يعاني الشعب المصري من أزمة اقتصادية طاحنة منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكم في عام 2014، بعد إطاحته نظام الرئيس الراحل محمد مرسي من الحكم بزعم الاستجابة لتظاهرات المصريين، فما زالت موجات الغلاء وسياسات الإفقار تتوحش بشكل غير مسبوق، لتشمل جميع أنواع السلع والخدمات والعقارات والوقود والطاقة دون تحرك فعّال لمستوى الدخول بشكل عام؛ ما يؤثر بشكل تلقائي على الحياة الاجتماعية والاقتصادية في مصر.
نسبة الفقر
بحسب البنك الدولي "حوالي 60% من سكان مصر إما فقراء أو عرضة له، كما أن عدم المساواة آخذ في الازدياد. واقترب معدل الفقر الوطني من 30% عام 2015، ارتفاعًا من 24.3% عام 2010 كما ورد في إطار الشراكة. وهناك تباينات جغرافية مذهلة في معدلات الفقر، إذ تتراوح من 7% في محافظة بورسعيد إلى 66% في بعض محافظات الصعيد. علاوة على ذلك، أثرت الإصلاحات الاقتصادية على الطبقة الوسطى، التي تواجه ارتفاع بعض تكاليف المعيشة نتيجة للإصلاحات".
تعتيم حكومي
رغم أن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء يجري بحوثًا هم مستوى الإنفاق والدخل مرة كل عامين، فإن آخر رقم معلن عن نسبة الفقر في مصر كان في يوليو 2016، هو 27.8%.
عدم إصدار المركزي للتعبئة والإحصاء تقارير عن نسبة الفقر، دفع عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، لمطالبة الحكومة بتقديم بيانات توضح نسب الفقر في المجتمع، والعمل على تقديم دعم نقدي للأسر الأكثر احتياجًا على حسب الظروف المعيشية لكل اسرة. وقال في تصريحات صحفية "أنه لابد من مضاعفة الجهود التي تبذلها الحكومة للحد من ارتفاع نسبة الفقر في مصر من خلال عمل تنمية واضحة في جميع المجالات مثل إنشاء مشروعات تعطي فرص عمل، ومحو الأمية في مصر".
أما آمال رزق الله، عضو مجلس النواب، تقدمت بسؤال إلى رئيس مجلس الوزراء ووزيرة التضامن، بشأن إستراتيجية الحكومة للحد من زيادة نسب الفقر في مصر، وقالت النائبة، إن البنك الدولي، أكد في دراسة حديثة له، أن نحو 60% من سكان مصر إما فقراء أو أكثر احتياجا، مؤكدا أن مصر بحاجة إلى بذل مزيد من الجهود لتسريع الاحتواء الاقتصادي، واستيعاب القوى العاملة المتنامي.
وأكدت أن هناك تعتيما من الحكومة حول نسبة الفقر في مصر، رغم أن هناك عمليات إحصاء جديدة قامت
بها الأجهزة المعنية على أعلى مستوى إلا أنه لم يتم الإعلان عن نسبة الفقر، منوهة إلى أن ارتفاع نسبة الفقراء تحتاج لحلول عاجلة وفورية أبرزها الدعم المالي وتوفير دعم عيني موجه إلى الفقراء، بجانب زيادة الاستثمار بشكل عام، وفي المشروعات كثيفة
الأيدي العاملة بشكل خاص، لتقليل نسب البطالة وزيادة التشغيل.
وطالبتالحكومة بإعلان إستراتيجية واضحة للحد من نسب الفقر في مصر، ومواجهة ضيق المعيشة
من خلال إجراءات عاجلة لتحسين أوضاع المواطنين في الفئات الأكثر احتياجا.
تآكل الطبقة الوسطى
بحسب بيانات البنك الدولي، فإن عددًا أكبر من الأسر المنتمية إلى الطبقة المتوسطة وقعت في دائرة الفقر، ومن المتوقع أن تواصل
هذه النسب الزيادة في ضوء السياسات الاقتصادية الحالية، فمع استمرار هذه السياسيات فمصير هذه الطبقة هو الانقراض، فبحسب بيانات بنك «كريدي سويس» المتخصص في تقدير الثروات، فإن الطبقة المتوسطة في مصر سجلت أكبر تراجع على مستوى العالم منذ بداية الألفية وحتى 2015، وذلك بأكثر من 48%، لينخفض عددها من 5.7 مليون شخص بالغ في عام 2000، إلى 2.9 مليون بالغ في 2017، يمثلون الآن 5% فقط من إجمالي البالغين، ويستحوذون على ربع ثروة المصريين، وذلك بالرغم من الارتفاع الكبير في عدد السكان.
وتوقع تقرير أن تكون الطبقة الوسطى معرضة لمزيد من التأثر نتيجة الإجراءات التقشفية التي
تبنتها الحكومة في برنامجها للإصلاح الاقتصادي. وحدد مراقبون أسباب تراجع الطبقة الوسطى في مصر عقب قرار تعويم الجنيه إلى "ارتفاع الأسعار، وبمعدل التضخم إلى 33%، تطبيق ضريبة القيمة المضافة، رفع أسعار المحروقات وأسعار خدمات النقل الحكومي والخاص، زيادة أسعار “مترو الأنفاق”.
ارتفاع الأسعار
للمرة الخامسة منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة في مصر، والرابعة منذ تعويم الجنيه نهاية عام 2016، قررت السلطات رفع أسعار الوقود والمنتجات النفطية، وفقا لخطة تهدف إلى رفع الدعم بصورة كلية عن مختلف أنواع المحروقات وصولا إلى السعر العالمي، فارتفعت أسعار الوقود بنسب تراوحت بين 16 و30%. وتضمن القرار أكبر زيادة في سعر اسطوانات غاز الطهي، إذ زاد سعر الاسطوانة للاستهلاك المنزلي إلى 65 جنيها بنسبة 30%، وزاد سعر اسطوانة الغاز التجارية إلى 130 جنيها بنسبة 30%، كما زاد سعر المازوت لصناعة الطوب ليصل سعر الطن إلى 4500 جنيه ومن شأن هذه الزيادة الجديدة في أسعار الوقود والمحروقات أن تتبعها زيادة في أسعار الكثير من السلع الغذائية ووسائل النقل والمواصلات، وهو ما حدث فورًا في المواصلات، حيث بلغت زيادة تعريفة المواصلات الجديدة،
بعد تحريك أسعار الوقود، و15%. وبهذه الزيادة، تكون مصر قد شهدت خمس زيادات في أسعار الوقود منذ يوليو 2014 في إطار إصلاح منظومة دعم الطاقة التي تتبناها الحكومة المصرية، وكانت الزيادة الأولى في يوليو2014 وجاءت بـ 50%، والثانية في نوفمبر2016 بنسب تراوحت بين 30 و47%، والثالثة في يونيو 2017 بنسبة تجاوزت 50%، وطبقت الزيادة الرابعة في يونيو 2018 بنحو 67%.
في الأسبوع ذاته الذي رفعت فيه الحكومة أسعار الوقود، بدأت "وزارة الكهرباء" تطبيق زيادة 14.9% عن العام الماضي، ويتبقى ثلاثة مراحل في زيادة أسعار الكهرباء ،كما أنها شهدت ثلاث زيادات خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، في يوليو 2016،بنسب تتراوح بين 17 و46%، وفي يوليو 2017، بنسب متفاوتة وفق شرائح الاستهلاك، تتراوح بين 18 و42.1%.
زيادة المرتبات والمعاشات بالتقطير
أصدرت حركة الاشتراكيين الثوريين، بيانًا في 7 يوليو 2019، بشأن سياسات الإفقار التي ينتهجها النظام الحالي
بعنوان "يا جوعى مصر اتحدوا ضد سياسات الإفقار" وقالت "لا يزال النظام يتبع سياسات إفقار الشعب، فبعد موجاتٍ متتالية من الغلاء دشَّنَت الحكومة عن بدء موجة جديدة بإعلانها زيادة أسعار الوقود لتكتوي الطبقات الفقيرة
بنار الحاجة أكثر وأكثر، وتفقد الطبقات المتوسطة الستر. رغم ما جنته موجات زيادة الأسعار السابقة على الشعب المصري، لا يزال النظام مُصرًّا على استمرار ما أسماه بـ”خطة الإصلاح”، انتقامًا من شعبٍ ثار يومًا من الأيام ضد الفقر والاستغلال
والاستبداد، وتنفيذًا لشروط صندوق النقد الدولي لحصول مصر على قروض".
وذكرت الحركة "تأتي هذه الموجة الأخيرة من الغلاء بعد أشهرٍ قليلة من إعلان السيسي زيادة الحد الأدنى للأجور والمعاشات والمرتبات لتلتهم باقي مُدَّخرات المصريين. في زيادة الأسعار نجد بذخًا، أما في زيادة المرتبات والمعاشات لا نرى منه إلا
التقطير!".