وطن يعني حضن آه والله زي ما بقول لك كده |
مصر العربية
يجلس على المقهى الذى صار وطنه ومسكنه من تكرار الجلوس عليه؛ ويمارس هوايته المفضلة، تدخين الشيشة، ينتظر شيئًا لن يأتى أبدًا، لكون هذا الشيء مجهول، ثم تظهر على وجهه علامات غضب ويقول بغيظ: "يتنازل عن جنسيته عشان يخرج؟ أحا، ده عيل خرع"
يدخل عالم النضال الإلكتروني؛ ويبحث عن شخص ما حتى يسبّه ويسب أباه وأمه واللى يتشدد له، فيجد هذا الفتى الذى تنازل عن جنسيته من أجل حريته، فيشتم اللى جابوه ثم يشرب شاى ويعود من جديد ويقول رأيه في السيدة والدة المتنازل عن جنسيته، ثم يدخل المرحاض ويعود من جديد فيسب أباه، ثم ينظر من الشباك على بنت الجيران ويعود من جديد فيكتب عبارة واحدة (ياكلاب ياولاد الوسخة ياخونة) وينسخها عند كل من تضامن مع المسكين؛ ثم ينام، ولما يستيقظ يبدأ يومًا آخر من السب واللعن.
يا عزيزى يا من تلعن وتسب فى الضحية "محمد سلطان" ومن قبله "محمد فهمى" لأنهما تنازلا عن جنسيتهما من أجل حريتهما في ظل نظام لا يفهم، يجب أن تعلم أن هناك فرق شاسع بين الجلوس على المقهى وبين الجلوس على بُرش الزنزانة؛ وعليك أن تفرق بين دخول العالم الافتراضي وبين دخول الحبس الإنفرادي، واعلم أن غرفتك مهما كان ضيقها فهى واسعة جدًا بالنسبة لزنزانة التأديب، إنك بالطبع لا تعلم معنى أن تستيقظ على صوت مخبري الداخلية بعد صلاة الفجر ليفتشوا زنزانتك أو قل يسرقونها؛ لأنك تصحو على صوت الحاجة والدتك التى أحضرت لك إفطارك اليومي.
إن من يستحق اللعنة هو الظالم وليس المظلوم، الظالم الذى يعلنها للجميع صراحة أن الجنسية المصرية لا قيمة لها وأنه لا منجاة من ظلمات السجون إلا بالتنازل عن الوطن، وجعل كل من فى السجون من أبناء الوطن يندمون على ضياع فرصة حصولهم على جنسية أخرى.
من يستحق اللعنة هو من جعل هؤلاء الشباب يفقدون انتمائهم للوطن وصاروا يتضرعون إلى الله ويدعونه قائلين: "اللهم هجرة".
والجنسية ليست ورقة يكتبها نظام، لذا فـ " محمد سلطان" و"محمد فهمى" مصريان رغم أنف الجميع. ومن تنازل عن جنسيته المصرية هم هؤلاء الظالمون الذين يتوعدون لمصر بمستقبل سجين.
يقول المناضل الكوبى "تشى جيفارا": قد يكون من السهل نقل الإنسان من وطنه ولكن من الصعب نقل وطنه منه.
أذكر قول السيسى فى وصفه المبدع لمعنى كلمة وطن "وطن يعنى حضن" والأولى أن يقول السيسي "وطن يعني سجن" لأن الوطن لا يحتضن شبابه كما تحتضنهم السجون.