ما إن تطأ قدمك أرض كوكب المريخ حتى ينتابك شعور بالخوف من الاعتقال؛ نعم فأنا مطارد لا لشئ سوى أننى مريخي.
أمى دائما تأمرنى بأن أحلق لحيتى حتى لا يظنونى من جماعة أولاد العم المحظورة؛ فأحلقها. ثم تأمرنى بأن أحلق شعري لأنه يجعلنى أشبه "العيال بتوع 9 إبريل" وهى أيضًا جماعة محظورة؛ فأحلقه. فتنهانى عن ارتداء تيشرت رياضي فربما يظنوني عضوًا فى روابط مشجعى كرة الثلج؛ فتلك الروابط محظورة. فالحظر فى كوكب المريخ هو سيد الموقف وسيد قشطة وسيد البدوى!
لا ترتدى هذه الشال لأنه سيقودك إلى السجن وسجون المريخ لا ترحم. فأحاول اقناعها بأن هذا الشال لا علاقة له سوى بالقضية الزوحلية لأنهم اخوتنا فى الفضاء؛ ولكنها تنهار من البكاء فأستجيب لدموعها وأخلع الشال.
كل شئ فى هذا الكوكب صار مخيفًا. لا يمكن أن تتحدث عن حاكم البلاد ونظامه بصوت عالِ أثناء ركوب المركبات الفضائية لأن المخبرين فى كل مكان، ولم لا؟! فالمخبرين صاروا فى المقاهي والجامعات والشوارع ووسائل المواصلات ووسائل الإعلام.. نعم وسائل الإعلام، ولا تسألوني كيف يتأهل مخبرًا للعمل كمذيع فى برنامج ما لأني لا أستطيع الإجابة.
النظام المريخى الحالى عندما يحتاج أموالًا لشراء الأسلحة التى يقمع بها الشعب المريخي يأمر وزارة الداخلية المريخية بتوسيع دائرة الاعتقال وتلفيق قضايا كارتونية لتقوم النيابة الشريفة العفيفة الطاهرة بدورها وتخلى سبيل المتهم بعد دفع اتاوة كبيرة تصل إلى 100 ألف سنتوف مريخى!. ذلك السنتوف المريخى اللعين الذى فقد قيمته بعدما رفع النظام المريخى الدعم عن السلع الأساسية التى يحتاجها الفقراء.
حتى ميدان التنوير الذى كان رمزًا للثورة وضعوا فيه عامودًا شامخًا طويل القامة، كي ينظر إليه الشباب ويتّعظوا ويفكرون ألف مرة فى مصيرهم إن حاولوا الرجوع لميدان التنوير.
إن دخول ميدان التنوير يرعب النظام ويرعبنى أنا أيضًا؛ فعند مرورى به أخشى من كل شئ؛ فإنه من الجنون مثلًا أن تحمل كاميرا، أو حقيبة، أو هاتف فى ميدان التنوير وفى منطقة فخذ البلد عمومًا.
لا تحاول أن تنظر لأى شئ؛ ويجب أن ترسم على وجهك علامات الهطل والهبل حتى لا يشُك رجال الأمن فيك ويعتقلوك؛ ولا تتهور أيضًا وتسير فى مجموعات حتى لا يتهموك بتكدير السلم الخاص.
النظام المريخى يحارب كل قلم يكتب، أو كاميرا تنقل، أو كلمة تُقال، يحارب العقول التى تفكر، ويحارب أصحاب الأيدولوجيات حتى من المؤيدين له، لأن مجرد الانتماء إلى فكرة ما يعدّ خطرًا على نظام لا يؤمن بأى شئ سوى القمع!
النظام المريخى نجح فى أن يجعل المواطن المريخى يشعر بالخوف.. ولكن الخوف لن يدوم.