نحتاج أن نتحدث.. خلف مصنع الكراسي




من كل جهات الكرة الأرضية، جاء الشباب ليتحدثوا مع فيلسوف الأطباء وأستاذ الفلسفة العسكرية وملك ملوك محاربة الإرهاب ورجل الدين وقت الحاجة.  ومن منا يمكنه نسيان ما حدث عندما سألوه في فرنسا عن "حقوق الإنسان" بغرض إحراجه ولكنه لم يُحرج أبدًا، وردّ عليهم بانفعال وغضب متسائلًا: "ما بتسألنيش ليه عن حق العلاج الجيد في مصر؟ ما عندناش علاج جيد في مصر. ما بتكلمنيش ليه عن حق التوظيف وحق التشغيل للمواطن في مصر؟ ما عندناش توظيف جيد في مصر".. وهذه المأثورات الرائعة الخالدة التي لن ينساها التاريخ كما لم ينسى ما قاله هتلر وموسوليني وخورخيه فيديلا في مؤاتمراتهم.. وكان يمكن للرئيس أن ينهي هذه الأقوال المأثورة بمقولة "اللي مش عاجبه يخبط دماغه في الحيطة" ولكن طائرات الرافال حالت بينه وبين هذا التصريح.

جاء الشباب ليتعلموا من هذا الرجل كيف استطاع في فترة زمنية قياسية أن يُنجِز كل هذه الأشياء وأن يصُبّ في مصلحة كل مواطن من دون استثناء، جاءوا ليتعلموا كيف يصيروا رؤساءً حتى لو كانوا لا يصلحون سوى للعمل في حقول البرتقال؟ وكيف يحكمون دولهم من دون أن يقدموا لبلادهم سوى شعار تحيا بلادهم ثلاث مرات؟ وليتعلموا جيدًا كيف يرفعون الأسعار والمواطن معًا، ويرفعون الدعم ومن يعترض على ارتفاع الدعم؟ وكيف يحصدون الفكة من الفقراء ثم يضعون خطة للقضاء على الفقر بالقضاء على الفقراء؟ وكيفية الاستغناء عن التعليم والصحة، واستخدام القمع بدل الأمن؟ وكيف يقضون على الثورات ويشفطون الثروات ويقضون على حقوق الإنسان وعلى الفن والصحافة وتداول المعلومات وعلى الحياة السياسية والنيابية؟! وكيف يضعون مواد الدستور في أقرب سلة قمامة ويلقون القمامة في منتصف الشارع؟ وكيف يعلقون فشلهم على شماعة الإرهاب؟ وكل هذه الأشياء تستحق الدراسة المعمقة.

واجتمعت كتيبة عسكرية خبيرة في شؤون مؤتمرات شرم الشيخ لتحقق مع الشباب الذين قدموا لحضور المؤتمر، وبعدها توافق على انضمامه لشباب المؤتمر أو ترفض؛ ثم دار هذا الحوار بين الكتيبة وأحد المواطنين الشباب:
الكتيبة: لماذا تريد حضور المؤتمر؟
المواطن: لأني مللت من حضور موائد الرحمن، وأعلم أنكم تطبخون في المؤتمرات جيدًا.
الكتيبة: ما رأيك في الأوضاع السياسية؟
المواطن: لا أعلم إلا الأوضاع الجنسية!
الكتيبة: هل تهتم بوسائل الإعلام؟
المواطن: أهتم بوسائل الصرف الصحي وأستطيع المرور من شوارعنا دون أن تصل مياه الصرف إلى ياقة قميصي.
الكتيبة: هل هذا انتقاد للحكومة؟
المواطن: هذا انتقاد لمن يتبولون كل يوم.
الكتيبة: ماذا تريد من الرئيس؟
المواطن: ماذا يريد هو منا؟
الكتيبة: أهذا اعتراض؟!
المواطن: لا سمح الله، اعتبروه مصباح علي بابا، فليطلب الرئيس منا ما شاء وقتما شاء.
الكتيبة: ما أكثر شيء تتقنه في حياتك؟
المواطن: التطبيل.
الكتيبة: كيف تعلمته؟
المواطن: أشاهد التلفاز.
الكتيبة: ما رأيك في الاشتراكية؟
جميلة، لقد اشتركت في صالة حديد من قبل، وتركتها بعد ارتفاع سعر الحديد عشرة أضعاف.
الكتيبة: والعلمانية؟
المواطن: العلم في الرأس لا في الكراس، والعلم في الكراس يحمل الدولة مصاريف باهظة.
الكتيبة: والليبرالية؟
المواطن: لم أتذوقها من قبل.
الكتيبة: حدثنا عن حقوق الإنسان.
المواطن: اعذروني لا أحب الحديث عن أحد في غيابه.
الكتيبة: ماذا تعلمت من سيادة الرئيس؟
المواطن: بسببه اكتشفت أن قوى الشر منتشرة في كل مكان، في المقهى والسوق وورش النجارة والحدادة والخراطة، وفي غرف السياسة وعرف النوم، في مشجعي كرة القدم وكرة اليد، في الفنانين والصحفيين والثوريين والمتدينين والحلاقين، لدرجة أنني حاليًا أشك في أن بواب العمارة ينتمي إلى قوى الشر التي تريد خراب البلاد.
الكتيبة: ماذا قدمت لمصر كي تحضر هذا المؤتمر؟
المواطن: لقد خدمت في الجيش وكنت أمسح دورات المياه وأوصل الطلبات لمنازل الضباط وأبيع الطعام في الأكشاك أحيانًا.
الكتيبة:  ما رأيك في شعار المؤتمر #WeNeedToalk؟
المواطن: أقترح أن يكون "نحتاج أن نتكلم خلف مصنع الكراسي" صدقوني إمبابة تحتاج إلى هذه المؤتمرات أكثر من شرم الشيخ.
الكتيبة: إذا أتيحت لك الفرصة أن تتكلم في المؤتمر فماذا ستقول؟
المواطن: سأتحدث عن الغلاء والوباء ومنطقة بولاق وجزيرة الوراق وكل حارة وزقاق.
الكتيبة: اخرس يا حيوان، أنت مرفوض، ما تقوله لا يدخلك المؤتمر، وإنما يدخلك السجن.
المواطن: أرجوكم دعوني أحضر مؤتمر شباب العالم، فأنا أسكن في هذا العالم.
الكتيبة: لا.
المواطن: سأتحدث عن فضل الفقر وأن الفقراء يدخلون الجنة.
الكتيبة: لا.
المواطن: سأتحدث عن اختفاء الوباء ولن أذكر الاختفاء القسري.
الكتيبة: لا.
المواطن: سأتحدث عن أهمية استثمار جزيرة الوراق ومكاسب بيع تيران وصنافير.
الكتيبة: لا.
المواطن: سأتحدث عن الخدمات الحكومية الجليلة في كل شارع وزقاق.
الكتيبة: لا.
المواطن: سأتحدث عن أهمية السلام مع إسرائيل.
الكتيبة: وهو كذلك.

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة