ضد عقوبة الإعدام.. لماذا؟

رويترز

مدونات الجزيرة

بداية.. هل تصدق/ي أن سجينًا سيعترف أمام الكاميرا بأنه "إرهابي، يقتل، ويخرب، ويدمر، ويحصل على تمويلات بهدف محاربة انجازات الحكومة التي لا يشعر بها أحد" من دون تعذيب؟! ألم تتسائل عما حدث له في احدى المقرات الأمنية السرية كي يعترف بكل هذا الجرائم؟! دعني أخبرك..

"قال أحد المعتقلين السابقين لـ هيومن رايتس ووتش إن العناصر في مركز شرطة في القاهرة اغتصبوه مرارا بإدخال عصا في فتحة الشرج. قال آخر إن ضباط الأمن الوطني في وزارة الداخلية هددوا باغتصابه. قال محتجز سابق لدى عناصر الأمن الوطني في منشأة بمحافظة الجيزة إنهم اقتلعوا أحد أظافره بكماشة وآخر بأسنانهم. قال محتجز آخر إن عنصرا من الأمن الوطني غرز في ذراعه مسمارا معدنيًا ملفوفًا بأسلاك مكهربة لزيادة آلام الصدمات الكهربائية. قال محام احتجزه عناصر الأمن الوطني في منشأة في محافظة الغربية إنهم لفوا سلكا حول قضيبه لصدمه بالكهرباء. قال 3 محتجزين سابقين لـ هيومن رايتس ووتش إن عناصر الأمن هددوا بتعذيب أفراد أسرهم إذا لم يعترفوا.

في معظم الحالات، أوقف عناصر الشرطة والأمن الوطني استخدام التعذيب بمجرد حصولهم على اعترافات أو أسماء أصدقاء ومعارف المشتبه بهم. لكن لم يعنِ ذلك أن محنتهم قد انتهت. في جميع الحالات تقريبا، كان التعذيب والاستجواب بمثابة مقدمة لإجراءات الادعاء، التي انتهى بعضها إلى المحاكمة".

باختصار، الذي اعترفوا أمام الكاميرات بأنهم ارتكبوا جرائم تقودهم إلى حبل المشنقة، في أغلب الأحيان تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب، كما أنهم لم يرتكبوا جرمًا سوى انتمائهم لجماعات يعاديها النظام. وهذا هو السبب الأول الذي يدعونا إلى رفض عقوبة الإعدام، غياب العدل، فقد نقتل إنسانًا لم يرتكب جريمة، ولعل علينا أن نؤمن بأن نجاة مذنب من القتل، خير من قتل برئ.

الإعدام لا يردع أكثر من السجن
فهل انتهت الجرائم بعد إعدام مجرم؟ وهل اتعظ إرهابي بعد إعدام خلية إرهابية؟ وماذا عن هؤلاء الذي يظنون أنهم عندما يُعدمون سيُقتلون في سبيل الله؟ أليس تفكيرهم هذا حافز على عدم الخوف من الإعدام؟!

في قراءة بجامعة جنوب ويلز قارنت نتائج 74 دراسة حول تأثير حكم الإعدام كرادع؛ كانت الكفة الراجحة في الأبحاث للقول بأن الإعدام ليس رادعًا وبأن حكم الإعدام يُنفذ غالبًا بسبب خلفيات إيديولوجية أو سياسية أكثر من كونه حكمًا للردع.

وإذا كان حكم الإعدام خصص للقضاء على الجريمة، فإن إيران من أكثر دول العالم تنفيذًا لأحكام الإعدام وكانت الثانية على العالم في عام 2007، وحينها أعدمت 317 شخص، فهل اختفت الجريمة في إيران؟! بالطبع لا، في عام 2009 كانت إيران في الثلث الأول بمعدلات الجريمة عالميا.

الإعدام لا رجعة فيه
نفذت مصلحة السجون المصرية حُكمًا بالإعدام لـ 6 أشخاص في القضية المعروفة إعلاميًا باسم "عرب شركس"، في 17 مايو 2015، وهم "محمد بكرى محمد هارون، هانى مصطفى أمين عامر، ومحمد على عفيفى، وعبدالرحمن سيد رزق، وخالد فرج محمد، وإسلام سيد أحمد إبراهيم". بعدها بأيام قررت المحكمة وقف حكم الإعدام، وإعادة فتح باب المرافعة.  هذا بعد أن تم إعدامهم! فهل يعودوا إلى الحياة مجددًا ليحاكموا؟! أما كل الأحكام بالسجن مهما كانت كبيرة، يمكن الرجوع عنها حال اكتشاف خطأ ما في القضية، وحال ظهور دليل جديد على براءة متهم، أما حكم الإعدام لا رجعة فيه. وهناك قاعدة تقول أن "إفلات مئة مجرم من العقاب أفضل من إعدام بريء واحد".

ألغى 141 بلدًا أو ما يعادل ثلثي بلدان العالم، عقوبة الإعدام في القانون فإذا كانت البلدان الأكثر تقدمًا تتجه نحو إلغاء الإعدام نهائيًا، فلماذا ننافس نحن في قتل البشر الأبرياء؟

- الإعدام أداة سياسية، تستخدمها الدول القمعية للتخلص من معارضيها، والتاريخ ملئ بقصص هؤلاء. فما بالك بحكومة تعتبر كل معارضيها خونة؟!

- الإعدام لا يقضي على الإرهاب، بل يخلقه، ماذا يفعل أبناء من تم إعدامهم؟ وخاصة لو كانوا أبرياء؟! هل تظن أنهم سيشاركون في الانتخابات أم في صناعة السلاح؟!

أما عن الرأي الذي يؤيد أحكام الإعدام حتى لا يخالف الشريعة الإسلامية، فلا أظن أن أي شريعة في الكون تقبل بأن يعدم أحدهم ظلمًا، كما أن الدول لا تطبق الشريعة، وإنما تطبق القانون.

في ديسمبر 1921، شهد سجن الحضرة عملية إعدام الأختين "ريا وسكينة" وبعد نحو 100 عام من ظهرت روايات موثقة عن برائتهما، وأشيع أن القضاء حينها كان خاضعًا للاحتلال الإنجليزي، وأن ريا وسكينة كانتا مناضلتين وتم إعدامهما ظلمًا. قد تكون هذه الرواية منطقية، وقد تكون عكس ذلك، قد تصدقها أو تُكذبها، وقد تلعن قائلها، ولكنك في كل الأحوال تتفق معي أن الجرائم لم تتوقف بعد إعدامهما، أليس كذلك؟!

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة