هل تنجح الطوارئ في صناعة الفول أبو سوس؟!


صوت المعركة (كاريكاتير: الاشتراكيون الثوريون)



(1)
قرية البصارطة، قرية صغيرة فقيرة مهمشة تقع  فى محافظة دمياط، وتقع من خريطة الحكومة (إذا كانت هناك حكومة) حتى أن الكهرباء هناك قد تقتلك فجأة كما قتلت حصانًامن قبل؛ لعدم صيانتها ولتهالك الأسلاك الكهربائية العارية. القرية معدومة أمنيًا لدرجة أن جريدة مثل جريدة "الوطن" كتبت عنها في وقت سابق "فى النهار تدور عجلة العمل فى ورش الأثاث بقرى الشعراء والبصارطة، أشهر مراكز صناعة الموبيليا الدمياطى، لكن ما إن يحل الظلام حتى تتغير الخريطة، وتتحول «خلية النحل» إلى بؤرة للبلطجة وتعاطي المخدرات، فيشغل العاطلون النواصى والشوارع الجانبية فى انتظار «ديلر» يبيعهم الحشيش أو البانجو أو تذاكر الهيروين".

يتضح من كلام جريدة الوطن أن الأمن غائب في القرية المهمشة أهلها، ولكن يبدو أن قوات الأمن قد عادت، عادت القوات ولم يعد الأمن، فظهرت قوات الشرطة في القرية عندما قُتل "خفير نظامي" تابع للشرطة على يد أحد تجار المخدرات حسب شهادة أحد الأهالي، ولما عادت الشرطة حاصرت القرية بأكملها منذ 27 مارس الماضي حتى كتابة هذه الكلمات، وحسب مصادر من داخل القرية طلبوا عدم ذكر أسمائهم تم تهجير 17 أسرة من منازلهم وقطع وسائل الاتصالات بالقرية لفترة غير محددة وغلق مكاتب التموين واعتقال 35 مواطن من أهالى القرية منهم أربعة أطفال وإخفائهم قسريًا، وفي صباح 7 أبريل قامت قوات الأمن بتصفية "محمد عادل" بدعوى تورطه في مقتل الخفير، وتم دفنه من دون جنازة أو إقامة عزاء كما لا يسمح الأمن بدخول الصحفيين والمنظمات الحقوقية للقرية للتحقق مما يحدث هناكً.

ونشر موقع البداية صورًا ومقاطع فيديو، تظهر فيه تحطيم محتويات منازل القرية بشكل همجي!

 
كل ما حدث في البصارطة كان قبل إعلان حالة الطوارئ (اعتقال، واختفاء، وتهجير، وتصفية) فهل ستضربنا الحكومة بقنبلة نووية بعد تطبيق الطوارئ؟ يبدو أنه كذلك!
 


بالمناسبة، من ضمن القصص في البصارطة أن طفلًا يدعى "إسلام، ح، ب" يبلغ من العمر 14 عامًا، ويدرس في الصف الأول الثانوي، اقتحمت قوات الأمن منزله مرات عديدة لإلقاء القبض عليه، فقررت أمه الاستعانة ببقية أفراد المنزل للقبض عليه وتسليمه للأمن بنفسها.. لماذا؟ خوفًا عليه من الاختفاء القسري الذي طال الكثير من أبناء القرية، أو التصفية الجسدية بعد التعذيب!

كل ما حدث في البصارطة كان قبل إعلان حالة الطوارئ (اعتقال، واختفاء، وتهجير، وتصفية) فهل ستضربنا الحكومة بقنبلة نووية بعد تطبيق الطوارئ؟ يبدو أنه كذلك!

(2)
حاول الإرهابي تفجير كنيسة مار جرجس (والتي بنيت عام 1939 وهي أقدم وأكبر كنائس طنطا وتقع في وسط مدينة طنطا، عاصمة محافظة الغربية بدلتا مصر) ولكنه لم ينجح في تفجيرها بعد أن اكتشف الأمن وجود القنبلة ونجح في إبطال مفعولها، فعاد الإرهابي بعد 10 أيام ليفجّر الكنيسة، وتمكن من قتل 27 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 70 آخرين، وحوّل أسبوع الآلام من آلام رمزية أو طقوس دينية إلى واقع حقيقي!

المهم أن الإرهابي تعلم من أخطائه السابقة، والحكومة لم تتعلم بعد! ويبدو أن لن تتعلم، فهل تطبيق حالة الطوارئ سيمنع الإرهابي القادم من تفجير الكنيسة القادمة وقتل الضحايا القادمين؟! النظام يحاول إقناعنا بذلك؛ لكن الواقع أن قانون الطوارئ كان مطبقًا من عام 1981 حتى عام 2011، والتفجيرات لم تنته، والإرهاب استمر (إرهاب الدولة، وإرهاب المتطرفين).

(3)
- البرلمان وافق بالإجماع على فرض حالة الطوارئ، والجريدة الرسمية نشرت خبر القانون قبل يعلن البرلمان موافقته، فهل يعقل أن ينشر القرار قبل أن يوافق البرلمان؟!

- البرلمان قرر استدعاء وزير الداخلية بعد تفجير كنيستي طنطا وإسكندرية في وقت واحد وفقدان عشرات الضحايا وإصابة عدد كبير من المسيحيين، فقلنا أخيرًا سيحاسب أي مسؤول وقال البعض سنشجع البرلمان، لكن البرلمان تراجع عن استدعاء الوزير،  ويبدو أن وزير الداخلية هو من يحق له استدعاء البرلمان، وليس العكس، فنحن لدينا طوارئ!

- رئيس البرلمان أعلن أن حالة الطوارئ لن تمس المواطن العادي، لديه حق، ستمس المواطن الذي لم يصل إلى درجة مواطن عادي بعد، هؤلاء الذين لا ظهر لهم ولا سند، لا قوة ولا مدد!

- في قانون الطوارئ الجديد اختلاف إيجابي، فهو لا يسمح بالاعتقال من دون إذن نيابة، ولكن البرلمان قرر مناقشة هذه المسألة لتعديله والسماح بالاعتقال لمدة مفتوحة من دون عرض على النيابة أو القضاء بدعوى الاشتباه الأمني؛ لكن على كل حال هل يحتاج الأمن المصري إلى قانون الطوارئ لاعتقال المواطنين وإخفاؤهم وعدم عرضهم على النيابة؟! لا أظن؛ ففي اليوم العالمي للاختفاء القسري 30 أغسطس 2016؛ أصدرت المفوضية المصرية للحقوق والحريات تقريرًا رصدت فيه عدد المختفين قسريًا (المعتقلين من دون محاكمة والمحتجزين في أماكن غير معلومة) وعددهم 912 حالة! فماذا ننتظر بعد إعلان حالة الطوارئ؟

(4)
أعلن السيسي ومجلس الوزراء ومجلس الشعب حالة الطوارئ، حتى لا نصير مثل سوريا والعراق؛ وبعدها بيوم واحد، 11 إبريل، استشهد 3 أطفال (أشقاء) في انفجار عبوة ناسفة في منطقة السبيل، جنوب غرب مدينة العريش؛ وهم: "حسن عبد الله المنيعي، 5 سنوات، وشقيقته رشا، 6 سنوات، وشقيقته إيمان 3 سنوات" وهو ما يعني بالمنطق والعقل أننا نصير تدريجيًا مثل سوريا والعراق، بلا مظاهرات، بلا معارضة، بلا صحافة حرة، أو إعلام نزيه، بلا برلمان يمثل الشعب، نصير تدريجيا مثل سوريا والعراق بإرهاب الجماعات المتطرفة وإرهاب الدولة!

(5)
رغم أن السيسي أعلن حالة الطوارئ، إلا إن الحكومة لم تتوقف عن عملها، فقد أصدرت قرارًا في ظل هذه الأحداث من شأنه التوسع في إنشاء مدارس النيل، (للأغنياء فقط) نظرًا لارتفاع مصاريفها السنوية بشكل كبير، (تبدأ مصروفاتها بـ12 ألفًا و825 جنيهًا، لمرحلة KG1 وتنتهي بـ15 ألفًا و765 جنيهًا للمرحلة الثانوية) ومدارس النيل يتم الإنفاق عليها من مال الحكومة، الذي هو مال الشعب، مما يجعلها مدارس حكومية عليها أن تقدم التعليم مجانًا كما نص الدستور وعليها أن تُعلّم الجميع، أبناء الفقراء والأغنياء! لكن لا وقت لأن يتعلم أبناء الفقراء مثل الأثرياء، فلدينا قانون طوارئ وعلينا أن نحارب الإرهاب!

وإذا سألتم عن الفقراء؛ ورغم أنه لا يحق لكم أن تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم، إلا إن الفقراء من لهم مميزات كثيرة، فلهم ارتفع سعر تذكرة المترو 100% بعد أن أطلقت الحكومة شائعات عنها لتختبر غضب الناس، ولهم أطلقت الحكومة شائعات عن حذف 10 ملايين مواطن من منظومة التموين لاختبارهم، ومعنى هذا أنه سيحدث قريبًا، لا سيما أن الدكتور على المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، صرح بشكل رسمي خلال اليومين الماضيين أنه سيحذف ما يزيد على 7 ملايين مواطن من المنظومة خلال الأسابيع القادمة، لهم سيرفع الدعم، وستنخفض مرتباتهم، وستتخلى الحكومة عنهم في 2019 ولن تدفع لهم مليمًا واحدًا.

 
 هكذا هو الحال، لا سعة صدر، إنها "فتحة صدر" ولا صوت يعلو فوق صوت معركة الحرب على الإرهاب لأننا لدينا قانون طوارئ!
 

ولهم أعلن سامي السيد محمد، مدير المكتب الفني للإدارة المركزية للحجر الزراعي في تصريحات صحفية، أن الحجر الزراعي وافق على دخول شحنة "الفول المسوس" لأن الحشرات ميتة! ما يعني أن الفقراء سيأكلون الفول بسوس ميت أخيرًا بعد أن كان حيًا، إنه لأمر لو تعلمون عظيم، خاصة أننا في حالة طوارئ ونحارب الإرهاب!

(6)
في اليوم الثاني طوارئ، قتل شاب في منطقة عين شمس برصاص أمين شرطة بعد الاشتباه فيه، وعلينا جميعًا أن نحذر، وعلينا جميعًا أن نستعد، فنحن جميعًا مشتبه فينا، إذا كان لديك حساب على "فيسبوك" فأنت سياسي مشتبه فيه، وإذا كنت تعمل صحفيًا فربما تعمل لدى الجزيرة، وإذا سافرت إلى تركيا لأداء عملك فأنت بالتأكيد كنت تخطط لاغتيال رئيس مراجيح مولد النبي، وإذا تحدثت في الهاتف بجوار كمين فأنت تبلغ عن مكان الكمين، وإذا جلست على المقهى فأنت تنتظر الخلية الإرهابية لتلعب 10 طاولة، وإذا كنت سائقًا وطلب منك أمين شرطة أن تنقل بضاعته مجانًا فرفضت وقتلك وتم حبسه فقد تعرض أسرتك كلها للخطر، وإذا كنت مواطن عادي فقد يضعوا عصا حديدة في مؤخرتك، وإذا كنت مواطن خاص فقد يضعوها في أذنك، وإذا كنت أحمد موسى ستنجو، علينا جميعًا أن ننتبه فلدينا قانون طوارئ!

هل تذكرون عندما  شكر الإعلامي "أسامة كمال" السيسي في يونيو 2016، قائلًا: "نشكرك على سعة صدرك"، رد السيسي حينها "لأ طبعًا؛ مفيش سعة صدر ولا حاجة"!

 هكذا هو الحال، لا سعة صدر، إنها "فتحة صدر" ولا صوت يعلو فوق صوت معركة الحرب على الإرهاب لأننا لدينا قانون طوارئ!

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة