كُتب فى سجن أبو زعبل بتاريخ 7 أبريل 2015 بعد خروجي من زنزانة التأديب ولم أستطع حينها تهريبه خارج أسوار السجن.
أُتيحت الفرصة كاملة لوزارة الداخلية بأن تقول في حقي ما تريده عبر وسائل الإعلام المختلفة، أما أنا فلا مجال لى سوى الكتابة، ولهذا أكتب إليكم الآتى:
(1)
قبل زيارة "المجلس القومى لحقوق الإنسان" وبعد خروجي من زنزانة التأديب؛ تمّ استدعائي في مكتب المباحث وتهديدي بتلفيق قضايا أخرى غير قضيتى منها على سبيل المثال "تهريب مخدرات؛ أو الإعتداء على عساكر؛ أو كسر يد شاويش إن تحدثت أمام المجلس القومي لحقوق الإنسان عما حدث لي ولزملائي من اعتدائات".
وفي أثناء زيارة القومي لحقوق الانسان، رفضت قيادات وزارة الداخلية ومنها مساعد وزير الداخلية لحقوق الإنسان أبو بكر عبد الكريم، أن أنفرد بالقومي لحقوق الإنسان حتى أتحدث بحرية، وأصروا على أن يحتشدوا فى مكتب مأمور السجن ظنًا منهم أني سأرتبك وسأخشى هذا المشهد الممتلئ بالنسور والسيوف والنجوم والدبابير؛ لا أنكر شعورى بالخوف حينها؛ لكني عندما تذكرت أن هذا ليس حقي وحدي ولكنه حق كل من تم الإعتداء عليه وأن الصمت في هذه الحالة يعدّ خيانة تكلمت بلا خوف وحكيت ما حدث وكنت مستعد لكل أنواع البطش.
عندما تحدثت لم يستطيع أي من قيادات الداخلية تكذيبي فى وجههى.فكذبوني فى وسائل الإعلام.
(2)
قال اللواء "أبو بكر عبد الكريم" لوفد القومي لحقوق الانسان أنه مسموح لكل من في التأديب بدخول دورة المياه لقضاء حاجته مرتين يوميا.
فقلت له: نحن نتمنى أن ندخل دورة المياه مرة واحدة كل يومين، وقلت أنه غير مسموح لنا بقضاء حاجتنا إلا فى علبة بلاستيك داخل الزنزانة وأن المسجون يجرد من ملابسه عند دخول التأديب عدا بدلة ميري بيضاء خفيفة كما الكفن، ويدخل حافي القدمين ولا يُسمح بغطاء شتوي سوى نصف بطانية ميري، وعليك أن تختار بين أن تضعها على البُرش - البلاط - أو على جسدك، وقلت أن فى التأديب الذى يبلغ عرضه ثلاثة أشبار يد، وطوله خمسة أشبار غير مسموح بدخول زجاجة مياه نظيفة ولا طعام، إلا رغيف خبز وقطعة جبن تفوح منها رائحة كريهة ولا هواء ولا ضوء ولا حتى حياة.
وتسائلت ألا يُعدّ هذا تعذيبّ؟!.
قال أحد اللواءات أنى أكذب فقلت: إذا أردتم أن تثبتوا لهم كذبي فدعوهم يلقوا نظرة على التأديب ولكنهم بالطبع رفضوا؛ فقلت دعوهم يسألوا المساجين في العنبر السياسي عما يحدث في التأديب فليس من الطبيعي أن نتفق جميعا على أن يكون الكلام واحد، ولكنهم رفضوا.
(3)
قالوا كذبا في وسائل الإعلام أن سبب نزولى التأديب مرّة لتهريبي سخانات ومرّة لضبطي بتليفون وأخرى لاعتدائى على العساكر!!.
أما عن السخانات (التى لم تضبط معى) فهي موجودة علانية في كل الزنازين ومسموح بدخولها والدليل أن كافيتريا السجن تبيع أشياء تحتاج للطهى كالأرز واللحوم وغيرها من الأشياء التى يجب أن تُطهى على السخانات.
والتليفون فأنا لم يضبط معى مرة واحدة أى تليفون ويمكن الرجوع إلى كل المحاضر التى لفقتها لي إدارة السجن فلن تجدوا فيها محضر ضبط بالتليفون.
وعن الإعتداء على العساكر ففي السجن عندما يتم الإعتداء عليك تصير أنت الجاني حتى يجدوا مبررًا لعلامات الضرب المبرحة فى جسدك إذا وصل الأمر للنيابة.
فأنا من تمّ الإعتداء عليه ودخلت التأديب لأني تجرأت وطلبت عمل محضر رسمي ضد العساكر التي اعتدت عليّ بالضرب والسب.
(4)
قالوا كذبًا أن علامات الضرب على جسدي ليست إلا وحمة قديمة، أما عن الوحمة التي لم تراها أمي منذ ولدتني واكتشفتها الداخلية أخيرًا، فقد تم عرضي على الدكتور صلاح سلام عضو نقابة الأطباء، وعلى طبيب السجن برتبة نقيب، والذى اعترف بوجود علامات ضرب على جسدى أمام الدكتور صلاح سلام.
ولي هنا تساؤلات منطقية للسيد اللواء أبو بكر عبد الكريم:
- تقول أن في جسدي وحمة قديمة فهل توجد وحمة جديدة؟!
- وهل هناك أيضًا وحمة طولية مخططة بشكل عشوائى على الجسد؟!
- وهل تختفى الوحمة بعد أيام من على الجسد؟! (يا إلهى. إنها اختفت).
- وهل من المعقول أن يستغل إنسان فى الدنيا وحمة على جسده ويقول أنها تعذيب؟!
وماذا عن الوحمة التى أخفيتم بسببها الطالب"على قاعود" الذي صار جسده لوحة فنية مليئة بالوحمات بعدما جردتموه من ملابسه لتتفننوا فى رسم الوحمات؟! (عندما سأل الأستاذ چورچ إسحاق عن الطالب علي قاعود كان رد الداخلية أن "الكمبيوتر بايظ ومنعرفش هو فين"
ثم ماذا عن الوحمة التى كانت على أجساد المساجين ممن رفضتم عرضهم على القومى لحقوق الإنسان؟! وماذا عن وحمة خالد سعيد وسيد بلال والمحامي كريم حمدي الذي قتل لأنه لم يتحمل حجم الوحمة فى قسم المطرية؟!
(5)
يتسائل مساعد وزير الداخلية فى الإعلام: لماذا لم يقدم احد من المساجين شكاوي ضد الإنتهاكات سوى هذا الصحفى؟!
وباختصار؛ إن عدد من تقدموا بشكاوى ضد إدارة السجن تخطى 40 سجينًا.
(6)
أما عن لائحة السجون التى قالت قيادات الداخلية أمام الوفد الحقوقي أنهم ملتزمون بتطبيقها؛ فهل تنص اللائحة على سرقة متعلقات المساجين التى سُمح بدخولها؟!
وعلى عدم خروج المساجين للتريض لأكثر من عامين واستبدال التريض بالتهوية فى طرقة ضيقة لا تراها الشمس ولمدة ساعه واحدة؟!
وهل تنص على أن الملاعب الموجودة فى السجون ليست للتريض ولكن للزينة؟!
وتأمر بتعرية المساجين كما ولدتهم أمهاتهم واجبارهم على اختيار أسماء مؤنثه لهم حتى يرحمون من التعذيب؟!
ومنعهم من استخدام دورة المياه لمدة تصل إلى عشرة أيام واستبدال دورة المياه بعلبة بلاستك؟!
هل تنص اللائحة على منع الملابس الشتوية والبطاطين في الشتاء أو منع المراوح فى الصيف؟!
هل تنص على منع الجرائد والكتب؟!
(7)
أخيرًا ثلاثة رسائل قصيرة
الأولى: للمعنيين بحقوق الإنسان؛ ناضلوا من أجل إلغاء زنازين التأديب وكثفوا من زياراتكم للسجون لأن بإستطاعتكم التخفيف على المساجين.
الثانية: لوزارة الداخلية؛ لا تظنوا أن صمت الناس على انتهاكاتكم معناه أنهم يصدقون أكاذبيكم، فالناس تعلم جيدا أن وزراتكم أرضًا للكذب ولكن الخوف من بطشكم جعلهم يفضلون الصمت مؤقتًا.
الثالثة: أني لست طرفا فى صراع الوحوش على السُلطة؛ ولكني أريد أن أبلغكم أن السجون مكتظة بالمظلومين فلا تنسوهم لأنكم ربما تزوروا السجون قريبا.
المقال على مصر العربية