هنجوع؟.. أيوة !

السجادة الحمراء (التليفزيون المصري)
لسماع المقال اضغط هنا

"ازداد عدد أفراد البشر، زاد استهلاكهم لخيرات الأرض، أحس بعضهم بالحاجة، بينما كان لدى البعض الآخر فائض. شعر البعض بالتخمة، بينما شعر البعض الآخر بالجوع. أصبح العالم في حاجة إلى إعادة توزيع خيرات الأرض وثرواتها. ظهر على وجه الأرض القوي والضعيف، الغني والفقير، الظالم والمظلوم، الحاكم والمحكوم، الجاني والمجني عليه، فقرر "زيوس" أن يمحو كل الملامح البشرية وأن يقضي على كل الناس"..
أسطورة إغريقية قديمة

***
"مصر أم الدنيا وهتبقى قد الدنيا".
أسطورة مصرية حديثة

***
ما أقسى هذا الشتاء على أجسادنا، البيوت مغلقة من كل ناحية، والشبابيك تكسوها الستائر، نرتدي الكثير من الملابس حتى يبدو الإنسان كالدب القطبي، نختبئ تحت البطاطين كسلحفاه تختبئ في درقتها، الشتاء سيظل شتاءً مهما فعلنا، ولكننا سنقاومه ونشعر ببعض الدفء، في قبلات ليلية بين زوجين، وفي أحضان صغار يملئون البيت، اللهم لا حسد.

أما هؤلاء المفترشين على أرصفة "أم الدنيا" من المتسولين والشحاذين، وممن هدمت الحكومة بيوتهم لأنها عشوائيات لا تليق بأم الدنيا، لا يأبهون بهذا الشتاء، لا يهم بالنسبة إليهم أن يفترشوا الأسرّة، يكفيهم أن يحتموا من حبات المطر حتى لا تتساقط على ورقة كارتون حصلوا عليها من مخلفات فندق فخم يتخطى سعر إيجار غرفة به ما سيأكله أحد هؤلاء المساكين طوال عمره.

للأمانة هؤلاء الفقراء لم يظهروا فجأة، ولم يهبطوا من السماء في العهد الحالي، ولكنهم يزدادون يومًا بعد يوم، ينتشرون بسرعة فائقة في كل الشوارع والمحطات، وتحت أشجار تزين القصور، يجلسون على أرصفة المساجد والكنائس بدلًا من أن يجلسون بداخلها.

إنهم لم يهبطوا من السماء، ولكننا يومًا ما كنا ننظر إليهم ونشعر بالأسى، أما الآن فنشعر بالبرود تجاههم، كأننا اعتدنا رؤيتهم، ربما نُصاب باليأس لأن شكلهم غير حضاري، فقط من أجل الحضارة ومن أجل أن تصير بلادنا "قد الدنيا" فنحن قد اعتدنا الدماء، فكيف لا نعتاد على مثل هذه الصغائر؟! وحتى إن حركتنا إنسانيتنا تجاههم، فكيف نساعدهم ورواتبنا لا تكفي إيجار شقة !

***
هتاكلوا مصر يعني؟!
                               السيسي

زيادة رواتب أعضاء البرلمان 25 %!
جريدة المصريون
***

لا نريد أن نأكل مصر؟ ولكننا نريد أن نأكل!

لطالما أننا تعلمنا الجهل في المدارس، ودخلنا الجامعات فخرجنا منها يا مولانا كما خلقتنا، لطالما عملنا منذ كنا صغارًا في كل شيء، فنحن نريد أن نأكل كما تأكلون، أو ما تبقى من طعامكم.

نتخرج من الجامعة، لنبحث عن عمل، نظل نبحث عن عمل، ونبحث عن عمل للمرة المائة، ثم نجد عمل، الحمد لله، سنتقاضى راتبًا كبيرًا، 1200 جنيه، ستنفعنا شهادتنا المختومة بختم النسر وختم الجامعة أخيرًا، سنحقق ما حلمنا به بـ 1200 جنيه، سنشتري شقة، أو نؤجرها، سنتزوج، سننجب، فالوظائف كثيرة لمن يبحث عن وظائف كما صرّح المسئولون، يا فرجك يارب.

***
"فرصة عظيمة: شقة إيجار جديد 120 متر بالحي السابع، فقط ب 2100 جنيه ومقدم 4200، وزيادة سنوية 5%".
من إعلان على موقع خاص بالعقارات

***
بعدما تقاعد من الجيش، صار وزيرًا للنقل، مؤهلاته تسمح له بهذا، فمصر تحتاج إلى عسكري.

ذهب سيادة اللواء وزير النقل إلى محطة مترو، بعدما تم تأمين المترو بنجاح، كان يسير وسط الركاب مبستمًا، هناك من لا يعرفه "ركاب عاديين" وهناك من يعرفه جيدًا "ركاب مخبرين".

بعد زيارة سيادته للمترو، رأينا أخبارًا مبهجة محتواها أن وزير النقل قد استسمح الشعب في أن ترتفع سعر تذكرة المترو لأن المترو يخسر، ورأينا أخبارًا تقول أن أحد الركاب سأل الوزير: انتوا مغلتوش تذكرة المترو ليه؟! معك حق يا عم الحاج، فنحن نعيش في رفاهية شديدة ولا مانع من غلاء تذكرة المترو!

وبعد أن روج الإعلام لغلاء تذكرة المترو عن طريق بث إشاعات ونفيها لمعرفة مدى قابلية الشارع لغلاء التذكرة، أعلن الوزير أن المترو يخسر، وأن التذكرة يجب أن ترتفع الضعف، ولا مانع من أن نرتفع نحن أيضًا، المهم ألا يخسر المترو.

لا داعي لأن نستغل مساحات فارغة في المترو وتأجيرها لشركات كبرى، ولا أن نستغل ركوب أكثر من 5 مليون مواطن في مشاهدة إعلانات تدخل أرباحًا هائلة، الحل بسيط، وعلى المواطن أن يدفع.

***
"عدد خطوطه 17، وعدد محطاته 232، وسعر التذكرة يعادل جنيهان".
مترو بكين.

***
"مش هناكل؟ ايه المشكلة.. هنجوع؟ ايه يعني؟ المهم نكون كده".
السيسي

***
لا يهم الجوع. فقد وفرت الحكومة سكنًا لأقل من 1% من الشباب، شقة لا يتخطى حجمها 70 متر، أي أقل من حجم دورة مياه لأحد الوزراء.

لا يهم من ينامون على ورق الكارتون في الشوارع، سنفرش الأرض سجاد أحمر، كي لا يتسخ موكب الرئيس، سنفرش الشوارع سجاد بطول 4 كيلو متر، كي يشعر عجل سيارات الموكب بالراحة والدفئ. لا تقولوا أن هذا يكلفنا ملايين، ولا تقولوا أن هناك من هو أولى بتلك النقود، "متزودوهاش".

قولوا أنها ألوان دهان، وليست سجاجيد حمراء، وسيصدقكم من صدقوا أن الكفتة يمكن أن تصير علاجًا !

هنجوع؟ ايه يعني؟ المهم نكون كده !


اقرأ أيضًا

تواصل بدون ترخيص


شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة