هُنا القاهرة: يسألونك عن صوت الجماهير.. قُل "في السجون"

مصدر الصورة: Ultras Ahlawy - UA07

مدد

في كل مكان في العالم، لا يتوقف الأولتراس عن الغناء أو التشجيع، وهذه إحدى مبادئ جماهير الأولتراس.. فلا يجلس أفراد الأولتراس طوال فترة المباراة ويستمرون في الغناء بصوت يشبه أصوات الجنود في الحروب.. أبت الدولة أن يستمر الغناء والتشجيع، وأجبرتهم مؤخرًا على الجلوس في أثناء المباراة، ولكنه جلوس على بُرش الزنازين.
ظهرت روابط الأولتراس في مصر بالتوازي مع احتفال النادي الأهلي المصري بمئويته الأولى، في مباراة ودية جمعت بين النادي الأهلي ونادي برشلونة الأسباني عام 2007 باستاد القاهرة الدولي، وإذا تتبعنا تاريخ الألتراس منذ ظهوره، نجد أنه لم ينخرط في النشاط السياسي إلا بمشاركته في ثورة 25 يناير وما بعدها من مظاهرات ضد حكم المجلس العسكري.
وتكونت في مصر عدة رابطات للألتراس أشهرها رابطة ألتراس أهلاوي، ورابطة ألتراس زملكاوي.


متى بدأت المعركة بين الأمن والألتراس؟

مصدر الصورة: Ultras Ahlawy - UA07

رغم أن روابط الألتراس لم تكن لها علاقة بالعمل السياسي منذ نشأتها، إلا أن العلاقة بين قوات الأمن "الشرطة" وروابط الألتراس، لم تكن يومًا على ما يرام، فدائمًا يعتبر شباب الأولتراس أن وزارة الداخلية يقودها مجموعة من الملفقين والجهلة، وهذا ظاهر في أغانيهم، ووزارة الداخلية تعتبر أن شباب الألتراس خونة ومأجورين ولهم علاقات سرية بجماعة الإخوان المسلمين.
وقد ظل العداء بين الألتراس والأمن هو السائد، لا سيما أن قوات الأمن دائمًا تتعامل بعنف شديد مع روابط الأولتراس.، وكانت أول مواجهة حقيقية بين قوات الأمن وشباب الألتراس في عام 2010، في مباراة الأهلي وكفر الشيخ  بملعب مختار التتش، فجأة و بدون مقدمات اشتعلت مدرجات الأهلي احتفالًا بهدف محمد أبو تريكة المبكر فى الدقيقة الثالثة من عمر المباراة، وقامت جماهير الأهلى بإشعال الشماريخ بكثافة وألقت بها داخل ملعب المباراة، ليتدخل رجال الأمن لمنع هذه الشماريخ، ويشتبك الطرفان وهو ما أسفر فى النهاية عن وقوع العديد من الإصابات من الجانبين، والقبض على 7 شباب من أولتراس أهلاوي، وكادت الأمور أن تزداد سوءً، لولا تدخل حسام البدرى، المدير الفنى للأهلى، ومحمد أبو تريكة ووائل جمعة.
ودخل أولتراس زملكاوي على خط المواجهة مع الأمن في مطلع يناير 2011، في مئوية نادي الزمالك، حيث تعرض عدد كبير من  جماهير الزمالك لإصابات إثر اشتباكات دارت بينهم وبين رجال الأمن أمام  بوابات نادي الزمالك، وذلك بعد أن رفضت جماهير الزمالك الرحيل عن النادى وأصرت على تنفيذ مطلبها بالدخول لملعب حلمي زمورا، والاحتفال مع لاعبى الفريق بمئوية النادي، وهو ما قابله مدير عام النادى علاء مقلد بالرفض، واستدعى الأمن لتفريق الجماهير المحتشدة.
ولم ينس الألتراس ما حدث، كما لم تنس قوات الأمن أيضًا.

التهمة "ثورة يناير"

مصدر الصورة: Ultras Ahlawy - UA07

شارك الألتراس في ثورة يناير عام 2011،وكان له دور مؤثر في جمعة الغضب 28 يناير، وانحاز الألتراس بشكل واضح وصريح لثورة يناير، لا سيما أن المعركة الأولى في ثورة يناير كانت بين الشعب وقوات الأمن الذين يلاحقون الألتراس في المدرجات ويضيقون عليهم الخناق.

مجازر لم تنته بعد

مصدر الصورة: Ultras Ahlawy - UA07

كما لم ينس الألتراس ما جرى لهم من تضييق أمني، يبدو أن رجال النظام السابق لم ينسوا دور الألتراس في ثورة يناير، مما جعل مجازر الألتراس تتوالى، ورغم أن الألتراس ظل صامدًا أطول فترة ممكنة، إلا أن هذا الصمود، وفي سبتمبر 2011 دارت اشتباكات دامية بين الأمن والألتراس في مباراة الأهلي وكيما أسوان، وأحرق حينها 18 سيارة شرطة، ويبدو أن الرد كان سريعًا، ففي مطلع فبراير 2012، وقعت أكبر كارثة في تاريخ كرة القدم، حيث سقط من شباب الألتراس 74 شهيدًا في بورسعيد عقب مباراة الأهلي والمصري، والتي لم يحضرها محافظ بورسعيد أحمد عبد الله، علي غير العادة في مباريات الأهلي المقامة في بورسعيد بين الأهلي والمصري.

مصدر الصورة: Ultras White Knights UWK

لم تنته معارك الألتراس بعد ولم يستسلم، حيث بدأت معارك المطالبة بالقصاص للشهداء، ولكن الذي حدث أن قوات الأمن قررت أن ترتكب جريمة أخرى، بقتل 20 شهيدًا من ألتراس زملكاوي، ففي أحداث دامية مساء 9 فبراير 2015، أمام بوابات استاد الدفاع الجوي لقي 20 مشجعًا من ألتراس زملكاوي حتفهم في اشتباكات عنيفة ودموية بين جمهور الزمالك وقوات الأمن التي تؤمن مباراة الزمالك وإنبي في الدوري العام، حيث أعلنت وزارة الصحة في بيانها الرسمي عن الأحداث  سقوط 20 شهيدا والعديد من الإصابات بين جمهور الفريق الأبيض.

شيطنة الألتراس

Ultras White Knights UWK

لم تتوقف وسائل الإعلام المحسوبة على الحكومة عن شيطنة جماهير الألتراس، واتهامهم بحصولهم على تمويلات من جماعة الإخوان المسلمين، حتى أن جريدة اليوم السابع نشرت ما أسمته تقريرًا عن "أسرار علاقة روابط الألتراس بجمال مبارك وحازم صلاح أبو إسماعيل والشاطر". كما أن هناك عدة إعلاميين عرفوا بمعاداتهم للألتراس مثل "توفيق عكاشة، أحمد شوبير، أحمد موسى، مدحت شلبي" وغيرهم من الإعلاميين الذي شاركوا في شيطنة الألتراس مجاملة للدولة.

 أصوات المشجعين خلف القضبان

بعد ال30 من يونيو، لم تتوقف الدولة عن مطاردة الألتراس، و تكاتفت الأجهزة الأمنية من أجل القضاء على روابط الأولتراس في مصر، مما جعل هزائم روابط الأولتراس تتوالى واحدة بعد الأخرى، لعل آخر هذه الهزائم هي أحكام بالمؤبد 10 سنوات لـ 3 متهمين و7 سنوات لسيد مشاغب و3 سنوات لـ 3 متهمين من ألتراس الزمالك في أحداث  ستاد الدفاع الجوي، حيث قضت الدائرة 9 بمحكمة جنايات شمال القاهرة، برئاسة المستشار صلاح محجوب، المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بطرة، الأحد 24 سبتمبر، بالسجن المؤبد لمتهمين اثنين، والمشدد 10 سنوات لثلاثة متهمين، والمشدد 7 سنوات لسيد مشاغب و4 آخرين، والسجن 3 سنوات لثلاثة متهمين ، وبراءة متهمين اثنين، و الحبس سنتين لمتهم، فى اتهامهم فى أحداث استاد الدفاع الجوى، والتى وقعت قبل مباراة كرة القدم، بين ناديى الزمالك وإنبى بـ "ستاد الدفاع الجوي"، نتيجة منع قوات الأمن لمشجعين من الدخول وإطلاق قنابل الغاز عليهم وسط ترديدهم الصراخ الشهير "افتح بنموت" وقد أسفرت عن مقتل 20 مشجعًا من نادى الزمالك قالت الشرطة وتحقيقات النيابة أنهم ماتوا نتيجة التزاحم.
وسيد مشاغب هو قائد ألتراس الزمالك «وايت نايتس» وشارك في تأسيس ألتراس "وايت نايتس" في عام 2007. واتُهم مؤخرا بالاعتداء على رئيس نادي الزمالك، مرتضى منصور، بإلقاء أكياسا من "البول والبراز" عليه أثناء وجوده بالشارع، إلا أن المحكمة برأته من الاتهام، وبعدها تم استئناف الحكم، وأيدت محكمة جنح العجوزة حكم البراءة في 27 نوفمبر من العام الماضي، واتهم مشاغب في قضية الدفاع الجوي وتم حبسه منذ منتصف مارس الماضي، حتى صدر عليه الحكم بالسجن 7 سنوات صباح اليوم.
سبق هذا الحكم القضائي، إلقاء قوات الأمن بالإسكندرية القبض على 150 مشجعًا أهلاويًا  من ستاد برج العرب خلال مباراة الأهلي والترجي التونسي، ضمن مباريات نصف نهائى دورى رابطة الأبطال الإفريقية، 17 سبتمبر 2017، بزعم حيازتهم تذاكر مزورة وارتداء تيشرتات تحمل رقم "74" في إشارة إلى عدد ضحايا مجزرة بورسعيد، وأطلقت  قوات الأمن سراح 120 مشجع آخر، بعد التأكد من هويتهم وعدم ارتكابهم مخالفات، واحتجزت 30 آخرين.
وفي 8 يوليو، ألقت قوات الأمن القبض على  90 مشجعًا أهلاويًا، لإرتدائهم تيشيرتات تحمل رقم «74»، إلى جانب إطلاق شماريخ.
وفي 16 سبتمبر الجاري،  نشر نشطاء على صفحات التواصل الاجتماعي أخبار تفيد بالقبض على 500 مشجعًا زملكاويًا بزعم محاولتهم دخول ملعب المباراة دون تذاكر. وقال اللواء شريف عبدالحميد، مدير إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن الإسكندرية - قال - "إنه تم منع 4 أتوبيسات بها بعض جماهير الزمالك على الطريق الصحراوي، من الدخول إلى الطريق المؤدي إلى ستاد برج العرب بدعوى عدم حملهم تذاكر حضور المباراة".

ولم يسلم أهالي مشجعي كرة القدم من الاعتقال، حيث ألقت قوات اﻷمن القبض على 10 من عائلات مشجعي الزمالك المحبوسين، أثناء وجودهم أمام مقر مديرية اﻷمن بالإسكندرية ومحاولة معرفة مصير أبنائهم، وما زال الأهالي قيد الحبس الاحتياطي حتى الآن.
كما تلقى الألتراس ضربة قاسية من القضاء المصري في 28 فبراير 2017، بأحكام مشددة 15 سنة لخمسة متهمين بالتجمهر من "ألتراس أهلاوي"، وعاقبت محكمة جنايات الجيزة، برئاسة المستشار محمد ناجي شحاتة، المنعقدة بأكاديمية الشرطة، اليوم الثلاثاء، 5 من أفراد "ألتراس أهلاوي" بالتجمهر ، بالسجن المشدد لمدة 15 سنة . وقضت في هذا السياق ، بمعاقبة متهم آخر  بالسجن لمدة 5 سنوات. وكانت النيابة قد وجهت إلى المتهمين في القضية رقم 15567 لسنة 2014 وسط قصر النيل، اتهامات بالتجمهر واستعمال القوة والعنف والسرقة بالإكراه، وإتلاف ممتلكات عامة وخاصة، وحيازة الأسلحة والذخيرة بدون ترخيص.

متى تسمح الدولة بعودة الألتراس من السجون إلى المدرجات؟

الإجابة على هذا التساؤل قد تبدو شبه مستحيلة، لا سيما أن خالد عبد العزيز وزير الشباب والرياضة المصري صرح أن  "قرار عودة الجماهير إلى ملاعب المباريات المصرية لن يصدر عن وزارته أو وزارة الداخلية" وأن القرار في يد مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية. إلا أن عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، تحدث عن ملف عودة الجماهير إلى المدرجات في الملاعب المصرية. وقال  "ناقشنا الأمر في مؤتمر الشباب بشرم الشيخ، وأكدت أنني لن أتخذ قرارًا، إلا إذا كانت الأجهزة الأمنية ووزارة الشباب والرياضة، لديها اطمئنان من عدم حدوث أمر يؤلمنا جميعا لا قدر الله".

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة