كارتون: الاشتراكيون الثوريون |
"بعدما تقاعد من الجيش صار وزيرًا للنقل، مؤهلاته تسمح له بهذا، فهو عسكري، ومصر تحتاج إلى عسكري كما تعلمون. في زيارة مفاجئة ذهب سيادة اللواء وزير النقل إلى إحدى محطات المترو، وكان عمال المترو قد استعدوا للزيارة (المفاجئة) منذ 7 أيام، كان يمشي في المترو وسط الركاب متبسمًا؛ هناك من لا يعرفه ولم يألف وجهه "ركّاب عاديون" وهناك من يعرفه جيدًا ويضرب له تعظيم سلام "ركاب مخبرون" وهؤلاء كانوا أكثر.
بعد زيارته المفاجئة، قرأنا أخبارًا مضمونها أن وزير النقل قد استسمح الشعب في أن ترتفع سعر تذكرة المترو لأن المترو بيخسر؛ ومن ضمن الأخبار أن أحد الركاب سأل الوزير متحمسًا: - انتوا مغلتوش تذكرة المترو ليه؟ مش تبقوا تغلوها؟! (معك حق يا عم الحاج، فنحن نعيش في رفاهية شديدة ونشعر بالزهق من كون تذكرة المترو رخيصة، نحن لا نحب الأشياء الرخيصة لأننا أغنياء جدًا).
بعد أن روّجت وسائل الإعلام لارتفاع سعر تذكرة المترو عن طريق بث شائعات ونفيها لمعرفة مدى قابلية الشارع لهذه الخطوة المنتظرة، أعلن الوزير أن المترو يخسر، وأن التذكرة يجب أن ترتفع الضعف، ولا مانع من أن يرتفع المواطن، المهم ألا يخسر المترو. لا داعي لاستغلال المساحات الفارغة في المترو طالما يمكننا استغلال المواطن، ولا داعي للتعاقد مع شركات تدفع ملايين في الترويج لمنتجاتها والتي بالطبع ستدفع أكثر عندما تعلم أن أكثر من 5 مليون يستخدمون مترو الأنفاق يوميًا سيتمكنون من مشاهدة الإعلانات. لا داعي لكل هذا الهراء فالحل بسيط؛ على المواطن أن يدفع".
في النرويج متوسط دخل الفرد 38 ألف و951 دولارًا مقابل 33 ساعة ونصف إسبوعيًا، نحو (700 ألف جنيه مصري).
هذا ما كتبته في مقال سابق بتاريخ 9 فبراير 2016؛ وأثبتت الأيام أن مصدر شائعات ارتفاع تذكرة المترو، قد يكون مبنى أمني في لاظوغلي، أو عسكري في العباسية، المهم أنها ليست شائعات، وأنه ما زال هناك من يتخوف من غضب الشارع، إن كان هناك شارع؛ وعندما يتخذ قرارات مؤلمة يحاول تمهيدها عن طريق أذرعه الإعلامية كي لا يغضب كل حي لا يرزق في هذه البلاد.
حدث هذا في قرارات تعويم الجنيه وغرق المواطن، وفي ارتفاع أسعار السولار والكهرباء والماء، وفي بث شائعات عن رفع الدعم ثم نفيها ثم تطبيقها.
أقيل وزير النقل العسكري، لكن معاشه ما زال مستمر، فكل وزير يأتي في هذا البلد ولو بقي في وزارته ساعة واحدة تمن عليه البلد بمعاش شهري، وكل فقير لو عمل طوال عمره في مكان ما وأصابه مرض ما لا حق له سوى كسر حُقّه.. وجاء وزير النقل المدني ليكمل مسيرة من سبقه في تطبيق سياسة التضييق على الفقراء أكثر والانتقام منهم أكثر ورفع سعر تذكرة المترو 100% بدعوى أن المترو يخسر.
تبريرات الحكومة ومؤيدي السيسي لا منطق فيها ولا عقل، يتحفك أحدهم بقوله أنه في أوروبا والدول المتقدمة سعر تذكرة المترو يفوق سعر تذكرة المترو في مصر مرات عديدة، قد يبدو الأمر مختلفًا لو كنا في عهد مرسي، أليس كذلك؟!
المبرراتي الحكومي أو المبرراتي المؤيد نسي أو تناسى أو جهل أنه في البلاد المتقدمة التي يحكي عنها وقت الحاجة فقط، ويتناساها ويلعنها مثلًا في أوقات حقوق الإنسان والحريات وخلافه، تحترم المواطن وتعامله كمواطن فقط، لا كقطعة شطرنج كما يحدث هنا.
لو تحدثنا مثلًا عن مترو "روسيا" الذي تبلغ سعر تذكرته نحو 0.61 دولار فعلينا أن نعلم أن متوسط دخل الفرد بلغ نحو 15 ألف دولار أمريكي سنويًا، نحو 270 ألف جنيه مصري.
في النرويج متوسط دخل الفرد 38 ألف و951 دولارًا مقابل 33 ساعة ونصف إسبوعيًا، نحو (700 ألف جنيه مصري).
في سويسرا يبلغ متوسط الدخل السنوي للفرد مقابل 35 ساعة من العمل إسبوعيًا، 33.491 ألف دولار أمريكي، أي ما يعادل 612 ألف جنيه مصري.
في أستراليا يبلغ متوسط الدخل السنوي الذي يتقاضاه الفرد مقابل 36 ساعة إسبوعية من العمل، 31 ألف و588 دولارًا أمريكيًا، أي ما يعادل 576 جنيه مصري.
في ألمانيا صافي الدخل الذي يحصل عليه المواطن 30 ألف و252 دولار أمريكي، بعد دفع كل الضرائب، أي ما يعادل حوالي 540 ألف جنيه مصري.
في النمسا يبلغ متوسط الراتب السنوي للفرد النمساوي 31 ألف و173 دولار أمريكي، أي ما يعادل حوالي 558 ألف جنيه مصري.
وفي كندا يبلغ متوسط الدخل السنوي للفرد مقابل العمل لـ36 ساعة إسبوعيًا حوالي 29 ألف 365 دولار أمريكي، أي ما يعادل حوالي 522 ألف جنيه مصري.
في السويد يبلغ دخل المواطن السنوي نحو 29 ألف و 185 دولار أمريكي، ما يعادل نحو 522 ألف جنيه مصري.
وفي فرنسا يبلغ دخل المواطن السنوي 28 ألف و799 دولار أمريكي، ما يعادل حوالي 521 ألف جنيه مصري.
وحتى في البلاد الديكتاتورية التي يحاول البعض الاستشهاد بها سنجد مثلًا في كوريا الشمالية التي يحكمها المجنون "كيم كونج" متوسط دخل الفرد يتراوح بين 25 و 30 ألف دولار أمريكي.
وفي مصر قال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن متوسط الدخل السنوي للأسرة المصرية بلغ ٤٤.٢ ألف جنيه في عام 2015، أي ما يعادل 2400 دولار، فعن أي دول متقدمة نتحدث؟!
***
لا أعلم السر في أن تتواجد طائفة من البشر في هذه الدولة الظالم حكامها ليكون شغلها الشاغل الدفاع عن النظام حتى لو على حساب الوطن. بعيدًا عن تعذيب السجناء وقمع الحريات واعدام الصحافة وفساد الحكومة وعبث البرلمان؛ ستجد هذه الطائفة مثلًا تبرر بيع تيران وصنافير، وحاضرة بقوة في الدفاع عن الحكومة تجاه علاقتها غير الشرعية مع إسرائيل؛ وفي القرارات الاقتصادية التي تخرق جيب المواطن؛ هذه الطائفة احتفلت بارتفاع سعر تذكرة المترو وقالت أن هذا القرار جاء متأخرًا؛ وفي ظني أن هؤلاء لا يعلمون كيف يبدو المترو من الداخل، هذه الطائفة لم تتعاطف مع الواقفين في طوابير تذاكر المترو من أجل الحصول على عدد من تذاكر المترو قبل تطبيق الزيادة الجديدة ولكنها وصفتهم بالبخل ولم تفكر في أنه بين هؤلاء آلاف لا يحتملون زيادة 44 جنيه شهريًا إذا كانوا يعملون 5 أيام في الأسبوع، بينما راتبهم قد لا يتخطى 1200 جنيه ولم يرتفع حتى الآن.
هذه الطائفة إذا قررت المعارضة يومًا ما، ستعارض سائق الميكروباص الذي رفع سعر المواصلة نصف جنيه، ولن تعارض الحكومة التي رفعت سعر السولار، تعارض بائع الخضار المتجول وتعارض عامل لا يكفيه راتبه، ومتسول لا يجد عمل. باختصار إنها طائفة تعارض الفقراء والضعفاء، فقط.
لا أعلم السر في أن تتواجد طائفة من البشر في هذه الدولة الظالم حكامها ليكون شغلها الشاغل الدفاع عن النظام حتى لو على حساب الوطن.
وعلى هذه الطائفة الفريدة أن تجد تبريرًا في كتب التاريخ حتى لو كان غير منطقي لكل ما قاله السيسي للفقراء:
(* انتوا مش عارفين إنكم نور عنينا ولا ايه؟
* أنا لا يمكن أرفع الدعم عن الفقراء؛ وقسمًا بالله مش هرفعه غير لما أخليهم أغنياء.
* لن يحدث أي ارتفاع في الأسعار حتى لو ارتفع سعر الدولار، وأحب أقولكم الدولار مش هيرتفع ولا حاجة.
* أحب أقول للتجار اللي مخزنين السلع تخلصوا منها عشان الجيش هيتدخل ويرخّص الأسعار.
* عينيا على الإنسان المصرى البسيط اللى ظروفه صعبة؛ ولن يحدث تصعيد فى الأسعار، أه أنا بقول، لن يحدث تصعيد في الأسعار!)