جيرافيتي هرم.. وسيارتي عبده موتة !


في الصباح الباكر، وجدت على  جدران منزلنا، شيئا يُفترض أنه جرافيتي، وأنا من هواة رسوم الجرافيتي منذ ظهوره في مصر.. لكن هذا جرافيتي لا علاقة له بالفن، ولا علاقة له بالجرافيتي!

عبارة عن جملة مكتوبة بشكل لا يراعي الجمال، ولا يراعي تكلفة دهان جدران منزلنا المتواضع.. فقد كتب أحدهم على جدران منزلنا: (فرحة هرم يوم الخميس، وهنولع الفرح). وكتب العنوان الذي سيولع فيه الفرح حتى يحتشد الناس.. وهكذا تحول الجيرافيتي من حشد الناس للحصول على حقوقهم من الحكومات الظالمة، إلى حشد الناس لتوليع الفرح.

"هرم" اتخذ قرارًا فرديًا وقرر أن  يجعل على وجهة منزلنا كتابات تجعل جميع المارة يضحكون، أو يبكون على حال جدران منزلنا المسكين، أو يصدرون أصواتًا من أنوفهم لا يصدرها إلا النائمون أو المعترضون، أو تجعلني أتمنى رؤية هذا الهرم لارتكاب أفعال لا داعي لذكرها.

"هرم" قرر ألّا يفرح وحده، وأن يجعل الجميع يفرحون بفرحته، اعتقادًا منه بأن العالم قد ترك الحروب السياسية والاقتصادية والمجازر الدموية والصراعات الانتخابية والطائفية، وطوابير الفول والطعمية، وانتظر فرحه؛ ظن أن الجميع ينتظرون هذه اللحظة الحاسمة "توليع الفرح" حتى يحرقون الفرح معه.. مما دفع "هرم" لأن يترك على كل منزل في حارتنا رسمة جيرافيتي قبيحة؛ ربما لمحاولة أن يثبت لعروسه أنه "شَبَح" مثل الفنان "محمد رمضان" أو "عبده موتة" أو "الأسطورة" شبح  قادر على أن يجعل الجميع يحتفلون بفرحته رغمًا عنهم، وأن يتركوا اسمه مكتوبًا على الجدران لأنهم بالطبع لن يكلفوا أنفسهم شراء "دهان" جديد في ظل هذا الغلاء المتوحش الذي يعاني منه الخلق في فترة ولاية السيسي.

"هرم" يفرح وأهالى المنطقة لم يفرحوا كما كان يظن، ولكنهم سبّوه بأبيه وأمه، ودعت الأمهات على عروسته المسكينة في كل صلاة، وربما أقاموا الليل من أجل أن يطلبوا من الله ألا يمنح عروسته خلفة العيال.
***
أراد الفنان محمد رمضان (الأسطورة / عبده موتة) أن يفعل كما فعل هرم، وأن يُعلن عن فرحته باقتناءه سيارتين فارهتين جديدتين، اعتقادًا منه بأن جمهوره الواسع الذي تعلم منه أشياء كثيرة من أفلامه القبيحة، سيفرح ويبتهج وسينشر القمح على رؤوس الجبال حتى تأكل الطيور وحتى لا يقولون أن في بلاد "عبده موتة" لم يشعر الطير بالفرحة بعد شرائه سيارتين جديدتين فارهتين.

كتب "عبده موتة" على موقعي التواصل الاجتماعي "انستجرام" و"فيس بوك": "الحمد لله.. اشتريت أمس السيارتين الأقرب إلى قلبى، لامبورجينى أفنتادور & رولز رويس جوست، بحب أشارك جمهورى كل اللحظات الحلوة فى حياتى". ونشر صورته مع السيارتين وهو مبتهج كطفل اشترت له أمه سيارة لعبة بريموت كونترول.

بحسب موقع 4 day فإن سيارة "لامبورجيني أفنتادور" هي أحدث سيارة رياضية سوبر أنتجتها الشركة الإيطالية العريقة لامبورجيني، ويطلق عليها لقب الثور الهائج بسبب قوتها الهائلة، وسرعتها الخيالية حيث تعد السيارة الأسرع في العالم؛ ويتراوح سعرها وفقًا للموقع الرسمي للسيارة في المتوسط 500 ألف دولار أميركي، أي ما يعادل 6 ملايين جنيه مصري، وربما أكثر في ظل انخفاض سعر الجنيه، حيث تخطى الدولار الأمريكي في السوق السوداء حاجز الـ 12 جنيهًا.

أما السيارة الثانية فهي سيارة "رولز رويس جوست".. وهي واحدة من أغلى السيارات ثمنًا وأكثرها رفاهية، وهي من إنتاج الشركة الإنجليزية "رولز رويس" ويتراوح سعرها وفق الموقع الرسمي للسيارة في المتوسط 300 ألف دولار أميركي أي حوالي 3.600 مليون جنيه مصري.

***
اعتقد الفنان محمد رمضان "عبده موتة" أن الجماهير ستحتشد في الميادين احتفالًا باقتنائه سيارتين فارهتين وسيشعلون الشماريخ، مثلما اعتقد "هرم" أن أهالى المنطقة سيوزعون الحلوى والشربات احتفالًا بليلة عُرسه.

"هرم" لم يدرك أنه ربما سيدفع ثمن الجدران التي شوهها غاليًا في يوم غير معلوم، وعبده موتة لم يراعِ، ولم يدرك أن جماهيره تعاني اقتصاديًا وتكتوي بنار الأسعار التي فرضها النظام الحالي على الغلابة والفقراء، في الأدوية والملابس والمواصلات والطعام والشراب.

لم يدرك "موتة" أن محبيه وجماهيره التي أراد أن يشاركها فرحة شرائه سيارتين بملايين الجنيهات، يتشعلقون في المواصلات العامة على سلالم الأتوبيسات، وتختلط أجسادهم في المترو حتى تصير كالجسد الواحد، ويشعرون بالذل من سائقي الميكروباص بعد أن صار أغلبهم يفعلون كما يفعل في أدواره.

كما أنه لم يدرك أن جماهيرًا غفيرة قلدته في حلقة شعره في مسلسل الأسطوة، وصارت تحشر مقولته الشهيرة "ثقة في الله" في كل كلامها، وتقلده في الرقص بالأسلحة وفي طريقة الكلام السوقية، ستحاول تقليده في شراء سيارتين فارهتين بأساليب غير شرعية، فمن وجد أن تجارة الحشيش والمخدرات هي التي تجعل من الشخص "أسطورة" وأن القانون لا يفيد في أكل العيش، سيسعى إلى أن يشتري سيارة عبده موتة حتى يصبح أسطورة (مع أني أؤمن بأن الإنسان مخيّر في أفعاله، وأنه ليس خروفًا يُساق كما يريد البعض "أحيانًا").

كنت دائمًا وسأظل مع حرية الفن وكل الحريات التي يجب أن يحظى بها المجتمع، لكن عبده موتة لا يقدم للمجتمع سوى غائط ينتشر بسرعة الوباء في كل أعماله، ثم يقبض ما تيسر له من ملايين الدولارت لشراء سيارات يغيظ بها الناس، ثم نعيش نحن في جحيم مريديه ومحبيه في كل مكان، ممن يقلدونه في كل شئ.

أخيرًا مبروك لهرم، ومبروك لعبده موتة.. وتبًا لكما، وتبًا عليكما، وجمع بينكما في خير.




شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة