن ملايين مَحكومة لا يحق لنا إلا ما هم يقرروه، وهم مئات حاكمة يملكون كل شئ، ويتحكمون في كل شئ، ولا يضرّهم شئ؛ نحن لا نأكل مما يأكلون، ولا نشرب مما يشربون، ولا نلبس مما يلبسون، نحن لسنا سواسية.

 
كيف ننسى أن "سيد بلال" تم تعذيبه حتى الموت واتهامه كذبًا أنه مُفجر كنيسة القديسين، وخالد سعيد الذي مات من فرط التعذيب ثم قالوا أنه مات بعد ابتلاعه لفافة بانجو؟!
 


نحن المختفون قسريًا، والمعتقلون، والضحايا في كل شارع؛ وهم الخاطفون، والسجانون، وأصحاب السلاح، وأصحاب المصالح.

لم يعد من العقل أن نصدق ما ترويه الحكومة، بل بات إجرامًا في حق عقولنا أن نصدق حكومة كاذبة، فكل شئ يحدث على الأرض مخالف لروايتها الرسمية، الأمور باتت واضحة، متكررة، ماسخة.

روايات الحكومة، جميعها، الصدق فيها استثناء.

***
أخبرونا أن تيران وصنافير سعوديتان، كذابون، إنهما مصريتان ولا وثيقة واحدة تثبت سعوديتهما.

وعدونا أن أسعار السلع الأساسية لن ترتفع، كذابون، ارتفعت 4 أضعاف في عامين.

أشاعوا أن الدولار ينهار أمام الجنيه المصري، كذابون، والجنيه تم اغتصابه من جميع العملات.

قالوا أن تعويم الجنيه لن يؤثر على الغلابة، كذابون، عوّموا الجنيه، وأغرقوا المصري، وكادت الطبقة الوسطى أن تتبخر بعد أن وضعت على جمر من قرارات الحكومة.

سنرفع الجمارك على السلع المستفزة، كذابون، المنظفات ليست مستفزة، لا مستفز سوى كذبهم.

***
إعلامهم لا ينطق بالحق أبدًا، يُضلّل، يخفي الحقائق، ينقل وجهة النظر المؤيدة للنظام فقط، يمنع أصواتًا مؤثرة من الظهور، كل من يملك سلطة في هذا الوطن كذّاب.

أخبرنا السيسي نفسه أن "تفجير كنيسة البطرسية لم يتم بسبب خلل أمني، وأن ما حدث ضربة إحباط للإرهابيين"، فهل من العقل أن نصدق أن الإرهابيين محبطون، ويبكون ليلًا ونهارًا بعد تفجير الكنيسة البطرسية؟ فما هي خسائرهم كي يُحبطوا؟! نحن الخاسرون، خسرنا 25 إنسان.

***
فليخبرونا  بربهم كيف نصدق روايتهم ونسلم بأن الأمن قد استطاع أن يصل إلى كل المعلومات عن مفجر الكنيسة البطرسية؟ وأنه الفتى "محمد شفيق محمد مصطفى".

لا أكتب هنا كي أؤكد أنه هو أم لا؟ لأنني لا أملك أدلة واضحة، وتلك هي الكارثة، "لا أدلة واضحة" ولا أحب أن أكتب كذبًا ما لا أعرفه، لكني أكتب سردًا لأسباب منطقية يتسائل عنها كثير من الناس ممن لا يصدقون رواية الأمن والسيسي.

***
وقائع كثيرة جعلتنا لا نصدق الرواية الرسمية:

-  أعلنت وزارة الداخلية في 7 ديسمبر الماضي، عن تصفيتها ل "محمد سيد حسين زكي، وعلاء رجب أحمد عويس، وعبد الرحمن جمال محمد عبدالرحمن". بعد اتهامهم بالانضمام لحركة "حسم" التي تبنت تفجيرات عديدة في مصر، وقالت أن الثلاثة هاجموا قوات الأمن بإلقاء الرصاص الحي صوبها مما أدى للتعامل معهم وتصفيتهم.

لكن الحقيقة أن "محمد سيد حسين زكي" مختف قسريًا منذ إلقاء قوات الأمن القبض عليه في 9 أكتوبر 2016، من أحد الكمائن واقتياده لجهة غير معلومة؛ وتقدّم والده ببلاغات إلى وزارة العدل والمجلس القومي لحقوق الإنسان تفيد بالقبض على نجله وإخفائه قسريًا.

أما "عبد الرحمن جمال محمد عبد الرحمن" الطالب بكلية العلوم جامعة المنيا، والمحكوم عليه غيابيًا بالسجن المؤبد، اختطف في 25 أغسطس 2016، على أيدي أفراد الأمن الوطني بمدينة 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة، ورفضت السلطات تقديم أي معلومات عن مصيره أو مكان احتجازه، بعد بلاغ  تقدم به شقيقه إلى النائب العام منذ 4 شهور يطالب فيه وزير الداخلية بالكشف عن مكان احتجاز شقيقه، ما دفع المفوضية المصرية المعنية بالدفاع عن ضحايا الإخفاء القسري، بتسليم اسمه إلى الفريق المعني بالاختفاء القسري بالأمم المتحدة.

و"علاء رجب عويس" قد ألقي القبض عليه في سبتمبر الماضي، وتعرض للإخفاء القسري منذ ذلك الوقت، حتى أعلنت الداخلية تصفيته.

- أعلنت السلطات المصرية في سبتمبر الماضي تصفية الطالب "أحمد مدحت" المحكوم عليه غيابيا بالسجن لمدة عامين، أثناء محاولته الهرب من مداهمة الشرطة لأحد الأماكن التي تمارس فيها "الدعارة".

والحقيقة أن أحمد مدحت تم تعذيبه حتى القتل بعد إخفائه قسريًا وكان متهمًا في قضية تظاهر، وهذه ما رواه والده في وسائل الإعلام، وأثبتت الأيام صدق روايته؛ حيث قضت محكمة مصرية ببراءة مدحت، من اتهامه بالتواجد في أحد الأماكن التي تمارس فيها الدعارة.

-  قالت الداخلية في بيان رسمي 25 مارس 2016، أنها: "ضبطت تشكيلًا عصابيًا تخصص في سرقة واختطاف الأجانب، وعثرت على متعلقات الطالب الإيطالي "جوليو ريجيني" بحوزتهم. وأعلنت تصفية 5 مواطنين لاشتباهها في تورطهم في سرقة وقتل الطالب الإيطالي.

السلطات الإيطالية، لم تصدق مزاعم السلطات المصرية بشأن التشكيل العصابي، وقالت إن مقتل الخمسة جاء للتستر على أن مقتل ريجيني جاء جراء التعذيب على يد سلطات الأمن المصرية. وتراجعت السلطات المصرية عن الرواية في ديسمبر الماضي حيث أكد النائب العام المصري المستشار نبيل صادق إصرار مصر على استمرار التحقيقات في قضية مقتل  جوليو ريجيني "حتى تحديد المسؤول عن ارتكاب هذا العمل الإجرامي وتقديمه لمحاكمة جنائية؛ وهو ما يُعد تصريحًا رسميًا بأن ال 5 الذين قتلوا، لا علاقة لهم بقتل ريجيني، كما يعني أن رجال الشرطة الذين قاموا بتصفية 5 مواطنين كانوا يملكون متعلقات ريجيني، فكيف عثروا عليها؟!

- من يمكنه أن ينسى زعم  قوات الأمن في 14 سبتمبر 2015،  بقتل إرهابيين متورطين في عمليات سابقة ضد الجيش والشرطة، ، ثم تراجعت الداخلية عن هذه الرواية، واعترفت بمسؤوليتها عن قتل 12 سائحًا مكسيكيًا (عن طريق الخطأ) لكن حدث ذلك بعد أن روجت  وسائل إعلام داعمة للنظام عن تورط إرهابيين في قتل السياح أثناء الاشتباك مع قوات الأمن.

 
روايات كاذبة لا نهاية لها، كيف ننسى أن قوات الأمن أنكرت اختطاف إسراء الطويل، وصهيب سعد، وعمر محمد، وإسلام خليل، وفي النهاية اكتشفنا وجودهم في السجون.
 


***
روايات كاذبة لا نهاية لها، كيف ننسى أن قوات الأمن أنكرت اختطاف إسراء الطويل، وصهيب سعد، وعمر محمد، وإسلام خليل، وفي النهاية اكتشفنا وجودهم في السجون.

كيف ننسى أن "سيد بلال" تم تعذيبه حتى الموت واتهامه كذبًا أنه مُفجر كنيسة القديسين، وخالد سعيد الذي مات من فرط التعذيب ثم قالوا أنه مات بعد ابتلاعه لفافة بانجو؟!

فليخبرونا، من الذي ابتلع لفافة "بانجو" فأثرت على عقله وصدق رواياتهم؟!

إرهابيون لا يحملون أسلحة



AFP

بيننا إرهابيون لا يحملون السلاح، لكنهم يفعلون حماقات تدل على أنهم مشاريع إرهابية ناجحة قابلة لحمل السلاح، ومن ضمن الحماقات التي يرتكبونها:
1- تبرير القتل
الإرهابي الذي لا يحمل سلاحًا ولا يقتل، تجده يبرر القتل وسفْك الدماء على الهوية، سيقول أن من قُتل يستحق القتل لأنه مؤيد لفلان، أو يستحق التصفية لأنه إخوان،  فهو يبرر مثلًا جريمة التصفية الجسدية التي ترتكبها الدولة في حق مواطنين عزل، ويبرر القتل العشوائي في سيناء، أو يبرر قتل عساكر الجيش بدعوى أنهم جنود فرعون.
2- الفرح عند سماع أخبار التفجيرات
الإرهابي الأعزل يعتقد دائمًا أن التفجيرات التي تحدث إنما هي نصرة للدين، فربما يحتفل ويصلي ركعتي شكر على تفجير ما، رغم أنه "من قتل نفسًا بغير نفسٍ فكأنما قتل الناس جميعًا" وقد يكون من قُتل من نفس دينه. والإرهابي من غير حاملي السلاح ليس كل من يحمل أفكارًا دينية متطرفة فقط، ولكنه قد يحمل أفكارًا تبدو في ظاهرها ثورية وفي باطنها همجية فيفرح مثلًا لرؤيته أن الأعمال التفجيرية تخدم الثورة، رغم أنه لو فكر قليلًا لتوصل إلى أنه قد يُقتل أحد من يؤمنون بالثورة في تفجير إرهابي، كما أن الثورة لا يجب أن تقتل كل من يخالفها الرأي.
3- تأييد قتل المعارضين
الإرهابي يَقتل معارضي النظام بكل بساطة حتى لو لم يكونوا مسلحين، ويؤيده في جريمته، إرهابي بدرجة مواطن، يعتقد أن المعارضة خيانة، ويجب أن تُقتل وتعلق لها المشانق، لأنه يربط بين الوطن وبين النظام الذي يحكمه حتى لو كان النظام فاشلًا وفاسدًا، فلو تمنى أحدهم سقوط النظام لأسباب يراها مقنعة، فهو بهذا يتمنى سقوط الوطن؛ حسب وجهة نظر الإرهابي الصغير الذي لا يحمل السلاح.
4- المحاكمات الجائرة
الإرهابي لا يؤمن بالقانون، ولا يحب العدل، ربما تجده في هيئة "إعلامي" يدعو للمحاكمات العسكرية، أو في هيئة "صحافي" يطالب بتطبيق قانون الطوارئ على الجميع من دون النظر إلى ضحاياه، أو في هيئة "قاضي" يحكم على مجموعة من الناس لأن شكلهم إخوان، أو يطالب بإعدام كل شباب 6 إبريل، والاشتراكيين الثوريين، والحقوقيين، والأحزاب المختلفة، والقضاء على روابط الألتراس؛ أليس هذا إرهاب؟!
5- إما أن نقتلهم أو يقتلونا
الإرهابي الذي لا يحمل سلاحًا يؤمن يقينًا بأن عليه أن يصير وحشًا ليقضي على الوحش الآخر، وهي قاعدة حمقاء تُدخلنا في دائرة اللا نهاية، فربما تجد أحدهم يؤمن بأن الضباط جميعهم يجب أن يقتلوا لأنهم سيقتلونا، أو العكس، تجد ضابطًا يؤمن بأنه يجب قتل كل من يحمل أفكارًا ثورية حتى لا تشتعل الثورة ضد النظام مجددًا، أو من يؤمن بأنه يجب أن نتحول إلى وحوش تقتل كل من يحمل أفكارًا دينية حتى لا يقتلونا وحتى نطبق الدولة المدنية.
6- التصنيف
"لا تقل على فلان شهيد فهو ليس من ديننا" هذه أول جملة يفكر فيها الإرهابي الأعزل عندما يجد كلمات تضامنية مع من قُتلوا من طائفة تحمل معتقدات تخالف معتقداته، فهو لا يؤمن بأن هناك ما يسمى شهيد الوطن، يوجد فقط شهيد الدين، وأول ما يلفت نظره هو الاستنكار؛ كيف يقول على فلان المسيحي أو فلان الضابط أو فلان المعارض "شهيد"، كيف تحضر جنازة مسلم؟ ستغضبه كلمة "شهيد" أكثر من إراقة الدماء.
7- الكراهية المطلقة
هو لا يؤمن بأن الإختلاف في الرأي مجرد اختلاف عقلاني لا أكثر ولا أقل، فتسيطر عليه الكراهية عندما يعلم أن فلان يحمل أفكارا تخالف أفكاره؛ سياسية كانت، أو دينية، أو رياضية؛ وغيرها. فالإنسان السويّ لا يكره المختلفين معه فكريًا، لا سيما لو أنهم  ليسوا قتلة أو سارقي ثروات البلاد، إنهم فقط لهم عقول قادتهم إلى تفكير عكس تفكيره؛ ومن يكره لمجرد الاختلاف في الرأي لو تمكن من حمل السلاح في يوم ما سيتخلص من كل معارضيه.
8- التسليم بما يقوله البعض في حتمية القضاء على الآخرين
هو لا يفكر فيما يقال من تحريض على القتل، ويسلم لما يقوله فلان الإعلامي في أنه يجب القضاء على الجماعة الفلانية من أجل مصر، أو يسلم عقله لهذا الخطيب الذي يدعو على المسيحيين في خطبة الجمعة فيسمعه أحدهم لأنه يسكن في مبنى المسجد، أو فلان الذي سمع من صديقه أن المسلمين احتلوا مصر ويجب طردهم منها يومًا ما، كل هذا التسليم ربما يُترجم إلى فعل إجرامي وقت امتلاك السلاح.
9- التساهل في التكفير
الإرهابي يُكّفر كل كائن لا يحمل أفكاره،  يكفّر من اجتهد في تفسير نص مقدس بطريقة لم يعتاد عليها، فهو لا يؤمن بأن النص فقط هو المقدس ولكن تفسير النص مقدس، لا يجب أن يفسّره إلا شيخه، أو عالمه المفضل، والإرهابي الصغير الذي يكفر الناس ستجده يحكم على فلان بالكفر لأنه يرتدي كذا أو يكتب هكذا، أو يفعل كذا، أو يصاحب فلان.
10- تمني الخراب
الإرهابي من غير حاملي السلاح،  يتمنى مزيدًا من الخراب والأعمال الإرهابية ليجعل الناس يندمون على تأييدهم للنظام، أو ليبرر قمع النظام ويجد مبررات لما يرتكبه النظام من أفعال إجرامية كالتصفية الجسدية والاعتقال والإخفاء القسري والتعذيب؛ وربما يتمنى مزيدًا من القمع لمن يحملون أفكارًا غير أفكاره حتى ينضموا لصفوفه ضد النظام، أو حتى يقضي عليهم لأنه خالفوه.
11- الدعوة لترك الوطن
هناك إرهابي  يظن نفسه مالك الوطن، وأن والدته معها عقد إيجار قديم يثبت ذلك، فتجده يردد مقولة بلهاء لكل من قال قولًا لا يعجبه "مش عاجبك سيب البلد وامشي"، وهذه الجملة منتشرة بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي؛ أذكر أنني كتبت مقالًا سابقًا ينتقد المؤتمر الشبابي وطريقة انتقاء الشباب، فقال أحدهم: "لا يحق لك أن تكتب وأنت خارج البلاد"، وعندما أخبرته أنني فعلًا موجود هنا ولست مهاجرًا؛ قال: "مش عاجبك سيب البلد وامشي"، فهو يقرر من نفسه من يستحق أن يحمل الجنسية ومن الذي لا يستحقها.
وفي النهاية يبقى هؤلاء لا يقتلون أحد، على الأقل في وقتنا الحالي، لكن هناك عوامل أخطر و أكثر فعالية لصناعة الإرهاب مثل: غياب العدل، والتعذيب، وتكميم الأفواه، وانعدام العدالة الاجتماعية، وصعوبة الوصول إلى لقمة العيش، وهبوط مستوى التعليم؛ وغيرها من الأفعال والجرائم التي ترتكبها الأنظمة القمعية.
رحم الله ضحايا الإرهاب، إرهاب الدولة أو الأشخاص.


تيران وصنافير مصريتان.. هل حكومتنا كذلك؟!




في مشاهد تجلب العار، وقف "عواد" أمام المحاكم مرات عديدة، ليثبت أن الأرض ليست أرض شعبه، فعل المستحيل من أجل بيعها ولم يفلح في ذلك؛ ومن المنتظر أن يقف "عواد" أمام المحاكم الدولية ليحاول بيع الأرض أو التنازل عنها.. عواد يمشي وسط الحراسة المشددة خائفًا، مترقبًا، لأنه يعلم أن الأرض ليست "تكية" أهله ليفعل بها ما شاء ويتنازل عنها بعد أن سالت من أجلها دماء أجداده.


على الحكومة التي اجتهدت ووقفت أمام المحاكم لتثبت أن جزيرتي تيران وصنافير سعودية وفشلت، أن تجتهد لتثبت أنها حكومة مصرية؛ وأعتقد أنها ستفشل.


***
أغلب وسائل الإعلام الحكومية والخاصة تتحدث دائمًا عن المؤامرة الكبرى على مصر، وتحاول إثبات أن "الكرة الأرضية" تحالفت من أجل القضاء على الوطن، وأن كل من يعارض النظام خائن، وكل من ينتقد الحكومة فاسد، وكل من يدافع عن حقوق الإنسان عميل.. إعلامنا المصري تفنن في معاداة الصحافة عندما اشتعلت معركة بين الصحفيين والنظام، وحرّض الناس على الأطباء عندما انتفضوا لكرامتهم ولأجل الناس، ولما اعترض المحامون على ضريبة القيمة المضافة قادت وسائل الإعلام حملة شرسة عليهم وخوّنتهم.. فلا مانع من اتهام فئة كاملة بالعمالة أو الخيانة، فمثلًا: (الحقوقيون عُملاء، الأطباء إخوان، المحامون خونة، العمال مأجورين) لماذا؟ لأن لهم مطالب وحقوق مشروعة، ولأن مطالبهم تزعج النظام.. وبالنسبة لإعلامنا المصري الوطني الجميل فالنظام الحاكم هو الوحيد الذي يحب مصر حتى لو باع جزءًا من أراضيها، لهذا دافعت عنه باستماتة عندما تخلى عن جزء من أراضي مصرية، ومارست كذبها المعتاد على المواطن المصري مُحاولةً إقناعه أن جزيرتي تيران وصنافير سعوديتان، ولتلطخ يدها كالعادة في كل جريمة ترتكبها الأنظمة المختلفة في حق الشعب.. أم من حاول تنظيف يده فمصيره محتوم، فوجدنا مثلًا أن عصام الأمير، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون قرر تحويل أسرة برنامج "ثوار لآخر مدى" المذاع على شاشة قناة القاهرة، للتحقيق من قبل النيابة الإدارية، بدعوى خروج البرنامج عن المهنية والحيادية وعدم مراعاة الظروف المتعلقة بالأمن القومى، فما هي عدم المهنية بالنسبة لصاحبنا؟! عدم المهنية هي تغطية البرنامج لتظاهرات جمعة الأرض  الغاضبة في إبريل الماضي، تخيلوا؟!.. كما مُنع الكاتب الصحفي أحمد السيد النجار، رئيس مجلس إدارة الأهرام، من كتابة مقال له حول الجزيرتين بالصحيفة التي يترأسها بنفسه، ونشرها على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك.. فتضليل الناس هو الوطنية، ونقل الحقيقة خروج عن المهنية!

 ***
وقفت الحكومة أمام المحاكم لمحاولة إثبات ما لا يمكن إثباته (سعودية الجزيرتين) ونشرت أغلب وسائل الإعلام رواية الحكومة الخالية من أي وثيقة أو دليل رسمي، وتجاهلت كل الأدلة التي تثبت مصرية الجزيرتين والتي منها على سبيل المثال لا الحصر:

أن خريطة مصر التي صدرت طبعتها الأولى سنة 1912 وطبعتها الثانية 1913 موضّح فيها أسماء الجزر المصرية وضمنها تيران وصنافير؛ وإنشاء سجل مدنى مصري لجزيرة تيران؛ وكتاب وزارة المالية سنة 1945 باسم مسح لمصر، والذي ذكر اسم جزيرة تيران فى صفحة 46؛ وقرار وزير الزراعة في 1982 بحظر صيد الطيور والحيوانات في منطقة جزيرة تيران؛ وقرار وزير الداخلية في 1982 بإنشاء نقطة شرطة مستديمة في جزيرة تيران تابعة لقسم شرطة سانت كاترين؛ كما لم يثبت في أي وثيقة رسمية ممارسة السعودية لأى من أعمال السيادة على الجزيرتين قبل أو منذ إعلان المملكة سنة 1932م حتى وقتنا الحالي؛ بالإضافة إلى الأطلس التاريخي للمملكة العربية السعودية الذي طبع في عام 2000 ولم يشمل جزيرتى تيران وصنافير ضمن الجزر التابعة للسعودية.. وغيرها من عشرات الأدلة الثابتة التي ذكرت في مئات التقارير الصحفية ومقالات الرأي، وبالطبع في الأدلة التي قدمها المحامي خالد علي ورفاقة المتهمين دائمًا من وسائل الإعلام بأنهم زعماء المؤامرة الخارجية.

***
"من فضلكم أرجوا إن الموضوع ده منتكلمش فيه تاني، أرجو إن احنا منتكلمش فيه تاني، أنتم تسيئون لأنفسكم".. هكذا قال الرئيس عبد الفتاح السيسي للمعترضين على بيع الجزيرتين، بربكم من الذي يسئ إلى نفسه، من باع الأرض أم من رفض البيع؟!

* من الذي يسئ إلى نفسه ووطنه؛ من اعتقل مئات الشباب من البيوت والمقاهي والشوارع بتهمة الدعوة للتظاهر اعتراضًا على بيع جزيرتي تيران وصنافير للسعودية واتهمهم بإشاعة أخبار كاذبة عن مصرية تيران وصنافير؟ أم من دافع عن هؤلاء الشباب؟!

* هل يمكن محاكمة النظام الحالي على تهمة بث أخبار كاذبة بعد أن أثبت القضاء مصرية الجزيرتين وبعد أن أوصت مفوضي الدولة بتأييد حكم مصرية الجزيرتين ورفض طعن الحكومة، أم أن النظام سيحاكم القضاء بتهمة بث أخبار كاذبة؟!

* ما مصير كفالات مجموعها ٤ مليون و٧٠٠ ألف جنيه حصلت عليها الدولة للإفراج عن 47 متظاهرًا من متظاهري تيران وصنافير في أسبوع واحد، فهل تعود الأموال إلى أصحابها؟!

* إذا كان جمال عبد الناصر وأنور السادات ومبارك ومرسي لم يتنازلوا عن الجزيرتين، وإذا كانت كل الأحكام التي صدرت لصالح مصرية الجزيرتين، فكيف تجرأ السيسي على بيع الأرض بجرة قلم وهو لا يملك دليلًا واحدًا على سعوديتهما، فهل تعد هذه صفقة؟ أم أنه اعتبرها أرضه التي ورثها ليبيع فيها كما شاء؟!


إذا كانت الخيانة العظمى هي التخابر مع دولة أخرى، فالخيانة الأعظم هي التنازل عن جزء من الوطن لدولة أخرى، فهل يحاكم من باع الأرض بتهمة الخيانة العظمى؟!



* إذا كانت الخيانة العظمى هي التخابر مع دولة أخرى، فالخيانة الأعظم هي التنازل عن جزء من الوطن لدولة أخرى، فهل يحاكم من باع الأرض بتهمة الخيانة العظمى؟!

أخيرًا على الحكومة التي اجتهدت ووقفت أمام المحاكم لتثبت أن جزيرتي تيران وصنافير سعودية وفشلت، أن تجتهد لتثبت أنها حكومة مصرية؛ وأعتقد أنها ستفشل.

القراءة ليست للجميع.. والكرامة أيضًا !

مكتبة الكرامة


داعش، تجتهد في محاربة الكتب والكتابة والفنون، وكل شئ يمكنه المساهمة في أن يُثمر أفكارًا تخالف عقيدة الدم التي تؤمن بها، أحرقت مكتبات عامة، وأخرى خاصة، ودمرت مكتبة الموصل المركزية في العراق وصادرت الكتب التي لا تتبنى أفكارهم المتطرفة وأحرقتها.

 
النظام الحالي قد أعلنها صريحة في وجوهنا، يمكن للأطفال أن يقرأوا كتب المدرسة التي كتبتها بيدي، ويمكن للشباب أن يكتبوا ما شاءوا بمراجعة أمنية، فالقراءة ليست للجميع !
 

كذلك الأنظمة القمعية، تشبه الجماعات المتطرفة إلى حد كبير، تحارب القراءة والأفكار والوعي. الفرق أن الجماعات المتطرفة تحاصر الأفكار بدعوى الحفاظ على الدين، والأنظمة تفعل ذلك بدعوى الحفاظ على الوطن، وهذا ثابت عبر التاريخ.

 هتلر، عندما وصل إلى السلطة في ألمانيا، ليكتب تاريخه برماد الجثث المحروقة، لم تتحمل نازيته الكتب المخالفة له، وحمل طلاب وأساتذة جامعيون وقادة نازيون آلاف الكتب ووضعوها  في النيران التي أعدتها الجنود في ميدان الأوبرا في وسط برلين.

بينوشيه، أيضًا أحرق الكتب التي لا تتفق مع عقيدته في الساحات؛ وزجّ بالكُتّاب في السجون بعد انقلابه على سلفادور الليندي في بداية السبعينات من القرن الماضي.

وفي القرن السادس عشر، أحرق الأرشيدوق دييغو دي لاندا كل مكتبات المكسيك القديمة.

الأنظمة القمعية والجماعات المتطرفة كما يؤمنان بالدبابات والسيوف لبقائهما، يؤمنان بأن تجهيل الناس وتغييب عقولهم أمر ضروري لاستمرارهما، لأنهما لو لم يفعلا ذلك، قضت الشعوب عليهما.. كما أن الديكتاتوريات قائمة على الفقر، قائمة أيضًا على تغييب الوعي وهبوط مستوى التعليم، وكما لا يوجد ديكتاتور عادل، لا يوجد ديكتاتور يرغب في جعل المجتمع الذي يحكمه  منفتحًا على العالم، فنشر الثقافات المختلفة التي تحترم بعضها بعضًا، شئ غير ممكن إلا في مجتمع مدني. والديكتاتور يبغض هاتين الكلمتين (مجتمع ومدني).

أدركت الأنظمة المصرية ذلك فتعمدت تجهيل الناس، ولعل أحوال المدارس الحكومية والجامعات خير دليل على ما يحدث من تجهيل متعمد، فما زال مستوى التعليم في مصر يقف عند المركز قبل الأخير على المستوى العالمي، حسب المؤشر الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.

***
أدرك المحامي الحقوقي "جمال عيد" أن الإنسان الواعي والمثقف يستطيع أن يفهم حقوقه ويدافع عنها ويساهم في تطوير مجتمعه، فقرر محاربة الفقر الثقافي المنتشر في الأحياء المهمشة، ولما حصل على جائزة "رولاند بيرجر" للكرامة الإنسانية في ألمانيا، في نوفمبر٢٠١١، وقدرها 340 ألف يورو، لنشاطه في مجال حقوق الإنسان؛ لم يقم الرجل بشتغيلها في التجارة، أو في عمل مشروع يضمن مستقبل أولاده، ولو فعل لما استطاع أحد أن ينكر عليه ذلك.

 ولكنه قام بتخصيص قيمة الجائزة لإنشاء مكتبات عامة في الأماكن الشعبية المهمشة، لخدمة الفقراء ثقافيًا، وأسماها "مكتبات الكرامة"، وأنشئ 5 مكتبات عامة في أحياء طرة ودار السلام والزقازيق وبولاق الدكرور والخانكة، تخدم المكتبات نحو 40 ألف مواطن، وكما اعتمدت على جائزة "عيد" ومتطوعين من المجتمع المحلي من أجل تنظيم ورش عمل ومحاضرات لرواد المكتبة، اعتمدت في استمرارها على التبرعات العينية، فرفض "عيد" أي تبرعات مالية وطلب ممن يريدون التبرع المادي أن يستبدلوه بالكتب.

 كان للمكتبات نشاطات مختلفة، منها تشجيع شباب المناطق الشعبية على الكتابة في جريدة محلية تصدرها المكتبة، والتعبير عن آرائهم وعن مجتمعاتهم المهمشة.

وكان "عيد" يريد إنشاء فروع آخرى في أحياء متعددة، بل وإنشاء مكتبات في السجون بشرط تفعيلها والسماح للمساجين بالاستفادة منها، لا أن تكون مجرد مكتبات مغلقة، ولكن نظامًا لا يسمح بدخول الكتب إلى المساجين لا يمكنه قبول إنشاء مكتبات لن تكلفه جنيهًا واحد داخل السجون؛ بل لا يمكنه تحمل مكتبات خارج السجون.

لم يهتم النظام بالفقراء، فكما ساهم في تجويع بطونهم يساهم أيضًا في تجويع عقولهم، فلم يترك مكتبات الكرامة وشأنها، لا يحق للفقراء أن يقرأوا حتى لا يدركوا حقيقة حاكمهم، ولا سيما في مكتبات أنشأها حقوقي يدعم حرية الفكر والتعبير وتكرهه الدولة، فهو الحقوقي الذي يصدر تقاريرًا فاضحة لانتهاكات النظام، أي نظام، وهو الحقوقي الذي لا يشبه حافظ أبو سعدة أو داليا زيادة في النفاق للنظام، وهو الذي لا يمكنه المشاركة في تضليل الناس وإرسال رسالة مفادها أن السجون تشبه الفنادق.

كما لم يكن شريكًا مع أحد أعمدة النظام الحالي في مكتبات الكرامة كي يحميها من الاعتداءات والتشميع. أطلق على المكتبات اسم "الكرامة" في ظل نظام  يدهس كرامة المواطنين.

أغلق النظام ثلاث مكتبات من مكتبات الكرامة في الزقازيق، وطرة، ودار السلام، من دون محضر رسمي أو أمر قضائي.. ولا أدري شعور رجال الشرطة وهم يقتحمون مكتبات بها أطفال وليست أوكارًا لتجارة المخدرات ليطردوهم منها ويضعون عليها الشمع الأحمر. ناهيك عن الكراهية التي ستعشش في عقول الأطفال تجاه من أغلقوا مكتبات كانوا يتعلمون بها الرسم والفنون.

 
لم يهتم النظام بالفقراء، فكما ساهم في تجويع بطونهم يساهم أيضًا في تجويع عقولهم، فلم يترك مكتبات الكرامة وشأنها، لا يحق للفقراء أن يقرأوا حتى لا يدركوا حقيقة حاكمهم.
 

النظام الحالي قد أعلنها صريحة في وجوهنا، يمكن للأطفال أن يقرأوا كتب المدرسة التي كتبتها بيدي، ويمكن للشباب أن يكتبوا ما شاءوا بمراجعة أمنية، فالقراءة ليست للجميع، لأن انتشار الثقافة والأفكار المختلفة بين عامة الناس يجعلهم لا يمضون خلفنا كما نريد، ولن نسمح بذلك. وانتشار الجهل يُعمي الناس عن الحقائق، ويجعلهم يرون الباطل حق، والحق باطل، ويحبون الفساد، ويكرهون الثورات التي اشتعلت من أجل التغيير للأفضل. وهذا ما نريده.
#لا_لغلق_مكتبات_الكرامة