إلى «السيسي» عن «سد النهضة» .. مبروك على إيه؟

سد النهضة (Globallookpress dpa / Gioia Forster)

مدد

في وقت يعمل فيه نحو 8500 عامل، على مدار الساعة في سد النهضة بأثيوبيا، من أجل انشاءه في أقرب وقت ممكن، أدلى الرئيس المصري والمرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي تصريحًا صحفيًا، عقب انتهاء القمة الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان الاثنين 29 يناير 2011 “نحن نتكلم كدولة واحدة.. الـ3 دول صوت واحد. مفيش أزمة. مبروك”. وأكد على أن مصالح شعوب دول مصر والسودان وإثيوبيا واحدة.
جاءت تصريحاته عقب جلسة موسعة مع نظيره السوداني عمر البشير ورئيس وزراء إثيوبيا هيلا ميريام ديسالين. لم تقتصر المباحثات لم تقتصر على ملف سد النهضة، وانما امتدت لبحث العلاقات بين الدول الثلاث، وإعلان المبادئ التي تم التوقيع عليها في شرم الشيخ عام 2015ـ والتي من أهمها “تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، منع التدخل الخارجي في الشئون الداخلية للدول الأعضاء، حظر كل التدخلات السياسية في شئون الدول وما يخصها الإحجام عن تقديم أي دعم للجماعات الانفصالية والتنظيمات الإرهابية. إنشاء مركز لمكافحة الإرهاب يكون مقره في القاهرة”.
دائمًا ما يطمئن الشعب

لم يكن هذا التصريح الذي اعتبر أنه لا توجد أزمة في الأساس، والذي قال فيه “مبروك” هو الأول من نوعه، في ديسمبر 2015، وأثناء تدشين السيسي مشروع الـ1.5 مليون فدان قال السيسي للمصريين: “اطمئنوا.. الأمور ماشية بشكل جيد ومطمئن.. أنا ما ضيعتكمش قبل كده، عشان أضيّعكم تاني.. اطمنّوا”، مؤكداً أنه “لن يضيع حقوق مصر، وأنه يعلم أن مياه نهر النيل “مسألة حياة أو موت” بالنسبة للمصريين. لكنه لم يذكر أي معلومة حينها عن الكيفية التي لن يضيع بها المصريين، واستمر في الحديث عن مشروعات صناعية أخرى، قال حينها أنها ستنتهي في غضون من 6 شهور إلى عام، منها مدينة لصناعة الرخام بسيناء، وأخرى للأثاث بدمياط، وثالثة للجلود بالقاهرة الجديدة.
أثيوبيا تتهم “عناصر مصرية”
يبدو أن العلاقة بين مصر وأثيبويا ليست على ما يرام، كما يبدو أن مصلحة البلدين ليست واحدة كما يزعم السيسي، فسابقًا اتهم الناطق باسم الحكومة الأثيوبية، غيتا شو رضا، ما وصفه بالـ”العناصر المصرية والإرترية” بالوقوف خلف أعمال الشغب والاحتجاجات التي شهدتها البلاد، والتي دفعت الحكومة لإعلان حالة الطوارئ. وأدت هذه الأحداث إلى وقوع قتلى، قال ناشطون أنه عددهم تخطى 500، وقالت الحكومة الإثيوبية أن عددهم لم يتخطى 50، ولم يتثنى لنا التأكد من صحة الأرقام.
قررت أثيوبيا حينها استدعاء سفير القاهرة لديها، وقالت الحكومة الأثيوبية حينها “إن مصر وإريتريا ضالعتان في “تمويل وتسليح وتدريب هذه العناصر” التي وصفها بأنها “عصابات مسلحة”.

السودان ومصر.. لا مصالح مشتركة

تصريح الرئيس السيسي عقبانتهاء القمة الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان، كان يحاول توصيل رسالة مفادها أن المصالح بين واحدة، فهل هي كذلك؟
في يناير من العام الجاري، أعلنت وزارة الخارجية السودانية استدعاء السفير السوداني في القاهرة للتشاور دون إبداء السبب أو مدة بقائه في الخرطوم. كان الاستدعاء دليلًا واضحًا على تضارب المصالح المشتركة بين البلدين.
تصاعدت حدة التوتر بين القاهرة والخرطوم على خلفية خطاب تقدم به السودان للأمم المتحدة سابقًا يعترض فيه على اتفاقية تعيين الحدود البحرية التي وقعتها مصر والسعودية العام الماضي، والتي أوقعت مدينتي حلايب وشلاتين داخل
حدود مصر بينما تعدها السودان ضمن أراضيها.
الخرطوم تتهم القاهرة

اتهمت الخرطوم مصر بالتعدي على حصتها من مياه نهر النيل، وقال وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور “إن مصر كانت على مدى السنوات السابقة تأخذ حصة السودان من مياه النيل المنصوص عليها في اتفاقية عام 1959 الخاصة بتقسيم مياه النهر بين دول حوض النيل”.
وزير الخارجية السوداني قال “إن الوقت قد حان لأن تدفع مصر ما عليها من استحقاق وتحصل السودان على حصتها كاملة دون نقص “.
وهو ما نفته وزارة الخارجية المصرية، متمثلة في وزيرها سامح شكري الذي قال “إن السودان يستخدم بالفعل كامل حصته من مياه النيل ومنذ فترة طويلة”.
جاءت هذه الاتهامات بعد فشل جولة تفاوض بين مصر والسودان وإثيوبيا بخصوص سد النهضة.
أزمة دارفور

اتهم الرئيس السوداني عمر البشير في مايو 2017، الحكومة المصرية مصر بدعم متشددين وحركات متمردة في إقليم دارفور، كما اتهم مصر ببيع ذخائر فاسدة للجيش السوداني. وهو ما رد عليه السيسي قائلًا “إن مصر تلتزم بعدم التدخل في شؤون الآخرين.
أزمة سواكن وحظر الاستيراد

قررت السودان تسليم تركيا إدارة جزيرة سواكن الواقعة في البحر الأحمر لفترة زمنية غير محددة، وهو ما خلق عداء من الإعلام المصري تجاه السودان، واعتبرتها وسائل إعلام محسوبة على النظام المصري عداء ضد مصر.
هذا بالإضافة إلى قيام الخرطوم بحظر واردات المنتجات الزراعية من مصر. من التتبع الماضي ندرك أن المصالح بين مصر والسودان ليست مشتركة على الإطلاق.


تحذيرات مصرية مستمرة

في نوفمبر 2017 قال الرئيس السيسي أنه “لا أحد يستطيع المساس بمياه مصر” وأكد على أنها “مسألة حياة أو موت” وأضاف “لا أحد يستطيع أن يمس بمياه مصر، وتحدثنا مع أشقائنا في السودان وإثيوبيا من البداية على 3 عناصر منهم عنصر عدم المساس بالمياه” جاءت هذه التصريحات بعد تعثر المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان حول سد النهضة”.
ودعا السيسي المصريين إلى الحفاظ على المياه، معتبرا أن التبذير في استهلاكها يعد “تجاوزا في حق مصر”.

إذا استطعنا حل المشكلة.. فلماذ نشرب من مياه الصرف الصحي؟!
بدأت حملة إعلامية مبكرة تحاول أن تمهد المصريين لشرب مياه الصرف الصحي بعد تحليتها، فنشرت جريدة صوت الأمة موضوعًا بعنوان تعرف على أنواع مياه الصرف الصحي تحاول فيه إظهار أن كل شيء على ما يرام، وأنه لا مانع من أن نشرب مياه الصرف الصيحي بعد تحليتها وجاء في تقريرها “تصنف مياه الصرف الصحي حسب مصدرها إلى مياه الصرف الصحي المنزلية: وهي عبارة عن المياه العادمة القادمة من المنازل، والأماكن التجارية كالأسواق، والمطاعم، والبنوك، والأماكن المؤسسية كالمدارس، والمستشفيات، وتختلف كمية المياه العادمة القادمة من المنازل باختلاف ساعات اليوم، والأيام، والفصول، وتتميز مياه الصرف الصحي المنزلية الجديدة برائحة تشبه رائحة الكيروسين، أما مياه الصرف الصحي القديمة فتتميز برائحتها الكريهة جداً، كرائحة البيض الفاسد المُشابهة لرائحة كبريتيد الهيدروجين، وتمتلك مياه الصرف الصحي الحديثة اللون الرمادي، أما مِياه الصرف الصحي القديمة فتمتلك لوناً أسوداً، وتتراوح درجة حرارة مياه الصرف الصحي المنزلية ما بين 10-20 درجة سيليسية.
أما مياه الصرف الصحي الصناعية: هي المياه العادمة القادمة من المصانع المختلفة، هي المياه المتسللة إلى شبكات الصرف الصحي من آبار المياه الجوفية عن طريق الارتشاح والتسرب من خلال الأنابيب التالفة أوعن طريق وصلات الأنابيب، بالإضافة إلى مياه الأمطار التي تدخل عن طريق المناهل والمصارف.
أما مياه الأمطار: هي عبارة المياه الناتجة عن ذوبان الثلوج أو الأمطار التي تدخل شبكات مياه الصرف الصحي”
وفي يناير 2018 خلال افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى ما أسماه “عددًا من المشروعات القومية” أعلن عن تحدٍّ جديد للدولة، تمثل فى إنشاء محطات تحلية مياه، ومعالجة مياه الصرف الصحى، للمحافظة على كل نقطة مياه فى مصر، وقال حينها «ما يتم فى مصر حاليًا أكبر مشروع فى تاريخ مصر لمعالجة مياه الصرف الصحى والتحلية، فالدولة وجهت جهودها لإنشاء المحطات ليس من باب الترف، ولكن لحل مسألة محتملة، مش ممكن هنسمح إن تكون فيه مشكلة مياه فى مصر، كدولة وحكومة وقيادة، فالدولة لا تسعى للحفاظ على حصتها فقط من المياه، ولكن لتعظيم الاستفادة من كل قطرة مياه». وفي أغسطس 2016، أعلن السيسي عن بداية ضخ 3.5 مليار متر مياه صرف صحي في محطات مياه الشرب لمعالجتها. وهو ما يعني قطعًا أنه “ليس كل شيء على ما يرام”.

تفاءلوا بالخير كما شئتم.. لن تجدوه!


رويترز




"حتى الآن لم يتم إعلان أسماء المرشحين لمنصب الرئاسة، واكتفوا بإعلان اسم الفائز"
(جلال عامر)
 
كنت أشعر حينها بالتفاؤل إلى حد السذاجة عندما أعلن المحامي خالد علي ترشحه لانتخابات الرئاسة، اعتبرت أن حضوري في مؤتمر إعلانه الترشح للرئاسة واجب، من أجل الفقراء، والعمال، والفلاحين، والموظفين، ومصرية تيران وصنافير، وأحلام مترهلة لا تنتهي. كنت أتفق حينها مع من قالوا إن المشاركة في الانتخابات واجب من أجل ما يطلق عليه "تحريك المياه الراكدة".

أدركت مؤخرًا أنها ليست مياه، وليست راكدة، إنه وحل، طوله 7 آلاف سنة، مليء بـ"روث الحكام"، وفي أسفله يجلس ملايين البشر، يشاهدون التلفاز، ويتحدثون عن التقدم الهائل في كرة القدم، وأحدهم يقول "الحمد لله، إنه فخر العرب وأفريقيا"، وآخر يرد "انظر كيف يجري في الملعب؟ ثم تسقط على رأسه "قطعة روث" من حاكم عربي، فيزيحها، ويكمل حديثه عن إنجازاتنا في كرة القدم.. "بسم الله ما شاء الله، أنظر كيف استلم الكرة على صدره، وكيف ابتلعها بمؤخرته؟!".

مما لا شك فيه.. أننا في عام 2018، وما زال هناك من يكتب مقولة "مما لا شك فيه" مع أن كل آرائنا تحتمل الشك، إن دل على هذا على شيء فإنما يدل على أننا لم نتقدم خطوة واحدة، وبما أننا لم نتقدم، فدعوني أكتبها مرة واحدة في حياتي، وأقسم لكم أنها المرة الأولى والأخيرة التي أستعين بهذه المقولة "المتفزلكة" التي تشعرني الآن أنني كاتب في جريدة ورقية حكومية ويجب أن أكتب المقال "اسطمبة" واحدة، وكأنني أصنع قميصًا ولا يمكنني تجاوز قصة "الجيرو" مثلًا، لأنها من ضروريات صناعة القميص؛ ومن ضروريات الكتابة في جريدة حكومية أن نستعين بهذه المقولة الواثقة.

"مما لا شك فيه" أن خالد علي شفّاف؛ لا يراه هؤلاء الذي يجلسون في المنازل ليستمعوا إلى عويل أحمد موسى، وشخير عزمي مجاهد، وصراخ عمرو أديب، وتطبيل معتز عبفتاح؛ لا يراه إلا أنا وبعض الأصدقاء، وبعض متابعي القنوات العالمية، ورواد السوشيال ميديا.

إنه شفاف، لا تراه كل الجرائد الخاصة والقومية، ففي هذا اليوم نشرت الجرائد المصرية بإجماع صور عبد الفتاح السيسي على صدر صفحاتها الرئيسية، وما زال المفتش كرومبو يبحث عن صورة واحدة للمرشح المحتمل، خالد علي، ولكن كرومبو لم يحصل عليه في الجرائد، ولن يحصل عليه، لأنه شفاف! مبنى ماسبيرو بأكمله، بما فيه من قنوات مرئية ومسموعة ومحسوسة، دينية وثقافية ورياضية وجنسية، لم ينطق اسم خالد علي حتى الآن، ولن ينطقه ما حيينا، لأن خالد علي شفاف! ليس معنى وصفي لـخالد علي بأنه شفاف أني أحاول إهانته، وهو نفسه يدرك جيدا كم أحترمه، ولكنه وصف للواقع، هناك ملايين لا يعلمون أن هناك مرشحًا اسمه خالد علي ترشح للانتخابات، بل هناك ملايين يؤمنون بأنه من رابع المستحيلات أن يشهدوا طوال حياتهم رئيسا غير عبد الفتاح السيسي.

وفي البرلمان، الذي لا أحب أن أُطلق عليه اسم "مجلس الشعب" لأني لست من هواة الكذب، تجمع النواب في "بهو الشورى" بمقر البرلمان، حيث كانت القاعة مجهزة بطاولات، على كل طاولة يجلس موظف باستمارات مجهزة بالنموذج الذي أعدته الهيئة الوطنية للانتخابات، وبدأ السادة أعضاء السيد الرئيس، عفوًا، أعضاء النواب، بملء استمارات التزكية للترشح للانتخابات الرئاسية، وكانت كلها تصب في مصلحة مرشح واحد، عبد الفتاح السيسي. لم ترصد جريدة أو موقع إلكتروني أو مطعم كبدة جملي أن هناك عضوا من أعضاء السيد الرئيس قرر دعم خالد علي. هل يعني هذا شيئا سوى أنه شفاف؟!

رغم أني أعمل بمجال الصحافة، وأؤمن بأنه لا يجب على الصحفي أن يعلن عن رأيه في مثل هذه الانتخابات، إلا أنني كنت أتمنى دعم خالد علي بكل ما أوتيت من قوة، لأني شفاف مثله، ولأن كل من يحلم في هذا الوطن بوطن، وكل من يطالب بالحقوق، وكل من يطالب بالحياة، شفاف.

لا أريد أن أكسر من آمال أحد هؤلاء الذين انضموا إلى حملة خالد علي، وأعلم جيدًا أنهم يريدون تحريك المياه الراكدة، هذا لو استطاعوا العثور على المياه أصلًا، والحقيقة أنني أتعجب من هؤلاء الذين التفوا حول خالد ليدعموه، وأتساءل عن مصدر أملهم وتفاؤلهم، وأحسدهم أحيانًا عندما يقولون إنهم خرجوا من مبنى الشهر العقاري وحصلوا والحمد لله على توكيلات للمرشح الرئاسي خالد علي. أقسم لكم أنني لم يعد لدي أمل في القدرة على الجلوس في مقهى شعبي من دون شعوري بأن القهوجي مخبر، فكيف جئتم بهذا الأمل والتفاؤل، وكيف استطعتم إقناع أنفسكم بأنكم تحركون المياه الراكدة؟ّ!

أرفع لكم قبعتي احتراما، ونصيحتي لكم أن تستمروا في الحلم والأمل وفي أشياء أخرى، واجمعوا 25 ألف توكيل من 15 محافظة في 9 أيام، واكتبوا على وسائل التواصل الاجتماعي كثيرا عن خطتكم لحكم البلاد وعن برنامج خالد علي الاقتصادي. افعلوا كل ما يحلو لكم، وتفاءلوا بالخير كما شئتم.. ولكنكم لن تجدوه.
محبتي..

ضد عقوبة الإعدام.. لماذا؟

رويترز

مدونات الجزيرة

بداية.. هل تصدق/ي أن سجينًا سيعترف أمام الكاميرا بأنه "إرهابي، يقتل، ويخرب، ويدمر، ويحصل على تمويلات بهدف محاربة انجازات الحكومة التي لا يشعر بها أحد" من دون تعذيب؟! ألم تتسائل عما حدث له في احدى المقرات الأمنية السرية كي يعترف بكل هذا الجرائم؟! دعني أخبرك..

"قال أحد المعتقلين السابقين لـ هيومن رايتس ووتش إن العناصر في مركز شرطة في القاهرة اغتصبوه مرارا بإدخال عصا في فتحة الشرج. قال آخر إن ضباط الأمن الوطني في وزارة الداخلية هددوا باغتصابه. قال محتجز سابق لدى عناصر الأمن الوطني في منشأة بمحافظة الجيزة إنهم اقتلعوا أحد أظافره بكماشة وآخر بأسنانهم. قال محتجز آخر إن عنصرا من الأمن الوطني غرز في ذراعه مسمارا معدنيًا ملفوفًا بأسلاك مكهربة لزيادة آلام الصدمات الكهربائية. قال محام احتجزه عناصر الأمن الوطني في منشأة في محافظة الغربية إنهم لفوا سلكا حول قضيبه لصدمه بالكهرباء. قال 3 محتجزين سابقين لـ هيومن رايتس ووتش إن عناصر الأمن هددوا بتعذيب أفراد أسرهم إذا لم يعترفوا.

في معظم الحالات، أوقف عناصر الشرطة والأمن الوطني استخدام التعذيب بمجرد حصولهم على اعترافات أو أسماء أصدقاء ومعارف المشتبه بهم. لكن لم يعنِ ذلك أن محنتهم قد انتهت. في جميع الحالات تقريبا، كان التعذيب والاستجواب بمثابة مقدمة لإجراءات الادعاء، التي انتهى بعضها إلى المحاكمة".

باختصار، الذي اعترفوا أمام الكاميرات بأنهم ارتكبوا جرائم تقودهم إلى حبل المشنقة، في أغلب الأحيان تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب، كما أنهم لم يرتكبوا جرمًا سوى انتمائهم لجماعات يعاديها النظام. وهذا هو السبب الأول الذي يدعونا إلى رفض عقوبة الإعدام، غياب العدل، فقد نقتل إنسانًا لم يرتكب جريمة، ولعل علينا أن نؤمن بأن نجاة مذنب من القتل، خير من قتل برئ.

الإعدام لا يردع أكثر من السجن
فهل انتهت الجرائم بعد إعدام مجرم؟ وهل اتعظ إرهابي بعد إعدام خلية إرهابية؟ وماذا عن هؤلاء الذي يظنون أنهم عندما يُعدمون سيُقتلون في سبيل الله؟ أليس تفكيرهم هذا حافز على عدم الخوف من الإعدام؟!

في قراءة بجامعة جنوب ويلز قارنت نتائج 74 دراسة حول تأثير حكم الإعدام كرادع؛ كانت الكفة الراجحة في الأبحاث للقول بأن الإعدام ليس رادعًا وبأن حكم الإعدام يُنفذ غالبًا بسبب خلفيات إيديولوجية أو سياسية أكثر من كونه حكمًا للردع.

وإذا كان حكم الإعدام خصص للقضاء على الجريمة، فإن إيران من أكثر دول العالم تنفيذًا لأحكام الإعدام وكانت الثانية على العالم في عام 2007، وحينها أعدمت 317 شخص، فهل اختفت الجريمة في إيران؟! بالطبع لا، في عام 2009 كانت إيران في الثلث الأول بمعدلات الجريمة عالميا.

الإعدام لا رجعة فيه
نفذت مصلحة السجون المصرية حُكمًا بالإعدام لـ 6 أشخاص في القضية المعروفة إعلاميًا باسم "عرب شركس"، في 17 مايو 2015، وهم "محمد بكرى محمد هارون، هانى مصطفى أمين عامر، ومحمد على عفيفى، وعبدالرحمن سيد رزق، وخالد فرج محمد، وإسلام سيد أحمد إبراهيم". بعدها بأيام قررت المحكمة وقف حكم الإعدام، وإعادة فتح باب المرافعة.  هذا بعد أن تم إعدامهم! فهل يعودوا إلى الحياة مجددًا ليحاكموا؟! أما كل الأحكام بالسجن مهما كانت كبيرة، يمكن الرجوع عنها حال اكتشاف خطأ ما في القضية، وحال ظهور دليل جديد على براءة متهم، أما حكم الإعدام لا رجعة فيه. وهناك قاعدة تقول أن "إفلات مئة مجرم من العقاب أفضل من إعدام بريء واحد".

ألغى 141 بلدًا أو ما يعادل ثلثي بلدان العالم، عقوبة الإعدام في القانون فإذا كانت البلدان الأكثر تقدمًا تتجه نحو إلغاء الإعدام نهائيًا، فلماذا ننافس نحن في قتل البشر الأبرياء؟

- الإعدام أداة سياسية، تستخدمها الدول القمعية للتخلص من معارضيها، والتاريخ ملئ بقصص هؤلاء. فما بالك بحكومة تعتبر كل معارضيها خونة؟!

- الإعدام لا يقضي على الإرهاب، بل يخلقه، ماذا يفعل أبناء من تم إعدامهم؟ وخاصة لو كانوا أبرياء؟! هل تظن أنهم سيشاركون في الانتخابات أم في صناعة السلاح؟!

أما عن الرأي الذي يؤيد أحكام الإعدام حتى لا يخالف الشريعة الإسلامية، فلا أظن أن أي شريعة في الكون تقبل بأن يعدم أحدهم ظلمًا، كما أن الدول لا تطبق الشريعة، وإنما تطبق القانون.

في ديسمبر 1921، شهد سجن الحضرة عملية إعدام الأختين "ريا وسكينة" وبعد نحو 100 عام من ظهرت روايات موثقة عن برائتهما، وأشيع أن القضاء حينها كان خاضعًا للاحتلال الإنجليزي، وأن ريا وسكينة كانتا مناضلتين وتم إعدامهما ظلمًا. قد تكون هذه الرواية منطقية، وقد تكون عكس ذلك، قد تصدقها أو تُكذبها، وقد تلعن قائلها، ولكنك في كل الأحوال تتفق معي أن الجرائم لم تتوقف بعد إعدامهما، أليس كذلك؟!