لسماع المقال: اضغط هنا
وقف على المسرح بوجهٍ غاضب وشاحب، ربما من قلة النوم، فهو لا ينام سوى 4 ساعات، كما أخبرنا "مصطفى بكري" الذي لم يذكر كيف عرف عدد ساعات نوم الرئيس، والذي اشتكى من أن الرئيس يعمل وحده.
وفي الندوة التثقيفية «الخالية من الثقافة» ألقى علينا عبد الفتاح السيسى خطابه..
"مش عاوزين نستبق الأحداث ونتكلم لأن ده بيقلل من مصداقيتنا".
كاريكاتير للفنان أنور
عندما سمعت كلمة المصداقية، تذكرت «جهاز الكفتة».. هذا الجهاز العبقري الذي كان من المفترض أن يعالج المصريين، وفى النهاية طلع كفتة.
كما تذكرت ذلك الخطاب الذي ألقاه عبد الفتاح السيسي منذ شهر ونصف تقريبًا عن إنجازاته المبهرة، وقتها أخطأ الرجل وأطلق كلمة "تفريعة" بدلًا من "قناة" على مشروعه الذي تكلف الاحتفال به نحو 30 مليون دولار - حسب تصريحات الشركة المنظمة للحفل - كما أعلن أن عدد السفن ازداد 15 سفينة مما أدى إلى عودة 20 مليار جنيه من تكلفة التفريعة لخزينة الدولة.
وفى النهاية اكتشفنا أن تفريعة قناة السويس الجديدة تسببت في خسائر فادحة منها انخفاض سعر الجنيه المصري، كما أخبرنا هشام رامز محافظ البنك المركزي السابق.
أما جريدة "المال" فقد نشرت خبرًا عنوانه "قروض قنـاة السويـس تقترب من مليار دولار"، ورأينا وسائل إعلام غربية اعتبرت أن التوسعة التي نفذتها مصر في قناة السويس بمليارات الدولارات قد لا يحتاجها العالم نظرًا لتباطؤ الاقتصاد العالمي، فحدثونا عن المصداقية!
منذ شهر تقريبًا اختفى الشاب "عمر خضر" كغيره ممن تخفيهم الدولة ثم تنكر احتجازهم لديها، وبعد غرق الإسكندرية أصدرت وزارة الداخلية بيانًا تعلن فيه نجاحها في القبض على «فريق البكابورت» الذي سد البلاعات وكان "عمر" ضمن الأسماء التي ذكرتها الداخلية واتهمته بأنه سد البلاعات رغم أنه وقتها كان محتجزًا لديهم.
حدث نفس الأمر مع إسراء الطويل، وإسلام خليل، وصهيب، الذين أنكرت الداخلية احتجازهم، ثم ظهروا في السجون بعد فترات متفاوتة، وحدث مع 20 مواطنًا أخفتهم الداخلية وظهروا في مديرية أمن الجيزة متهمين في قضايا مختلفة. فحدثونا عن المصداقية!
"ما تحقق خلال السنتين اللي فاتوا كتير، تحقق كثير فى مجال الأمن والاستقرار".
بعدها بيومين فقط سقطت الطائرة الروسية في أرض سيناء، وأعلن تنظيم «داعش» الإرهابي مسؤوليته عن إسقاط الطائرة، ولكن الإعلام المصري حاول إثبات أن الطائرة سقطت وحدها «خبطت فى عمود مثلًا»، ثم أكد موقع BBC أن المخابرات الأمريكية رصدت مكالمات لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" تشير إلى مخطط لتدمير الطائرة الروسية، وإن صح الخبر، فهذا معناه أن قواتنا المسلحة لم تتمكن مما تمكنت منه مخابرات أمريكا في رصد المحادثات، مما يعدّ فشلًا ذريعًا في نشر الأمن والاستقرار اللذان تحدث عنهما السيسي، حتى أن لجنة التحقيق المصرية «ريحت دماغها» وأعلنت أن سبب سقوط الطائرة غير معروف.
الغريب أنه فى ظل تلك الأحداث الدامية تفرغت المخابرات الحربية للتحقيق مع الصحفي "حسام بهجت"، الكاتب بموقع "مدى مصر"، بسبب تحقيق استقصائي نشره عن محاكمات لضباط بالجيش متهمين بمحاولة الانقلاب على الحكم. فانتشر موضوع المحاكمات بإعلان التحقيق مع "حسام بهجت" ومازال حسام يتحقق معه فى المخابرات حتى كتابة تلك السطور.
كما لا يمكننا أن ننسى موقعة اغتيال النائب العام التي كشفت لنا مدى الهشاشة الأمنية، وعدم القدرة على تأمين شخصية هامة يشغل منصب النائب العام. فحدثونا عن الأمن والاستقرار!
"عايز أقول لكم إني بلتقي بناس كتير وكلهم بيقولوا إنكم قدرتوا يا مصريين تحققوا أمن واستقرار لبلادكم".
ولهذا أعلنت «ناس كتير» ودول عديدة تعليق رحلاتها لمصر، بسبب هذا الاستقرار الذي يحسدنا عليه هؤلاء «الناس الكتير»، فقد أعلنت بريطانيا تعليق رحلاتها لشرم الشيخ أثناء وجود السيسي في بريطانيا، وخرج علينا السياسي البارع "معتز بالله عبد الفتاح" ليقول أن هذا القرار إهانة لبريطانيا وليس لمصر، وخرج علينا أحد الفنانين ليجعلنا مسخرة أمام خلق الله ويتهم الحكومة البريطانية بأنها إخوان.
أما الدب الروسى "بوتين" فهانت عليه العشرة وقرر تعليق الرحلات الجوية لشرم الشيخ، حتى أن أحد أنصار السيسي كتب تعليقًا على صفحة بوتين باللغة العربية "حتى أنت يا بوتين، لقد شعرنا بالصدمة"، ثم أعلنت كل من فرنسا، وهولندا، وتركيا، وإسبانيا، وبلجيكا، وإيرلندا، وأمريكا تعليق رحلاتهم إلى شرم الشيخ ومنهم من علق الرحلات إلى مصر تمامًا. فحدثونا عن «الناس الكتير» اللي بيحسدونا على الأمن والاستقرار.
"نقطة دم كل مصري غالية علينا".
كاريكاتير لكارلوس لاتوف.
لا يمكن أن ننسى دماء كل من أسماء البلتاجى وشيماء الصباغ وسندس اللواتي اغتالتهن الدولة بدم بارد، وطالب الهندسة إسلام عطيتو الذي تمت تصفيته بخلاف تصفية 10 مواطنين بشقة بأكتوبر، وبعدها تصفية 7 بالبراجيل، وأعتقد أن النظام ما زال مستعدًا لإراقة الدماء من أجل البقاء على كرسي الحكم أطول فترة ممكنة. فعن أي دماء غالية يتحدث؟!
"لسه بكررها تاني، هذا الشعب لم يجد من يحنو عليه أو يرفق به، هو الرفق إيه؟ إن أنا أنكّد عليه كل يوم؟ لأ طبعًا".
دموع إسراء الطويل، نقلًا عن مواقع التواصل الإجتماعي.
لم تجد إسراء الطويل من يحنو عليها عندما ذرفت دموعًا أشعرت كل «اللي عنده دم» من الشعب بالنكد، ولم تجد من يحنو عليها وهي تتوكأ على عصاها لإعاقة في قدمها، بل وجدنا إحدى مؤيدات السيسي التي تطلق على نفسها «حقوقية» تطالبه بعدم الرفق بتلك الفتاة وحبسها مدى الحياة.
كما أن أهلنا فى إسكندرية والبحيرة لم يجدوا من يحنو عليهم عندما هدمت بيوتهم السيول «التي لو حدثت في دولة متقدمة لاستفادت منها»، وعندما مات منهم العشرات بسبب الإهمال وعدم تجهيز بالوعات صرف الأمطار، فكان حل الدولة الوحيد هو اتهام الإخوان بسد البالوعات، فالإخوان شماعة متينة يمكنك أن تعلّق عليها كل أخطائك وكوارثك.
"الموضوع يخوّف؟ لأ.. احنا ماشيين كويس. أكتر من كويس، وأنا مش ببالغ".
نعم ونحن أيضًا نرى أن كل شئ ماشى «كويس» وأكثر من «الكويس»، فحرية الصحافة قد حصلت على المركز الـ 159 من بين 180 دولة حسب تقرير "مراسلون بلا حدود"، أما التعليم فقد نجحنا في الحصول على المركز قبل الأخير على العالم، وهو مركز «كويس»، وحصلنا على المركز الأول في الإصابة بفيرس سي، والمركز الأول في تلوث الهواء، والمركز الأول في حوادث الطرق، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، أما الأسعار فقد ارتفعت نحو 10 أضعاف ما كانت عليه في عهد المخلوع محمد حسني مبارك. وفقًا لما أراه شخصيًا. لكن الحمد لله، احنا ماشيين أكتر من كويس.
"احنا بنتكلم فى 17 شهر مش بتكلم فى 17 سنة، خلو بالكو، أنا مش بتكلم فى 17 سنة أنا بتكلم فى 17 شهر".
نحن لم ننتظر على مرسي أكثر من عام، بالإضافة إلى أن أجهزة الدولة كانت تحاربه مما زاده فشلًا على فشله، أما سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي فكل أجهزة الدولة ومؤسساتها الأمنية والإعلامية تدعمه بشكل واضح، ولكن النتائج والآداء صفر كما قال الإعلامى جابر القرموطي الذي رجع في كلامه في الحلقة الثانية وقال أنه لم يقصد «صفر أوي يعني».
"لو سمحتم متختلفوش أبدًا، احنا عايزين مجتمع واحد".
رسمة للفنان "أنديل"
نعم نحتاج إلى مجتمع واحد خالٍ من الإخوان والسلفيين والليبراليين والعلمانيين والاشتراكيين الثوريين، وشباب 6 إبريل، وشباب الألتراس، وكل من له علاقة بالثورة، نريد مجتمعًا لا خلاف فيه إلا بين دولتي مبارك والسيسي.
"دي حاجة صعبة أوي، ميصحش كده، ميصحش كده، احنا بنتجاوز كل حاجة، إيه ده؟ ميصحش كده، انتوا بتقولوا كل حاجة فيها كارثة، الله يعني هو القطاع ده مفيهوش كارثة ولا إيه؟!".
كان يشير إلى قطاع الإعلام، وفي الحقيقة تلك هي النقطة الوحيدة التي أتفق فيها مع الرجل، فقطاع الإعلام به كوارث وليست كارثة واحدة.. "تطبيل، ونفاق، وتحريض، ومصالح رجال أعمال"، قال الرجل مقولته وهو غاضب، وبعدها رأينا صورًا لرجل الأعمال "صلاح دياب" مؤسس جريدة المصري اليوم، وأحد الداعمين لنظام عبد الفتاح السيسي، والمساهمين في صندوق "تحيا مصر"، وهو مكبل اليدين بشكل مهين تعمدت قوات الأمن إظهاره، وأرسلت صوره لإحدى الجرائد التابعة لها، وسواء كان الرجل قد قُبض عليه فى قضية ملفقة أو حقيقية، فالأكيد أنه قُبض عليه لتصل الرسالة إلى ذلك القطاع الذي امتلأ بالكوارث، والذي انتقد غرق الإسكندرية، بأنه من لم يقف معنا في الفشل قبل النجاح فمصيره كمصير صلاح دياب. "ميصحش كده"
"ابتدينا نشوف أحزاب سياسية تتشكل وقوى ابتدت تبان، مش كده؟".
تلك الأحزاب التي تصدرتها السيدة المسيحية المرشحة على قوائم حزب النور وهى تصدر أصواتًا غليظة من «أنفها» وتعترض قائلة على أحد من قال أنها «عار» على المسيحيين «عار ده يعنى بوس ولا كبس؟» وسعيد حساسين حبيب الملايين الذى يعطى رشاوى انتخابية فى هيئة عقاقير، وأحمد مرتضى منصور صاحب المقولة الشهيرة "بعد ما ناخد الحصانة هنضرب أى حد بالجزمة" حزب وطنى قديم وحزب وطنى جديد يتنافسان على الأغلبية البرلمانية، فتلك هى القوى السياسية التي تشكلت وابتدت تبان مش كده؟
"انتوا لحد دلوقتي بتسمعوا كلام مني بقالكم سنتين، قولوا لي أسأت لمين؟!".
تصفيق حاد. تهليل. صوت أنثى عالٍ يردد "ربنا يخليك لينا ياريس".
أُسْدِلَ السِّتار..
موضوعات متعلقة: