AFP |
مصر العربية
فرضت السلطات الكورية الشمالية على شعبها حصارًا أمنيًا كما لو كان شعبًا محكوم عليه بالسجن المشدد مدى الحياة. فالدولة تتحكم فى كل تفاصيل الحياة، من الملبس والمأكل وأسماء الأطفال؛ حتى قصات الشعر. كما حاصرت الدولة شبكة الإنترنت العالمية وأنشأت شبكة داخلية خاصة بالدولة لا يتمكن كل من هم خارج البلاد من التسلل إليها أو الوصول على المعلومات المتاحة عليها، ولا تسمح الدولة باستخدام شبكة الإنترنت العالمية إلا بإذن من الدولة.
والصحافة بما أنها مقياس الحريات في أي دولة، فلا تتعجب عندما تعلم أن كوريا الشمالية سجنت صحفيًا 6 أشهر لأنه أخطأ في حرف واحد في إحدى مقالاته!
عندما تبحث في محرك البحث الشهير "جوجل" عن "كوريا الشمالية" ستقرأ أخبارًا تشبه الأساطير الإغريقية، فعلى الرغم من عدم وجود خبرة عسكرية لدى وريث الحكم وزعيم دولة كوريا الشمالية "كيم جونغ أون"، البالغ من العمر نحو 33 عامًا، إلا أنه حصل على منصب جنرال في الجيش عام 2010.
قد يشبه هذا ما حدث مع الجنرال عبد الفتاح السيسي في مصر، الذي حصل على نفس اللقب رغم أنه لم يشارك في حرب واحدة، إلا إذا اعتبرنا أن "انقلاب" 3 يوليو كان حربًا على الثورة.
مجنون كوريا الشمالية حكم شعبه بالخوف، وعندما يتمكن الخوف من شعب ما قد يقضي على تاريخها وحاضرها ومستقبلها، فمن ضمن قرارات مجنون كوريا:
-إعدام زوج عمته بأن ألقاه عاريًا فى قفص مع 5 مسؤولين آخرين وأطلق 120 كلبًا، تنهش في أجسادهم، بعد تجويعهم، فأكلوهم فى حضور 300 من كبار المسؤولين، بتهمة محاولة الانقلاب عليه".
-كما أعدم وزير دفاعه "هيون يونغ تشول" بواسطة مضاد للطائرات في ساحة كلية عسكرية أمام مئات المشاهدين بعد نعاسه في عرض عسكري.
-وأعدم "عمه" بسبب العداء الشخصي، ولأنه لم يصفق له بحماسة خلال اختياره في وظيفة نائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية للبلاد.
-أعدم كونج أحد خصومه، وهو "سانغ هون" وزير الأمن العام، بقاذفة من اللهب، بسبب صلته القوية بعم الزعيم الكوري جون، وأراد أيضًا التخلص من كل القيادات التي كانت مقربة من عمه الراحل وبلغ عددهم 200 قيادة بحسب موقع CNN.
-أعدم صديقته السابقة المغنية هيون سونغ وول، بعد اتهامها بتصوير فيلم إباحى، بزعم مخالفة قوانين البلاد.
-أعدم مقاول ملعب رياضي بسبب كرسي غير صالح للجلوس.
قد تبهرك كل قرارات الإعدام التي يصدرها الزعيم الشمالي الكوري، ولكن عليك أن تنبهر أكثر عندما تجد أن هذا المجنون لم يرتكب جريمة التخلي عن شبر واحد من أرض بلاده لصالح دولة أخرى.
هل تشبه مصر كوريا الشمالية؟!
لأن كوريا الشمالية تُعد الدولة الديكتاتورية الأشرس في العالم من حيث قمعها للشعب وحبسه جماعيًا، تجد كثيرين يُشبهون "مصر السيسي" بكوريا الشمالية، حيث يُخفي المواطنون قسريًا في الدولتين، وكما نشرت صحيفة "ديلي ميل" تقريرا عن تعذيب منظم للسجناء، الذي يشمل الضرب والتجويع والاغتصاب ويتحدث عن أكثر من 200 ألف معتقل كوري شمالي، فإن الشبكة العربية نشرت تقريرًا يكشف عن بناء 19 سجنًا بعد ثورة يناير، وحبس نحو 60 ألف معتقل سياسي، هذا غير المساجين الجنائيين!
وكما أن في كوريا الشمالية تجريم لركوب السيارات لعامة الشعب، فإن في مصر تحريم لمهنة الضابط ووكيل النيابة والقاضي على عامة الشعب.
من حيث حرية الصحافة فمصر سجن كبير للصحفيين، وحصلت على المركز 161 من إجمالي 180 دولة بحسب مؤشر الديمقراطية الصادر من مؤسسة مراسلون بلاد حدود لعام 2017، وكوريا الشمالية هي الأخيرة بحسب التقرير ذاته.
كل هذه متشابهات ولكن هناك نقاط تجعل من كوريا الشمالية دولة متفوقة على مصر بمراحل منها:
1- أمريكا وأوروبا والعالم يخافون من كوريا الشمالية ويشعرون بالقلق كلما أجرى جيشها تدريبًا عسكريًا ما. فأين مصر من احترام العالم لها؟ نحن دولة تابعة، إما للسعودية، أو للإمارات، أو لأمريكا بعد أن حكمها المجنون ترامب، أو لروسيا التي تدّعي الاشتراكية!
2- الزعيم الكوري الشمالي رغم تخليه عن بعض رجاله وإعدامهم، إلا أنه لم يكتب في تاريخه أن تخلى عن أرض من وطنه حتى كتابة هذه الكلمات، فماذا عن تيران وصنافير؟!
3- لا وجود للسيارات الأجنبية في شوارع كوريا الشمالية، فكلها محلية الصنع. وفي مصر لدينا الوحش المصري الذي يحلّق في السماء ويغوص في الماء ويصل في دقائق معدودة إلى بلاد الوراق!
4- كوريا الشمالية تمتلك قنبلة لا تقتل البشر، ولكنها تقتل ما يستخدمه البشر إليكترونيًا؛ وهي قنابل نووية كهرومغناطيسية تطلق موجات أو إشعاعات تنتشر بسرعة الضوء. وتتسبب في إتلاف وتعطيل الرادارات والأجهزة الإلكترونية والكهربائية في الطائرات والسفن الحربية والقواعد العسكرية. في دقائق، واستخدمتها الولايات المتحدة لأول مرة في الحرب الخليجية الثانية واستطاعت بها تدمير البنية الأساسية لمراكز التشغيل وإدارة المعلومات الحيوية مثل الرادارات وأجهزة الاتصال بالأقمار الصناعية وأجهزة الكمبيوتر والإرسال والاستقبال التليفزيوني وفق مجلة News- Defense.
فما إنجازات مصر إليكترونيًا غير أنها أعلنت في عام 2013 عن صناعة أول تابلت مصري يعمل بنظام أندرويد من إنتاج شركة بنها؛ ورغم أن مصر لم تتدخل في صناعة زر واحد من هذا التابلت واكتفت بتجميع المنتج فقط، إلا أننا احتفلنا كما لم نحتفل من قبل، وصار كل فرد في هذا البلد وسيلة إعلام متنقلة تدعو لدعم هذا المنتج المصري الوهمي الصاعد "إينار" ومن ساعتها لم نرى إينار ولا باذنجان!
5- يبدو أن كوريا الشمالية متورطة في هجوم إلكتروني هائل ضرب عددًا من الشركات حول العالم، وتسبب في إغلاق أنظمة الكمبيوتر وتوقف الإنتاج؛ مستخدمة برامج متطورة وخبيثة، حيث تغلق الأجهزة وتشفر كل بياناتها ثم تطالب بفدية 300 دولار بعملة "بيتكوين الرقمية" لإرجاع الملفات الهامة.
وأبرز قطاعات الأعمال في أوروبا وأمريكا التي وقعت ضحية للهجوم، شركة الغاز والنفط الروسية "Rosneft"، وشركة الشحن الدنماركية "Maersk"، وشركة الأدوية "Merck" وشركة المحاماة "DLA Piper".
ومصر في مجال الاختراق والبرامج الخبيثة تحاول حجب المواقع الإلكترونية المعارضة، فلا تنجح، لأن الحجب مستحيل، وبرامج بروكسي تقضي على كل هذه الجهود، وتضيع كل الأموال التي صرفت من أجل حجب المواقع في الهواء!
6- زعيمهم يتوعد بتطوير المزيد من الصواريخ البالستية عابرة القارات، وزعيمنا ينافس البلاد العربية في شراء أسلحة روسية أو أمريكية أو حتى فرنسية، ولم ننجح بعد في صناعة جناح طائرة!
7- متوسط دخل الفرد الكوري الشمالي 2500 دولار سنويًا، والمصري 1968 دولار.
8- العالم يخشى كوريا الشمالية لامتلاكها أسلحة نووية، ونحن نخشى على مصر والعالم من إنشاء محطة الضبعة لتوليد الطاقة النووية.
وبعيدًا عن كوننا نشبه كوريا الشمالية أو أنها تقدمت علينا بمراحل عديدة، فمصر من ضمن الدول القليلة التي تحظى بعلاقات قوية مع كوريا الشمالية، حتى أن رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، قد وجه دعوة إلى الزعيم الكوري كيم يونج أون، لحضور حفل افتتاح تفريعة قناة السويس الجديدة.