مصر بتفرح بالعافية


مصدر الصورة: (وسائل التواصل الاجتماعي)
مصر العربية

امتلئ ميدان التحرير بالدباديب والأضواء التي تذكرك بمهرجانات أوكا وأورتيجا؛ وانتشرت الزينة فى الشوارع والميادين بشكل مبالغ فيه؛ وكأن فلسطين قد عادت لنا من جديد.

أما شاشات الإعلام فقد تحولت إلى ساحات لصناعة الكوميديا السوداء، وتجد بها غناء أو خراء في قول آخر من نوعية تسلم الأيادى، وكايدة العزال أنا من يومى!
تجد إعلاميين ارتدوا زيًا عسكري على سبيل الاحتفال بالإنجاز الذي ليس له مثيل. ويذكرك هذا المشهد بالشاويش عطية عندما يصرخ فى وجه إسماعيل يس ( شغلتك ع المدفع برررررم؟!) وتجد إعلاميات ظهرن بملابس الجيش المصرى ورددن كلمة تحيا مصر حوالى 90 مليون مرة، كل حسب انتائها.

أما الجرائد فتكدست بالتصريحات المتناقضة والعميقة والكوميدية، فنجد أن  الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس يتحدث عن دخل سنوى للقناة يصل إلى 100 مليار دولار وفي تصريح آخر يصل الدخل إلى 200 مليار دولار (ولو إتكلمت كلمة تانى هيخليهم 300 مليار دولار) فليس هناك أسهل من الكلام، ويشهد على ذلك جهاز الكفتة الذي سيعالج كل أمراض الدنيا والذى أحدث فرقعة إعلامية وطبلت له أغلب الجرائد واتهمت كل من انتقد جهاز الكفتة بطريقة علمية بالخيانة والعمالة والأخونة. حتى أن وسائل الإعلام وقتها اتهمت المستشار العلمي لرئاسة الجمهورية "عصام حجي" بالخيانة لأنه إنتقد جهاز الكفتة.

نجد الفريق مميش أيضا يفاجئنا بأنه لأول مرة فى حياته يتعامل مع مدنيين وأنه اكتشف أن المدنيين كويسين وشجعان وأعتقد أن هذا الإكتشاف لا يقل أهمية عن اكتشاف الكوكب الذى يشبه الأرض.

ونلاحظ أن سيادة الفريق مميش قد شعر بالغيرة من اللواء عبدالعاطي مخترع جهاز الكفتة، فأراد أن يتفوق عليه فى الافتكاسات وصرح بأن مشروع قناة السويس الجديدة سيوفر مليون فرصة عمل؛ ولا أدرى كيف يتسع أى مشروع مهما كان حجمه لمليون فرصة عمل؟! ولكن كما ذكرنا ليس هناك أسهل من الكلام طالما أن آفة حارتنا النسيان!

فنحن فى مصر نسمع رقم مليون بإستمرار، مليون شقة، مليون فدان، مليون فرصة عمل، ولكن رغم كل هذه الملايين والمليارات نجد أن البطالة منتشرة والغلابة يتخذون من الشوارع بيوتًا لهم والديون تتراكم. لكن طالما أن النظام الحالي يرى أن #مصر_بتفرح يبقى مصر بتفرح!

امتلئت مواقع التواصل الإجتماعي بالشتائم من الجانبين، فهذا يرى أنها ترعة، وهذا يرى أنها تفريعة، وآخر يراها قناة سويس جديدة؛ وغيرها من الآراء. ولكن  الدكتور "خالد زكريا العادلي" محافظ الجيزة، كانت له وجهة نظر عميقة للغاية، لا يقدر على فهمها أمثالى من الحبسجية وشمامين الكلة؛ والقلة المندسة، فهو يرى أن حفر قناة السويس الجديدة معجزة لا تقل إعجازا عن معجزة بناء أهرامات الجيزة، وأنها ستوحد المصريين، هكذا هو الحال كلما (أفورت) زاد قربك من رأس النظام؛ لذا يجب أن أضيف أن قناة السويس ستوحد السودانيين والأفغان والعراقيين والصوماليين وكل الدول الشقيقة.

***

في نفس اليوم الذي حاول النظام الحالي أن يظهر مصر على أنها بتفرح والذي أنفق فيه من أموال الشعب مليارات لصناعة فرحة زائفة فى الداخل والخارج علمنا بمقتل الطالب "محمد عبدالنبى خليل" البالغ من العمر 22 عاما بعد تعرضه للتعذيب فى قسم شرطة إمبابة.

وبالأمس نشرت بعض المواقع الإخبارية صورا لأحد المرضى بمستشفى الجيزة  لم يسأل عليه أحد فقررت إدارة المستشفى رميه فى حديقة المستشفى لأنه لا يملك حق علاجه فتوفى المريض بعد ساعة واحدة.

وفى 4 أغسطس الماضى  إقتحمت الداخلية المنازل فجرا واعتقلت محمد شحاتة البالغ من العمر 18 عاما، اعتقلت أيضا أخيه محمود شحاته البالغ من العمر 17 عاما، وإبن عمه محمد هانى شحاتة البالغ من العمر 17 عاما، ولو وجدت الحاج شحاتة نفسه لاعتقلته.

وفي 5 أغسطس أكدت أسرة الطبيب "أحمد الوليد" أن إبنها المعتقل ورفاقه قد نقلوا إلى عنبر الإعدام رغم عدم تصديق حكم الإعدام عليهم.

لا أجد مبررا للفرحة التي يحاول النظام فرضها على الناس بأن يأمرهم برفع أعلام مصر فى أماكن أعلامهم، فما الذي استفاده المواطن من قناة السويس القديمة حتى تصدعوننا بقناتكم الجديدة التي ستوزعون فيها عملات الذهب يوم الإفتتاح، وماذا قدم النظام للفقراء غير انه إنتهج سياسة إفقارهم  فإزادوا فقرا؟! وكيف يفرح أحد أبناء الشعب ممن ينامون على أرصفة الشوارع إذا رأى كل هذه التكاليف الباهظة التي جعلت من الشوارع فرح شعبى كبير وسأل نفسه: ماذا لو وفرت الحكومة كل هذه الأموال للفقراء؟!

*إذا تحدثنا عن آلاف المعتقلين والشهداء وأقاربهم وأصدقائهم وجيرانهم ممن يشعرون بالحزن، وإذا أضفنا إليهم الفقراء ممن لا يجدون مأوى سوى الشوارع بالإضافة إلى شباب الثورة الذين يشعرون بالإكتئاب بعد ضياع ثورتهم. فلا يمكن أن نقتنع بأن مصر بتفرح!

*أما إعلام السيسي فقد نجح في التطبيل والتهليل من أجل  التغطية على كل الجرائم والأخطاء التي يقع فيها نظام عبد الفتاح السيسي، فلأن السيسي يملك  سلطة التشريع فقد أصدر 263 قانونا فى 420 يوما، ونجد أيضا أن المفوضية المصرية قد أصدرت تقريرها حول الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيين والتى وصل عددها 658 انتهاكا خلال العام الأول لحكم عبدالفتاح السيسي. ناهيك عن الحوادث والعمليات الإرهابية وبلطجة وزراة الداخلية المستمرة والاختفاء القسري والدماء التي ما زالت تسيل.

كل هذه الفرحة الزائفة يحاولون بها إثبات نجاحهم بأى شكل، إنهم للأسف يعتبرون شراء الأسلحة إنجاز، فما زلت أذكر تصريح أحد المواطنين  الذي أسمى ابنته "رافال" على إسم طائرات رافال (السيسي جاب 3 فى السماء وأنا جبت الرابعة على الأرض) ابتهاجا بصفقة طائرات رافال، فماذا لو صنعنا الطائرات بأنفسنا؟! بلاش طائرات. نحن حتى لم نصنع راديو أو هاتف إلى الآن ولكن علينا أن نفرح بالعافية لأن السيسى يريدنا أن نفرح.

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة