متى يأتى العيد؟!

مصر العربية


في زمان ما كان العيد يحمل الفرحة مهما كانت الأحزان التى تسكن القلوب. الآن يأتي علينا العيد ليجدد الأحزان. لكننا كالعادة نكذب على أنفسنا ونقول. كل عام وأنتم بخير. ( محمود أمين)


العيد فى طفولتنا كان يحمل البهجة بالفعل وصار يفقد بريقه وفرحته كلما كبرنا، كل عيد يأتى أسوأ مما مضى.


كنت أعتقد أن السبب فى فقدان فرحة العيد هو أننى كبرت. مع أننى لم أكبر، ولكنى توصلت إلى أن هناك عوامل كثيرة جعلت من العيد كابوساً يخشاه الكثيرون، أهمها: إنتشار الفقر،وتعليم الجهل، والفوضى الأخلاقية المتمثلة فى التحرش، والظلم. أما فى هذا العيد فيجب أن نقول أن أهم عامل جعل من صباح العيد كابوساً  هو "الدماء"


حتى كاد الناس أن يهنئون بعضهم البعض قائلين:
كل عام وانتم فى فقر.
كل عام وانتم فى جهل.
كل عام وانتم فى ظلم.
كل عام وانتم فى بحر دماء.
كل عام وأنتم لستم بخير.
ظهرت لنا إحدى المواطنات الشريفات فى فيديو وهى تتحدث مع شرطة مكافحة التحرش وتقول أن شعب مصر بخير مادام السيسى بخير. تسائلت عن الخير فأخبرونى أنه محل بقالة شهير فى قلعة الكبش.
فكيف كان العيد؟!


بعد صلاة الفجر: تخلى أهالى المعتقلين عن قضاء صلاة العيد حتى يخففوا على أولادهم المعتقلين فإستيقظوا فجرا كى ينتظروا خارج أبواب السجون ساعات طويلة لرؤية أولادهم وبناتهم القابعين خلف السجون ورأينا شهادات كثيرة توثق معاناة الأهالى من الإنتظار بالساعات أمام أبواب السجون، ورأينا من قال أنه لم يستطع رؤية أخته سوى 20 دقيقة، ومنهم من قال 10 دقائق ورأينا من لم يتمكن من الجلوس مع ذويه لأن الداخلية قد وضعت حواجز تحول بين المرء وأهله، بل هناك من لم يتمكن من رؤية المعتقل إطلاقا كما حدث مع "مصطفى ماهر" شقيق المعتقل "أحمد ماهر" الذى حكى أن الداخلية لم تسمح له برؤية أخيه ولو دقيقة واحدة!


بعد صلاة العيد: تحتفل الداخلية بالعيد مع أهالى ناهيا وتقرر أن تفض تظاهرة سلمية خرجت بعد صلاة العيد لتطالب بالإفراج عن المعتقلين، فقتلت الداخلية الشاب حسام العقباوى وأطلقت الرصاص الحى والخرطوش وقنابل الغاز المسيلة للدموع، فأصابت العديد من الاهالى ولم تفرق بين متظاهر أو مصلى، وقالت أنها كانت تفض مظاهرة مسلحة، مع أننا لم نشاهد فيديو أو صورة لهذا السلاح، ولم نسمع عن أى إصابات فى صفوف الداخلية أثناء فض المظاهرة،  وإعتقلت 15 شابا من كوافير حلاقة وصورتهم أمام أسلحة ومفرقعات وإتهمتهم بالإرهاب كى تدارى ما إرتكبته من جرائم، ثم فاجأتنا النيابة بأخلاء سبيل كل من أعتقل من محل الحلاقة بكفالة 5000 آلاف جنيه  لأنهم تجرأوا على الحلاقة بدون تصريح، ثم رأينا إشتباكات فى الطالبية بين المواطنين الشرفاء ومتظاهرين، قتل من المتظاهرين 6 أشخاص ومع هذا الإعلام وصفهم بالعناصر المسلحة.


بعد صلاة الظهر: أمهات تصرخ بعد معرفة مصير أولادهم ممن قتلوا. ودموعا تتساقط من أعين اهالى من أعتقلوا صبيحة يوم العيد، حتى أن ممن أعتقلوا من كان فرحه ثالث أيام العيد. وشبابا يداوون جراحهم من آثار معركة ما بعد صلاة العيد، بعيدا عن المستشفيات التى بالطبع ستتصل بالداخلية لإلقاء القبض عليهم.


بعد صلاة العصر: إزدحام شديد فى شوارع القاهرة والجيزة، وحالات تحرش عديدة، ومشاهد لشباب المستقبل المشرق وهم يحومون حول بناتنا ككلاب مسعورة، وبنات قررن قضاء العيد فى المنازل خوفا من التحرش.


بعد صلاة المغرب: خراء منتشر فى أكثر وسائل الإعلام يصدر رائحة كريهة، كذبا لا نهاية له وتضليلا للشعب، (عاجل: القبض على خلية إرهابية خطيرة تتكون من 15 إرهابيا فى محل حلاقة بناهيا.. مقتل أحد الإرهابيين بناهيا أطلق النيران على الداخلية..الإخوان يقتلون شابا فى ناهيا ويتهمون الداخلية.. الإخوان يتظاهرون بالسلاح فى شوارع الطالبية والأهالى يتصدون لهم ويقتلون 6 من إرهابيى الإخوان.. الشعب يحتفل بالعيد والأمن يكافح التحرش). أليس هذا خراء؟!


بعد صلاة العشاء: تشييع جنازات هنا وهناك، وأمهات لا تصدق أن البيت فى أول يوم العيد غير مكتمل العدد، وضباط أفسدوا على الناس فرحتهم يمارسون هوايتهم المفضلة فى ضرب من إعتقلوهم لأجبارهم على أن يعترفوا بما لم يرتكبوه. ومسرحية مدرسة المشاغبين تبث على أغلب القنوات التليفزيونية.

لكن متى ياتى العيد؟! العيد سيأتى يوما، عندما يرحل الفقر والجهل والظلم، وعندما تكون الدماء أغلى من البناء. سيأتى العيد وقتما يأتى العدل.


شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة