لا يجب أن يسأل المعتقل نفسه لماذا أعتقلوه؟(فرانس برس) |
إن لم تكن قد اعتقلت من قبل أو اعتقل أحد أقاربك -ويعد هذا من المستحيلات- ستظن أن كلمة "التشريفة" هي تلك الكلمة التي ظهرت في عهد محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة، والتي كانت نوعاً من أنواع البروتوكول الذي يقتضي أن يرتدي رجال الدولة في المقابلات الرسمية والاحتفالات الكبرى زيأ رسميا مطرزاً بالذهب يطلق عليه "بدلة التشريفة".
لكن كلمة تشريفة في عصرنا الحالي صارت تطلق على استقبال شرطة وزارة الداخلية للمساجين في قسم الشرطة أو في معسكرات الأمن المركزي أو في السجون، وسميت تشريفة، لأن الداخلية تعتبر أن استقبال مساجين سياسيين يستدعي عمل "حفلة" عليهم وليست لهم. لا تفرق التشريفة بين إسلامي أو ليبرالي أوعلماني اوإشتراكي، أو شخص ليس له علاقة بالسياسة، فالجميع سيحل عليه العقاب. والغرض الأساسي من التشريفة هو السيطرة على المعتقل وإشعاره بالذل والانكسار حتى لا يفكر في التمرد.
التشريفة في سيارة الشرطة
وأول تشريفة يتعرض لها المعتقل تكون في سيارة الشرطة (المدرعة أو البوكس) .. سيكون المعتقل سعيد الحظ إذا كان في السيارة عدد كبير من أمثاله ممن وقعوا في الفخ، لأن كثرة الأعداد سترحمه من "التحفيل" عليه وحده، فكلما ازداد العدد قلت الضربات الموجهه له، أما إذا كان سيئ الحظ وامتلأت السيارة بالعساكر فيكون بهذا قد وقع في أيدي من لا يفهم ولا يعلم ولا يرحم ولا يفعل سوى ما تقوله قيادته من ضباط المباحث، سيتعرض المعتقل في سيارة الترحيلات لكل أنواع الإهانات، وفي الغالب ستسرق العساكر كل ما في جيب المعتقل من هواتف أو نقود، وربما يصل الأمر إلى التحرش، لا يجب أن يسأل المعتقل نفسه وقتها لماذا أعتقلوه؟ لأنه سيسمع أحدهم يقول: "عايزين كمان 3 وهنمشي". وقتها سيعلم أنه مجرد رقم من العدد المطلوب القبض عليه.
التشريفة في القسم
في قسم الشرطة (المخفر) تبدأ ثاني حفلات التعذيب التي يسمونها التشريفة، فسيتم تجريد المعتقل من كل شيء حتى ملابسه الداخلية، وسيعرض على أمن الدولة معصوب العينين، وأثناء استجوابه سيكون قد تعرض لبعض الصعقات الكهربائية الخفيفة عندما ينكر أن والده ملتحٍ أو أن أمه منتقبة، فمن المهم أن يعترف أن والده ملتحٍ وأن أمه منتقبة حتى لو لم يكونا كذلك، كي ينتهي من مرحلة من مراحل التعذيب ويدخل في مرحلة أخرى، بعد أن ينتهي التحقيق سيظل معصوب العينين ووجهه للحائط في مكان يدعى "الثلاجة"، ولا يجب أن يتحرك طوال الساعات الطويلة التي يقضيها في التشريفة، وعند سماع المعتقل أصوات صعق الكهرباء فعليه أن يحمد لله أنه الى هذه اللحظة لم يصعق بالكهرباء، هناك أيضا من الشباب من تحاول الداخلية كسرهم عن طريق التحرش ووضع العصا فى أماكن حساسة.
في معسكرات الأمن المركزي
عندما تصل إلى أحد المعسكرات فهذا معناه أنك قد وقعت بين عدد غفير من العساكر التى تتمنى الفتك بك، فهناك في معسكرات الأمن وأثناء التشريفة لن ترى وجه أحد، فجميعهم ملثمون، جميعهم أغبياء، جميعهم يكرهونك ويتمنون موتك، وأنت أيضا ستتمنى موتك، يأمرونك أن تقف أمامهم كما ولدتك أمك، وبعدها يأمرونك بأن تنعت نفسك بالعاهرة، -وأنصحك ألا تفعل لأنك فى كل الأحوال لن تنجو-، لو قلت أنك تكره 25 يناير وتعشق (المخلوع) مبارك لن تنجو، يا صديقى لقد وقعت في الفخ وهناك رسالة يحاول النظام إرسالها للشعب بأكمله "لا حرية بعد اليوم، لا حكم إلا بالنار والحديد".
في السجن
عندما يفتحون لك أبواب السجن فعليك أن تعتبرها أبواب الجحيم، ستجد أناسا يمسكون العصا، وكبيرهم يجلس واضعا قدما على الأخرى، ينظر إلى الجميع باحتقار، وعندما يشير بسيجارته تبدأ الحفلة، يحرقون ملابسك، يحلقون شعرك، يضربونك بالعصا كأنك عبد، وعندما تستمع إلى صوت ارتطام العصا بالأجساد فعليك أن تبتهج لأن حفلة التشريفة قد بدأت واقتربت من الانتهاء. بعدها ترتدي ملابس التحقيق البيضاء الخفيفة جدا في الشتاء أو في الصيف، وتحصل على عدد 2 بطانية ويتم "تخزينك" في مكان يدعى "الإيراد" لمدة 15 يوما، لا يمكن لأحد زيارتك فيها، ولا يمكن الخروج من الزنزانة خلال تلك الفترة.
التشريفة لا ينقصها إلا مادة في التعديل الدستوري الذي يطلبه عبدالفتاح السيسي تنص على أنها حق يكفله القانون والدستور وتشجع الدولة على انتشاره.
موضوعات متعلقة