وافق مجلس النواب المصري نهائيًا وبأغلبية الثلثين، على قرار رئيس مجلس الوزراء بمشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 89 لسنة 1960 بشأن دخول وإقامة الأجانب بأراضي جمهورية مصر العربية والخروج منها، والقانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية، وهذا خلال جلسته العامة المنعقدة الخميس الماضي، 11 يوليو، برئاسة الدكتور على عبد العال،
لماذا المشروع من وجهة نظر البرلمان؟
من وجهة نظر اللجنة المشتركة من لجنة الدفاع والأمن القومي ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، أن مشروع القانون يستهدف استحداث نظام جديد لمنح الجنسية المصرية مقابل الاستثمار وفقاً لأحكام قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 72 لسنة 2017، بما يسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية للدولة، لافتة إلى أن منح الجنسية المصرية لا يصدر بها قرار من مجلس الوزراء إلا بعد استطلاع رأى كافة الجهات الأمنية المعنية بما يتماشى مع متطلبات الأمن القومي. وأشارت اللجنة إلى أن منح الجنسية المصرية - كما جاء بمشروع القانون المقدم من الحكومة - يسهم في دعم التنمية الاقتصادية لمصر وبالتالي يدعم أمنها القومي، علماً بأنه من حق مجلس الوزراء سحب الجنسية ممن اكتسبها إعمالاً لحكم المادة رقم (15) من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية، كما أن المادة (9) من قانون الجنسية نصت على شروط وضوابط حاملي الجنسية.
وأوضحت اللجنة أن مشروع القانون يستهدف تشجيع استثمار الأموال العربية والأجنبية في المشروعات الاقتصادية، مع التيسير على الأجانب ذوي الارتباط الطويل والقوى بمصر والعمل على توفير جو من الثقة والاستقرار، ليطمئن المستثمرون على أموالهم ومشروعاتهم، ومن ثم، يعد الشرط المتعلق بوجوب إقامة الأجانب ذوي الإقامة بوديعة في مصر لمدة خمس سنوات متتالية سابقة على تقديم طلب التجنس، يمثل عقبة في سبيل الحصول على الجنسية المصرية.
ما تعنيه الموافقة
ينص المشروع القاضي بتعديل بعض أحكام قانون دخول وإقامة الأجانب مصر على أنه يجوز لرئيس مجلس الوزراء منح الجنسية المصرية لكل أجنبي قام بشراء عقار مملوك للدولة أو لغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، أو بإنشاء مشروع استثماري وفقا
لأحكام قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 72 لسنة 2017، أو بإيداع مبلغ مالي بالعملة الأجنبية كإيرادات مباشرة تؤول إلى الخزانة العامة للدولة أو كوديعة في حساب خاص بالبنك المركزي. وتكون موافقة رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوحدة المختصة بفحص طلبات التجنس والتي ستنشأ وفقا لنص القانون بمجلس الوزراء لفحص طلبات التجنس. على أن تضم تلك الوحدة في عضويتها ممثلين عن وزارات الخارجية والداخلية والاستثمار والتعاون الدولي والجهات الأمنية المعنية ويكون للوحدة أمانة فنية يصدر بتشكيلها وتحديد مهامها وقواعد العمل بها قرار من رئيس الوحدة. كما يتم تشكيل الوحدة وتحديد اختصاصاتها الأخرى ونظام عملها وقواعد وإجراءات تقديم طلبات التجنس المشار إليها والبت فيها والبيانات والمستندات اللازم توافرها، قرار من رئيس مجلس الوزراء. وفيما يتعلق بطريقة التقدم بطلب الحصول على الجنسية المصرية، فقد نص مشروع القانون على:
"يُقدم طلب التجنس وفقا للمادة في مقر الوحدة أو على موقعها الإلكتروني مستوفيا البيانات والمستندات المطلوبة، وذلك بعد أداء رسم قيمته عشرة آلاف دولار أميركي، أو ما يعادله بالجنيه المصري يسدد بموجب تحويل بنكي من الخارج. ولمقدم الطلب إبداء رغبته في الحفاظ على سرية طلبه وما يتصل به من قرارات. وتقوم الوحدة بفحص الطلب والبت فيه بصفة مبدئية في موعد أقصاه ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمه، مع مراعاة اعتبارات الأمن القومي. وفى حالة الموافقة المبدئية على الطلب من رئيس مجلس الوزراء، يمنح طالب التجنس حق الإقامة المؤقتة في مصر لمدة ستة أشهر، وذلك لاستكمال الإجراءات والبيانات والمستندات
اللازمة لاستصدار القرار النهائي بشأن الطلب.
معارضي القانون
قال النائب طلعت خليل في تصريحات صحفية سابقة، ليس من المناسب أن نقر هذا القانون ونفتح البلاد أمام أشخاص يريدون مثلا، إجراء عمليات غسيل أموال أو تحوم حولهم شبهات سياسية". ويستبعد خليل أن يكون عدم الحصول على الجنسية المصرية عائقا أمام أي مستثمر أجنبي يريد إقامة مشروعات في مصر. وأضاف "طلبت من الحكومة أن تكشف لنا عن عدد المستثمرين الأجانب الذين تعثرت أعمالهم في مصر ويرغبون في الحصول على الجنسية من أجل تجاوز تلك العثرات، لكنني لم أتلق أي
رد منذ نحو شهرين وحتى الآن". ويرى المحامي والفقيه الدستوري عصام الإسلامبولي أن القوانين الحالية تضع المستثمر الأجنبي نصب أعينها وتقدم له الكثير من المزايا، وأن هناك سبلا كثيرة لجذب المستثمر الأجنبي في مصر بعيدا عن منحه الجنسية "كأن نقدم له مثلا الإعفاءات الجمركية والضريبية فضلا عن إعطائه حق الانتفاع بالأراضي مقابل الاستثمار وكذلك بيع الأراضي بتسهيلات في الدفع" ويعرب خليل عن مخاوفه من أن يستغل مشروع قانون منح الجنسية استغلالا سياسيا، يضر بالأمن القومي المصري، على حد وصفه.
يسمح بتجنيس الإسرائيليين
رفض مجلس النواب، برئاسة الدكتور علي عبدالعال، مقترحا من النائب مصطفى كمال الدين حسين، بمنع منح الجنسية المصرية لمن يحمل الجنسية الإسرائيلية أو الفلسطينية. وقال النائب خلال الجلسة العامة: "الحكومة سايبه الدنيا سداح مداح في موضوع منح الجنسية المصرية"، محذرا من استغلال الكيان الصهيوني للقانون في الحصول على الجنسية المصرية. وشدد النائب، على ضرورة وضع ضوابط أكثر صرامة في منح الجنسية المصرية، وحرمان الإسرائيليين والفلسطينيين من الحصول عليها، وقال: كما لا يجوز منحها مطلقا لأي شخص متورط في التجارة غير المشروعة مثل تجارة الأعضاء والمخدرات والسلاح وغيرها. واتفق معه
النائب عفيفي كامل، عضو اللجنة التشريعية، الذي شدد على ضرورة النص على عدم السماح للإسرائيليين بالحصول على الجنسية المصرية.
يذكر أنه كشفت بيانات رسمية سابقة تراجع عدد الأجانب الذين حصلوا على الجنسية المصرية، خلال الفترة بين عامي 2013 و2017، بنسبة 75.1 بالمئة. وحسب تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، فقد "بلغ أقصى ارتفاع لهم
8907 أجنبي عام 2013، بينما بلغ أدنى انخفاض 2216 أجنبي عام 2017".