انتفاضة السكاكين في فلسطين (حازم بدر/ فرانس برس)
|
يستيقظ من نومه فى الثانية ظهرًا، يحاول أن ينهض فيفشل، بسبب كرشه الذي تضخم من فرط التهام الطعام والحرام، حتى أنك إذا نظرت إليه ستظن أنه حامل!
ينادي على خدامه وحراسه، يسبهم ويلعنهم، هو دائمًا يتعمد أن يسبهم ويلعنهم لشعوره بأنه لن ينجح فى أي شيء في حياته سوى في السب واللعن. يناضل الخدم والحرس من أجل أن يجعلوه ينهض، فينجحوا في ذلك دون حاجة إلى "بلدوزر".. يأمر هذا بأن يحضر الطعام، وذاك بأن يحضر ملابسه وعمامته العربية.
يأتيه خادم ببعض البرقيات من رؤساء العرب الذين يشبهونه، ينظر لها بلا مبالاة ثم يضعها في القمامة لأنها بلا قيمة، فكل شيء يفعلوه بلا قيمة، هم نفسهم لا قيمة لهم إلا عند إسرائيل، يفتح التلفاز فيرى طفل من فلسطين، ليس كمثله طفل، يحمل على كتفه شنطة المدرسة، ينظر إلى الكاميرا بغيظ، كأنه ينظر إلى هذا العربي الغبي المتضخم، اشتعلت عيناه كالشرار، وامتزج وجهه البري بالغضب، ويجري بسرعة مدهشة نحو جند العدو الصهيوني ليقصفهم بما فى يديه من حجارة غير مباليًا بما سيلقاه من مصير، يرقد الطفل بعدما اخترقت جسده تلك الرصاصة الغادرة.. هنا يقلب العربي المتضخم المحطة ليشاهد تلك الفتاة الفلسطينية التي تبدو أنها أرجل منه ومن أمثاله، تطعن الفتاة أحد جنود الاحتلال بخنجر كي تكتب نهايته ونهايتها أيضًا، وأثناء هذا المشهد يصرخ صاحبنا العربي المتضخم بغيظ ويخبط على الحائط قائلًا: "يا أبناء الكلاااااب والخنازير".
لم تكن تلك الصرخة لجنود الاحتلال لا سمح الله، ولكنها كانت موجهة للخدم لتأخرهم في إحضار الطعام!
ثم يقلب المحطة لأنه لم يفهم شيئًا من المشاهد السابقة، هو يعتقد أنها كواليس تحضيرية لفيلم ما، وعندما يقلب المحطة يطل عليه صديقه الجنرال المصري في حوار تسجيلي فيبتهج صاحبنا العربي، لأنه يحب الجنرال السيسي ويجب أن يدعمه في حربه على الثورة، أو على الإرهاب، أو على الفقراء، أو على الباذنجان.
يشكر عبد الفتاح السيسي كل رؤساء الخليج لأنهم دعموه فى محاربة الإرهاب، والعربي يأكل بشراهة.
يتحدث عبد الفتاح السيسي عن ليبيا وفلسطين وسوريا وعن مساندته للأشقاء العرب، والعربي يأكل بشراهة.
يطالب السيسى بتوسعة السلام مع إسرائيل، وهنا يتوقف الرجل العربي عن الأكل بشراهة ويغضب ثم يضع يده على كرشه المتضخم ويهرش بيده الأخرى فى ثديه المترهل، ويقرر أن يرسل رسالة إلى العسكري المصري يعاتبه فيها على أنه لم يخبره بأنه يحتاج إلى توسعة السلام مع إسرائيل وبأنه على أتم استعداد بدعم ذلك المشروع مهما كانت تكلفته، الدينارات كتيرة والحمد لله، وفى نهاية الرسالة يكتب له أنه فقط يريد أن يعرف حجم التوسعة المطلوبة بالكيلو.
***
"اللى خانوا العهد بينا واستباحوا كل حاجة
واستهانوا بالعروبة واستكانوا للخواجة
مستحيل حيكونوا منا.. احنا حاجة وهما حاجة"
***
نحن لسنا منهم ولا هم منا، نحن نعلم جيدًا أنه لن تحيا مصر إلا عندما تحيا فلسطين، نحن لا نؤمن بشيء يُدعى التخابر مع حماس، ولكننا نؤمن بشيء يُدعى التخابر مع إسرائيل، نحن لا نؤمن أصلًا بدولة إسرائيل، ولكننا نؤمن بأن التطبيع مع إسرائيل خيانة، نؤمن بأنها فلسطين العربية وعاصمتها القدس.
عندما كنا صغارًا هتفنا باسم فلسطين ورسمنا صورًا للشهيد محمد الدرة على جدران الشوارع، وعلمنا ماذا تعني كلمة حطة (الشال الفلسطيني) وصرنا نرتديها إيمانًا منا بقضيتكم، أما الحكام فصاروا يعتقلوننا لأننا نرتدي الحطة الفلسطينية، يضربونا بالرصاص لأننا نتظاهر من أجل القضية.
يطلقون كلابهم فى وسائل الإعلام لتهاجم المقاومة الفلسطينية، فيا من تحملون الحجارة فى أياديكم، وتعطون العالم دروسًا فى المقاومة، نحن معكم ولسنا مع حكامنا، كنا نود أن نساند الفتيات اللواتي التحفن الحطة الفلسطينية ووقفن فى الصفوف الأولى من المواجهات، كنا نود أن نكون مع مهند الحلبي، وأحمد الدوابشة، كنا نود أن ننتقم لشيماء التى تبلغ من العمر 15 عامًا واعتقلتها إسرائيل، كنا نود أن نحمل السكاكين ونطعن معكم في كل من تعدى على أراضيكم التي هي أراضينا، ولكن حكام العرب أحالوا بيننا وبينكم، ساندوا إسرائيل وخانونا وخانوكم، نحن منكم ولسنا منهم، نحن معكم ولسنا معهم.
اقرأ أيضًا