العاصمة الجديدة.. مرحبا بكم في مدينة الطبقة العليا


الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الصيني في حفل توقيع اتفاقية (رويترز)


في خلال انعقاد المؤتمر الاقتصادي الأول بشرم الشيخ، (مارس/آذار) 2015، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عن مشروع قومي قال إنه سيُنهي حالات الفوضى والتكدس والزحام في شوارع القاهرة، وأعلن عن بدء إنشاء مشروع "العاصمة الإدارية الجديدة" شرق القاهرة، وتبلغ مساحتها 700 كيلو متر مربع، وهو ما يعادل مساحة دولة سنغافورة، والعاصمة الإدارية الجديدة تقع بين طريقي القاهرة السويس، والقاهرة العين السخنة.

ومن المقرر أن يتم تنفيذ المشروع عن طريق قرض طويل المدى مع الحكومة الصينية على نحو 40 عاما، ووافقت شركة "فورتشن للتطوير" الصينية على تمويل العاصمة الإدارية الجديدة بمبلغ 20 مليار دولار.

في تصريحات سابقة قال السيسي: "إن هدف المشروع هو إنشاء محطات للطاقة الشمسية ومطار دولي ونقل الوزارات والسفارات الأجنبية والمنشآت الحكومية بها"، وأكّد أنها تحتوي على نحو 40 ألف غرفة فندقية ومناطق سكنية وأماكن ترفيهية ومسطحات خضراء، حتى يخف الضغط على القاهرة.

انتقادات واسعة

نشر موقع المونيتور الأميركي تقريرا ترجمه موقع مصر العربية، وسلط الضوء فيه على مشروع العاصمة الجديدة، وجاء فيه تصريحات نُسبت إلى سلطان أبو علي وزير الاقتصاد المصري السابق بأن "عاصمة إدارية جديدة سوف تتطلب جُهدا شاقا ومكلفا للغاية، وتأسيس مرافق ومنشآت في المكان المقترح من شأنه أن يستنفد موارد الدولة، ولا سيما إذا ما تم تمويلها خارج نطاق الموازنة، عبر بيع أراضٍ جديدة على سبيل المثال، وهو ما ينبغي تخصيصه في المقام الأول لأغراض أكثر أهمية، إما لزيادة الناتج المحلي الإجمالي أو خفض الدين العام المحلي الذي يستقر الآن عند 1.924 تريليون جنيه (253 مليار دولار)".

وتابع: "يجب علينا أن نتعلم من تجربة مدينة السادات"، حيث إن الرئيس الراحل أنور السادات قرر في عام 1976 تأسيس المدينة التي تبعُد 90 كيلو مترا عن القاهرة، وتحويلها إلى عاصمة إدارية جديدة. وبدأ السادات في نقل الوزارات إلى المدينة الجديدة التي تكلفت 25 مليون جنيه مصري، لكن المشروع فشل لأسباب شتى، من بينها مشكلة النقل بين مدينة السادات والقاهرة، وهو ما انتهى بضم مقار الوزارات إلى جامعة المنوفية واستخدمت كـ كليات جديدة، لينتهي المشروع بالفشل بدلا من أن يكون مصدر فائدة للاقتصاد والبنية التحتية والأمن في مصر.

أما المهندس ممدوح حمزة فدائما ما ينتقد العاصمة الإدارية الجديدة في تصريحاته الصحفية ويتساءل عن الهدف من بنائها؟ كما ينفي أنها -العاصمة الجديدة- ستخفف الضغط والزحمة في القاهرة. ويضيف في تصريحات صحفية أن "هذا المشروع ليس له دراسة جدوى، وأنها مبانٍ جديدة لا غرض منها سوى صرف مئات الملايين عليها". وانتقد حمزة نقل كل المباني الحكومية ومنها مجلس الشعب، كما انتقد نقل العاصمة من القاهرة التي تُعدّ أقدم عواصم العالم، وتساءل عن مصير مباني الوزارات الموجودة بالقاهرة.



السيسي يرد على منتقدي العاصمة الجديدة
وفي تصريحات للرئيس السيسي أثناء حفل تدشين مشاريع بالعاصمة الإدارية الجديدة قال في تصريحات للرد على منتقدي العاصمة الإدارية الجديدة: إن "الأولويات كل حاجة عندنا أولويات اللي عايز يعرف معندناش حاجة نأجلها، البلد بتنبض بالحياة ولازم أولوياتنا تنبض بالحياة". وأضاف: "تحترم نفسها وتُحترم من الدنيا كلها، احترام الناس ليك لا يتحقق بالعافية ولكن يتحقق بالتخطيط".

وتابع: "عايز أقولكم هو إحنا مش من حقنا نحلم ولا إيه؟ هو عيب علينا يبقى عندنا 13 مدينة كده ولا إيه، خسارة فينا ولا إيه؟". وقال: "بنعمل أمر التاريخ هيتوقف قدامه كتير وهيشوف إننا بفضل الله سبحانه وتعالى إننا بنعمل استدامة النمو ليتناسب مع حجم نمو مصر".

وطبقا لدراسة الجدوى الخاصة بمشروع العاصمة الإدارية الجديدة فمن المقرر الانتهاء من المرحلة الأولى منه في عام 2019، بحيث يتم نقل عدد كبير من الوزارات والمصالح الحكومية إلى العاصمة الإدارية الجديدة مع توفير مسكن وشقق للموظفين في الحي السكني بالعاصمة الجديدة.


العاصمة الإدارية مِلك الجيش

أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي القرار رقم 57 لسنة 2016، الذي بموجبه تم تخصيص 16 ألفا و645 فدانا من الأراضي الواقعة جنوب طريق القاهرة السويس للجيش، وهي أراضي العاصمة الإدارية الجديدة وتجمّع زايد العمراني المنتظر الانتهاء من إنشائها في غضون من خمس إلى سبع سنوات، بهدف الابتعاد عن الزحام الشديد والتلوث في القاهرة، ومن المتوقع أن تتكلف العاصمة الجديدة 300 مليار دولار.

وتم اتخاذ هذا القرار بعد أن قرر رجل الأعمال الإماراتي، محمد العبار، رئيس مجلس إدارة شركة "إعمار" العقارية الإماراتية الانسحاب من خططه لإقامة عاصمة إدارية جديدة في مصر، قائلا إنه لم يتم التوصل إلى اتفاق "يُرضي الطرفين" مع مصر بخصوص العاصمة الجديدة.

ويبدو أن هناك اتجاها لدى القوات المسلحة بالاستحواذ على الأراضي والعقارات التي سترتفع قيمتها لأهداف اقتصادية تخص الجيش، عن طريق شركات تابعة له، فما لم تتطرق إليه الصحافة حاليا هو أن العاصمة الإدارية الجديد تُعدّ الآن مِلكا للقوات المسلحة بقرار رئاسي.

لن يدخلها الفقراء
أكّد عدد من أصحاب الشركات العقارية العاملة فى المدن الجديدة أن مشروع العاصمة الإدارية حقق ارتفاعا ملحوظا بأسعار الوحدات السكنية فى المدن المحيطة بالمشروع، وخاصة مدينتي بدر والشروق، ووصل الارتفاع نحو 25%، وهذا وفق جريدة اليوم السابع المؤيدة للسلطة الحالية.

وتترواح أسعار المتر في العاصمة الإدارية الجديدة نحو 9 آلاف جنيه، بزيادة 15% عن سعر المتر في المدن العمرانية الجديدة المجاورة "التجمع والرحاب ومدينتي"، وبتصفّحك لأحد المواقع الخاصة ببيع العقارات ستجد أن بعض الشركات طرحت إعلانات ترويجية لمشروعاتها في العاصمة الإدارية الجديدة، من بينها أن سعر الوحدة السكنية الـ 200 متر يبدأ من 3 ملايين جنيه ويرتفع تدريجيا، وهو ما يعني أن سعر المتر يصل إلى 15 ألف جنيه تقريبا.
وهذا ما يعني بوضوح أن العاصمة الإدارية الجديدة لن يدخلها الفقراء أو متوسطو الدخل.

ما مميزات العاصمة الجديدة؟
- صرّح خالد نجم الدين وزير الاتصالات بأن العاصمة الجديدة ستكون سببا في التخلص من العشوائيات.
- حسين عبد الصبور رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين قال إنها ستقضي على أزمة المرور، وإنها ستُحدث انتعاشا في مستوى المعيشة.
- عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية يؤكد أنها ستكون مدينة للمشاريع الضخمة والعملاقة وستوفر ملايين فرص العمل للشباب.
- يُذكر أن المدينة تحتوي على نهر صناعي أخضر بطول 35 كيلو مترا، وأكّد وزير الإسكان بابتسامة ممزوجة بالفخر أنه الآن صار لدينا أطول محور أخضر في العالم.

مدن تحولت إلى مدن أشباح
يُذكر أن مصطلح "مدن الأشباح" هو مصطلح أطلقه الصينيون على مدينة "بيهاي" الصينية، على الرغم من بنائها على أحدث طراز منذ أكثر من 6 سنوات. وذكرت صحيفة "ديلي ميل" أن المدينة خالية من السكان لبعدها عن المراكز التجارية والمنشآت الحيوية والمناطق الاقتصادية المهمة. وبلغ سعر الفيلا الواحدة في تلك المدينة نحو 3 ملايين يوان صيني، ويتوقع عدد من الخبراء الصينيين أن تتحول هذه المدينة ومثيلاتها من المدن إلى مدن للأشباح.

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة