أردوغان: الخليفة العلماني والديكتاتور الديمقراطي

مصدر الصورة: Elif Öztürk - Anadolu Agency)

أسطورة الخلافة الإسلامية

لدى البعض أوهام ملخصها أن أردوغان خليفة المسلمين المنتظر، لمشاعر دينية بحتة، وهؤلاء يبدو أنهم لا يعلمون أو تناسوا زيارة أردوغان لمصر في سبتمبر 2011.
فحينها استقبل الإسلاميون الرئيس التركي، رئيس الوزراء حينها، رجب طيب أردوغان، في مطار القاهرة استقبالًا يليق ببطل وزعيم ومخلص من العلمانية الكافرة «حسب رؤيتهم لها» ورفعوا لافتات تدعو في مطار القاهرة أردوغان إلى إقامة الخلافة الإسلامية، ويبدو أن من حملوا هذه اللافتات لا مانع لديهم من أن تصير مصر ولاية يحكمها الخليفة في تركيا!
نسف أردوغان أحلام من استقبلوه في المطار، عندما تجاهل لافتاتهم ولم يتردد في أن يدعو لتطبيق العلمانية في مصر لبناء جمهورية علمانية ديمقراطية متقدمة؛ وفي حفل أقامه السفير التركي في القاهرة، أكد أردغان على هوية تركيا العلمانية؛ ليس هذا فحسب، لما سأله أحد الحضور عن حزبه «العدالة والتنمية» ووصفه بالـ«حزب الإسلامي» قاطعه أردوغان قائلًا:
إن حزب العدالة والتنمية، ليس حزبًا إسلاميًا، ولا يوجد ما يسمى بحزب إسلامي ديمقراطي، فهذا تعريف خاطئ
إذا لم تسقط لديك بعد أسطورة أردوغان الخليفة الإسلامي المتدين، فقد دعا الرجل في حديث تليفزيوني حينها مع الإعلامية منى الشاذلي المصريين إلى انتهاج العلمانية في الحكم، وقال: «الآن في هذه الفترة الانتقالية في مصر وما بعدها، أنا مؤمن بأن المصريين سيقيمون موضوع الديمقراطية بشكل جيد، وسوف يرون أن الدول العلمانية لا تعني اللادينية، وإنما تعني احترام كل الأديان وإعطاء كل فرد الحرية في ممارسة دينه».
حينها تبدل حال من استقبلوا أردوغان وبدأوا مهاجمته، وكتب حازم  حازم صلاح أبو إسماعيل المرشح الرئاسي المحتمل حينها، على صحفته الرسمية «كان مفاجئا موقف رئيس وزراء تركيا عندما هتفت له الجماهير المصرية مذكرة له بالخلافة الإسلامية فقام بالإشادة بالعلمانية مطالبا المصريين بعدم الخوف منها!
على الرغم من تقديرنا لهذا الرجل الشهم صاحب المواقف المشرفة إلا أننا يجب أن لا نتخيل أن التجربة التركية هي التجربة المنشودة عند المصريين فلا شك أن شعب مصر الأصيل صاحب الفهم الصحيح يستطيع أن ينفرد أمام العالم بالتجربة المصرية التي ستصبح إن شاء الله منارة مشرقة بين بلاد العالم لا بالعلمانية التي تفصل الدين عن الدولة بل بتعاليم ديننا الحنيف».
وفي 2015 أوضح أردوغان في الكلمة التي ألقاها خلال زيارته لقيادة الأكاديميات الحربية التركية أن بلاده ظلت دولة قانون ديمقراطية اجتماعية وعلمانية، على الرغم من كل الصعاب التي تعرضت لها في الماضي، وأن تركيا لن تتراجع عن العلمانية التي تضمن حرية العقيدة لمواطنيها (لن تتراجع).

الرجل الواحد

سقطت أسطورة أردوغان محقق حلم الخلافة، وبقيت أسطورة أخرى تدعى «أردوغان الديمقراطي» فرغم أن تطبيق الديمقراطية في تركيا قد نقل البلاد إلى الدول العظمى إلا أن ديمقراطية تركيا يبدو أنها قد انتهت.
فلما أصبح أردوغان رئيسا لتركيا في عام 2014 وهو منصب شرفي بشكل كبير بعد عقد تولى خلاله منصب رئيس الوزراء، لم يحلو له أن يبقى رئيسًا شرفيًا، وفي طريقه الآن لتغيير نظام الحكم البرلماني السابق عبر تعديلات دستورية جديدة، سيلغي فيه منصب رئيس الوزراء ويمنح الرئيس صلاحيات تعيين الوزراء وإعفائهم، وسيحول نظام الحكم إلى رئاسي.
فالرجل يسعى جاهدًا في إحكام قبضته على الدولة التركية وفي أن  يجعل جميع الصلاحيات والسلطات في يده فقط، بدعوى محاربة الانقلاب التركي الفاشل الذي وقع في يوليو 2016.
وتستعد تركيا لاستفتاء شعبي، على مشروع قانون لتعديل الدستور، الذي من شأنه أن يبقي أردوغان في الحكم حتى عام 2029.
فقد نجح أردوغان في تمرير مشروع القانون في البرلمان التركي الذي صوت بالموافقة عليه في 21 يناير الماضي، حيث نال نص المشروع 339 صوتًا هي مجموع أصوات حزب أردوغان، الحاكم الذي يمتلك 317 مقعدا في البرلمان وحزب الحركة القومية الذي يمتلك 39 مقعدا في البرلمان إلى جانبه.
ومن المقرر أن يطرح التعديل للاستفتاء الشعبي لإقراره بشكل نهائي في 16 أبريل المقبل، بحسب ما أعلن نائب رئيس الوزراء.
وبرر أردوغان هذه الخطوة قائلًا: «إنها ستعطي الحكومة مزيدا من الاستقرار في حربها ضد الأكراد وعناصر تنظيم الدولة الإسلامية داخل تركيا وخارجها».
وقوله «إن الدافع الرئيس لسعي تركيا نحو تعديل الدستور والانتقال بنظام الحكم من برلماني إلى رئاسي، هو أن النظام الحالي غير قادر على تحقيق أهداف تركيا وحل مشاكلها العالقة».
وفي تصريح آخر قال «إن النظام الرئاسي سيسهم في تسريع وتسهيل بلوغ الأهداف الديمقراطية والاقتصادية المنشودة للبلاد، وإزالة العقبات من أمامه، وسيضاعف من قوة تركيا في مواجهة  تحالفات الشر». جاء ذلك خلال كلمة له في فعالية تحت شعار: «من أجل تركيا جميلة نقول نعم».
واتهم أردوغان الرافضين للتصويت ضد التعديلات الجديدة قائًلا: «المعارضون هم زعيم منظمة بي كا كا الإرهابية المسجون في جزيرة إيمرالي (عبدالله أوجلان)، وقادة المنظمة في جبال قنديل (شمالي العراق)، غير أن زعيم حزب المعارضة الرئيسي -كمال قليجدار أوغلو- يتحدث مثلهم أيضا. فالمرء مع من يحب».
وتابع أردوغان: «هؤلاء -الرافضون للاستفتاء المقرر إجراؤه في منتصف أبريل المقبل – ألم يحاول هؤلاء تقسيم بلادنا وتشتيت أمتنا؟».

ومن أبرز التعديلات الدستورية

– ولاية رئيس الدولة 5 سنوات، ويحق له الترشح مرتان متتاليتان.
– إلغاء مجلس الوزراء (يلغى منصب رئيس الوزراء)، ويتولى الرئيس مهام وصلاحيات السلطة التنفيذية، بما يتناسب مع الدستور.
– عدم قطع رئيس الدولة صلته بحزبه.
– تجري الانتخابات العامة والرئاسية في نفس اليوم كل 5 سنوات.
– رفع عدد نواب البرلمان من 550 إلى 600. وستتيح هذا التعديل التحاق أكبر عدد ممكن من الحزب الحاكم للبرلمان.
– المرشح الذي يحصل على أغلبية مطلقة في الانتخابات يفوز بمنصب الرئاسة.
– رئيس الدولة يتولى صلاحيات تنفيذية، وقيادة الجيش، ويحق له تعيين نوابه والوزراء وإقالتهم.
– يعرض الرئيس القوانين المتعلقة بتغيير الدستور على استفتاء شعبي في حال رآها ضرورية.
– يحق للرئيس إصدار مراسيم في مواضيع تتعلق بالسلطة التنفيذية.
– تسقط العضوية البرلمانية عن النواب الذين يتم تعيينهم في منصب نواب الرئيس أو وزراء.
– يمكن للرئيس التدخل لحل البرلمان.
– يحق للرئيس أن يتدخل في القضاء الذي يتهمه بالخضوع لنفوذ رجل الدين فتح الله غولن الذي حُمِّل مسؤولية الانقلاب العسكري الذي شهدته تركيا في شهر يوليو/ تموز عام 2016 لكنه نفى التورط في الانقلاب.
– يحق للرئيس تقرير ما إن كان يتوجب فرض حالة الطوارئ أم لا.

تعديلات دستورية إيجابية

– تلغى المحاكم العسكرية، بما فيها المحكمة القضائية العليا العسكرية والمحكمة الإدارية العليا العسكرية.
– يحظر إنشاء محاكم عسكرية في البلاد باستثناء المحاكم التأديبية.
– خفض سن الترشح لخوض الانتخابات العامة من 25 إلى 18 عاما.

موت الصحافة في تركيا

لطالما كره أردوغان كل وسيلة للتعبير عن الرأي لا يمكنه السيطرة عليها، حتى إنه أمر بإغلاق موقع تويتر في فبراير 2014، وقال إن وسائل التواصل الاجتماعي أضرّت بـ«المصالح القومية» لبلاده التي ذكّر بأنها «ليست جمهورية موز» على حد تعبيره، بل وهدد بسحق مواقع فيسبوك ويوتيوب!
فمن المتوقع بالطبع أن يقمع الصحافة في بلده لا سيما أن هناك محاولة انقلاب قد حدثت ستعطيه تبريرًا للتخلص من الصحافة المعارضة، وإليكم أسماء وسائل الإعلام المغلقة.

القنوات التلفزيونية

Barış TV, Bugün TV, Can Erzincan TV, Dünya TV, Hira TV, Irmak TV, Kanal 124, Kanaltürk, MC TV, Mehtap TV, Merkür TV, Samanyolu Haber, Samanyolu TV, SRT TV, Tuna Shopping TV, Yumurcak TV.

الإذاعات

Aksaray Mavi, Aktüel, Berfin, Burç, Cihan, Dünya, Esra, Haber Radyo Ege, Herkül, Jest, Kanaltürk, Radyo 59, Radyo Aile Rehberi, Radyo Bamteli, Radyo Cihan, Radyo Fıkıh, Radyo Küre, Radyo Mehtap, Radyo Nur, Radyo Şemşik, Samanyolu Haber, Umut, Yağmur.

الصحف

Adana Haber, Adana Medya, Akdeniz Türk, Şuhut’un Sesi, Kurtuluş, Lider, İscehisar, Durum, Türkeli, Antalya, Yerel Bakış, Nazar, Batman, Batman Postası, Batman Doğuş, Bingöl Olay, İrade, İskenderun Olay, Ekonomi, Ege’de Son Söz, Demokrat Gebze, Kocaeli Manşet, Bizim Kocaeli, Haber Kütahya, Gediz, Zafer, Hisar, Turgutlu Havadis, Milas Feza, Türkiye’de Yeni Yıldız, Hakikat, Urfa Haber Ajansı, Ajans 11, Yeni Emek, Banaz Postası, Son Nokta, Merkür Haber, Millet, Bugün, Meydan, Özgür Düşünce, Taraf, Yarına Bakış, Yeni Hayat, Zaman, Today’s Zaman, Özgür Gündem.

المجلات

Akademik Araştırmalar, Aksiyon, Asya Pasifik, Bisiklet Çocuk, Diyalog, Avrasya, Ekolife, Ekoloji, Fountain, Gonca, Gül Yaprağı, Nokta, Sızıntı, Yağmur, Yeni Ümit, Zirve.

وكالات الأنباء

Cihan Haber Ajansı, Muhabir Haber Ajansı ve SEM Haber Ajansı

 دور النشر

Altınburç, Burak Basın Yayın Dağıtım, Define, Dolunay Eğitim Yayın Dağıtım, Giresun Basın Yayın Dağıtım, Gonca, Gülyurdu, GYV, Işık Akademi, Işık Özel Eğitim, İklim Basın Yayın Pazarlama, Kaydırak, Kaynak, Kervan Basın Yayıncılık, Kuşak, Muştu, Nil, Rehber, Sürat Basım Yayın Reklamcılık Eğitim Araçları, Sütun, Şahdamar, Ufuk Basın Yayın Haber Ajans Pazarlama, Ufuk, Waşanxaneya Nil, Yay Basın Dağıtım, Yeni Akademi, Yitik Hazine, Zambak Basın Yayın Eğitim Turizm]

ديكتاتورية وأساطير تُحيط بأردوغان

ثلث الصحفيين المحتجزين في العالم يقبعون في السجون التركية

بالتوازي مع إغلاق المؤسسات الصحفية والإعلامية كانت هناك حملات موسعة لاعتقال الصحفيين، وفي هذا الشأن قالت منظمة العفو الدولية:
وُضِع في السجن أكثر من 120 صحفياً وعاملاً في مجال الإعلام، في حين فقد آلاف آخرون وظائفهم في أعقاب إغلاق السلطات أكثر من 160 وسيلة إعلامية، فتأثير الموجة الأخيرة من تراجع الحريات التي كانت مكفولة لوسائل الإعلام واضح جلي؛ إذ إن الصحافة المستقلة في تركيا أضحت على حافة الهاوية.
لقد أصبح خوف الصحفيين من سجنهم لانتقاد السلطات أمرًا واضحًا بعدما أصبحت أعمدة صحف وبرامج تناقش الشؤون السياسية لا تتضمن حاليًا سوى أصوات معارضة محدودة، كما لا تعكس آراء مختلفة بشدة عن توجهات الحكومة، علماً بأنها كانت تحظى بشعبية كبيرة سابقًا.
وفي بيان آخر قالت المنظمة إن «ثلث الصحفيين المحتجزين في العالم يقبعون في السجون التركية، وأغلبية كبيرة منهم تنتظر تقديمهم إلى المحاكمة».

عودة الإعدام لاكتمال الديكتاتورية

بعد محاولة الانقلاب الفاشلة انطلقت أصوات مؤيدة لأردوغان ونظامه تطالب بـ«عودة الإعدام» مجددًا للتخلص من المعارضين، وفي هذه المسألة قال أردوغان:
إنه مطلب من الشعب، وتعهد حال إقراره من قبل البرلمان، فإنه سيوافق عليه فورا
ويذكر أن  حزب العدالة والتنمية (الحاكم) يهيمن على البرلمان، بمشاركة حزب الحركة القومية، الذي يريد أيضا عودة عقوبة الإعدام.
وألغيت عقوبة الإعدام عام 2000، كجزء من إطار تنسيق التشريعات التركي للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، بعد اعتقال عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني المحظور في عام 1999، الذي حكم عليه في وقت لاحق بالإعدام، وأصبح إلغاء عقوبة الإعدام أمرا رسميا في عام 2004، تحت حكم حزب العدالة والتنمية، بعد أن أصبح أردوغان رئيسا للوزراء.

آخر الأساطير: أردوغان عدو إسرائيل

إذا اتفقنا على أن أسطورتي أردوغان الخليفة، وأردوغان الديمقراطي قد سقطتا، فقد تتبقى أسطورة أخرى يرددها البعض كثيرًا، وهي أن أردوغان عدو إسرائيل وخلافه.
وهذه الأسطورة كان من المفترض أن تتوقف في مطلع يناير 2016، حينما قال أردوغان: «إن بلاده بحاجة لإسرائيل»، داعيا إلى المضي في تطبيع العلاقات بين البلدين، وما يثير العجب أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أعربت عن: «شكرها وتقديرها لموقف الرئيس التركي حينها»، وبالمناسبة أعلن أردوغان حينها أن تركيا أنهت خلافاتها مع روسيا.

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة