REUTERS |
ارتفعت طائرة الرئيس كما ترتفع الأسعار، وسافر إلى أمريكا، التي لا تحب مصر، والتي يتهمها الرئيس ذاته بأنها تتآمر على وطننا الحبيب، هبطت طائرته كما يهبط سعر المواطن المصري، لم يستقبله صديقه الرئيس الأمريكي الذي يحبه جدًا، رغم أن المصري كان أول المهنئين للأمريكي عندما وصل للرئاسة، ولم يستقبله أي مسئول من هؤلاء الأمريكيين الملاعين، تركوه يهبط وحيدًا كما لو كان مصريًا، ولكن الحمد لله، استقبله بعض الوزراء المصريين، وبعض شيوخ الدين المصريين، وبعض الجنرالات المصريين، وللأمانة استقبلته فتاة أمريكية تعمل في المطار، وأظن أنها كانت تتساءل عن السبب الذي جعل من رافقوا الرئيس في طائرته يهبطوا منها قبله ليستقبلوه ويصافحوه؟ ويبدو أيضًا أنها كانت تضحك جدًا على نغمة "تسلم الأيادي" التي صدرت من هاتف أحد الوزراء؛ ربما ظنت أنها أغنية كوميدية ساخرة، لم تفهم بعد أن هناك من طالب بأن تكون هذه الأغنية النشيد الوطني للبلاد، وأنها مقدسة جدًا.
في مؤتمر صحفي على هامش توطيد العلاقات، وتدفئة الأجواء، وتغيير الأوضاع لمقاومة البرود والملل، بين مصر وأمريكا، تخيلت هذا النقاش..
مراسل ألماني: العالم يشاهد ويتعجب، لماذا يحدث كل هذا؟ كل الرؤساء يزورون دول العالم، ولكنك الرئيس الوحيد الذي تذهب معه طائفة من الفنانين والفنانات، الراقصين منهم والراقصات؛ أينما ذهبت يرفعون صورك، يضعون البيادة فوق رؤوسهم، يرقصون؛ يطبّلون؛ ويحتفلون. علام يحتفلون؟ لم يكتشف العالم بعد سر هذا الاحتفال المستمر، وهذه الفرحة العارمة، وهذه الشعارات الرنانة، وهذه الأتوبيسات الفاخرة، والهتافات المزعجة، والوجوه المتعرقة. ولم يكتشف العالم بعد السر المقدس في قدرة هذا الإع..لامي الذي يُضرب على قفاه أينما ذهب، ولم يمل الضرب أبدًا، وما زال قفاه مستعد للضرب حتى النهاية، وما زالت أماكن أخرى من جسده مستعدة لأشياء أخرى لا داعي لذكرها، من أجلك، ما تعليقك؟
الرئيس: نحن نحارب الإرهاب، والإرهاب يحاربنا، أفلا يستدعي الأمر أن يحدث كل ما قلته؟ هؤلاء الزاحفون خلفي في كل مكان يحاربون الإرهاب بالحب، وهم بمثابة تفويض لنا في فعل أي شيء مهما كان، من أجل محاربة الإرهاب، حتى لو كان ما نفعله إرهابًا.
لماذا يحدث كل هذا؟ كل الرؤساء يزورون دول العالم، ولكنك الرئيس الوحيد الذي تذهب معه طائفة من الفنانين والفنانات!
= وماذا عن الإعلامي؟
- لا أدري، أنا شخصيًا أتعجب!
صحفي فرنسي: الرئيس الأمريكي يكره المسلمين، والمسيحيين، والعرب، ويكره المرأة، والرجل، ويكره أصحاب البشرة السوداء والبيضاء، ويكره قائل هذه الكلمات، وسامعها، ومن لم يسمعها، يكره المكسيك وألمانيا وفرنسا والنمسا وبلاد أفريقيا، ويكره الصحافة والإعلام، ويكره القرود، ولكنه يحبك؛ وقال فيما قال أنه يشعر بأن بينكما كيمياء واحدة، وأنكما (رئيسين في لباس واحد) فما نوع هذا اللباس؟
الرئيس: نعم، أوافقه الرأي؛ نحن في لباس واحد، أنا أحارب أهل الشر وهو يفعل، أحارب الإرهاب وهو يفعل، أحارب الفوضى والقانون والقضاء وهو يفعل!
= هل تحاربون فقط؟
- بالطبع لا، نحن نقاتل أيضًا.
صحفي نمساوي: إذا كانت الأمور جيدة بينكم وبين أمريكا وإسرائيل، فما هي قوى الشر التي تتهموها دائمًا بأنها تخرب البلاد؟
الرئيس: هناك أطراف داخلية لا بد من التخلص منها، وأطراف خارجية لا بد من محاربتها، لذا نريد أسلحة من أجل محاربة الإرهاب، ولا داعي لذكر من هم الأطراف الداخلية، ولا الخارجية، كلٌ يعرف نفسه جيدًا.
= هل تعرفهم؟!
- لا، ولكنهم يعرفون أنفسهم كما قلت.
صحفي كندي: لماذا ارتفعت الأسعار في بلادكم لهذا الحد؟
الرئيس: لا بد من محاربة الإرهاب وعلى أمريكا أن تدعمنا، حتى تنخفض الأسعار، وهذه ليست إلا خطة إرهابية لن تجعلنا نتراجع أبدًا.
= هل تقدمتم؟
- لا، ولكن لدينا نية لذلك! إنما الأعمال بالنيات.
صحفي بولندي: إنكم تنتهكون حقوق الإنسان في بلدكم، متى تضعوا حدًا لهذه الانتهاكات؟
الرئيس: الإرهاب جعل كل شيء متاحًا، ولا انتهاكات لحقوق الإنسان في بلدنا إلا ضد الإنسان المعارض.
صحفي إسباني: ولماذا تسجنون المعارضة؟
الرئيس: خوفًا عليها من غضب الشعب.
= هل يغضب الشعب؟
- أحيانًا، ولكن يبدو أنه لن يغضب مجددًا.
صحفي بلغاري: لماذا تنازلتم عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية؟
الرئيس: قالت لي أمي "لا تأخذ شيئًا ليس ملكك" وهذه الأرض ليست ملكي، إنها ملك الشعب، ثم الحكومة المصرية تساعد العالم في حربها ضد الإرهاب، وهذه خطوة مهمة من أجل القضاء على الإرهاب.
= هل الشعب يوافق؟
- ليس من حقه أن يوافق أو يرفض، من الذي يحكم، أنا أم هو؟!
صحفي تايلاندي: لماذا يُمنع المواطنين في بلدكم من السفر؟
الرئيس: لا تنظر لنصف الكوب الفارغ، فهناك مواطنون يعودون من الخارج ولا نمنعهم.. أليس كذلك؟ّ!
= ما هي مكاسب ثورة يناير؟
- ثورة 30 يونيو
بالطبع، لك حرية الكتابة والقراءة، وأن تعبر عن رأيك بإرادتك، أما مصيرك بعد أن تفعل فنحدده نحن، وهذه أيضًا حرية.
= وما هي مكاسب ثورة 30 يونيو؟
- ميصحش كده!
= هل توجد حرية في مصر؟
- بالطبع، لك حرية الكتابة والقراءة، وأن تعبر عن رأيك بإرادتك، أما مصيرك بعد أن تفعل فنحدده نحن، وهذه أيضًا حرية.
صحفي مصري: هل تضمن لي أن أعود إلى بلادي سالمًا لو تحدثت بحرية؟
هنا أنهى الرئيس المؤتمر، واختفى الصحفي المصري بعد هذا السؤال، ويقال أنه مصلوب حاليًا في مبنى في الصحراء، وأنه قد تعذب ووضعوا في مؤخرته سيخ حديدي حتى اعترف بأنه ينتمي إلى منظمة إرهابية دولية تمولها أمريكا!