"ارفع رأسك أنت عربي، الله عليك يا فخر العرب، نحن عرب ونفتخر".. وكلها في النهاية شعارات مضحكة، فكر فيها جيدًا وستدرك أنها كلمات هي والعدم سواء.
سمعنا كثيرًا في مباريات كرة القدم مثلًا، أن اللاعب الفلاني الذي يتحدث العربية فخر للعرب؟ لماذا يا سيدي المعلق فخر للعرب؟ لأنه يمرر الكرة بشكل جيد ويحرز الأهداف ويمتلك السرعة والمهارات.. ثم ماذا؟! لا شيء!
شاهدنا في التلفاز من يصف نجم الغناء الذي يغير لون شعره كل ثلاثة دقائق بأنه عربي ويحصد الجوائز العالمية -التي لو بحثنا ورائها لعلمنا أنها جوائز قد يشتريها صاحبها- لكن على العرب أن يفتخرون به؟ لماذا يا سيدتي الإعلامية؟ لأنه اجتهد واختار كلمات لا علاقة لها بالشعر العربي وألحان يقلد وموسيقى يحاول بها أن يقلد الغرب ولا يفلح.
ألا تجد الأمر مضحكًا؟!هل تظن أن إنجليزيًا يحرز أهدافًا كثيرة سيقول الإنجليز أنه فخرهم؟ وأن وفرنسيًا يفرح لأن أخيه في اللغة يغني بشكل جيد؟! كل هذا كلام فارغ، وأشياء ورثناها كما هي، دون أن ننظر لمعناها جيدًا ودون أن نراجعها.. نفتخر لأننا عرب، ولا نرى لهذا سببًا مقنعًا، ولكننا نفتخر على سبيل الاحتياط. حتى وإن كان علينا أن نفتخر هكذا على سبيل الاحتياط، ماذا فعل العرب كي يفتخروا؟! هل صنعوا الطائرات والأسلحة؟ تقدموا في التعليم والصحة؟ أوقفوا الحروب ضد بعضهم؟ برزوا في الأدب والفنون المختلفة؟ تفوقوا في حرية الصحافة؟ طبقوا الديمقراطية؟ حاربوا الطبقية؟ الإجابة "لا" إنهم لا يصنعون فوانيس رمضان، ولا يتعلمون سوى الجهل، ويقصفون بطائراتهم -التي اشتروها من أعدائهم- يقصفون بها جيرانهم، وتسيطر الحكومات على وسائل الإعلام والصحافة، وتحكمهم عائلات فاسدة، والفساد يتغلغل في كل ركن من أركان بلادهم. تخيلوا لو أن العرب مع كل هذا لا يملكون النفط والذهب والفضة والموارد الغنية الأخرى؟
رويترز |
لقد سبقنا -نحن العرب- كل بلاد العالم في أشياء غير الأشياء التي يفتخر بها الإنسان العادي، فمثلًا عندما أعلنت فتاة أمريكية أنها تعرض عذريتها للبيع، فإذا برجل عربي إماراتي يهرول ويشتري عذريتها بـ 3 ملايين دولار! وكانت الفتاة قد عرضت عذريتها للبيع من أجل الحصول على تكاليف سفرها ودراستها، في قرار وصفته بأنه شكل من أشكال تحرر المرأة، تقول الفتاة لصحيفة ديلي ميل: "لم أكن أتخيل أبدا أن العرض سيسجل رقما كبيرا.. إنه حلم يتحقق". لماذا لا تتخيلين ذلك يا فتاة؟ ألا تدري بأن هناك عربًا وهبهم الله الثروات من دون عناء ويصرون على ضياع هذه الثروات في مثل هذا الأمور؟!
لا أدري كيف يمكنني الفخر بكوني عربيًا ويحمل نفس لغة هذا الذي يُدعى محمد بن سلمان الأمير السعودي الذي اشترى يختًا بـ 550 مليون يورو من أجل أن يقضي إجازته، وفق ما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إنه في ظل حالة التقشف التي تتخذها المملكة العربية السعودية، إلا أن ولي ولي -حينها- العهد محمد بن سلمان، اشترى يختًا بـ 550 مليون يورو أثناء قضائه عطلة في جنوب فرنسا، وأرسل مساعده وأنهى الصفقة وحدثت البيعة في غضون ساعات. وذكرت الصحيفة أن اليخت كان سعره "330 مليون دولار"، وربح المالك الأول، ما لا يقل عن 200 مليون يورو.
إذًا يا أخوتي في العروبة، عربي دفع 3 ملايين دولار من أجل إرضاء عضوه الذكري، وآخر دفع 550 مليون يورو لقضاء عطلة بينما تتقشف بلاده التي يقودها إلى الفقر بنفسه. على الجانب الآخر وفي بلد عربي نقرأ عن مقتل 15 امرأة وإصابة نحو 40 شخصا في تدافع أثناء توزيع "مساعدات غذائية" على سكان قرية سيدي بو العلام، التابعة لإقليم الصويرة إحدى القرى في المغرب، وهناك ملايين البشر في بلاد عربية لا يجدون طعامهم ولا يملكون منازل للمعيشة، أفلا تكفي أموال هؤلاء العرب الأثرياء لكل هؤلاء الجوعى؟!
لماذا تفتخرون بعروبتكم؟ هل لأن العرب يقصفون اليمن ويشاركون في قتل الأطفال، فهناك نحو ثلاثة ملايين وثلاثمائة ألف شخص، بينهم ما يزيد عن مليوني طفل، يعانون من سوء التغذية الحاد، لم يتحرك العرب لإنقاذهم إلا بإطلاق النيران صوبهم. ماذا فعل العرب لإنقاذ سوريا من التدمير وقتل آلاف من أبنائها العرب؟ ماذا فعل العرب من أجل فلسطين سوى حصارها والاتحاد مع جيش الاحتلال الإسرائيلي؟ وهل سمعت عن مصر السيسي التي تحبها إسرائيل في لقاءات سرية وعشق علني؟ وعن الاتصالات المستمرة بين جيش الاحتلال والمملكة العربية السعودية؟!
استعادة طفلين من تحت أنقاض منزل دمرته غارة للتحالف (رويترز) |
لماذا نفتخر وفي بلادنا العربية عادت تجارة العبيد من جديد، انظروا إلى ليبيا، حيث نشرت شبكة CNN تقريرًا كشف عن بيع المهاجرين بالمزاد في ليبيا، وفي تسجيل التقط بواسطة هاتف محمول يظهر في التقرير شابان يُعرضان للبيع في المزاد للعمل في مزرعة، ليوضح بعدها الصحفي الذي أعد التقرير أن الشابين بيعا بمبلغ 1200 دينار ليبي. وفي موريتانيا ما زال هناك من يحاربون من أجل القضاء على العبودية، وموريتانيا أو الجمهورية الإسلامية الموريتانية، هي دولة أفريقية عربية، تقع بجوار المغرب والجزائر. وهناك ما زالت عائلات كبيرة تستعبد بشرًا من أصحاب البشرة السمراء، فنصبوا أنفسهم أسيادًا عليهم وجعلوهم عبيدًا كالعبيد الذين قرأنا عنهم في كتب العصر الجاهلي.
والحكومة في موريتانيا تُشبه غيرها من الحكومات العربية المستبدة الرجعية، التي جعلت من شعوبها شعوبًا بائسة، فهي دائمًا تُناشد منتقدي العبودية في الخارج بعدم التدخل في الشئون الداخلية، وتطلب من العالم أن يصم آذانه عمّا يحدث في موريتانيا، على طريقة (عبيدنا ونحن أحرار فيهم)، أما من يتحدث عن الاستعباد والرق في الداخل ويناضل من أجل القضاء عليهما، فتُلقي به السلطات بين جدران السجون، وتطلق عليه ألسنة الإعلام الكاذبة، في موريتانيا لا تتحدث عن العبودية، وفي مصر لا تتحدث عن الثورة والحرية، وفي الجزائر لا تذكر اسم بوتفليقة قبل أن تلحقها بـ"فخامة الرئيس"، وفي السودان لا تعمل بمجال الصحافة، وفي السعودية والإمارات والكويت لا تتظاهر، وفي قطر لا تنتقد الحاكم، وفي الأردن لا تتحدث في السياسة، وفي البحرين لا تعمل في حقوق الإنسان، وفي فلسطين وسوريا والعراق وليبيا واليمن لا حول ولا قوة إلا بالله.
بلادنا العربية رائعة لكن لا تفعل ما ذكرته وإلا سُجنت، وارفع رأسك جيدًا، أنت عربي يعيش في العصر الحجري بفضل من يحكمون بلاد العرب.